مباحثات آستانة لن تتطرق لاستقدام قوات عربية إلى سوريا

العقيد فاتح حسون: وجود تركيا في الشمال تقاطع مصالح

العلم الأميركي على عربات عسكرية شوهدت في ريف منبج شمال سوريا الجمعة الماضية (رويترز)
العلم الأميركي على عربات عسكرية شوهدت في ريف منبج شمال سوريا الجمعة الماضية (رويترز)
TT

مباحثات آستانة لن تتطرق لاستقدام قوات عربية إلى سوريا

العلم الأميركي على عربات عسكرية شوهدت في ريف منبج شمال سوريا الجمعة الماضية (رويترز)
العلم الأميركي على عربات عسكرية شوهدت في ريف منبج شمال سوريا الجمعة الماضية (رويترز)

اعتبر رئيس اللجنة العسكرية في وفد المعارضة السورية لمحادثات آستانة العقيد فاتح حسون، أن الجولة التاسعة التي ستنطلق اليوم الاثنين من محادثات آستانة، خطوة لا بد من القيام بها سعيا لحل الأزمة السورية، نافيا وجود أي نية لأن تتطرق المباحثات في هذه الجولة لمقترحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب لاستقدام قوات عربية تحل محل قوات بلاده في سوريا.
وقال العقيد حسون لوكالة الأنباء الألمانية: «لا يوجد بند في المباحثات يتعلق باستبدال القوات أو ما شابه، ومثل هذا الأمر لن يطرح في آستانة ولو بشكل غير مباشر، كون الدول التي يمكن أن ترسل قواتها ليست مشاركة أو راعية لهذه المباحثات، وبالتأكيد إذا كان هناك سعي جاد لهذا الهدف فسيكون له ترتيبه الخاص».
وكانت الخارجية الكازاخستانية، أعلنت، أن جميع أطراف عملية آستانة، بمن فيها المعارضة السورية المسلحة، أكدت مشاركتها في الجولة التاسعة من المفاوضات المقررة يومي الـ14 والـ15 من الشهر الحالي.
وقالت الوزارة في بيانها يوم السبت: «ستشارك في المفاوضات المرتقبة في عاصمة كازاخستان وفود من الدول الضامنة روسيا وتركيا وإيران، إضافة إلى الحكومة السورية والمعارضة السورية المسلحة».
ومن المقرر تخصيص اليوم الأول من أعمال «جولة آستانة الـ9» التي ترعاها روسيا وتركيا وإيران، لإجراء مشاورات ثنائية ومتعددة الأطراف، تمهيدا لعقد الجلسة العامة في 15 مايو (أيار).
وأعرب حسون عن أمله في أن تشهد هذه الجولة تقدما لافتا في ملف المعتقلين والمفقودين، وقال: «رغم عدم ثقتنا بتجاوب الروس والإيرانيين وقبلهم النظام بهذا الملف، ستصر المعارضة، مجددا، على مناقشته وإحراز تقدم به... الملف كان طُرح بجولات سابقة، وانتقل بالفعل إلى حيّز التنفيذ ولكن التقدم فيه يتم بوتيرة بطيئة جدا. سنتطرق أيضا لخروقات النظام والروس لاتفاقيات خفض التصعيد في كل من الغوطة الشرقية والريف الشمالي لحمص وكذلك الخروقات التي تحدث بإدلب».
وأوضح: «نطالب بالإفراج عن كل المعتقلين لدى النظام، والذين يبلغ عددهم أكثر من مائتي ألف معتقل، ولا صحة إطلاقا لكوننا نطالب بالإفراج عن معتقلي الفصائل الكبرى ونترك سواهم».
وردا على سؤال حول عدد المعتقلين من القوات الحكومية لدى المعارضة، قال: «الموجودون لدينا أسرى وليسوا معتقلين، ولا يمكن إعطاء حتى ولو رقم تقريبي لعددهم لأن الأعداد تتغير كل فترة نظرا لخروج البعض ضمن صفقات التسوية التي تبرمها مختلف الفصائل». وتابع: «أغلب أسرى النظام من القيادات متوسطة الرتب والمقاتلين برتب صغيرة والشبيحة، ممن يرمي بهم النظام في المحرقة ولا يهتم بمصيرهم. وبالمجمل لا يبلغ عددهم واحدا في المائة من الموجودين لدى النظام».
ولم يبد حسون اعتراضاً على تشكيك كثيرين في جدوى مباحثات آستانة، وما يمكن أن تسفر عنه، خاصة بعد فقدان المعارضة لأغلب ما كان يقع تحت يدها من أراض وخضوع ما تبقى بيدها لوصاية دول بعينها، وشدد على «أن الثورة لا تنحصر في مناطق جغرافية وحدود قد تتغير وفقاً لمستجدات معارك ربما لم تحسم بعد».
