مصر وروسيا تحتويان «أزمة استطلاع» بشأن «مثلث حلايب»

صورة من موقع «روسيا اليوم» تُظهر الاستفتاء بشأن تبعية مثلث حلايب قبل حذفه («الشرق الأوسط»)
صورة من موقع «روسيا اليوم» تُظهر الاستفتاء بشأن تبعية مثلث حلايب قبل حذفه («الشرق الأوسط»)
TT

مصر وروسيا تحتويان «أزمة استطلاع» بشأن «مثلث حلايب»

صورة من موقع «روسيا اليوم» تُظهر الاستفتاء بشأن تبعية مثلث حلايب قبل حذفه («الشرق الأوسط»)
صورة من موقع «روسيا اليوم» تُظهر الاستفتاء بشأن تبعية مثلث حلايب قبل حذفه («الشرق الأوسط»)

احتوت مصر وروسيا أزمة دامت لساعات، على خلفية طرح الموقع الإلكتروني لقناة «روسيا اليوم» استطلاعاً للرأي، مساء أول من أمس، بشأن تبعية منطقة «مثلث حلايب»، الحدودية بين مصر والسودان، التي تتنازع الدولتان حولها.
وحذفت إدارة «روسيا اليوم» (التابعة لوكالة الأنباء الرسمية الروسية المملوكة للدولة) الاستفتاء من موقعها، منتصف نهار أمس، وتجاوز المشاركون فيه أكثر من 100 ألف شخص، أجابوا عن سؤال كان نصه: «هل ترى مثلث حلايب؟»، وجاء الإجابات اختيارين فقط على الترتيب: «أرضاً مصرية - أرضاً سودانية».
وقالت إدارة القناة إنها «تأسف لما سببه الاستطلاع من استياء لدى الجانب المصري، وتوضح أن الغرض منه لم يكن الإساءة لمصر، ولا التشكيك في وحدة أراضيها، بقدر ما هو شكل إعلامي معمول به في تناول قضايا وملفات الساعة.. مع التزامنا بقواعد الموضوعية والحياد».
وأضافت: «تجدد القناة التأكيد على أن نتائج التصويت المذكور لا تعبر عن رأيها، بل عن رأي المشاركين فيه لحظة التصويت».
كانت الخارجية المصرية قد أعلنت رفضاً صريحاً لطرح مسألة هوية «مثلث حلايب» للاستفتاء الإلكتروني، وقال المتحدث باسم الخارجية، أحمد أبو زيد، إن الوزارة «تواصلت مع الجانب الروسي للإعراب عن استنكارها الشديد للاستطلاع الذي قامت به القناة التابعة للحكومة الروسية، وطلبت تفسيراً عاجلاً لهذا الإجراء المرفوض».
وصعّدت مصر من إجراءاتها (قبل حذف التقرير)، وقرر وزير الخارجية، سامح شكري، إلغاء حوار كان مقرراً أن يجريه مع القناة «بمناسبة انعقاد اجتماعات وزراء الخارجية والدفاع بين مصر وروسيا (صيغة 2+2)، في موسكو، غداً (الاثنين)، وذلك على خلفية الاستطلاع».
وتمثل مسألة تبعية منطقة حلايب حساسية بالغة بالنسبة لمصر والسودان.
ولم تتوقف الاحتجاجات المصرية على الاستفتاء عند حدود الخارجية، إذ وصفت «الهيئة العامة للاستعلامات» (التابعة لمؤسسة الرئاسة المصرية)، الاستطلاع بأنه «مُسيء ومستفز للحقائق الثابتة، وللعلاقات الراسخة بين الدول الشقيقة والصديقة»، وأفادت بأنها استدعت «المسؤولين المعتمدين لديها عن مكتب (روسيا اليوم) في مصر، لإبلاغهم برفض مصر التام وإدانتها الكاملة لطرح ما يخص سيادتها ووحدة أراضيها بتلك الطريقة».
وعقب إقدام «روسيا اليوم» على حذف الاستطلاع محل الجدل، قالت «الاستعلامات» إنها أوضحت للجانب الروسي «خطورة مثل هذه التصرفات غير المسؤولة وغير المهنية، وأنها تستهدف في حقيقتها الوقيعة بين الشعبين المصري والروسي، والإساءة لمشاعر الشعب المصري في قضية تتعلق بوحدة الأراضي المصرية والسيادة الوطنية عليها».
وفي سياق قريب، يبدأ في العاصمة الروسية موسكو، غداً، الاجتماع الرابع بين وزراء الخارجية والدفاع في مصر وروسيا، في إطار صيغة «2+2). وقال المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية إن مباحثات «وزير الخارجية سامح شكري ونظيره الروسي سيرغي لافروف من المقرر أن تتناول سبل الارتقاء بالعلاقات الثنائية بين البلدين في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والسياحية، استناداً إلى الطفرة التي شهدتها العلاقات بين البلدين في أعقاب الزيارة الأخيرة التي قام بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى مصر، في ديسمبر (كانون الأول) 2017، والتي شهدت التوقيع على عقود إنشاء محطة الضبعة النووية، وما أعقب ذلك من استئناف الطيران المباشر بين البلدين، في أبريل (نيسان) 2018».
وأضاف المتحدث أن الوزيرين «سيستعرضان القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك، والأزمات في كل من سوريا وليبيا واليمن، والاتفاق النووي الإيراني، والمواقف المصرية والروسية إزاءها، فضلاً عن كيفية تطوير أطر التعاون والتنسيق بين البلدين في مجال مكافحة الإرهاب».
وكان الحوار الاستراتيجي بين مصر وروسيا، وفق (صيغة 2+2)، قد تم تفعيله للمرة الأولى عام 2013، لتصبح مصر الدولة السادسة التي ترتبط معها روسيا بمثل هذا الإطار على مستوى وزيري الخارجية والدفاع، بعد الولايات المتحدة، وفرنسا، وإيطاليا وبريطانيا، واليابان. وسبق أن أقيمت الاجتماعات في ذلك الإطار بالقاهرة 2013 و2017، وفي موسكو 2014.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.