الحرب في سوريا تدخل يومها الألف.. ومجازر جديدة في النبك

الجيش الحر يتحصن في مزارع ريما والقتال في القلمون يشتد

سوري يحمل صبيا انتشل من تحت ركام منزل بعد غارة جوية شنتها القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد في مدينة حلب أمس (رويترز)
سوري يحمل صبيا انتشل من تحت ركام منزل بعد غارة جوية شنتها القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد في مدينة حلب أمس (رويترز)
TT

الحرب في سوريا تدخل يومها الألف.. ومجازر جديدة في النبك

سوري يحمل صبيا انتشل من تحت ركام منزل بعد غارة جوية شنتها القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد في مدينة حلب أمس (رويترز)
سوري يحمل صبيا انتشل من تحت ركام منزل بعد غارة جوية شنتها القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد في مدينة حلب أمس (رويترز)

دخلت الحرب في سوريا يومها الألف أمس، من دون أفق لانتهاء الأزمة التي بدأت بتظاهرات سلمية مطالبة بحريات مدنية في مارس (آذار) 2011، قبل اندلاع القتال في كافة أرجاء البلاد. وبحسب آخر تقديرات عن ضحايا الحرب في سوريا، قتل أكثر من 125 ألف سوري، من بينهم 102 الف مدني، بالاضافة الى إصابة العشرات من الآلاف وتهجير أكثر من 7 ملايين سوري داخل البلاد وخارجها.
واحتدمت المعارك أمس، إذ تمكنت القوات الحكومية السورية استعادة السيطرة على مدينة النبك في ريف دمشق الشمالي، مما يساعد النظام السوري من توفير الإمدادات لقواته المقاتلة في العاصمة السورية، عبر إعادة بسط نفوذها على أوتوستراد دمشق - حمص الدولي. وتزامنت تلك التطورات مع إعلان المعارضة السورية أن النظام، والقوات التي تقاتل إلى جانبه، «ارتكبت مجازر ذهب ضحيتها نحو 100 قتيل من المدنيين في المنطقة».
وفي حين أعلن مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق أن عدد قتلى مجازر النبك «تجاوز المائة قتيل»، أعلن الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، أن «مرتزقة النظام الطائفيين ارتكبوا مجزرة مروعة ثانية بحق 34 شخصا بينهم عائلات بأكملها ونساء وأطفال في حي التفاح بمدينة النبك، إعداما بالرصاص أو ذبحا بالسكاكين ثم حرقا للجثث، بعد يوم واحد فقط من مجزرة مروعة في الحي نفسه راح ضحيتها ما لا يقل عن الخمسين شهيدا».
وأشار الائتلاف إلى أنه «تعذر على منظمة الهلال الأحمر الدخول إلى المكان» بعد أن أطلقت القوات النظامية الرصاص على أحد مواكبها أثناء التوجه إلى الحي المذكور السبت الماضي، «في محاولة من أصحاب القلوب الميتة لإخفاء معالم الجريمة». ورأى الائتلاف أن «إذكاء نار الطائفية» من قبل نظام الأسد وحلفائه الشيعة «لن يذر فردا منهم، لما يحمله النهج الذي سلكوه من ويلات عليهم قبل أي أحد آخر».
وسيطرت القوات النظامية، مساء أول من أمس، على النبك، باستثناء الحي الشرقي منها، البعيد عن طريق دمشق - حمص الدولي. وأوضح مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن أن هذا الطريق «لم يعد في المرمى المباشر للمقاتلين المعارضين، بعدما أصبحت بلدتا قارة ثم دير عطية ومعظم النبك في أيدي النظام».
وترسم المعركة في النبك، خطا واضحا لسير المعركة في منطقة القلمون، حيث يتنقل القتال من الشمال باتجاه الجنوب، بمحاذاة الطريق الدولي، مما يعني أن النقطة التالية للصراع ستكون في يبرود.
وتبذل القوات النظامية وحلفاؤها جهودا كبيرا لتأمين خط الإمداد ومنع تدفق المقاتلين إلى سوريا، ومحاصرة قوات المعارضة في منطقة شاسعة تمتد من الغوطة الشرقية باتجاه جرود ووديان معلولا، التي تعد الأكبر في المنطقة، فضلا عن إبعاد قوات المعارضة عن حدود العاصمة السورية.
غير أن التقدم في القلمون، ليس مهمة سهلة بالنسبة للقوات النظامية، كما يقول معارضون في القلمون. فقد انطلقت هذه المعركة قبل نحو شهر، تمكنت فيه من استعادة السيطرة على قارة ودير عطية خلال أسبوعين، قبل أن تنطلق باتجاه النبك التي حاصرتها نحو 20 يوما، ولم تنجح في السيطرة عليها، كما تقول المعارضة، قبل ارتكاب مجازر بحق المدنيين.
وتبدو الحرب في ريف دمشق، وفق العلوم العسكرية، أشبه بحرب الدوائر القتالية. وتشير خارطة القتال في المنطقة إلى أن القوات النظامية تنطلق في معاركها من دائرتين؛ الأولى ضيقة تحيط بالعاصمة السورية باتجاه المناطق المحيطة بها جنوب العاصمة في المعضمية وداريا والقدم والحجر الأسود، وهي مناطق تحاصر فيها المعارضة العاصمة السورية، ولا يفصل بينهما إلا خطوط التماس، فيما تشن القوات الحكومية هجوما لاستعادة الغوطة الشرقية، عبر تركيز القتال في جوبر والقابون وبرزة وعين ترما.
