الحرب في سوريا تدخل يومها الألف.. ومجازر جديدة في النبك

الجيش الحر يتحصن في مزارع ريما والقتال في القلمون يشتد

سوري يحمل صبيا انتشل من تحت ركام منزل بعد غارة جوية شنتها القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد في مدينة حلب أمس (رويترز)
سوري يحمل صبيا انتشل من تحت ركام منزل بعد غارة جوية شنتها القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد في مدينة حلب أمس (رويترز)
TT

الحرب في سوريا تدخل يومها الألف.. ومجازر جديدة في النبك

سوري يحمل صبيا انتشل من تحت ركام منزل بعد غارة جوية شنتها القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد في مدينة حلب أمس (رويترز)
سوري يحمل صبيا انتشل من تحت ركام منزل بعد غارة جوية شنتها القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد في مدينة حلب أمس (رويترز)

دخلت الحرب في سوريا يومها الألف أمس، من دون أفق لانتهاء الأزمة التي بدأت بتظاهرات سلمية مطالبة بحريات مدنية في مارس (آذار) 2011، قبل اندلاع القتال في كافة أرجاء البلاد. وبحسب آخر تقديرات عن ضحايا الحرب في سوريا، قتل أكثر من 125 ألف سوري، من بينهم 102 الف مدني، بالاضافة الى إصابة العشرات من الآلاف وتهجير أكثر من 7 ملايين سوري داخل البلاد وخارجها.
واحتدمت المعارك أمس، إذ تمكنت القوات الحكومية السورية استعادة السيطرة على مدينة النبك في ريف دمشق الشمالي، مما يساعد النظام السوري من توفير الإمدادات لقواته المقاتلة في العاصمة السورية، عبر إعادة بسط نفوذها على أوتوستراد دمشق - حمص الدولي. وتزامنت تلك التطورات مع إعلان المعارضة السورية أن النظام، والقوات التي تقاتل إلى جانبه، «ارتكبت مجازر ذهب ضحيتها نحو 100 قتيل من المدنيين في المنطقة».
وفي حين أعلن مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق أن عدد قتلى مجازر النبك «تجاوز المائة قتيل»، أعلن الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، أن «مرتزقة النظام الطائفيين ارتكبوا مجزرة مروعة ثانية بحق 34 شخصا بينهم عائلات بأكملها ونساء وأطفال في حي التفاح بمدينة النبك، إعداما بالرصاص أو ذبحا بالسكاكين ثم حرقا للجثث، بعد يوم واحد فقط من مجزرة مروعة في الحي نفسه راح ضحيتها ما لا يقل عن الخمسين شهيدا».
وأشار الائتلاف إلى أنه «تعذر على منظمة الهلال الأحمر الدخول إلى المكان» بعد أن أطلقت القوات النظامية الرصاص على أحد مواكبها أثناء التوجه إلى الحي المذكور السبت الماضي، «في محاولة من أصحاب القلوب الميتة لإخفاء معالم الجريمة». ورأى الائتلاف أن «إذكاء نار الطائفية» من قبل نظام الأسد وحلفائه الشيعة «لن يذر فردا منهم، لما يحمله النهج الذي سلكوه من ويلات عليهم قبل أي أحد آخر».
وسيطرت القوات النظامية، مساء أول من أمس، على النبك، باستثناء الحي الشرقي منها، البعيد عن طريق دمشق - حمص الدولي. وأوضح مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن أن هذا الطريق «لم يعد في المرمى المباشر للمقاتلين المعارضين، بعدما أصبحت بلدتا قارة ثم دير عطية ومعظم النبك في أيدي النظام».
وترسم المعركة في النبك، خطا واضحا لسير المعركة في منطقة القلمون، حيث يتنقل القتال من الشمال باتجاه الجنوب، بمحاذاة الطريق الدولي، مما يعني أن النقطة التالية للصراع ستكون في يبرود.
وتبذل القوات النظامية وحلفاؤها جهودا كبيرا لتأمين خط الإمداد ومنع تدفق المقاتلين إلى سوريا، ومحاصرة قوات المعارضة في منطقة شاسعة تمتد من الغوطة الشرقية باتجاه جرود ووديان معلولا، التي تعد الأكبر في المنطقة، فضلا عن إبعاد قوات المعارضة عن حدود العاصمة السورية.
غير أن التقدم في القلمون، ليس مهمة سهلة بالنسبة للقوات النظامية، كما يقول معارضون في القلمون. فقد انطلقت هذه المعركة قبل نحو شهر، تمكنت فيه من استعادة السيطرة على قارة ودير عطية خلال أسبوعين، قبل أن تنطلق باتجاه النبك التي حاصرتها نحو 20 يوما، ولم تنجح في السيطرة عليها، كما تقول المعارضة، قبل ارتكاب مجازر بحق المدنيين.
وتبدو الحرب في ريف دمشق، وفق العلوم العسكرية، أشبه بحرب الدوائر القتالية. وتشير خارطة القتال في المنطقة إلى أن القوات النظامية تنطلق في معاركها من دائرتين؛ الأولى ضيقة تحيط بالعاصمة السورية باتجاه المناطق المحيطة بها جنوب العاصمة في المعضمية وداريا والقدم والحجر الأسود، وهي مناطق تحاصر فيها المعارضة العاصمة السورية، ولا يفصل بينهما إلا خطوط التماس، فيما تشن القوات الحكومية هجوما لاستعادة الغوطة الشرقية، عبر تركيز القتال في جوبر والقابون وبرزة وعين ترما.
