تعثر الاتفاق حول «القائد الأعلى» للجيش الليبي يعيق توحيد المؤسسة العسكرية

أصوليو درنة يتوعدون حفتر... وممثلو 20 دولة يطّلعون على أزمة الدستور

وفد من البعثة الأممية إلى غدامس للمشاركة في الملتقي الوطني («الشرق الأوسط»)
وفد من البعثة الأممية إلى غدامس للمشاركة في الملتقي الوطني («الشرق الأوسط»)
TT

تعثر الاتفاق حول «القائد الأعلى» للجيش الليبي يعيق توحيد المؤسسة العسكرية

وفد من البعثة الأممية إلى غدامس للمشاركة في الملتقي الوطني («الشرق الأوسط»)
وفد من البعثة الأممية إلى غدامس للمشاركة في الملتقي الوطني («الشرق الأوسط»)

عزز الجيش الوطني الليبي من تمركزاته على المنافذ الغربية لمدينة درنة، (شمال شرقي البلاد) إيذاناً بقرب «تحريرها من العناصر المتطرفة»، وسط تأكيدات المتحدث باسم القيادة العامة العميد أحمد المسماري، بأن العمليات العسكرية تلك «لن تؤثر على مسار مباحثات توحيد المؤسسة العسكرية»، لكنه كشف عن أن «اجتماعات القاهرة توقفت عند نقطة الاختلاف حول القائد الأعلى للجيش».
يأتي ذلك وسط تحركات البعثة الأممية لدى البلاد، على المسار السياسي، إذ تواصلت جولات الملتقى الوطني للحوار، في مدينة غدامس (غرب البلاد)، في وقت عقدت البعثة اجتماعاً في تونس، أمس، ضم 6 من أعضاء الهيئة التأسيسية لصياغة مسودة الدستور، للاستماع إلى رؤيتهم بحضور عدد من السفراء وممثلين عن المجتمع الدولي.
وقال ضو المنصوري عضو الهيئة، والذي حضر الاجتماع، إنهم «أطلعوا سفراء وممثلين لأكثر من 20 دولة معتمدين في ليبيا على المسار الذي انتهي بإقرار الهيئة التأسيسية لمشروع الدستور الليبي بأغلبية تجاوزت المطلوب في الإعلان الدستوري».
وأضاف المنصوري من تونس، في حديثه إلى «الشرق الأوسط»، أمس، أن الحاضرين أبدوا «تأييدهم لضرورة استكمال المسار التأسيسي بالاستفتاء على مشروع الدستور»، ودعوا مجلس النواب أن يفي باستحقاقات إصدار قانون الاستفتاء على مشروع الدستور.
وجاء اختيار الأعضاء الستة بناءً على ترشيح رئيس الهيئة نوح عبد الله، وتضم بجانب المنصوري، الهادي أبو حمرة، وعمر النعاس، ومراجع نوح، وخالد التواتي، ونادية عمران.
وفي مدينة غدامس، الواقعة قرب المثلث الحدودي مع تونس والجزائر، استؤنفت، مساء أول من أمس، أعمال الملتقى الوطني، الذي دعت إليه البعثة الأممية تمهيداً للمؤتمر «الوطني الجامع»، ويستهدف التعرف على آراء المواطنين حول «الأوليات الوطنية وتوزيع السلطات والأمن والدستور والانتخابات».
ولوحظ أن سكان المدينة أعادوا طلاء أسوار المقر الذي احتضن اللقاء، ما دفع المبعوث الأممي غسان سلامة، إلى القول عبر صفحته على موقع التدوينات القصيرة «تويتر»: «غدامس تزينت بأجمل حللها لاستقبال الملتقى، ألف شكر لمجلسها البلدي ولأهلها على حسن ضيافتهم».
وتأتي جهود البعثة الأممية هذه سعياً لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في البلاد، قبل نهاية العام الجاري، لكن عضو لجنة الحوار بمجلس النواب الدكتور عبد السلام نصية، حذّر من إجراء انتخابات برلمانية فقط، وقال: «إجراء انتخابات برلمانية فقط يعني الإصرار على استمرار الفوضى وانتصار لمشروع اللادولة». ورفض نصية على حسابه عبر «فيسبوك»، أمس، ما سماه «إعادة تجربة فاشلة مرتين في بناء مؤسسات الدولة، يكفي خداع». في إشارة إلى ما حدث في عام 2014.
وانتهي قائلاً: «الشعب الليبي يجب أن يعرف من يقف وراء رفض الانتخابات الرئاسية سواء بالداخل أو الخارج... يكفي فوضى».
