الولايات المتحدة تشجع دولاً على نقل سفاراتها إلى القدس

TT

الولايات المتحدة تشجع دولاً على نقل سفاراتها إلى القدس

قال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية، إن الإدارة الأميركية تشجع وتحث دولا أخرى على دراسة نقل سفاراتها إلى القدس. وأضاف المسؤول الأميركي، في حديث لإذاعة (كان) الإسرائيلية، أن الرئيس دونالد ترمب ومسؤولين آخرين في إدارته، يتابعون هذا الأمر، وهم على اتصال مع مسؤولين في دول مختلفة.
ونقلت الولايات المتحدة سفارتها إلى القدس يوم الاثنين الماضي، على الرغم من رفض الفلسطينيين والعرب والمجتمع الدولي لهذه الخطوة، التي أثارت غضبا كبيرا خلف 63 قتيلا فلسطينيا، في مذبحة ارتكبها الجيش الإسرائيلي على حدود قطاع غزة.
ولاحقا افتتحت غواتيمالا سفارتها في القدس، بعد يومين من افتتاح السفارة الأميركية في المدينة. وحضر رئيس غواتيمالا جيمي موراليس، ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، مراسم افتتاح السفارة.
ووصفت السلطة الفلسطينية خطوة نقل غواتيمالا سفارتها من تل أبيب إلى القدس، بـ«التسول والارتزاق السياسي المهين عبر العدوان على شعبنا وقضيتنا الفلسطينية».
وقال متحدث فلسطيني حكومي رسمي، إن «الأمر يوضح مدى استشراء وتحكم (الذل السياسي والتبعية العمياء) في سلوك الرئيس الغواتيمالي، مما يدل على افتقاده لجوانب هامة من المسؤولية، حسب متطلبات الموازين الدولية».
وبالإضافة إلى الولايات المتحدة وغواتيمالا، تدرس كل من هندوراس ورومانيا والتشيك نقل سفاراتها إلى القدس.
وقال وزير البيئة الإسرائيلي زئيف ألكين، إن هذه الدول تدرس نقل سفاراتها إلى القدس، وإن هناك اتصالات للتشاور.
وأكد سفير إسرائيل في هندوراس، ماتي كوهين، أن هندوراس تدرس نقل سفارتها إلى القدس بعد الولايات المتحدة، لكنه أوضح أنها «لم تتخذ بعد قرارا رسميا في الموضوع. إلا أن الممثلية الإسرائيلية في البلاد، على تواصل دائم مع رئيس هندوراس، ومع البرلمان ووزيرة الخارجية».
وانضمام هذه الدول إلى الولايات المتحدة وغواتيمالا وارد فعلا، على الرغم من التحذيرات الفلسطينية لها من اتباع الخطوة الأميركية. وتهدد السلطة بقطع العلاقات مع أي دولة تنقل سفارتها إلى القدس، وفي مرحلة لاحقا مقاضاة هذه الدول.
وكانت الخارجية الفلسطينية، استدعت 4 سفراء لدول شاركت في حفل نقل السفارة الأميركية في القدس، من أجل التشاور حول مستقبل العلاقة مع هذه الدول، وكنوع من الاحتجاج الشديد.
وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية، إنه تم استدعاء سفراء دولة فلسطين لدى كل من رومانيا، والتشيك، وهنغاريا، والنمسا، للتشاور معهم، على إثر مشاركة سفراء هذه الدول في حفل الاستقبال الذي أقيم في وزارة الخارجية الإسرائيلية في 13 مايو (أيار) الجاري، احتفالا بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، وإعلان القدس عاصمة موحدة لإسرائيل.
ووصفت الخارجية هذه المشاركة بمخالفة جسيمة للقانون الدولي ولقرارات الأمم المتحدة العديدة، التي تؤكد على أن مدينة القدس هي أرض محتلة منذ العام 1967 وتمنع الدول من نقل سفاراتها إليها.
واستدعاء السفراء، الذي أخذ شكلا احتجاجيا، جاء بعد يوم من استدعاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس شخصيا، لرئيس مكتب بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن حسام زملط.
وقالت مصادر فلسطينية، إن زملط، الذي يعد السفير الفلسطيني في واشنطن، لن يعود في القريب إلى هناك، وإن استدعاءه جاء تتويجا لقرار بقطع تام للعلاقات مع واشنطن.
وبحسب المصادر، فإن السلطة ستقيم علاقاتها أيضا، مع دول أخرى وستقطعها إذا لزم الأمر ثم تقاضيها.
وتدرس السلطة حاليا مقاضاة الرئيس الأميركي نفسه.
وفي وقت سابق أرسل أمين سر اللجنة التنفيذية، صائب عريقات، رسائل رسمية للإدارة الأميركية للاستفسار كشرط أساسي، قبل التوجه في قضية أمام محكمة العدل الدولية.
وتضاف هذه الخطوة إلى خطوات أخرى، من بينها التوقيع على صكوك الانضمام لعدد من الوكالات الدولية المتخصصة، وتقديم إحالة رسمية للمحكمة الجنائية الدولية، للتحقيق في جرائم الحرب الإسرائيلية، ودعوة مجلس حقوق الإنسان للاجتماع يوم الجمعة، لاتخاذ قرار بإرسال لجنة تقصي حقائق في جرائم الحرب المرتكبة من جانب إسرائيل، وتشكيل لجنة عليا لإزالة أسباب الانقسام، ووضع آليات تنفيذ قرارات المجلس الوطني الأخيرة، بما في ذلك تحديد العلاقات الاقتصادية والأمنية والسياسية مع سلطة الاحتلال.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».