وبموازاة ذلك، تتبع القوات النظامية استراتيجية الحصار ذي الشعاع الكبير، من المناطق التي تسيطر عليها في ريف دمشق البعيد، مما يجعل المعارضة عرضة لنيران القوات الحكومية على أطراف دمشق المباشرة، وعلى أطراف ريف دمشق البعيدة.
ووفق هذه الاستراتيجية، تشن القوات الحكومية هجوما على المعارضة جنوب دمشق من منطقة صحنايا ومن مطار دمشق الدولي، فيما توسع دائرة الحصار على الغوطة الشرقية من ناحية الشمال الشرقي، بمحاذاة مزارع وبساتين دوما، وهي أكبر مدن الغوطة وأولها ثورة على النظام. أما من جهة الشمال والشمال الغربي، فتكمل القوات النظامية تقدمها من ريف حمص وتحديدا من القصير، باتجاه ريف دمشق، بدءا من قارة، إلى دير عطية وسحل بمحاذاة طريق دمشق وحمص الدولي، ثم النبك، قبل أن تكمل جنوبا باتجاه يبرود.
وتعتبر معركة يبرود، من أصعب المعارك التي ستواجه النظام السوري، في حال قرر إطلاق المعركة فيها. ويقول القائد الميداني في المدينة أبو النور اليبرودي لـ«الشرق الأوسط» إن المدينة «محمية بالوجود العسكري المكثف لقوات المعارضة في منطقة مزارع ريما التي تفصل بيننا وبين النبك»، مشيرا إلى أن يبرود «مجهزة بخنادق نظرا لسيطرة المعارضة عليها منذ أكثر من عام، ولا يمكن اختراقها»، مشيرا إلى أن المدينة «تتضمن سوقا للسلاح، وهي أحد الخطوط الخلفية للجيش الحر في القلمون».
وتعد هذه المنطقة التجارية، استراتيجية، وتتمتع بأهمية تجارية وديموغرافية. وتضم يبرود مدينة صناعية «دمرت القوات النظامية جزءا كبيرا منها»، بحسب عضو مجلس قيادة الثورة في دمشق إسماعيل الداراني، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن المدينة «يسكنها أكثر من 12 ألف مسيحي، وتضم مقرا دينيا للمسيحيين يعد الأهم في ريف دمشق، نظرا لأنه كان يستخدم مقرا للبطريركية».
وتقع يبرود على خط جغرافي واحد مع سحل ومزارع ريما غرب طريق حمص - دمشق الدولي، وهي متصلة بالنبك الواقعة شرق الأوتوستراد. ويشير الداراني إلى أن المدينة «ارتفع عدد المدنيين فيها إلى 70 ألفا، بعد نزوح عدد كبير من السوريين باتجاهها»، لكن أهميتها الجغرافية «أهلتها لتكون القاعدة الخلفية للمعارضة». ويقول أبو النور اليبرودي إنها «تعد المنطقة الواصلة بين طرق حمص - دمشق الدولي والحدود اللبنانية في عرسال، ولا يفصلها عن لبنان إلا قرية فليطا التابعة لها».
وإذ ينفي اليبرودي تقدم القوات النظامية باتجاه يبرود، يؤكد أن «عددا كبيرا من مقاتلي الجيش الحر والمقاتلين الإسلاميين يتحصنون في منطقة مزارع ريما التي تبعد كيلومترين عن يبرود باتجاه النبك وتشهد عمليات عسكرية واشتباكات مع النظام»، فيما اقتربت القوات النظامية من جسر النبك، القريب جدا من مزارع ريما، و«كثف عليه النظام بشكل مرعب القصف خلال الأيام الثلاثة الماضية، انطلاقا من قواعده في قرية السحل»، لافتا إلى أن القوات النظامية بسيطرتها على النبك «اعتمدت مبدأ الأرض المحروقة».
ويؤكد ناشطون أن المعركة في القلمون، يشارك فيها حلفاء النظام بشكل أساسي. وذكر الائتلاف الوطني السوري أن 14 فصيلا عسكريا شيعيا على الأقل يقاتلون إلى جانب النظام السوري بدعم وتسهيل من قبل حكومة المالكي في العراق، وأن لواء «ذو الفقار» الضالع في مجزرتي النبك واحد منها؛ مطالبا «بإدراج كل التنظيمات العسكرية الطائفية التي تقاتل إلى جانب النظام ضمن لوائح الإرهاب، وعلى رأسها (أبو الفضل العباس)، و(ذو الفقار)، و(حزب الله اللبناني)، و(لواء كفيل زينب)، و(لواء القوة الحيدرية)، و(لواء عمار بن ياسر)، و(كتائب حزب الله العراق)، و(كتائب سيد الشهداء)، و(لواء الإمام الحسن المجتبى)، و(لواء الإمام الحسين)، و(فيلق بدر الجناح العسكري)، و(فيلق الوعد الصادق)، و(سرايا الطليعة الخراساني)، و(سرية أحمد كيارة)». وشدد الائتلاف على أهمية محاسبة كل من يساعد على تجنيدهم ويسهل مرورهم إلى سوريا من حكومات ومجموعات مسلحة في المنطقة.
في غضون ذلك، أعدم عناصر من الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) بائع مازوت في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، بعد اتهامه «بسب الذات الإلهية». وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن إبراهيم قسوم أُعدم بعد يومين من اعتقاله «بطلقة في الرأس، علما بأنه رجل غير متزن عقليا».