وبموازاة ذلك، تتبع القوات النظامية استراتيجية الحصار ذي الشعاع الكبير، من المناطق التي تسيطر عليها في ريف دمشق البعيد، مما يجعل المعارضة عرضة لنيران القوات الحكومية على أطراف دمشق المباشرة، وعلى أطراف ريف دمشق البعيدة.
ووفق هذه الاستراتيجية، تشن القوات الحكومية هجوما على المعارضة جنوب دمشق من منطقة صحنايا ومن مطار دمشق الدولي، فيما توسع دائرة الحصار على الغوطة الشرقية من ناحية الشمال الشرقي، بمحاذاة مزارع وبساتين دوما، وهي أكبر مدن الغوطة وأولها ثورة على النظام. أما من جهة الشمال والشمال الغربي، فتكمل القوات النظامية تقدمها من ريف حمص وتحديدا من القصير، باتجاه ريف دمشق، بدءا من قارة، إلى دير عطية وسحل بمحاذاة طريق دمشق وحمص الدولي، ثم النبك، قبل أن تكمل جنوبا باتجاه يبرود.
وتعتبر معركة يبرود، من أصعب المعارك التي ستواجه النظام السوري، في حال قرر إطلاق المعركة فيها. ويقول القائد الميداني في المدينة أبو النور اليبرودي لـ«الشرق الأوسط» إن المدينة «محمية بالوجود العسكري المكثف لقوات المعارضة في منطقة مزارع ريما التي تفصل بيننا وبين النبك»، مشيرا إلى أن يبرود «مجهزة بخنادق نظرا لسيطرة المعارضة عليها منذ أكثر من عام، ولا يمكن اختراقها»، مشيرا إلى أن المدينة «تتضمن سوقا للسلاح، وهي أحد الخطوط الخلفية للجيش الحر في القلمون».
وتعد هذه المنطقة التجارية، استراتيجية، وتتمتع بأهمية تجارية وديموغرافية. وتضم يبرود مدينة صناعية «دمرت القوات النظامية جزءا كبيرا منها»، بحسب عضو مجلس قيادة الثورة في دمشق إسماعيل الداراني، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن المدينة «يسكنها أكثر من 12 ألف مسيحي، وتضم مقرا دينيا للمسيحيين يعد الأهم في ريف دمشق، نظرا لأنه كان يستخدم مقرا للبطريركية».
وتقع يبرود على خط جغرافي واحد مع سحل ومزارع ريما غرب طريق حمص - دمشق الدولي، وهي متصلة بالنبك الواقعة شرق الأوتوستراد. ويشير الداراني إلى أن المدينة «ارتفع عدد المدنيين فيها إلى 70 ألفا، بعد نزوح عدد كبير من السوريين باتجاهها»، لكن أهميتها الجغرافية «أهلتها لتكون القاعدة الخلفية للمعارضة». ويقول أبو النور اليبرودي إنها «تعد المنطقة الواصلة بين طرق حمص - دمشق الدولي والحدود اللبنانية في عرسال، ولا يفصلها عن لبنان إلا قرية فليطا التابعة لها».
وإذ ينفي اليبرودي تقدم القوات النظامية باتجاه يبرود، يؤكد أن «عددا كبيرا من مقاتلي الجيش الحر والمقاتلين الإسلاميين يتحصنون في منطقة مزارع ريما التي تبعد كيلومترين عن يبرود باتجاه النبك وتشهد عمليات عسكرية واشتباكات مع النظام»، فيما اقتربت القوات النظامية من جسر النبك، القريب جدا من مزارع ريما، و«كثف عليه النظام بشكل مرعب القصف خلال الأيام الثلاثة الماضية، انطلاقا من قواعده في قرية السحل»، لافتا إلى أن القوات النظامية بسيطرتها على النبك «اعتمدت مبدأ الأرض المحروقة».
ويؤكد ناشطون أن المعركة في القلمون، يشارك فيها حلفاء النظام بشكل أساسي. وذكر الائتلاف الوطني السوري أن 14 فصيلا عسكريا شيعيا على الأقل يقاتلون إلى جانب النظام السوري بدعم وتسهيل من قبل حكومة المالكي في العراق، وأن لواء «ذو الفقار» الضالع في مجزرتي النبك واحد منها؛ مطالبا «بإدراج كل التنظيمات العسكرية الطائفية التي تقاتل إلى جانب النظام ضمن لوائح الإرهاب، وعلى رأسها (أبو الفضل العباس)، و(ذو الفقار)، و(حزب الله اللبناني)، و(لواء كفيل زينب)، و(لواء القوة الحيدرية)، و(لواء عمار بن ياسر)، و(كتائب حزب الله العراق)، و(كتائب سيد الشهداء)، و(لواء الإمام الحسن المجتبى)، و(لواء الإمام الحسين)، و(فيلق بدر الجناح العسكري)، و(فيلق الوعد الصادق)، و(سرايا الطليعة الخراساني)، و(سرية أحمد كيارة)». وشدد الائتلاف على أهمية محاسبة كل من يساعد على تجنيدهم ويسهل مرورهم إلى سوريا من حكومات ومجموعات مسلحة في المنطقة.
في غضون ذلك، أعدم عناصر من الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) بائع مازوت في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، بعد اتهامه «بسب الذات الإلهية». وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن إبراهيم قسوم أُعدم بعد يومين من اعتقاله «بطلقة في الرأس، علما بأنه رجل غير متزن عقليا».



تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
TT

تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)

فاقم تكرار وقائع تحرش بطلاب داخل مدارس دولية وخاصة الأسابيع الماضية الأزمات داخل وزارة التربية والتعليم، التي صاحبت الوزير محمد عبد اللطيف، الذي تولى المهمة قبل عام ونصف العام، وسط مطالب بإقالته بوصفه «المسؤول الأول»، فيما دافع آخرون عنه على أساس أن الحوادث «فردية»، وأنه قام بإجراءات مشددة لمنع تكرارها.

وشهدت مدارس مصرية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وقائع تحرش، حيث قررت وزارة التربية والتعليم وضع مدرسة «سيدز» الدولية في القاهرة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، عقب توقيف 4 عاملين فيها في اتهامهم بالتحرش بعدد من طلاب المرحلة التمهيدية، قبل أن يتولى القضاء العسكري القضية، وتتسع دائرة المتهمين فيها.

ولم تكن واقعة مدرسة «سيدز» الأولى من نوعها، إذ سبقها بشهور عدة، قضية الطفل «ي» التي تحولت لقضية رأي عام، وأدانت فيها محكمة الجنايات مشرفاً مالياً سبعينياً بالتحرش بالطفل داخل المدرسة، وقضت بالسجن المؤبد (25 عاماً) في مايو (أيار) الماضي، ثم خففت محكمة الاستئناف الحكم إلى السجن المشدد 10 سنوات في نوفمبر الماضي.

وزير التربية والتعليم خلال تفقده سير العملية الدراسية في إحدى المدارس (أرشيفية - وزارة التربية والتعليم المصرية)

ويُحمل الخبير التربوي عاصم حجازي، وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف مسؤولية تكرار تلك الوقائع داخل المدارس، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «تكرارها يعكس غياب الإجراءات الرادعة لتفادي مثل هذه الحوادث منذ واقعة الطفل (ي)»، عادّاً أن غضب الرأي العام وأولياء الأمور على الوزير وما يحدث في الوزارة طبيعي ومبرر.

وأضاف: «الإجراءات لم تُتخذ سوى بعد واقعة مدرسة سيدز، وكانت متأخرة وغير كافية، بدليل تفجر وقائع أخرى في مدرستين بعدها».