واستطرد: «نحن نرفض كلمة الوصاية، بل لنقل تقاطع مصالح... وعموما، لا يزال لثورتنا وثوارنا حاضنة شعبية: ثلثا الشعب السوري إما لا يزال ضمن الثورة أو عانى من تداعياتها، وبالتالي لا يمكن أن نربط الثورة بمناطق جغرافية تتبدل بين معارك الكر والفر».
وحول ما الذي يستند إليه في تصوره عن احتمال تغير مناطق السيطرة رغم الخسائر التي لحقت بالمعارضة وانسحابها من أغلب مناطقها، ووجود تفاهمات دولية في مناطق خفض التصعيد وغيرها، أجاب: «(داعش) بعدما سيطرت على ستين في المائة من الأراضي السورية انحسرت خلال عام ولم تعد تسيطر إلا على ما يقرب من 3 في المائة من مساحة البلاد».
واستبعد أن تكون مناطق المعارضة بقوات النظام لتأمين فتح معبر نصيب بمحافظة درعا والرابط بين سوريا والأردن، وقال: «لا أعتقد أن هناك توجها لهذا الأمر... وأعتقد أيضا أن هناك تفاهمات واتفاقيات بين الروس والأميركان والأطراف التي ممكن أن تتضرر في الجنوب».
ورفض حسون الاتهامات الموجهة للمعارضة بتسهيل استيلاء دولة أجنبية، وهي تركيا، على الشمال السوري، وتسهيل قتل وتهجير سوريين من المكون الكردي، وشدد: «تركيا ليست دولة أجنبية ولا هي دولة احتلال، بل هي دولة شقيقة قدمت وما زالت تقدم الكثير للثورة السورية وللشعب السوري، ودخول تركيا للشمال لا يحتاج لتسهيل منا، بل كنا نحن من طالبناها بالتدخل بعدما أصبح خنجر الانفصاليين من بعض القوى الكردية في ظهرنا، كما كان من بينهم من يقوم بأعمال ضد أمن تركيا القومي، وبالتالي كانت هناك مصالح مشتركة في هذا الدخول».
وتابع: «نحن لا نحارب السوريين الثوريين والوطنيين، فالنظام المجرم بالمحصلة هو من السوريين، لكن المجرم والظالم يجب أن يحارَب، علما بأن الأكراد الانفصاليين معظم قادتهم ليسوا سوريين، أما الأكراد الوطنيون فهم أهلنا وما يؤلمهم يؤلمنا، ولا يمكن إلا أن يكونوا معنا في خندق واحد ضد هؤلاء الانفصاليين الذين عانوا منهم وما زالوا يعانون». وحول إمكانية خروج القوات التركية من سوريا بالمستقبل القريب، قال: «نحن متأكدون من أنه متى كانت الظروف الموضوعية تتطلب ذلك فلن تتأخر تركيا بالعودة إلى حدودها، فلا توجد مطامع لديها».
وحول توقعاته فيما يتعلق باحتمالية نشوب صراع بين تركيا وبين «هيئة تحرير الشام» (التي تشكل جبهة النصرة المكون الأكبر لها) صاحبة النفوذ والسيطرة الأوسع في إدلب، خاصة مع نشر تركيا للمزيد من نقاط المراقبة التابعة لها بالمحافظة، قال: «تحرير الشام تعارض بالفعل استكمال تركيا لنقاط انتشارها، والتي تأتي في إطار تنفيذ ما تم الاتفاق عليه سابقا لمنع الخروقات من كل الأطراف. تركيا لا تريد أن تنشر نقاط المراقبة التابعة لها بالقوة، لكن بالتأكيد لن تسكت في حال الهجوم عليها أو حتى التمركز بالقرب منها».
وتابع: «حسب معلوماتي، لا توجد نية للدخول في مواجهة مع هيئة تحرير الشام في حال تركت اتجاهها (القاعدي) المتشدد ودخلت في العملية السياسية وسمحت للمدنيين والمؤسسات الثورية للقيام بأعمالهم».
ويتوقع حسون أن تشهد المرحلة المقبلة تغيرات عدة تعصف بالمكاسب التي كان حلفاء الأسد يعدون أنفسهم لجني أرباحها، وقال: «روسيا ستجد نفسها في ورطة تحتاج لسنوات للخروج منها، فضلا عن تحميلها المزيد من الضغوط الاقتصادية، وربما الملاحقات القانونية بسبب جرائمها المشتركة مع النظام، والأهم هو أنها لم تستطع تحقيق هدفها الأساسي وهو إعادة الشرعية للنظام. وأعتقد أنها أدركت مؤخرا أنه انتهى وأصبح من الماضي... وقريبا سيتم الإعلان عن مرحلة جديدة بقيادة جديدة وهذا ما تعمل عليه روسيا بتأهيلها وإظهارها لسهيل الحسن»، الضابط المعروف في الجيش السوري.
وأضاف: «أما إيران فهي الخاسر الأكبر، فعلى المستوى المحلي لم يعد لها أي قبول حتى بمناطق النظام، كما أن هناك مؤشرات توضح أنها قد لا تحظى بحصة كبيرة من مشاريع إعادة الإعمار مقارنة بروسيا».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.