مصر تؤكد رفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية

وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
TT

مصر تؤكد رفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية

وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)

أكدت مصر «موقفها الثابت والرافض للمساس بسيادة لبنان ووحدة وسلامه أراضيه، فضلاً عن دعم المؤسسات الوطنية للاضطلاع الكامل بمسؤولياتها في الحفاظ على أمن واستقرار لبنان». وشددت على «ضرورة منع التصعيد واحتوائه، ورفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية».

جاء ذلك خلال لقاء وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط، كلير لوجندر، على هامش «منتدى صير بنى ياس» في الإمارات، السبت.

وثمن عبد العاطي العلاقات الاستراتيجية بين مصر وفرنسا، معرباً عن التطلع لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري وزيادة الاستثمارات الفرنسية في مصر، فضلاً عن تعزيز التعاون في مختلف المجالات وفى مقدمتها قطاعات الصناعة والنقل والسياحة والثقافة والتعليم. كما رحب بقرب انعقاد الجولة الأولى من الحوار الاستراتيجي بين وزارتي الخارجية المصرية والفرنسية.

وفيما يتعلق بتطورات القضية الفلسطينية، رحب وزير الخارجية المصري بالموقف الفرنسي الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، مبرزاً الجهود التي تقوم بها مصر لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وأكد «ضرورة تضافر الجهود الدولية لضمان تنفيذ قرار مجلس الأمن 2803 وسرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة للاضطلاع بمسؤوليتها ومهامها».

