مذكرات شريف بسيوني الحلقة (2) : الهروب الكبير نحو أميركا

لم يكن لدي جواز سفر وكنت ممنوعا من المغادرة فأنقذتني المصادفة وبحار إيطالي

صورة خاصة أهديت لبسيوني من قبل أربعة رؤساء جمهورية ابقين في أميركا من اليسار: رونالد ريغان وريتشارد نيكسون وجورج وش (الأب) وجيرالد فورد
صورة خاصة أهديت لبسيوني من قبل أربعة رؤساء جمهورية ابقين في أميركا من اليسار: رونالد ريغان وريتشارد نيكسون وجورج وش (الأب) وجيرالد فورد
TT

مذكرات شريف بسيوني الحلقة (2) : الهروب الكبير نحو أميركا

صورة خاصة أهديت لبسيوني من قبل أربعة رؤساء جمهورية ابقين في أميركا من اليسار: رونالد ريغان وريتشارد نيكسون وجورج وش (الأب) وجيرالد فورد
صورة خاصة أهديت لبسيوني من قبل أربعة رؤساء جمهورية ابقين في أميركا من اليسار: رونالد ريغان وريتشارد نيكسون وجورج وش (الأب) وجيرالد فورد

عندما سألت البروفسور محمود شريف بسيوني أول مرة، عن الحادثة التي خلفت العلامة الأعمق في حياته، ولا يمكن أن ينساها أبدا، قال ومن دون تردد، إن عزله وحبسه الإجباري الذي استمر لسبعة أشهر في شقته، ترك أثرا عميقا في نفسه، وعلمه الدرس الأول في مجال حقوق الإنسان، وأفهمه معنى التعذيب وقسوته. كما جاء في حلقة أمس. وذكر بسيوني أن هذه التجربة علمته أن التخويف النفسي تعذيب أيضا.
بعد خروجه من هذه التجربة وجد نفسه وحيدا معزولا، في عالم واسع، وموانع جعلته مقيدا، إلى أن التقى برجل أعمال فتح أمامه الباب نحو استثمار علمه وخبرته في مجال التجارة، ومنها تحول الى الزراعة، إلى أن دعته والدته المصابة بالسرطان للالتحاق بها في أميركا ليكون إلى جانبها حيث كانت تستعد للخضوع لعملية جراحية صعبة. تمكن من الحصول على جواز سفر وتسلل الى باخرة وهرب إلى نيويورك. في هذه الحلقة يروي بسيوني التفاصيل.
في يوم ما، بينما كنت أتجول بمفردي في المنطقة التي أعيش فيها وهي «غاردن سيتي» في القاهرة، ينتابني شعور بالوحدة والعزلة، توقفت سيارة كبيرة سوداء بمحاذاتي، وفتحت النافذة الخلفية لها، ونظر إلي شخص أجنبي وقال: «ألست شريف ابن إبراهيم وأمينة؟»، أجبت بنعم. وذكرني بنفسه. وكان رجل أعمال اسمه برونو بنتو، كان من عائلة إيطالية من كبار رجال الأعمال في مصر. كانوا يمتلكون ثالث أكبر شركة لإنتاج القطن في مصر وتصديره، وخامس أكبر شركة للاستيراد لأنواع مختلفة من المواد والسلع من الخارج. وسألني: «ماذا تعمل؟»، أجبت: «لا شيء»، فنزل من السيارة وقال: «كيف؟ أنت من عائلة جيدة، وتتحدث لغات أجنبية عدة، ودارس في أوروبا، ولديك كل الإمكانيات، أليس من العيب أن تبقى بلا عمل؟». كان يظن أن الأمر اختيار بالنسبة لي وأنني من الشباب المدللين، فلم أستطع أن أبرر أو أجيب، فقال إنه يحتاج من يساعده في شركته التي كانت وقتها كبيرة ويعمل فيها 165 موظفا. ولم أتمكن من الرد أو توضيح أنني ممنوع من العمل، ولم يترك لي مجالا للرد، وقال إنه سيمر ليأخذني في طريقه صباحا إلى العمل، وعلمت بعدها أنه يسكن على بعد شارعين من منزلي.
نزلت صباح اليوم التالي أمام بيتي الساعة الثامنة والنصف صباحا، كما تواعدنا، واصطحبني إلى مكتبه. وكنت أتكلم وقتها ست لغات، وسافرت إلى جميع أنحاء العالم مع والدي ووالدتي، فكان لدي رؤية مفيدة لشركة تقوم بالاستيراد والتصدير، ولها اتصالات مع أناس في الخارج. فبدأت العمل، لكن بعد يومين دعاني صاحب الشركة لمكتبه وقال لي إن شخصين زاراه وأبلغاه أنهما من جهة حكومية معينة وقالوا إنني ممنوع من العمل. ولأنه إيطالي ومولود في إيطاليا وعائلته من ثلاثة أجيال موجودة في مصر فلم يكن يفهم ما يحدث، فطلب أن يرسلوا له خطابا كتابيا يفيد بأنني ممنوع من العمل ليفصلني، لكن لم يقبل بالقيام بذلك اعتمادا على مجرد قول.
