«فيفا» يطلب بيانات إضافية حول «إيقاف المرداسي مدى الحياة»

المتحدث باسم الاتحاد الدولي رفض الإدلاء بأي تعليق قبل الاطلاع عليها

فهد المرداسي («الشرق الأوسط»)
فهد المرداسي («الشرق الأوسط»)
TT

«فيفا» يطلب بيانات إضافية حول «إيقاف المرداسي مدى الحياة»

فهد المرداسي («الشرق الأوسط»)
فهد المرداسي («الشرق الأوسط»)

أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) أنه طلب «معلومات إضافية» من الاتحاد السعودي، بعد قرار لجنة الانضباط والأخلاق المحلية إيقاف الحكم فهد المرداسي مدى الحياة على خلفية اتهامه بطلب «رشوة»، والتوصية بشطبه من قائمة حكام مونديال 2018 في روسيا.
وبدأت قضية المرداسي (32 عاما) بالتكشف بدءا من الأسبوع الماضي، بعد الإعلان المفاجئ عن استبعاده من قيادة المباراة بين الاتحاد والفيصلي في نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين الذي أقيم في جدة في 12 مايو (أيار). وقامت السلطات الكروية قبل ساعات من المباراة باستبعاده وتكليف الإنجليزي مارك كلاتنبرغ بقيادة المباراة، مشيرة إلى إحالة الحكم السعودي «للمباحث الإدارية للتحقيق معه» دون مزيد من التفاصيل.
وفي بيان أصدرته بعد منتصف ليل الثلاثاء الأربعاء، أوضحت لجنة الانضباط أن المرداسي تواصل مع رئيس نادي الاتحاد لطلب «رشوة» لتمكين ناديه من الفوز بالمباراة (انتهت بفوز الاتحاد بنتيجة 3 - 1 بعد التمديد)، ما دفعها لإيقافه مدى الحياة عن أي نشاط يتعلق بكرة القدم.
وقال متحدث باسم «الفيفا» إن الأخير «علمنا بأن الحكم فهد المرداسي تم إيقافه مدى الحياة من كل النشاطات المرتبطة بكرة القدم من قبل الاتحاد السعودي لكرة القدم». وأضاف: «طلب (الفيفا) معلومات إضافية من الاتحاد السعودي لكرة القدم قبل الإدلاء بأي تعليق».
وكانت قضية المرداسي (32 عاماً) أحد أبرز حكام الساحة السعوديين، موضع أخذ وردّ في وسائل الإعلام خلال الأيام الماضية، قبل أن تحسم لجنة الانضباط السعودية الأمر ببيان.
وجاء في البيان: «إثر تعيين الحكم فهد المرداسي لإدارة مباراة نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين للموسم الرياضي 2017 - 2018 بين فريقي الاتحاد والفيصلي بادر رئيس نادي الاتحاد حمد الصنيع بمخاطبة الاتحاد السعودي لكرة القدم، مؤكداً وجود دلائل لديه بقيام الحكم فهد المرداسي بمحادثته من خلال رسائل نصية عبر تطبيق (الواتساب)، طالباً الحصول على مبلغ مادي غير مشروع مقابل مساعدة فريقه على الفوز بالمباراة».
وأشارت إلى أن نادي الاتحاد رفع ما في حوزته إلى الاتحاد السعودي الذي أبلغ الهيئة العامة للرياضة، أعلى سلطة رياضية في البلاد. وتواصلت الهيئة مع «الجهات المختصة»، ليتم بعد ذلك «التحفظ على الحكم فهد المرداسي وتحويله إلى المباحث الإدارية للتحقيق معه واستكمال الإجراءات الخاصة بذلك».
وأكد البيان «ثبوت التهمة» على المرداسي «بموجب اعترافه الشخصي بطلب الرشوة»، وعليه قررت اللجنة «حرمانه من المشاركة في أي نشاط يتعلق بكرة القدم مدى الحياة».
كما أوصت اللجنة الاتحاد السعودي بأن «يخاطب الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لطلب ما يأتي: شطب الحكم فهد المرداسي من قائمة الحكام المشاركين في نهائيات كأس العالم في روسيا 2018، وتعميم أثر عقوبة الحرمان من النشاط مدى الحياة الموقعة عليه على المستوى الدولي».
وكان رئيس الهيئة العامة للرياضة تركي آل الشيخ، قد كتب عبر حسابه على موقع «تويتر» قبل ساعات من صدور بيان لجنة الانضباط: «أتمنى من الاتحاد السعودي لكرة القدم في حال ثبوت قضية الحكم اتخاذ الإجراء اللازم معه وأتمنى الرفع لـ(الفيفا)، لأن ذلك لا يمثل المملكة، نزاهتنا فوق كل اعتبار».
ويُعدّ المرداسي الذي نال الشارة الدولية عام 2011، من أبرز الحكام الرئيسيين السعوديين، وقاد مباريات في أولمبياد ريو دي جانيرو البرازيلية صيف عام 2016 وكأس القارات 2017 (بينها مباراة المركز الثالث بين المكسيك والبرتغال)، وكان ضمن قائمة الحكام التي أعلنها «فيفا» للمونديال.
وورد اسم المرداسي ضمن خمسة حكام أساسيين من العرب اختارهم «الفيفا» لقيادة مباريات في مونديال 2018، علما بأن الحكم السعودي الثاني الذي اختير للمونديال هو الحكم المساعد عبد الله الشلوي.