ونوه عبد العاطي بأهمية المضي في خطوات تشكيل لجنة التكنوقراط الفلسطينية لإدارة قطاع غزة. ولفت إلى أهمية ضمان نفاذ المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق إلى قطاع غزة في ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية، مشدداً على أهمية خلق الأفق السياسي للتوصل إلى تسوية عادلة ومستدامة للقضية الفلسطينية من خلال تنفيذ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

الشيخ عبد الله بن زايد خلال لقاء وزير الخارجية المصري في الإمارات (الخارجية المصرية)

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، السبت، تم التطرق خلال اللقاء إلى الأوضاع في السودان، حيث أطلع الوزير عبد العاطي المسؤولة الفرنسية على الجهود المصرية في إطار الرباعية بهدف تحقيق وقف إطلاق النار بما يسمح بإطلاق عملية سياسية سودانية شاملة، مؤكداً على ثوابت الموقف المصري بشأن حماية سيادة السودان، ووحدة وسلامة أراضيه، ورفض التقسيم، ودعم مؤسسات الدولة. وشدد على ضرورة توحيد الجهود الإقليمية والدولية لدفع مسار التهدئة والتوصل إلى وقف لإطلاق النار ونفاذ المساعدات الإنسانية. كما حرص وزير الخارجية على إطلاع المسئولة الفرنسية على نتائج زيارته الأخيرة للبنان.

وقال وزير الخارجية المصري خلال زيارته إلى العاصمة اللبنانية بيروت، الشهر الماضي، إن بلاده تنظر إلى لبنان بعدّه ركناً أساسياً في منظومة الأمن والاستقرار الإقليمي، مؤكداً على أن صون سيادته واستقلال قراره الوطني يظلان أولوية ثابتة في السياسة الخارجية المصرية.

في سياق آخر، التقى عبد العاطي، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد، مساء السبت. وتناول اللقاء آفاق تعزيز العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين الشقيقين والبناء على ما تشهده من زخم إيجابي في مختلف المجالات، في ضوء ما يجمع القيادتين والشعبين من روابط راسخة وشراكة استراتيجية.

وبحسب «الخارجية المصرية»، السبت، تبادل الجانبان الرؤى حول عدد من القضايا والملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والأوضاع في الضفة الغربية وتنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترمب للسلام في قطاع غزة، فضلاً عن تطورات الأوضاع في السودان والتنسيق القائم في إطار الرباعية، والأوضاع في اليمن وسوريا وليبيا. واتفق الوزيران على «أهمية مواصلة التنسيق والتشاور لدعم جهود تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة وتعزيز العمل العربي المشترك».


«قوة استقرار غزة»... اجتماع مرتقب بالدوحة لسد الفجوات

أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
TT

«قوة استقرار غزة»... اجتماع مرتقب بالدوحة لسد الفجوات

أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)

تستضيف العاصمة القطرية، الدوحة، اجتماعاً عسكرياً، الثلاثاء، لبحث «تشكيل قوة الاستقرار» في قطاع غزة التي تنص عليها خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام، التي دخلت حيز التنفيذ 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ولاقت دعماً من مجلس الأمن في نوفمبر (تشرين الثاني) الفائت.

ذلك الاجتماع المرتقب يأتي وسط ضبابية بشأن مستقبل تلك القوات وتعثر الانتقال للمرحلة الثانية، ويراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» محاولة لسد فجوات، منها مهام تعترض عليها فصائل فلسطينية مرتبطة بالوجود داخل القطاع أو نزع السلاح، بخلاف وجود «فيتو إسرائيلي» على مشاركة دول بينها تركيا، وسط تباين بشأن قدرة الاجتماع على تقديم حلول ناجزة، في ظل عدم اتفاق سياسي على الانتقال للمرحلة الثانية، وترقب نتائج لقاء ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أواخر هذا الشهر.

وتوقع مسؤولون أميركيون نشر هذه القوات مطلع العام المقبل، بعد بحث التفاصيل خلال اجتماع للقيادة المركزية الأميركية، بمشاركة عدد من الدول، في العاصمة القطرية، الدوحة، الثلاثاء، وفق ما أوردت وكالة «رويترز».