ثم سألني عن السبب، فكرت بماذا سأجيبه، وأحرجت من التحدث في موضوع التعذيب، ليس لأي سبب بل لأني كنت أرى في ذلك إهانة لبلدي، فلم أستطع التحدث إلى شخص على الرغم من أنه عاش عمرا في مصر لكنه أجنبي، لكن الشيء الوحيد الذي خطر لي وهو شيء رأيت أنه بسيط جدا هو أنني عندما كنت ما زلت مرتديا الزي العسكري أثناء وبعد الحرب، كانت مصر تقوم بترحيل اليهود الموجودين في مصر مع الإنجليز والفرنسيين، فبغض النظر عن الأشخاص الإنجليز أو الفرنسيين، كان الكثير من اليهود المصريين مزدوجي الجنسية، أو أقارب في دولة أخرى أو لم يستخرجوا جوازات سفر أو لم يقوموا بالخدمة العسكرية، كانوا يرحلون. وكان لي وعائلتي العديد من الأصدقاء اليهود لأن المجتمع المصري كان مجتمعا منفتحا، ونتذكر أنه حين قامت الثورة في 1952 في الإسكندرية والقاهرة كان هناك عدد كبير من اليونانيين والأرمن والإيطاليين، ومن ودول عربية كثيرة، لم يكن هناك شعور بالتفرقة في المجتمع.
وكان من الذين تعرضوا لمحاولة الترحيل أستاذي هارون حداد الذي كان أستاذا للتاريخ، ودرسني في مدرسة «الجيزويت»، وأتذكر أنني رأيته في الشارع يبكي ويقول: «يا ابني أنا لي مقابر في مصر تثبت أن عائلتنا كانت في مصر منذ 300 سنة وطلبوا مني الآن إثبات مصريتي، ولا أستطيع ذلك فلا جواز سفر لي لأني لم أسافر قط، ولم أقم بالخدمة العسكرية لأن وقتها لم يكن هناك سؤال عن هذا، ولدت في مصر وأبي وجدي»، وأجبته باندهاش لأني لم أكن أعلم أن هارون يعني آرون وهو اسم يهودي و«ما علاقتك باليهود؟». فقال: «أنا يهودي»، ولأنه أيضا كان عضو الحزب الوفدي، لم أتصور أنه يهودي، وتدخلت بعد أن أمروه بالرحيل خلال أسبوع استطعت أن أؤجل ذلك لشهر، ثم اتصلت بي والدتي للتدخل لإحدى صديقاتها، فطبعا لأني كنت ضابطا وقتها وبالزي العسكري الفدائي للحرس الوطني والشارة العسكرية كان لها احترامها وكيانها وكانت بعد حرب بورسعيد حيث وقفنا أمام البريطانيين فكانت لنا بعض الهيبة. المهم أنني تمكنت من تأجيل الترحيل لثلاث عائلات يهودية مصرية، وأنا على علم أنه وقتها فتح لي ملف في المخابرات على أنني محب لليهود.
أنا قلت إن أيسر شيء أبرر به لصاحب الشركة الأجنبي قرار منعي من العمل هو أني تدخلت لصالح بعض العائلات اليهودية لمنع ترحيلها.
فوجدت الرجل يتفاعل بحماس ويقول: «طالما أنا موجود في هذا المكان، أنت لك عمل لدي».
بعد ثلاثة أشهر من هذه الحادثة، وفي الصيف وعلى عادة العائلة، توجه صاحب الشركة وعائلته لإيطاليا لقضاء العطلة الصيفية، وترك المدير العام مصريا يدير الشركة، لكن في يوم من الأيام دبت حركة كبيرة في المكان ودخل عدد كبير من ضباط الشرطة للشركة، ووكيل النيابة الذي كان لديه أمر بإغلاق الشركة والقبض على العاملين فيها، فدخلنا المكتب والمدير العام الذي كان قبطيا كان متحفظا بعض الشيء فأخذني إلى جانبه على أساس أنني كنت ضابطا سابقا أملا في أن أحظى ببعض الميزات لهذه الصفة، وكذلك لأني مسلم.
تحدثت مع وكيل النيابة وسألته عن الأسباب فأجاب بأن أصحاب الشركة هم عائلة يهودية. فنفيت قائلا إنهم كاثوليك. قال إنهم كانوا يهودا حتى سنة 1948، ولما تحولت فلسطين إلى إسرائيل وبعد حرب 1948 تحولوا إلى كاثوليك. فقلت له: «هل عداؤنا مع ديانات الناس؟». أجاب: إنهم كانوا يهربون أموالهم إلى إيطاليا. وقال إنه سيجري التحفظ على الشركة للنظر في تهريب الأموال. قلت له: حسنا ما دام الأمر كذلك، فاترك لي 24 ساعة للاتصال بهم، وهنا أرى كيفية إغلاق الحلقة، فتذكرت عندما سألني عن أسباب منعي من العمل وأجبته أن ذلك بسبب وقوفي إلى جانب اليهود، وهو كان يهوديا ولم أكن أعلم، فلذلك اتخذ الموقف الشهم معي. لذلك أردت أن أرد على ذلك وتحدثت مع العائلة في إيطاليا الذين أعلموني أنهم سيرسلون لي توكيلا شاملا لإدارة الشركة، فأخذت هذا التوكيل وعينت نفسي رئيس مجلس إدارة ورئيسا للشركات ومديرا عاما، وكان سني 22 عاما، وأصبحت أتعامل مع الحكومة وهددت بالقبض علي، لكني أردت أن أثبت لصاحب الشركة أن هناك أناسا مصريين ومسلمين لا يقبلون هذا التصرف.
بعد سنة من هذا التصادم اتفقوا على تأميم الشركة، أخذتها الدولة، وقانون التأميم في مصر يقول إن الشركة المؤممة في مصر تدخل القطاع العام وكل موظفيها يصبحون موظفين حكوميين، وبما أنني كنت قد عينت نفسي مديرا عاما ورئيسا لمجلس الإدارة ورئيس الشركة فأصبحت موظفا حكوميا وأنا من المفترض أنني في الوقت نفسه ممنوع من العمل.