عراقي فقد بصره يحقّق حلمه بتأسيس أول فريق كرة قدم للمكفوفين (صور)

أعضاء الفريق (أ.ف.ب)
أعضاء الفريق (أ.ف.ب)
TT

عراقي فقد بصره يحقّق حلمه بتأسيس أول فريق كرة قدم للمكفوفين (صور)

أعضاء الفريق (أ.ف.ب)
أعضاء الفريق (أ.ف.ب)

قبل 16 عاماً، فقد عثمان الكناني بصره فألمّ به خوف من فقدان صلته بكرة القدم التي يهواها منذ صغره. لكن إصراره على عدم الاستسلام دفعه إلى توظيف شغفه في تأسيس أوّل فريق للمكفوفين في العراق وإدارة شؤونه.

ويقول الرجل الذي يبلغ حالياً 51 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «عندما فقدت بصري، عشت سنة قاسية، نسيت فيها حتى كيفية المشي، وأصبحت أعتمد في كل شيء على السمع».

أعضاء الفريق (أ.ف.ب)

في عام 2008، فقد المدير السابق لمكتبة لبيع الكتب واللوازم المدرسية، البصر نتيجة استعمال خاطئ للأدوية لعلاج حساسية موسمية في العين، ما أدّى إلى إصابته بمرض الغلوكوما (تلف في أنسجة العصب البصري).

ويضيف: «ما زاد من المصاعب كان ابتعادي عن كرة القدم». ودام بُعده عن رياضته المفضّلة 8 أعوام.

شكّل الكناني فريقاً لكرة الهدف حيث يستخدم اللاعبون المكفوفون أيديهم لإرسال الكرة إلى الهدف (أ.ف.ب)

لكن بدعم «مؤسسة السراج الإنسانية» التي شارك في تأسيسها لرعاية المكفوفين في مدينته كربلاء (وسط) في 2016، شكّل الكناني فريقاً لكرة الهدف، حيث يستخدم اللاعبون المكفوفون أيديهم لإرسال الكرة إلى الهدف.

وظلّ يلعب مع هذا الفريق حتى شكّل في عام 2018 فريقاً لكرة القدم للمكفوفين وتفرّغ لإدارة شؤونه.

ويتابع: «أصبحت كرة القدم كل حياتي».

واعتمد خصوصاً على ابنته البكر لتأمين المراسلات الخارجية حتى تَواصلَ مع مؤسسة «آي بي إف فاونديشن (IBF Foundation)» المعنيّة بكرة القدم للمكفوفين حول العالم.

يتّخذ الفريق من ملعب مخصّص للعبة خماسي كرة القدم في بغداد مكاناً لتدريباته 3 مرات أسبوعياً (أ.ف.ب)

وكانت «الفرحة لا توصف» حين منحته المؤسسة في عام 2022 دعماً ومعدات من أقنعة تعتيم للعيون وكُرات خاصة.

ويوضح: «هكذا انطلق الحلم الرائع».

ويؤكّد أن تأسيس الفريق أتاح له «إعادة الاندماج مع الأصدقاء والحياة»، قائلاً: «بعد أن انعزلت، خرجت فجأة من بين الركام».

4 مكفوفين... وحارس مبصر

وانطلق الفريق بشكل رسمي مطلع العام الحالي بعدما تأسّس الاتحاد العراقي لكرة القدم للمكفوفين في نهاية 2023، وتشكّل من 20 لاعباً من محافظات كربلاء وديالى، وبغداد.

ويستعد اليوم لأوّل مشاركة خارجية له، وذلك في بطولة ودية في المغرب مقرّرة في نهاية يونيو (حزيران).

ويتّخذ الفريق من ملعب مخصّص للعبة خماسي كرة القدم في بغداد، مكاناً لتدريباته 3 مرات أسبوعياً. ومن بين اللاعبين 10 يأتون من خارج العاصمة للمشاركة في التمارين.

يصيح اللاعبون بكلمة «فوي» («أنا أذهب» بالإسبانية) بغية تحديد أماكن وجودهم في الملعب (أ.ف.ب)

ومدّة الشوط الواحد 20 دقيقة، وعدد اللاعبين في المباراة 5، منهم 4 مكفوفون بالكامل بينما الحارس مبصر.

وخلال تمارين الإحماء، يركض اللاعبون في مجموعات من 4 ممسكين بأذرع بعضهم مع أقنعة على أعينهم.