وقال مسؤولان أميركيان للوكالة، أخيراً، إنه من المتوقع أن ترسل أكثر من 25 دولة ممثلين عنها للمشاركة في الاجتماع الذي «سيتضمن جلسات لمناقشة هيكل القيادة، وقضايا أخرى متعلقة بقوة الاستقرار في غزة»، لافتين إلى أن «قوة الاستقرار الدولية لن تقاتل حركة (حماس)، وأن دولاً كثيرة أبدت رغبتها في المساهمة فيها».

ونقل موقع «أكسيوس»، الجمعة، أن مندوب الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، مايك والتز، الذي زار إسرائيل أخيراً، أبلغ نتنياهو ومسؤولين آخرين بأن إدارة ترمب ستتولى قيادة ما تُعرف باسم «قوة الاستقرار الدولية» وستعين جنرالاً قائداً لها.

ويعطي قرار تبناه مجلس الأمن الدولي في 17 نوفمبر الماضي تفويضاً «لمجلس سلام» في غزة والدول التي تتعاون معه، من أجل تأسيس «قوة استقرار دولية» مؤقتة في القطاع.

وسبق أن تحدثت القناة الـ«14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر الماضي، بأن الولايات المتحدة الأميركية حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة لإمكانية تأجيله مجدداً.

صبيَّان يحتميان من المطر وهما جالسان على عربة يجرُّها حمار في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

رئيس «المؤسسة العربية للتنمية والدراسات الاستراتيجية»، العميد سمير راغب، يرى أن اجتماع الدوحة سيركز على «سد الفجوات» مثل عدم تعيين قائد للقوة، رغم أن التسريبات تشير إلى أنه أميركي، فلا مهام محددة بشأن القوة حتى الآن، كما أنه لم يتم تشكيل «مجلس السلام» الذي صدر له التفويض الأممي بتشكيل القوة، بجانب وجود «فيتو إسرائيلي» على مشاركة تركيا، وهذا يعرقل مسار تحديد الدول، بخلاف عدم حسم قضايا سياسية مرتبطة بنزع السلاح.

وأشار إلى أن حديث انتشار القوات بداية العام يكون صحيحاً إذا كنا قد عرفنا الآن مهام وتسليح القوات، وباتت تتجمع هذه الأيام، وبالتالي نحن بصدد ترتيبات ستأخذ ربما شهرين لتحقيق انتشار لو حُسمت الملفات السياسية.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، نزار نزال، أن اجتماع الدوحة بشأن تلك القوات يناقش سد الفجوات «لكنه يشكل إطاراً عاماً للتعايش معها، وليس لحلها»، موضحاً أن الفجوات تتعلق بكيفية الانتشار ومهام القوات، وهل ستنزع سلاح «حماس» وتبدأ الانسحابات. ونبه إلى أن هذا الاجتماع قد يحسم التشكيل والتمويل، و«لا يعني مشاركة 25 دولة فيه أن هناك موافقة على الانخراط في القوة؛ لكن ستتم مناقشة الخطوط الأولية».

منظر عام لمخيَّم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بغزة (أ.ف.ب)

وعلى هامش مشاركته في «منتدى صير بني ياس» بالإمارات، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت: «ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأهمية تشكيل قوة الاستقرار الدولية»، وذلك خلال لقاء المدير العام لـ«أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية»، والمنسق الأممي الخاص السابق لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، وفق بيان لـ«الخارجية المصرية».

وهذا التأكيد ليس الأول من نوعه من جانب مصر؛ حيث أعلنته أكثر من مرة أخيراً.

وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على الصحافيين أخيراً بشأن تطورات اتفاق غزة، قائلة إن «هناك كثيراً من التخطيط الهادئ الذي يجري خلف الكواليس في الوقت الحالي للمرحلة الثانية من اتفاق السلام... نريد ضمان سلام دائم ومستمر».

وأوضح راغب أن المرحلة الأولى لم تنتهِ بعد، وهناك أمور سياسية لم تُحَل، لافتاً إلى أن «قمة ترمب-نتنياهو» المقررة نهاية هذا الشهر ستكون فاصلة في المرحلة الثانية، وتشكيل القوات، ورفع «الفيتو»، وإنهاء الفجوات.