دخلت المؤسسة الاقتصادية في مجال الشركة وهو الاستيراد والتصدير، وكان لي نوع من الابتكار في هذا المجال، وأسهمت في حل مشاكل كبيرة خاصة أن مصر وقتها كانت تعاني صعوبات كثيرة في الاستيراد والتصدير؛ حيث إن أذونات التصدير والاستيراد من المفترض أن تختلف من سلعة إلى أخرى، ومن بلد إلى آخر، وتختلف كذلك إذا كان البيع والشراء بعملة صعبة أو محلية، وكانت هناك عمليات كثيرة مما تسمى بالعمليات الثلاثية، أي العمليات التي تبيع لدولة سلعة معينة بعملة معينة ثم تأخذ الدخل وتطبقه مع دولة أخرى إلى آخره. وهذا ما لفت انتباه الجهات الرسمية لي وكنت مسؤولا عن العمليات الثلاثية الصعبة، وقمت بعمليات مهمة، وتغيرت الظروف بالنسبة لي، وكنت أزرع أرضنا الزراعية وهذا ما كان يمنحني نوعا من الشعور بالاطمئنان. وكانوا وقتها أعادوا ممتلكاتنا بعد أخذ جزء منها حسب القانون العقاري وقتها، مثلا والدي ورث 250 فدانا، وأنا 50 وتدرج القانون إلى أن أصبح لي 100 فدان، وكانت زراعتي مصدر سعادة كبيرة فزرعت القطن، والقمح والذرة، وأدخلت البطاطا. وكنت أشعر بتواصل مع الأرض والطبيعة. طبعا إلى جانب العمل. كان هذا بين عامي 1958 و1962.
سنة 1962 كنت قد أتممت دراستي في جامعة القاهرة وفي الوقت نفسه تركت والدتي مصر وانتقلت إلى أميركا، سبب هذا أن والدي كان سنة 1938 نائب قنصل في نيويورك، فقد تركني والداي مع جدتي لأمي، وهي نمساوية، وكان عمري وقتها عاما. وتوجها الى نيويورك، وكانا قد تزوجا قبل سنتين ويبحثان عن أوقات جميلة في أميركا، وبالفعل استمتعا كزوجين سعيدين، فظروفهما من الجانبين كانت جيدة.
في نيويورك عرض عليهما أحد معارفهما، وهو محام، قطعة أرض فيها أربعة مساكن، ولم يكن لوالدي اهتمام بمجال الأعمال، فرفض، لكن والدتي تحمست للموضوع واشترت الأرض، وصادف أن كانت هذه الأرض في شارع مهم جدا في نيويورك اسمه شارع لكسنغتن، واشترت الأرض وتركتها، وعادت الى مصر.
وبعد فترة من الزمن أصبحت هذه الأرض مهمة جدا، وقطعة الأرض المكونة من جزأين على شارع لكسنغتن وشارع 53 الذي فيه اليوم «سيتي بنك أوف نيويورك» فباعت الأرض بملايين عدة، وعاشت حياة مرفهة. وأذكر أن والدي انفصلا عندما كان عمري عشر سنوات. ثم تزوجت أمي بطبيب أسنان في نيويورك. ثم أصيبت بسرطان، فطلبت مني حضور العملية الجراحية التي ستجرى لها، وحتى تلك الفترة ورغم مضي السنوات لم يكن لدي جواز سفر وكنت ممنوعا من السفر، فاتجهت إلى الجهات الرسمية، لكن رفض طلبي.
لكنني جددت المحاولة، وفي يوم ما تقدمت بطلب جواز سفر بشكل عادي، وذهبت إلى مكتب إدارة الجوازات، ووجدت أن الجواز ختم وطبع وكان جاهزا، وكان فقط في انتظار ختم ما يسمى بضابط الاتصال، وهو الذي كان على اتصال مع المخابرات وهو الذي يضع الخاتم ويوقع وإلا يكون الجواز غير صالح.
وأثناء الانتظار أعطيت «إكرامية» كانت معتادة لـ«صول غلبان» لكنه قال: «لا أضمن»، فرجوته أن يدخل الجواز لضابط الاتصال لأني مضطر للسفر «بعد غد». وشاءت الظروف لسبب أو لآخر أن ضابط الاتصال وصل متأخرا، وأعطاه (الصول) كوما من الجوازات، ولا أعلم كيف خرج جوازي من مكتبه مختوما وموقعا.
اتجهت لشركة السياحة اشتريت تذكرة السفر، لكني في الوقت نفسه تنبهت إلى أنهم قد يوقفوني في الميناء ويمنعوني من السفر بما أني على القائمة السوداء، وكانت الرحلة من الإسكندرية إلى إيطاليا ثم من إيطاليا إلى نيويورك.
لكن من حسن حظي أني تعرفت يومها على بحار من الطاقم الإيطالي الذي يعمل على الباخرة في شركة السياحة، ووجدت أن موظفي الباخرة لهم بطاقة تسمح لهم بالخروج من الباخرة ليتجولوا في الإسكندرية ثم يعودون ليلا، فتواعدت معه أن نعود معا الساعة الثانية بعد منتصف الليل آملا أن يكون الضابط المسؤول عن الميناء نائما أو متعبا وغير منتبه، وفعلا ذهبت معه على أني أعمل على متن الباخرة وكلمته بالإيطالية، ولما سألني عن بطاقتي قلت إنها ضاعت مني. وكنا نتمايل وكأننا في حالة سكر، وكان الشخص الثاني يحمل بطاقته، فسمح لنا بالدخول.
اختبأت في الباخرة إلى أن خرجت من الحدود الملاحية المصرية، ثم توجهت للقبطان وأعلمته أني نمت في الخارج، بدا أنه فهم الموضوع لكن لأن لي تذكرتي وجوازي وغرفتي محجوزة لم يكن أمامه إلا أن يسمح لي بالدخول.
نزلت في إيطاليا حيث قابلت أشخاصا أعرفهم، واشتريت بعض الثياب. وبعد أيام ركبت الباخرة نحو أمي. غدا: علاقتي بالسادات ومبارك وكامب ديفيد.