وكانت وزارة التربية والتعليم فرضت إجراءات داخل المدارس الدولية للانضباط، تتمثل في وضع نظام كاميرات، ومنع وجود الطلاب في غير أوقات اليوم الدراسي، وإلزام المدارس بنظام خاص للإشراف على وجود الطلاب خارج الفصول، وإلزام هذه المدارس بإجراء تحليل مخدرات، والكشف عن الحالة الجنائية للعاملين فيها، وتقديم هذه الأوراق للوزارة.

وتساءل حجازي: «لماذا اقتصرت الإجراءات على المدارس الدولية، وهل المدارس الحكومية في مأمن من وقائع تحرش مماثلة؟».

وعقب أيام من واقعة مدرسة «سيدز»، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على عامل في مدرسة دولية بالإسكندرية بتهمة التحرش بطلاب، وقررت محكمة جنايات الإسكندرية في 9 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، إحالة أوراق القضية إلى المفتي - هو قرار يمهد لحكم الإعدام - وأجلت النطق بالحكم إلى فبراير (شباط) المقبل. وطالب محامي الضحايا في القضية، طارق العوضي، بإقالة وزير التربية والتعليم خلال منشور على حسابه بموقع «إكس».

وقبل ساعات، انفجرت قضية جديدة بالتحرش بـ12 طالباً في مدرسة «النيل» الدولية بالقاهرة، وقررت وزارة التربية والتعليم، الأحد، وضع المدرسة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، مع «اتخاذ الإجراءات القانونية كافة حيال المسؤولين الذين ثبت تورطهم في تقصير أو إهمال بما أدى لحدوث هذه الواقعة»، وفق بيان الوزارة.

ويرى حجازي أن تكرار تلك الوقائع «يعكس ليس فقط غياب الرقابة داخل المدارس، وإنما أزمات أخرى عميقة، مثل قلة أعداد المعلمين والمُشرفين داخل المدارس، والتركيز على نظام التقييم الذي أقره وزير التعليم استراتيجية للوزارة، للسعي إلى إعادة الطلاب للمدارس، لكن دون وجود الإمكانات الخاصة بذلك».

ويتمثل نظام التقييم في تقسيم درجات التقييمات النهائية بين الاختبار النهائي، وتقييمات أخرى تتكرر على مدار العام، ما يُلزم الطلاب بالحضور.

وأضاف الخبير التربوي: «استراتيجية الوزير تضع أعباءً على المدرسين وأولياء الأمور فيما يتعلق بالتقييمات، مقابل تهميش الجوانب الأخرى المهمة سواء التربوية أو التوعوية، أو الخاصة بالإشراف النفسي».

وبينما تتفق عضوة لجنة التعليم في مجلس النواب (البرلمان) جيهان البيومي، على ضرورة اهتمام الوزارة في المرحلة المقبلة بـ«الجوانب التربوية والنفسية»، فإنها لا تتفق مع مطلب إقالة الوزير أو تحميله مسؤولية حوادث التحرش في المدارس.

وقالت البيومي لـ«الشرق الأوسط» إن «الوزير اتخذ قرارات سريعة ورادعة بعد كل واقعة، وهذه الوقائع تظل فردية، ولا يمكن وصفها بالمتفشية في المدارس أو المجتمع، لذا فالمغالاة في التعامل مع الأزمة بالمطالبة بإقالة الوزير ليست حلاً»، مشيرة إلى أنه «واحد من أنشط الوزراء الذين يقود عمله من الميدان، ويجري كثيراً من الزيارات المفاجئة للمدارس، ونجح في إعادة الطلاب للمدارس، وغيّر المناهج التعليمية، وكلها أمور تُحسب له».

وزير التربية والتعليم مع أحد طلاب الثانوية أبريل 2025 (وزارة التربية والتعليم)

وصاحب اختيار وزير التربية والتعليم جدلاً واسعاً مع تفجر أولى الأزمات المرتبطة به، الخاصة بحقيقة حصوله على شهادة الدكتوراه التي صاحبت سيرته الذاتية، بينما شككت وسائل إعلام محلية فيها. وتجاوزت الحكومة الأزمة بوصف عبد اللطيف في بيانات الوزارة بـ«السيد الوزير» بدلاً من «الدكتور».

ولم يتوقف الجدل حول الوزير عند هذه الأزمة، بل امتدت إلى قراره بتغيير المناهج في أغسطس (آب) 2024، الذي أُلغي بناء عليه تدريس بعض المواد في الشهادة الثانوية مثل «الفلسفة» و«علم النفس»، وتحولت اللغات بخلاف الإنجليزية إلى مواد ثانوية لا تضاف للمجموع، وعقب شهور ظهر جدل جديد خاص بمنظومة «البكالوريا» التي تتيح للطلاب خوض الامتحانات أكثر من مرة، بمقابل مادي، ورغم الانتقادات دخلت منظومة البكالوريا في النظام التعليمي المصري بداية من هذا العام.

