تعديل حكومي في السودان يعفي 13 وزيراً و10 حكام أقاليم

وسط تفاقم الأزمة الاقتصادية وضجر المعارضة

تعديل حكومي في السودان يعفي 13 وزيراً و10 حكام أقاليم
TT

تعديل حكومي في السودان يعفي 13 وزيراً و10 حكام أقاليم

تعديل حكومي في السودان يعفي 13 وزيراً و10 حكام أقاليم

أصدر الرئيس السوداني عمر البشير أمس مراسيم رئاسية قضت بتعديلات وزارية وولائية واسعة من حصة حزبه في حكومة الوحدة الوطنية التي يترأسها، وشملت وزراء اتحاديين ووزراء دولة وبعض ولاة (حُكَّام) الولايات، وذلك إنفاذاً للقرارات التي أصدرها المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني الحاكم برئاسته.
وقد أجرى حزب المؤتمر الوطني السوداني تعديلات وزارية واسعة في حصته بالحكومة، تعد الأكبر من نوعها منذ تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الحالية قبل أقل من عام، وأعفى الحزب بموجب تلك التعديلات 13 وزيراً، بينهم 8 اتحاديين و5 وزراء دولة، و10 ولاة (حُكَّام) ولايات، وقرر تعيين بدلاء عنهم، فيما اعتبر محللون ومعارضون التعديلات مجرد إعادة تدوير للطبقة السياسية الحاكمة.
ووفقاً لوكالة الأنباء الرسمية «سونا»، قضت المراسيم الرئاسية بتعيين 7 وزراء، أبرزهم: إبراهيم محمود الذي تولي وزارة الداخلية، والدرديري محمد أحمد لحقيبة الخارجية الذي جاء خلفاً للوزير المقال إبراهيم غندور. وأعطت المراسيم حقيبة وزارة العدل لمحمد أحمد سالم، وحقيبة الزراعة لعبد الله سليمان، وحقيبة النفط لأزهري عبد القادر، والشباب والرياضة لأبو البشر عبد الرحمن، ومنحت حقيبة وزير برئاسة مجلس الوزراء لهاشم على محمد سالم.
كما قضت المراسيم بتعيين حكام ولايات، وهم: ولاية «النيل الأبيض» أبو القاسم بركة، و«سنار» عبد الكريم موسى، و«النيل الأزرق» خالد حسين، و«الولاية الشمالية» ياسر يوسف، و«جنوب كردفان» أحمد إبراهيم علي مفضل، و«شمال دارفور» الشريف محمد عباد سموح، و«غرب دارفور» حسين يسن، و«وسط دارفور» محمد أحمد جاد السيد.
وأصدر البشير مراسيم عين بموجبها وزراء دولة، وهم: أسامة فيصل «الخارجية»، ونعمات عمر الحويرص «العدل»، والصادق بحيت الفقيه «الإعلام»، وطارق علي شلبي «المالية»، وأسامة مختار «الاستثمار».
ولم توضح المراسيم الرئاسية، التي صدرت أمس، أسباب عدم اكتمال التعيينات التي أوصى بها المكتب القيادي للحزب الحاكم «المؤتمر الوطني».
وأعلن حسن ويشغل مساعد البشير في الرئاسة، عقب الاجتماع الطارئ للمكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني، الذي استمر حتى الساعات الأولى من صباح أمس الاثنين، أن الاجتماع اتخذ إلى جانب التعديلات الوزارية، حزمة إجراءات لمواجهة الأزمة الاقتصادية الراهنة.
من جهتها، وصفت أحزاب المعارضة المنضوية تحت لواء «قوى الإجماع الوطني» تلك الإجراءات بأنها مجرد إعادة تدوير لرموز الحكم، وقال رئيس الحزب الوحدوي الناصري جمال إدريس للصحافيين في منتدى أقامه التحالف المعارض بالخرطوم أمس: «هذه محاولة لإعادة تدوير لرموز الحكم ليس إلاّ»، وقطع بأن تبديل الوجوه لن يحل المشكلة.
وقال المحلل السياسي خالد التجاني النور لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن التعديلات الجديدة لن تحل المشكلة، وأضاف: «هي مجرد إعادة تدوير لأعضاء الطبقة السياسية الحاكمة»، وتابع: «لن تحل المشكلة لأنهم لا يشعرون بحجم المشكلة»، وأضاف: «لو أنهم كانوا جادين في مواجهة الأزمة لما انتظروا ستة أشهر، والبلاد تعيش أزمة سياسية واقتصادية خانقة».
وتضمنت الإجراءات الاقتصادية، التي أقرها المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني، وضع أسس جديدة لتوزيع المحروقات على المشاريع الزراعية، وتحديد سفر المسؤولين إلا عند الضرورة القصوى، فضلاً عن توفير التمويل لصيانة مصفاة الخرطوم، ومراجعة ميزانية التنمية، ووقف شراء الحكومة للعملات الأجنبية من السوق الموازية.
وحوت القرارات تأكيداً على زيادة الإيرادات وخفض المصروفات، ووقف إصدار خطابات الضمان، وقصر الصرف على الفصل الأول من الميزانية، وخفض التسيير إلى 25 في المائة.
وأوضح حسن أن قيادة حزبه شددت على أهمية تعزيز الثقة في الجهاز المصرفي، وتوظيف التمويل في عمليات الإنتاج والصادر، والاهتمام بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة، ونشر الخدمات المصرفية مع تشجيع استخدام وسائل الدفع الإلكتروني، وتوجيه موارد النقد الأجنبي لشراء السلع الأساسية ومدخلات الإنتاج الزراعي والصناعي، واستعادة ثقة مراسلي البنوك التجارية والبنك المركزي.
وتأتي هذه التعديلات على خلفية الأزمة السياسية والاقتصادية الخانقة التي تعيشها البلاد منذ إعلان موازنة العام 2018، فمنذ بداية العام الحالي، تعيش البلاد أزمة وقود خانقة، وارتفاعاً جنونياً في أسعار السلع الاستهلاكية، وانخفاضاً كبيراً في سعر صرف الجنيه السوداني لم تشهده البلاد قبلاً، ارتفع بموجبه السعر إلى 45 جنيهاً للدولار الواحد.
ونقل موقع «باج نيوز» الإخباري السوداني، عن مصادر لم يسمها، قرب صدور قرار رئاسي بإعادة هيكلة مؤسسة الرئاسة، أسوة بالهيكلة التي أُجريت لوزارة الخارجية، ضمن سياسة التقشف التي أعلنت السلطات تبنيها أخيراً.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.