* أهم الأوسمة التي تقلدها بسيوني والجوائز التي حصل عليها
* رشح لنوبل للسلام.. وحاز جائزة الذكاء والحكمة لـ«دي بول» وجائزة لاهاي للقانون الدولي
رشح البروفسور محمود شريف بسيوني لجائزة نوبل للسلام (في عام 1999)، وحاز جائزة فولفغانغ فريدمان التذكارية لجامعة كولومبيا (في عام 2012)، وجائزة لينكولن لنقابة المحامين عن مقاطعة كوك (في عام 2012)، ووسام برادفورد اونيل للعدالة الاجتماعية بجامعة الدومينيكان (في عام 2011)، وجائزة العلماء المتميزين من خريجي جامعة جورج واشنطن، بواشنطن العاصمة (لعام 2010-2011) وجائزة السلام العالمي من خلال القانون الخاصة بكلية الحقوق بجامعة واشنطن (لعام 2010). وعلاوة على ذلك، حاز بسيوني جائزة الذكاء والحكمة لجامعة دي بول (لعام 2009)، وجائزة لاهاي للقانون الدولي (عام 2007)، ووسام العدالة لسيزار بيكاريا للدفاع الاجتماعي في المجتمع الدولي (لعام 2007)، ووسام لجنة الخدمات الإنسانية لدولة المكسيك (في عام 2006) وجائزة سانت فنسنت دي بول الإنسانية من جامعة دي بول (لعام 2000). وعلاوة على ذلك، حصل بسيوني على جائزة مسابقة العدالة الجنائية الدولية للجمعية الدولية لقانون العقوبات، فيسباسيان بيلا (في عام 1999)، وجائزة إنجاز العمر لكلية حقوق جون مارشال (لعام 1999)، وجائزة المدافع عن الديمقراطية من منظمة «برلمانيون من أجل العمل العالمي» (لعام 1998)، وجائزة أدلاي ستيفنسون من رابطة الأمم المتحدة (في عام 1993) والجائزة الخاصة لمجلس أوروبا (لعام 1990) وجائزة الأمين العام لمجلس أوروبا (في عام 1984).
وبالإضافة إلى ذلك:
تقلد بسيوني الأوسمة التالية: وسام الاستحقاق من إيطاليا (رتبة فارس الصليب الأعظم) (في عام 2006)، ووسام التميز الأكاديمي من جمهورية فرنسا (رتبة قائد) (في عام 2006)، ووسام الاستحقاق (رتبة الصليب الأعظم) من ألمانيا (لعام 2003)، ووسام جوقة الشرف (رتبة ضابط) من فرنسا (في عام 2003)، ووسام لنكولن من إلينوي في الولايات المتحدة الأميركية (في عام 2001)، ووسام الاستحقاق من النمسا (رتبة الصليب الأعظم) (في عام 1990)، ووسام الاستحقاق العلمي (من الدرجة الأولى) من مصر (لعام 1984)، ووسام الاستحقاق لجمهورية إيطاليا (رتبة الضابط الأعظم) (لعام 1977)، ووسام الاستحقاق من جمهورية إيطاليا (رتبة قائد) (لعام 1976)، ونوط الواجب العسكري من مصر (في عام 1956).
كما حصل بسيوني على العديد من الدرجات الفخرية، وهي:
الدكتوراه الفخرية في القانون من جامعة سالزبورغ (في عام 2013)، والدكتوراه الفخرية في القانون من جامعة تيرانا بألبانيا (في عام 2013)، والدكتوراه الفخرية في القانون من جامعة غنت، ببلجيكا (في عام 2011)، والدكتوراه الفخرية في القانون من جامعة كيس ويسترن ريسيرف، بالولايات المتحدة الأميركية (في عام 2010)، والدكتوراه الفخرية في الآداب الإنسانية من الاتحاد الكاثوليكي اللاهوتي في الولايات المتحدة الأميركية (في عام 2009).
وبالإضافة إلى ذلك، حصل بسيوني على الدكتوراه الفخرية في القانون من جامعة أيرلندا الوطنية في غالواي بأيرلندا (في عام 2001)، والدكتوراه الفخرية في القانون من جامعة نياغارا في الولايات المتحدة الأميركية (في عام 1997)، والدكتوراه الفخرية في القانون من جامعة باو في فرنسا (في عام 1986)، وكذلك الدكتوراه الفخرية في القانون من جامعة تورينو في إيطاليا (في عام 1981).
ألف البروفسور بسيوني، حتى الآن، 27 كتابًا وحرر 45 أخرى، وكتب 265 مقالة في القانون الجنائي الدولي، والقانون الجنائي المقارن، وحقوق الإنسان، والقانون الجنائي الأميركي، حيث نُشر ذلك في العديد من الدوريات والكتب القانونية. وبالإضافة إلى هذا، كتب بسيوني 14 رسالة أحادية بشأن مواضيع معينة مثل التاريخ والسياسة والدين. وقد اسُتشهد ببعض مؤلفاته في المحكمة الجنائية الدولية، والمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، والمحكمة الجنائية الدولية لرواندا، والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، والمحاكم العليا في أستراليا وكندا والهند وإسرائيل وترينيداد وتوباغو وجنوب أفريقيا (والمحكمة العليا والمحكمة الدستورية) والمملكة المتحدة (ومجلس اللوردات ومحكمة الاستئناف والمحكمة العليا والمحكمة الجزئية لإنجلترا وويلز والمحكمة الاسكتلندية العليا) ونيوزيلندا. وفي الولايات المتحدة الأميركية، تم الاستشهاد مرارا وتكرارا بأعماله من قبل المحكمة العليا بالولايات المتحدة الأميركية والمحاكم المتنقلة والمحلية، وكذلك العديد من المحاكم العليا بالولايات.
وتُرجمت العديد من مؤلفاته إلى اللغات العربية والصينية والفارسية والفرنسية والألمانية والمجرية والإيطالية والبرتغالية والروسية والإسبانية.
بدأ البروفسور بسيوني دراسته التعليمة في مصر، حيث حصل على بكالوريوس القانون من جامعة القاهرة. وواصل دراسته في مجال القانون في فرنسا وسويسرا والولايات المتحدة الأميركية، حيث حصل على الدرجات العلمية التالية: ليسانس الحقوق من جامعة إنديانا، وماجستير الحقوق من كلية جون مارشال، ودكتوراه العلوم القضائية من جامعة جورج واشنطن.
مذكرات شريف بسيوني الحلقة (1)