ويرى الخبير التربوي وائل كامل في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «أن شخصية وزير التربية والتعليم تبدو إدارية أكثر منها تربوية، فكل قراراته تعكس ذلك، بداية من إلغاء مواد دراسية أساسية في بناء الشخصية والتربية لدى الطلاب، مثل الفلسفة وعلم النفس، مروراً بنظام التقييمات في المدارس الذي يهتم بالكم على حساب الكيف، ويضع أعباء كبيرة على كل أطراف العملية التعليمية». ومع ذلك لا يرى كامل أن الحل في تغيير الوزير قائلاً: «الوزارة ككل في حاجة إلى إعادة هيكلة».


«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

شهد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، تحفظات ومطالبات علنية من حركة «حماس» بشأن التزامات المرحلة الثانية المعنية بترتيبات إدارية وأمنية، وسط حديث أميركي عن جهود تبذل في «الكواليس» بشأن الانتقال إليها.

تلك المحددات التي أعلنتها «حماس»، الأحد، وشملت 4 بنود رئيسية متعلقة بنزع السلاح ودور مجلس السلام وقوات الاستقرار وتشكيل لجنة إدارة قطاع غزة، هناك تباين بشأنها بين خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، بين مَن يراها تكشف عن أزمات تعيق التقدم للمرحلة الثانية، وأنها مجرد مناورات لتقليل الضغوط عليها، مقابل تقديرات أخرى تؤكد أنها تكشف عن جدية الحركة في تنفيذ الاتفاق وسط عراقيل إسرائيل.

وتتضمن خطة السلام التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وجرى بموجبها وقف إطلاق النار في قطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول)، تشكيل مجلس للسلام برئاسته يشرف على لجنة تكنوقراط فلسطينية، ونزع سلاح «حماس»، وألا يكون لها دور في حكم القطاع بعد الحرب، ونشر قوات استقرار.

وقال رئيس حركة «حماس» في قطاع غزة، خليل الحية، الأحد، في الذكرى 38 لتأسيس الحركة، إن السلاح حق كفلته القوانين الدولية للشعوب الواقعة تحت الاحتلال، معبراً عن انفتاح الحركة على دراسة أي مقترحات تحافظ على ذلك الحق مع ضمان إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وشدد على أن مهمة مجلس السلام، الذي ورد في خطة ترمب، ومن المقرر أن يقوده الرئيس الأميركي، هي رعاية تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والتمويل والإشراف على إعادة إعمار قطاع غزة. ورفض «كل مظاهر الوصاية والانتداب» على الفلسطينيين.

وأضاف: «ندعو لتشكيل لجنة التكنوقراط لإدارة قطاع غزة من مستقلين فلسطينيين بشكل فوري، ونؤكد جاهزيتنا لتسليمها الأعمال كاملة في كل المجالات وتسهيل مهامها»، مشدداً على أن مهمة القوة الدولية المزمع تشكيلها «يجب أن تقتصر على حفظ وقف إطلاق النار، والفصل بين الجانبين على حدود قطاع غزة» دون أن يكون لها أي مهام داخل القطاع.

ودعا الحية «الوسطاء، خصوصاً الضامن الأساسي، (الإدارة الأميركية والرئيس ترمب) إلى ضرورة العمل على إلزام الاحتلال باحترام الاتفاق والالتزام بتنفيذه وعدم تعريضه للانهيار».

نساء يحملن حزماً على رؤوسهن يمررن بخيام أقيمت على أرض تم تطهيرها لإيواء الفلسطينيين النازحين جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، الأسبوع الماضي، إن المفوضية وثقت أكثر من 350 هجوماً إسرائيلياً ومقتل 121 فلسطينياً على الأقل داخل المنطقة الواقعة خلف «الخط الأصفر» في غزة منذ وقف إطلاق النار، فيما لقي القيادي في «حماس» رائد سعد حتفه، في قصف إسرائيلي، السبت، استهدف سيارته في غزة.