عسكرياً، يواصل الجيش الوطني حشد آلياته وجنوده على مشارف درنة لـ«تحريرها من المتطرفين»، متغاضياً عن الأصوات التي ترفض «اقتحام المدينة»، وسط تمركزات عناصر الكتيبة (276 مشاة) على منافذ عدة.
وفي تصعيد لافت، توعّد عطية الشاعري، مسؤول ما يسمى «مجلس شورى مجاهدي درنة»، المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش، وقواته، وكشف عن تشكيل «قوة حماية درنة» لصد أي هجوم على المدينة، وقال خلال مؤتمر صحافي نقلته فضائية «ليبيا الأحرار»، أمس، إن «(مجلس شورى مجاهدي) قرر دمج كل مكونات المدينة في كيان جديد يحمل اسم (قوة حماية درنة)»، بعد حل المجلس.
غير أن عارف إمحمد، أحد سكان مدينة درنة، أطلع «الشرق الأوسط» على مجريات التطورات على الأرض، وقال إن «كثيراً من المواطنين يعيشون حالة من الذعر، ويستشعرون أنهم ضحية للأحداث الجارية بين متطرفي (مجلس شورى المجاهدين) والمؤسسة العسكرية»، مضيفاً: «نحن نعاني منذ عام وأكثر شحاً في الدواء والمواد الغذائية بسبب الحصار العسكري»، بالإضافة إلى أن «التوترات الأمنية تصيب السكان بالخوف الشديد»، لافتاً إلى أن جماعة الإخوان تستغل هذه الأجواء لكسب تعاطف سكان المدينة، وشحنهم ضد ما يجري».
واستبعد المتحدث باسم القيادة العامة للجيش، العميد أحمد المسماري، أن تكون العملية العسكرية على درنة لها تأثير على سير مباحثات توحيد المؤسسة العسكرية، التي استضافتها القاهرة، على مدار 5 جولات «لأنها تحركات قائمة منذ مدة لاستعادة المدينة لتحريرها من شراذم (داعش) و(القاعدة)»، مستكملاً: «أعضاء الإخوان المسلمين الممثلين لـ(القاعدة) يستغلون الظرف الإنساني ويتباكون على درنة، لإظهار المعركة كأنها بين (ثوار) و(قبائل) و(جيش)، وليست بين القوات المسلحة والإرهابيين».
وتطرق المسماري في حديثه إلى فضائية «ليبيا روحها الوطن» مساء أول من أمس، وقال: «إن اجتماعات القاهرة توقفت عند نقطة اختيار القائد الأعلى للجيش»، وهي المشكلة التي تعيق الاتفاق على توحيد المؤسسة العسكرية، متابعاً: «إذا تم التوصل إلى اتفاق بهذا الشأن فستكون المؤسسة العسكرية موحدة».
في سياق آخر، تتواصل عملية إجلاء المهاجرين غير الشرعيين من ليبيا إلى بلدانهم، وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجريك خلال مؤتمر صحافي بمقر المنظمة الدولية بنيويورك: «تم نقل 132 مهاجراً من طرابلس إلى العاصمة النيجرية نيامي، مؤخراً ويجري التخطيط لعمليات إجلاء إضافية ستشمل اللاجئين الموقوفين في مراكز الاحتجاز بليبيا».
غير أن المتحدث باسم القوات البحرية التابعة للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق العميد أيوب قاسم، انتقد أداء البعثات الأجنبية في تعاملها مع قضية المهاجرين، وقال إنه «لا يجد أي جهود حقيقية تُبذل لمكافحة الهجرة من قبل الاتحاد الأوروبي أو الأمم المتحدة أو غيرها، وكل ما يُتخَذ حول هذا الملف عبارة عن دعاية وتباكٍ على المهاجرين».
في سياق آخر، قال السفير البريطاني لدي ليبيا، فرانك بيكر، إن المجلس الثقافي البريطاني، بالتعاون مع مصلحة الآثار الليبية يتعاونان لتصميم وطباعة منشورات لنشر الوعي حول الموروث الثقافي والتاريخي في طرابلس ليبيا. وقال بيكر في تغريدة له على حسابه بموقع «تويتر»: «أنقذوا المدينة القديمة طرابلس».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.