مصر تؤكد رفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية

وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
TT

مصر تؤكد رفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية

وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)

أكدت مصر «موقفها الثابت والرافض للمساس بسيادة لبنان ووحدة وسلامه أراضيه، فضلاً عن دعم المؤسسات الوطنية للاضطلاع الكامل بمسؤولياتها في الحفاظ على أمن واستقرار لبنان». وشددت على «ضرورة منع التصعيد واحتوائه، ورفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية».

جاء ذلك خلال لقاء وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط، كلير لوجندر، على هامش «منتدى صير بنى ياس» في الإمارات، السبت.

وثمن عبد العاطي العلاقات الاستراتيجية بين مصر وفرنسا، معرباً عن التطلع لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري وزيادة الاستثمارات الفرنسية في مصر، فضلاً عن تعزيز التعاون في مختلف المجالات وفى مقدمتها قطاعات الصناعة والنقل والسياحة والثقافة والتعليم. كما رحب بقرب انعقاد الجولة الأولى من الحوار الاستراتيجي بين وزارتي الخارجية المصرية والفرنسية.

وفيما يتعلق بتطورات القضية الفلسطينية، رحب وزير الخارجية المصري بالموقف الفرنسي الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، مبرزاً الجهود التي تقوم بها مصر لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وأكد «ضرورة تضافر الجهود الدولية لضمان تنفيذ قرار مجلس الأمن 2803 وسرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة للاضطلاع بمسؤوليتها ومهامها».

ونوه عبد العاطي بأهمية المضي في خطوات تشكيل لجنة التكنوقراط الفلسطينية لإدارة قطاع غزة. ولفت إلى أهمية ضمان نفاذ المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق إلى قطاع غزة في ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية، مشدداً على أهمية خلق الأفق السياسي للتوصل إلى تسوية عادلة ومستدامة للقضية الفلسطينية من خلال تنفيذ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

الشيخ عبد الله بن زايد خلال لقاء وزير الخارجية المصري في الإمارات (الخارجية المصرية)

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، السبت، تم التطرق خلال اللقاء إلى الأوضاع في السودان، حيث أطلع الوزير عبد العاطي المسؤولة الفرنسية على الجهود المصرية في إطار الرباعية بهدف تحقيق وقف إطلاق النار بما يسمح بإطلاق عملية سياسية سودانية شاملة، مؤكداً على ثوابت الموقف المصري بشأن حماية سيادة السودان، ووحدة وسلامة أراضيه، ورفض التقسيم، ودعم مؤسسات الدولة. وشدد على ضرورة توحيد الجهود الإقليمية والدولية لدفع مسار التهدئة والتوصل إلى وقف لإطلاق النار ونفاذ المساعدات الإنسانية. كما حرص وزير الخارجية على إطلاع المسئولة الفرنسية على نتائج زيارته الأخيرة للبنان.

