غوتيريش يطالب بتهيئة «بيئة مواتية» لإجراء الانتخابات في ليبيا

حضَّ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، على تهيئة «بيئة مواتية» لإجراء الانتخابات في ليبيا، داعياً مجلس النواب إلى التشاور مع المجلس الأعلى للدولة من أجل «الانتهاء من إعداد التشريع الانتخابي اللازم على وجه السرعة». وشجع السلطات الليبية على «التعاون الكامل» مع المحكمة الجنائية الدولية لتفعيل المساءلة عن الجرائم بموجب القانون الدولي في البلاد. وعبَّر عن «انزعاج بالغ» حيال التقارير عن استمرار الاتجار بالبشر، داعياً إلى «تحديد المسؤولين عن هذه الجرائم الشائنة وملاحقتهم قضائياً».
وفي تقرير أرسله إلى أعضاء مجلس الأمن، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، رحب غوتيريش بـ«التقدم في العناصر الرئيسية» لخطة عمل الأمم المتحدة، مستبشراً خيراً بـ«المشاركة الكبيرة» في عملية تحديث سجلات الناخبين التي أنجزت أخيراً، معتبراً ذلك «مؤشراً قوياً على رغبة الشعب الليبي في المشاركة في العمليات الانتخابية». وإذ حض على «تهيئة بيئة مواتية» لإجراء الانتخابات، دعا مجلس النواب إلى «الانتهاء من إعداد التشريع الانتخابي اللازم على وجه السرعة، بالتشاور مع المجلس الأعلى للدولة»، ملاحظاً «أهمية وضع إطار دستوري من أجل توفير الأرضية اللازمة لإجراء الانتخابات، وإنهاء وجود المؤسسات الموازية، وإنشاء هيكل واضح للحكم لإنهاء الفترة الانتقالية».
وكذلك رحب غوتيريش بإطلاق عملية المؤتمر الوطني، قائلاً إن هذه الاجتماعات «عامل مهم لتشجيع المواطنين الليبيين على المبادرة بإبداء أفكارهم وآرائهم في المجال العام»، وكذلك من أجل إرساء «نظام حكم وطني موحد»، مؤكداً أن هذه الاجتماعات «ستساعد في التحضير لمناسبة كبيرة للمؤتمر الوطني في وقت لاحق من هذا العام». ورحب أيضاً بالتقدم في «مبادرات المصالحة الأهلية بقيادة الجهات الفاعلة الليبية في كل أنحاء البلاد»، لأن لهذه الجهود التي تقودها أطراف ليبية «دوراً حاسماً في التخفيف من حدة التوترات وتجنب المزيد من النزاع»، معلناً أن الأمم المتحدة «ثابتة على التزاماتها تقديم الدعم من خلال مشروع صندوق بناء السلام». ولاحظ «بنظرة إيجابية» التعامل المباشر بين مجلس النواب وبين المجلس الأعلى للدولة «من أجل الاتفاق على آلية لتشكيل سلطة تنفيذية جديدة»، على أن تكون «جامعة وممثلة للجميع» من أجل «تحسين الظروف اليومية للشعب الليبي، والتحضير للانتخابات الوطنية، والتشجيع على المشاركة في الانتخابات وعلى القبول بنتائجها».
وقال غوتيريش إنه «من الضروري أن يتمكن جميع النازحين (…) من العودة إلى مواطنهم الأصلية بطريقة طوعية وآمنة تحفظ كرامتهم»، مشيداً بالجهود التي بذلها الممثل الخاص غسان سلامة لمعالجة عملية عودة أهالي تاورغاء، مضيفاً أنه «يجب ألا يكون هناك المزيد من التأجيل لعودة أهالي هذه المنطقة وجميع النازحين الآخرين منذ عام 2011. ورأى أن المشاركة المستمرة والفعالة للمرأة الليبية في العمليات السياسية «علامة مشجعة على النهوض بالمساواة بين الجنسين ومشاركة المرأة في الحياة السياسية».
وإذ استبشر خيراً بـ«الانخفاض الكبير» في عدد الضحايا من المدنيين منذ بداية العام، عبَّر عن «القلق من انعدام الأمن في مناطق متفرقة في كل أنحاء ليبيا»، محدداً أنه «مستاء من التصعيد المتكرر للتوترات والعنف في مدينة سبها على وجه الخصوص وحولها، الأمر الذي أدى إلى أضرار بالآلاف في صفوف المدنيين، بين قتلى ومشردين». ودعا كل الأطراف إلى «احترام القانون الدولي، ووقف جميع أعمال العنف، والالتزام بالحوار لمعالجة الأسباب الجذرية للمظالم». وتحدث عن «مخاوف متزايدة بشأن ما يُقال إنه وجود ونشاطات لتنظيم (داعش) والجماعات الإرهابية الأخرى في الجنوب»، مؤكداً أن «هناك حاجة ملحة إلى إرساء سيادة القانون في المنطقة لضمان وقف الأعمال العدائية بين الفصائل المتحاربة واستحداث سبل أكثر فعالية لمراقبة الحدود». وركز على «الأهمية البالغة لإصلاح وتوحيد القوات العسكرية والأمنية الليبية تحت قيادة مدنية لكي يستتب الاستقرار في البلد».
وأبدى «قلقه من تدهور الحالة الإنسانية في كل أنحاء ليبيا»، مشيراً إلى «الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان وحالات إساءة المعاملة أثناء الاحتجاز، والاحتجاز التعسفي المطول دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة». ونبه إلى أن «هذه الانتهاكات تضر بالمحاولات الرامية إلى جعل ليبيا بلداً مستقراً تُحترم فيه سيادة القانون». وقال: «يجب على السلطات إعطاء الأولوية لإطلاق جميع الرجال والنساء والأطفال المحتجزين بشكل تعسفي». وشجع السلطات الليبية على «التعاون الكامل مع المحكمة الجنائية الدولية، وفقاً لقرار مجلس الأمن 1970 للمساعدة في إقامة العدل وتفعيل المساءلة عن الجرائم بموجب القانون الدولي في ليبيا». وعبر عن «انزعاج بالغ» حيال التقارير عن استمرار الاتجار بالبشر في ليبيا، مشجعاً السلطات على «ألا تألو جهداً في تحديد المسؤولين عن هذه الجرائم الشائنة وملاحقتهم قضائياً». وذكر محنة المهاجرين والانتهاكات التي يتعرضون لها، آملاً في أن تساعد فرقة العمل المنشأة حديثاً من الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة في معالجة مشكلة الهجرة على نحو شامل.
وأكد أخيراً أنه «لا يزال أمراً بالغ الأهمية أن يقف المجتمع الدولي متحداً» في دعم تسوية سلمية للأزمة الليبية، لافتاً إلى أنه «في الأشهر المقبلة، هناك فرصة ينبغي اغتنامها لما فيه المصلحة العليا للشعب الليبي»، داعياً إلى «مواصلة التعاون الإيجابي مع الأمم المتحدة لوضع حد للفترة الانتقالية التي طال أمدها في البلد، والعمل معاً لإنشاء مؤسسات موحدة جديدة تقوم على مبادئ الديمقراطية وسيادة القانون».