وقال مسؤولون إسرائيليون إن الإدارة الأميركية تعمل حالياً على بلورة المرحلة الثانية من الخطة الرامية إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة، وتخطِّط لأن يبدأ عمل القوة الدولية متعددة الجنسيات في القطاع اعتباراً من الشهر المقبل، وأبلغ مسؤولون أميركيون نظراءهم الإسرائيليين بهذا في محادثات أُجريت في الأيام الأخيرة، حسب هيئة البث الإسرائيلية.

وسبق أن تحدثت القناة الـ«14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الولايات المتحدة حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة لإمكانية تأجيله مجدداً.

ويرى المحلل المصري المتخصص في الشأن الإسرائيلي، بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن محددات «حماس» تكشف عن أن «فرص التقدم في المرحلة الثانية ضعيفة وستدفع لمزيد من الضربات الإسرائيلية»، مشيراً إلى أنها «مجرد مناورات، من أجل تقليل الضغوط عليها التي تواجهها قبل تنفيذ التزامات المرحلة الثانية، التي تمر بظروف خطيرة».

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، المختص بشؤون «حماس»، إبراهيم المدهون، أنه لا مفر من الذهاب للمرحلة الثانية وتنفيذها، رغم عراقيل متكررة من جانب إسرائيل لإفشال الاتفاق، لافتاً إلى أنه بالنسبة لموضوع السلاح، فإن «حماس» منخرطة في حوار فلسطيني داخلي معمّق، إلى جانب حوار واضح وشفاف مع الوسطاء في القاهرة، حول رؤية قد تتبلور وتكون مقبولة لدى جميع الأطراف، بخلاف أن الحركة راغبة في حضور قوات سلام معنية بفضّ الاشتـباك.

ووسط تلك المحددات من «حماس» التي لم يعلق عليها الوسطاء، أفاد بيان لوزارة الخارجية المصرية، (الأحد)، بأن بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري، شدَّد في اتصال مع نظيرته البريطانية إيفيت كوبر، على أهمية نشر «قوة الاستقرار الدولية» المؤقتة في غزة، مؤكداً أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار، وتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من خطة ترمب.

وعلى هامش مشاركته في «منتدى صير بني ياس» بالإمارات، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت: «ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأهمية تشكيل قوة الاستقرار الدولية».

وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على الصحافيين، الجمعة، بشأن تطورات اتفاق غزة، قائلة إن «هناك كثيراً من التخطيط الهادئ الذي يجري خلف الكواليس في الوقت الحالي للمرحلة الثانية من اتفاق السلام... نريد ضمان سلام دائم ومستمر».

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، السبت، عن مسؤولين القول إن إدارة ترمب تسعى لتجنيد قوة متعددة الجنسيات من 10 آلاف جندي بقيادة جنرال أميركي؛ لتحقيق الاستقرار في قطاع غزة، وذكر المسؤولون أنه لم تُرسل أي دولة قوات؛ بسبب تحفظات على إمكانية توسيع نطاق مهمة القوة لتشمل نزع سلاح حركة «حماس».

وأشارت الصحيفة إلى أن وزارة الخارجية الأميركية طلبت رسمياً من نحو 70 دولة تقديم مساهمات عسكرية أو مالية للقوة المزمع نشرها في غزة، غير أن 19 دولة فقط أبدت رغبتها في المساهمة بقوات أو تقديم المساعدة بطرق أخرى، ومنها المعدات والنقل.

ويرى عكاشة أن ترمب سيضغط خلال لقاء نتنياهو في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، للبدء في المرحلة الثانية، متوقعاً أن تقبل إسرائيل الدخول إليها وبدء مفاوضات إلى ما لا نهاية بشأن تنفيذ الانسحابات.

ويعتقد المدهون أن «القاهرة تدرك العراقيل الإسرائيلية وستطالب بتسريع العمل للانتقال إلى المرحلة الثانية لإنهاء أي ذرائع إسرائيلية متوقعة قد تفشل الاتفاق».


سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
TT

سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)

قال مصدر في مستشفى عسكري بمدينة الدلنج السودانية، الواقعة في الجنوب، التي تحاصرها «قوات الدعم السريع»، إن هجوماً عليها بطائرة مسيَّرة، الأحد، أسفر عن مقتل «7 مدنيين وإصابة 12».

ومن بين المصابين مرضى أو مرافقون لهم في المستشفى، حسب ما أفاد المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ويقدم المستشفى خدماته للمدنيين والعسكريين على حد سواء.

وتقع الدلنج في جنوب كردفان، وما زالت تحت سيطرة الجيش السوداني، لكنها محاصرة من «قوات الدعم السريع».