وقال وزير الخارجية المصري خلال زيارته إلى العاصمة اللبنانية بيروت، الشهر الماضي، إن بلاده تنظر إلى لبنان بعدّه ركناً أساسياً في منظومة الأمن والاستقرار الإقليمي، مؤكداً على أن صون سيادته واستقلال قراره الوطني يظلان أولوية ثابتة في السياسة الخارجية المصرية.

في سياق آخر، التقى عبد العاطي، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد، مساء السبت. وتناول اللقاء آفاق تعزيز العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين الشقيقين والبناء على ما تشهده من زخم إيجابي في مختلف المجالات، في ضوء ما يجمع القيادتين والشعبين من روابط راسخة وشراكة استراتيجية.

وبحسب «الخارجية المصرية»، السبت، تبادل الجانبان الرؤى حول عدد من القضايا والملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والأوضاع في الضفة الغربية وتنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترمب للسلام في قطاع غزة، فضلاً عن تطورات الأوضاع في السودان والتنسيق القائم في إطار الرباعية، والأوضاع في اليمن وسوريا وليبيا. واتفق الوزيران على «أهمية مواصلة التنسيق والتشاور لدعم جهود تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة وتعزيز العمل العربي المشترك».


«قوة استقرار غزة»... اجتماع مرتقب بالدوحة لسد الفجوات

أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
TT

«قوة استقرار غزة»... اجتماع مرتقب بالدوحة لسد الفجوات

أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)

تستضيف العاصمة القطرية، الدوحة، اجتماعاً عسكرياً، الثلاثاء، لبحث «تشكيل قوة الاستقرار» في قطاع غزة التي تنص عليها خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام، التي دخلت حيز التنفيذ 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ولاقت دعماً من مجلس الأمن في نوفمبر (تشرين الثاني) الفائت.

ذلك الاجتماع المرتقب يأتي وسط ضبابية بشأن مستقبل تلك القوات وتعثر الانتقال للمرحلة الثانية، ويراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» محاولة لسد فجوات، منها مهام تعترض عليها فصائل فلسطينية مرتبطة بالوجود داخل القطاع أو نزع السلاح، بخلاف وجود «فيتو إسرائيلي» على مشاركة دول بينها تركيا، وسط تباين بشأن قدرة الاجتماع على تقديم حلول ناجزة، في ظل عدم اتفاق سياسي على الانتقال للمرحلة الثانية، وترقب نتائج لقاء ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أواخر هذا الشهر.

وتوقع مسؤولون أميركيون نشر هذه القوات مطلع العام المقبل، بعد بحث التفاصيل خلال اجتماع للقيادة المركزية الأميركية، بمشاركة عدد من الدول، في العاصمة القطرية، الدوحة، الثلاثاء، وفق ما أوردت وكالة «رويترز».

وقال مسؤولان أميركيان للوكالة، أخيراً، إنه من المتوقع أن ترسل أكثر من 25 دولة ممثلين عنها للمشاركة في الاجتماع الذي «سيتضمن جلسات لمناقشة هيكل القيادة، وقضايا أخرى متعلقة بقوة الاستقرار في غزة»، لافتين إلى أن «قوة الاستقرار الدولية لن تقاتل حركة (حماس)، وأن دولاً كثيرة أبدت رغبتها في المساهمة فيها».

ونقل موقع «أكسيوس»، الجمعة، أن مندوب الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، مايك والتز، الذي زار إسرائيل أخيراً، أبلغ نتنياهو ومسؤولين آخرين بأن إدارة ترمب ستتولى قيادة ما تُعرف باسم «قوة الاستقرار الدولية» وستعين جنرالاً قائداً لها.

ويعطي قرار تبناه مجلس الأمن الدولي في 17 نوفمبر الماضي تفويضاً «لمجلس سلام» في غزة والدول التي تتعاون معه، من أجل تأسيس «قوة استقرار دولية» مؤقتة في القطاع.

وسبق أن تحدثت القناة الـ«14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر الماضي، بأن الولايات المتحدة الأميركية حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة لإمكانية تأجيله مجدداً.

صبيَّان يحتميان من المطر وهما جالسان على عربة يجرُّها حمار في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

رئيس «المؤسسة العربية للتنمية والدراسات الاستراتيجية»، العميد سمير راغب، يرى أن اجتماع الدوحة سيركز على «سد الفجوات» مثل عدم تعيين قائد للقوة، رغم أن التسريبات تشير إلى أنه أميركي، فلا مهام محددة بشأن القوة حتى الآن، كما أنه لم يتم تشكيل «مجلس السلام» الذي صدر له التفويض الأممي بتشكيل القوة، بجانب وجود «فيتو إسرائيلي» على مشاركة تركيا، وهذا يعرقل مسار تحديد الدول، بخلاف عدم حسم قضايا سياسية مرتبطة بنزع السلاح.