أما نزال فيرى أن المرحلة الثانية لم تنضج بعد، والهدوء الأميركي في المناقشات محاولة لتفادي الفشل من أي إعلان قد يُحدث ضجة عند أي طرف، في ظل ريبة فلسطينية مما يُعد في الكواليس، متوقعاً أن تزداد مساعي الوسطاء تجاه الانتقال للمرحلة الثانية بأقل تكلفة ومخاطرة، وهذا سيتضح عقب لقاء ترمب بنتنياهو.


حراك سياسي وعسكري مكثف لإنهاء التوترات في شرق اليمن

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
TT

حراك سياسي وعسكري مكثف لإنهاء التوترات في شرق اليمن

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)

يترقَّب الشارع اليمني أن تُكلَّل الجهود التي تقودها السعودية، بشراكة مع الإمارات، بنزع فتيل التوتر وإنهاء التصعيد في حضرموت والمهرة على خلفية التحركات الأحادية الميدانية التي قام بها المجلس الانتقالي الجنوبي في الأيام الماضية، التي أدت إلى إرباك معسكر الشرعية اليمنية، وسط مخاوف من أن يقود ذلك إلى تبعات اقتصادية وإنسانية وأمنية في ظل تربص الجماعة الحوثية بالمناطق المُحرَّرة.

جاء ذلك غداة حراك سياسي وعسكري مكثَّف في إطار الجهود السعودية - الإماراتية الرامية إلى احتواء التوتر في المحافظات الشرقية، وذلك مع وصول فريق عسكري مشترك إلى عدن، وعقد لقاءات رسمية مع قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي، بالتوازي مع لقاءات في حضرموت مع قيادات محلية وقبلية، في مسعى لإعادة تطبيع الأوضاع ومنع انزلاقها إلى مزيد من التصعيد.

وجاءت هذه التحركات في وقت تشهد فيه محافظتا حضرموت والمهرة توتراً متزايداً على خلفية تحركات ميدانية للمجلس الانتقالي الجنوبي، وما أعقبها من مواجهات وأحداث أمنية، دفعت «تحالف دعم الشرعية» إلى تكثيف مساعيه السياسية والعسكرية لفرض التهدئة، والحفاظ على وحدة مؤسسات الدولة في المناطق المُحرَّرة.

الزبيدي استقبل في عدن وفداً عسكرياً سعودياً إماراتياً مشتركاً (سبأ)

في هذا السياق، استقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اللواء عيدروس قاسم الزُبيدي، وهو رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، في القصر الرئاسي بعدن، قيادة القوات المشتركة لـ«تحالف دعم الشرعية»، يتقدمهم اللواء الركن سلطان العنزي، واللواء الركن عوض الأحبابي، بحضور عضو مجلس القيادة عبد الرحمن المحرمي، ورئيس هيئة التشاور والمصالحة محمد الغيثي، ورئيس اللجنة العسكرية والأمنية المشتركة العليا اللواء هيثم قاسم طاهر.

ووفق مصادر رسمية، ناقش اللقاء سبل توحيد الجهود لمواجهة التحديات التي تهدِّد أمن اليمن والمنطقة، وفي مقدمتها الإرهاب، وتهريب الأسلحة، والتهديدات التي تمس المصالح الدولية وحرية الملاحة، إلى جانب آليات تعزيز التنسيق العسكري والأمني بين القوات اليمنية والتحالف.

وأشاد الزُبيدي بالدور الذي تضطلع به دول التحالف بقيادة السعودية والإمارات، مؤكداً أهمية الشراكة القائمة في دعم القوات اليمنية، بينما أكدت قيادة القوات المشتركة دعمها المستمر للقوات المسلحة اليمنية في مواجهة الميليشيات الحوثية، ومكافحة الإرهاب، وتعزيز الاستقرار في المرحلتين الحالية والمستقبلية.