وتتضمّن قواعد لعبة كرة القدم للمكفوفين كرات خاصة، ينبثق منها صوت جرس يتحسّس اللاعب عبره مكان الكرة للحاق بها.

ويقوم كلّ من المدرّب والحارس بتوجيه اللاعبين بصوت عالٍ.

يبلغ طول الملعب 40 متراً وعرضه 20 متراً (أ.ف.ب)

بعد ذلك، يأتي دور ما يُعرف بالمرشد أو الموجّه الذي يقف خلف مرمى الخصم، ماسكاً بجسم معدني يضرب به أطراف المرمى، لجلب انتباه اللاعب وتوجيهه حسب اتجاه الكرة.

ويصيح اللاعبون بكلمة «فوي» («أنا أذهب» بالإسبانية) بغية تحديد أماكن وجودهم في الملعب لئلّا يصطدموا ببعضهم.

وحين يمرّ بائع المرطبات في الشارع المحاذي للملعب مع مكبرات للصوت، تتوقف اللعبة لبضع دقائق لاستحالة التواصل سمعياً لمواصلة المباراة.

تمارين الإحماء لأعضاء الفريق (أ.ف.ب)

وبحسب قواعد ومعايير اللعبة، يبلغ طول الملعب 40 متراً وعرضه 20 متراً، بينما يبلغ ارتفاع المرمى 2.14 متر، وعرضه 3.66 متر (مقابل ارتفاع 2.44 متر، وعرض 7.32 متر في كرة القدم العادية).

لا تردّد... ولا خوف

وخصّصت اللجنة البارالمبية العراقية لألعاب ذوي الاحتياجات الخاصة راتباً شهرياً للاعب قدره ما يعادل 230 دولاراً، وللمدرب ما يعادل تقريباً 380 دولاراً.

لكن منذ تأسيس الفريق، لم تصل التخصيصات المالية بعد، إذ لا تزال موازنة العام الحالي قيد الدراسة في مجلس النواب العراقي.

ويشيد رئيس الاتحاد العراقي لكرة القدم للمكفوفين طارق الملا (60 عاماً) بالتزام اللاعبين بالحضور إلى التدريبات «على الرغم من الضائقة المالية التي يواجهونها».

اللاعبون يملكون روح الإصرار والتحدي (أ.ف.ب)

ويوضح: «البعض ليست لديه موارد مالية، لكن مع ذلك سيتحمّلون تكاليف تذاكر السفر والإقامة» في المغرب.

ويضيف: «أرى أن اللاعبين لديهم إمكانات خارقة لأنهم يعملون على مراوغة الكرة وتحقيق توافق عضلي عصبي، ويعتمدون على الصوت».

ويأمل الملّا في أن «تشهد اللعبة انتشاراً في بقية مدن البلاد في إطار التشجيع على ممارستها وتأسيس فرق جديدة أخرى».

ودخل الفريق معسكراً تدريبياً في إيران لمدة 10 أيام، إذ إن «المعسكر الداخلي في بغداد غير كافٍ، والفريق يحتاج إلى تهيئة أفضل» للبطولة في المغرب.

وعلى الرغم من صعوبة مهمته، يُظهر المدرّب علي عباس (46 عاماً) المتخصّص بكرة القدم الخماسية قدراً كبيراً من التفاؤل.

خلال تمارين الإحماء يركض اللاعبون في مجموعات من 4 ممسكين بأذرع بعضهم مع أقنعة على أعينهم (أ.ف.ب)

ويقول: «اللاعبون يملكون روح الإصرار والتحدي، وهذا ما يشجعني أيضاً».

ويشير عباس، الذي يكرس سيارته الخاصة لنقل لاعبين معه من كربلاء إلى بغداد، إلى أن أبرز صعوبات تدريب فريق مثل هذا تتمثل في «جعل اللاعبين متمرّسين بالمهارات الأساسية للعبة لأنها صعبة».

وخلال استراحة قصيرة بعد حصّة تدريبية شاقّة وسط أجواء حارّة، يعرب قائد الفريق حيدر البصير (36 عاماً) عن حماسه للمشاركة الخارجية المقبلة.

ويقول: «لطالما حظيت بمساندة أسرتي وزوجتي لتجاوز الصعوبات» أبرزها «حفظ الطريق للوصول من البيت إلى الملعب، وعدم توفر وسيلة نقل للاعبين، والمخاوف من التعرض لإصابات».

ويطالب البصير الذي يحمل شهادة في علم الاجتماع، المؤسّسات الرياضية العراقية الحكومية «بتأمين سيارات تنقل الرياضيين من ذوي الاحتياجات الخاصة إلى أماكن التدريب للتخفيف من متاعبهم».

ويضيف: «لم تقف الصعوبات التي نمرّ بها حائلاً أمامنا، ولا مكان هنا للتردد، ولا للخوف».