وأشار إلى أن حديث انتشار القوات بداية العام يكون صحيحاً إذا كنا قد عرفنا الآن مهام وتسليح القوات، وباتت تتجمع هذه الأيام، وبالتالي نحن بصدد ترتيبات ستأخذ ربما شهرين لتحقيق انتشار لو حُسمت الملفات السياسية.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، نزار نزال، أن اجتماع الدوحة بشأن تلك القوات يناقش سد الفجوات «لكنه يشكل إطاراً عاماً للتعايش معها، وليس لحلها»، موضحاً أن الفجوات تتعلق بكيفية الانتشار ومهام القوات، وهل ستنزع سلاح «حماس» وتبدأ الانسحابات. ونبه إلى أن هذا الاجتماع قد يحسم التشكيل والتمويل، و«لا يعني مشاركة 25 دولة فيه أن هناك موافقة على الانخراط في القوة؛ لكن ستتم مناقشة الخطوط الأولية».

منظر عام لمخيَّم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بغزة (أ.ف.ب)

وعلى هامش مشاركته في «منتدى صير بني ياس» بالإمارات، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت: «ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأهمية تشكيل قوة الاستقرار الدولية»، وذلك خلال لقاء المدير العام لـ«أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية»، والمنسق الأممي الخاص السابق لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، وفق بيان لـ«الخارجية المصرية».

وهذا التأكيد ليس الأول من نوعه من جانب مصر؛ حيث أعلنته أكثر من مرة أخيراً.

وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على الصحافيين أخيراً بشأن تطورات اتفاق غزة، قائلة إن «هناك كثيراً من التخطيط الهادئ الذي يجري خلف الكواليس في الوقت الحالي للمرحلة الثانية من اتفاق السلام... نريد ضمان سلام دائم ومستمر».

وأوضح راغب أن المرحلة الأولى لم تنتهِ بعد، وهناك أمور سياسية لم تُحَل، لافتاً إلى أن «قمة ترمب-نتنياهو» المقررة نهاية هذا الشهر ستكون فاصلة في المرحلة الثانية، وتشكيل القوات، ورفع «الفيتو»، وإنهاء الفجوات.

أما نزال فيرى أن المرحلة الثانية لم تنضج بعد، والهدوء الأميركي في المناقشات محاولة لتفادي الفشل من أي إعلان قد يُحدث ضجة عند أي طرف، في ظل ريبة فلسطينية مما يُعد في الكواليس، متوقعاً أن تزداد مساعي الوسطاء تجاه الانتقال للمرحلة الثانية بأقل تكلفة ومخاطرة، وهذا سيتضح عقب لقاء ترمب بنتنياهو.


حراك سياسي وعسكري مكثف لإنهاء التوترات في شرق اليمن

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
TT

حراك سياسي وعسكري مكثف لإنهاء التوترات في شرق اليمن

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)

يترقَّب الشارع اليمني أن تُكلَّل الجهود التي تقودها السعودية، بشراكة مع الإمارات، بنزع فتيل التوتر وإنهاء التصعيد في حضرموت والمهرة على خلفية التحركات الأحادية الميدانية التي قام بها المجلس الانتقالي الجنوبي في الأيام الماضية، التي أدت إلى إرباك معسكر الشرعية اليمنية، وسط مخاوف من أن يقود ذلك إلى تبعات اقتصادية وإنسانية وأمنية في ظل تربص الجماعة الحوثية بالمناطق المُحرَّرة.

جاء ذلك غداة حراك سياسي وعسكري مكثَّف في إطار الجهود السعودية - الإماراتية الرامية إلى احتواء التوتر في المحافظات الشرقية، وذلك مع وصول فريق عسكري مشترك إلى عدن، وعقد لقاءات رسمية مع قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي، بالتوازي مع لقاءات في حضرموت مع قيادات محلية وقبلية، في مسعى لإعادة تطبيع الأوضاع ومنع انزلاقها إلى مزيد من التصعيد.

وجاءت هذه التحركات في وقت تشهد فيه محافظتا حضرموت والمهرة توتراً متزايداً على خلفية تحركات ميدانية للمجلس الانتقالي الجنوبي، وما أعقبها من مواجهات وأحداث أمنية، دفعت «تحالف دعم الشرعية» إلى تكثيف مساعيه السياسية والعسكرية لفرض التهدئة، والحفاظ على وحدة مؤسسات الدولة في المناطق المُحرَّرة.

الزبيدي استقبل في عدن وفداً عسكرياً سعودياً إماراتياً مشتركاً (سبأ)

في هذا السياق، استقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اللواء عيدروس قاسم الزُبيدي، وهو رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، في القصر الرئاسي بعدن، قيادة القوات المشتركة لـ«تحالف دعم الشرعية»، يتقدمهم اللواء الركن سلطان العنزي، واللواء الركن عوض الأحبابي، بحضور عضو مجلس القيادة عبد الرحمن المحرمي، ورئيس هيئة التشاور والمصالحة محمد الغيثي، ورئيس اللجنة العسكرية والأمنية المشتركة العليا اللواء هيثم قاسم طاهر.