بيان رئاسي

بالتوازي مع هذه التحركات، جدَّد مصدر مسؤول في مكتب الرئاسة اليمني الإشادة بجهود السعودية لخفض التصعيد وإعادة تطبيع الأوضاع في المحافظات الشرقية، وذلك بعد وصول الفريق العسكري السعودي - الإماراتي إلى عدن.

وأوضح المصدر أن الزيارة تأتي ضمن جهود الرياض وأبوظبي لتعزيز وحدة مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، ومعالجة تداعيات الإجراءات الأحادية الأخيرة، بما يضمن عودة الأوضاع إلى مسارها الطبيعي، وتمكين السلطات المحلية والحكومة من أداء مهامها وفقاً للدستور والقانون.

وأشار البيان إلى أن المشاورات الجارية تتناول معالجة مسألة القوات المُستقدَمة من خارج المحافظات الشرقية، وسبل مغادرتها، إضافة إلى تمكين مؤسسات الدولة من ممارسة صلاحياتها الحصرية، واحترام المرجعيات الحاكمة للمرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض.

مناصرون للمجلس الانتقالي الجنوبي خلال حشد في عدن (أ.ف.ب)

وحذَّر المصدر من أن أي تصعيد إضافي من شأنه تبديد المكاسب المُحقَّقة، وصرف الانتباه بعيداً عن المعركة ضد جماعة الحوثي، وتقويض جهود الإصلاحات الاقتصادية، ومفاقمة الأزمة الإنسانية في البلاد، مؤكداً حرص قيادة الدولة على تغليب الحلول السياسية، ودعم الجهود السعودية - الإماراتية، والعمل الوثيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين.

آليات مرتقبة للحل

أفادت مصادر مطلعة بأن الفريق العسكري السعودي - الإماراتي يبحث وضع آليات تنفيذية لخروج القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتَي حضرموت والمهرة، وإعادتها إلى مواقعها السابقة، إلى جانب ترتيبات لتسليم بعض المواقع لقوات «درع الوطن»، في إطار إجراءات منسقة تهدف إلى إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل التصعيد.

كما عقد الوفد السعودي، برئاسة اللواء الدكتور محمد القحطاني، لقاءً موسعاً في حضرموت مع قيادة السلطة المحلية برئاسة المحافظ سالم الخنبشي، وقيادات الكتلة البرلمانية ومجلس الشورى، ومرجعيات قبائل حضرموت، ومشايخ وأعيان الوادي والصحراء.

وأكد المحافظ الخنبشي أن زيارة الوفد السعودي تمثل دعامةً لأواصر الأخوة بين البلدين، مشيداً بمواقف المملكة الداعمة لحضرموت في هذه الظروف، بينما شدَّد رئيس الوفد السعودي على أن اللقاءات تأتي في إطار فرض التهدئة، ورفض أي تشكيلات عسكرية خارج نطاق الدولة، والحفاظ على أمن واستقرار المحافظة.

رئيس الوفد السعودي في حضرموت اللواء محمد القحطاني يلتقي قيادات قبلية ومحلية (سبأ)

وأشادت القيادات البرلمانية والقبلية بالموقف السعودي، عادّةً أن هذه التحركات تمثل تطميناً للمواطنين، وتؤكد الحرص على معالجة تداعيات دخول قوات من خارج المحافظة، والحفاظ على النسيج الاجتماعي.

في المقابل، نعت رئاسة هيئة الأركان العامة اليمنية عدداً من منتسبي المنطقة العسكرية الأولى، الذين سقطوا خلال مواجهات وصفتها بأنها اعتداءات نفَّذتها مجاميع تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، مشيرةً إلى سقوط 32 قتيلاً و45 جريحاً، إضافة إلى مفقودين، ومؤكدة التزام القوات المسلحة بواجباتها تحت قيادة الدولة ووفقاً للدستور والقانون.

وفي موقف سياسي لافت دعا أحمد علي عبد الله صالح، وهو النجل الأكبر للرئيس اليمني الأسبق، جميع الأطراف اليمنية، إلى وقف التصعيد وضبط النفس، والعودة إلى الحوار، محذِّراً من أن استمرار التوتر في المحافظات الشرقية لا يخدم استقرار البلاد، ولا جهود توحيد الصف في مواجهة الحوثيين والتنظيمات الإرهابية.