ووفق مصادر رسمية، ناقش اللقاء سبل توحيد الجهود لمواجهة التحديات التي تهدِّد أمن اليمن والمنطقة، وفي مقدمتها الإرهاب، وتهريب الأسلحة، والتهديدات التي تمس المصالح الدولية وحرية الملاحة، إلى جانب آليات تعزيز التنسيق العسكري والأمني بين القوات اليمنية والتحالف.

وأشاد الزُبيدي بالدور الذي تضطلع به دول التحالف بقيادة السعودية والإمارات، مؤكداً أهمية الشراكة القائمة في دعم القوات اليمنية، بينما أكدت قيادة القوات المشتركة دعمها المستمر للقوات المسلحة اليمنية في مواجهة الميليشيات الحوثية، ومكافحة الإرهاب، وتعزيز الاستقرار في المرحلتين الحالية والمستقبلية.

بيان رئاسي

بالتوازي مع هذه التحركات، جدَّد مصدر مسؤول في مكتب الرئاسة اليمني الإشادة بجهود السعودية لخفض التصعيد وإعادة تطبيع الأوضاع في المحافظات الشرقية، وذلك بعد وصول الفريق العسكري السعودي - الإماراتي إلى عدن.

وأوضح المصدر أن الزيارة تأتي ضمن جهود الرياض وأبوظبي لتعزيز وحدة مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، ومعالجة تداعيات الإجراءات الأحادية الأخيرة، بما يضمن عودة الأوضاع إلى مسارها الطبيعي، وتمكين السلطات المحلية والحكومة من أداء مهامها وفقاً للدستور والقانون.

وأشار البيان إلى أن المشاورات الجارية تتناول معالجة مسألة القوات المُستقدَمة من خارج المحافظات الشرقية، وسبل مغادرتها، إضافة إلى تمكين مؤسسات الدولة من ممارسة صلاحياتها الحصرية، واحترام المرجعيات الحاكمة للمرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض.

مناصرون للمجلس الانتقالي الجنوبي خلال حشد في عدن (أ.ف.ب)

وحذَّر المصدر من أن أي تصعيد إضافي من شأنه تبديد المكاسب المُحقَّقة، وصرف الانتباه بعيداً عن المعركة ضد جماعة الحوثي، وتقويض جهود الإصلاحات الاقتصادية، ومفاقمة الأزمة الإنسانية في البلاد، مؤكداً حرص قيادة الدولة على تغليب الحلول السياسية، ودعم الجهود السعودية - الإماراتية، والعمل الوثيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين.

آليات مرتقبة للحل

أفادت مصادر مطلعة بأن الفريق العسكري السعودي - الإماراتي يبحث وضع آليات تنفيذية لخروج القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتَي حضرموت والمهرة، وإعادتها إلى مواقعها السابقة، إلى جانب ترتيبات لتسليم بعض المواقع لقوات «درع الوطن»، في إطار إجراءات منسقة تهدف إلى إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل التصعيد.

كما عقد الوفد السعودي، برئاسة اللواء الدكتور محمد القحطاني، لقاءً موسعاً في حضرموت مع قيادة السلطة المحلية برئاسة المحافظ سالم الخنبشي، وقيادات الكتلة البرلمانية ومجلس الشورى، ومرجعيات قبائل حضرموت، ومشايخ وأعيان الوادي والصحراء.

وأكد المحافظ الخنبشي أن زيارة الوفد السعودي تمثل دعامةً لأواصر الأخوة بين البلدين، مشيداً بمواقف المملكة الداعمة لحضرموت في هذه الظروف، بينما شدَّد رئيس الوفد السعودي على أن اللقاءات تأتي في إطار فرض التهدئة، ورفض أي تشكيلات عسكرية خارج نطاق الدولة، والحفاظ على أمن واستقرار المحافظة.

رئيس الوفد السعودي في حضرموت اللواء محمد القحطاني يلتقي قيادات قبلية ومحلية (سبأ)

وأشادت القيادات البرلمانية والقبلية بالموقف السعودي، عادّةً أن هذه التحركات تمثل تطميناً للمواطنين، وتؤكد الحرص على معالجة تداعيات دخول قوات من خارج المحافظة، والحفاظ على النسيج الاجتماعي.

في المقابل، نعت رئاسة هيئة الأركان العامة اليمنية عدداً من منتسبي المنطقة العسكرية الأولى، الذين سقطوا خلال مواجهات وصفتها بأنها اعتداءات نفَّذتها مجاميع تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، مشيرةً إلى سقوط 32 قتيلاً و45 جريحاً، إضافة إلى مفقودين، ومؤكدة التزام القوات المسلحة بواجباتها تحت قيادة الدولة ووفقاً للدستور والقانون.

وفي موقف سياسي لافت دعا أحمد علي عبد الله صالح، وهو النجل الأكبر للرئيس اليمني الأسبق، جميع الأطراف اليمنية، إلى وقف التصعيد وضبط النفس، والعودة إلى الحوار، محذِّراً من أن استمرار التوتر في المحافظات الشرقية لا يخدم استقرار البلاد، ولا جهود توحيد الصف في مواجهة الحوثيين والتنظيمات الإرهابية.