مفهوم «الكتلة الأكبر» يواجه تحدي الانقسام الشيعي

TT

مفهوم «الكتلة الأكبر» يواجه تحدي الانقسام الشيعي

إذا كانت الكتلة أو الحزب الفائز بنسبة أعلى من الأصوات، هي الجهة المؤهلة لتشكيل الحكومة، في أغلب النظم الانتخابية، فإن السياق الانتخابي العراقي يحتم تشكيل «كتلة أكبر» بعد دخول القبة النيابية، لتشكيل الحكومة، مهما كان الفارق في عدد المقاعد بين الفائز في المركز الأول والثاني، لذلك نجد أن ائتلاف «دولة القانون» الذي فاز بأكثر من 92 مقعدا في الانتخابات الماضية عام 2014. بفارق نحو 40 مقعدا عن أقرب منافسيه، من الكتل الكردستانية التي فارت بأكثر من 50 مقعدا، اضطر للتحالف مع المجلس الإسلامي الأعلى الذي فاز بـ30 مقعدا وكتل شيعية أخرى حتى تمكن من إعلان ولادة «الائتلاف الوطني»، ليصبح الكتلة الأكبر المؤهلة لطرح رئيس للوزراء وتشكيل الحكومة.
«التعقيد» الذي أصاب مفهوم الكتلة الأكبر يعود إلى انتخابات العام 2010. حين فاز ائتلاف «العراقية» الذي تزعمه إياد علاوي حينذاك بـ91 مقعدا في مقابل فوز ائتلاف «دولة القانون» الذي يرأسه نوري المالكي بـ89 مقعدا، لكن الأخير لم يعلن خسارته في مقابل فوز غريمه علاوي فذهب إلى المحكمة الاتحادية لتفسير مفهوم «الكتلة الأكبر» وهل هي التي تفوز بأعلى المقاعد بعد إعلان النتائج أم تلك التي تتشكل داخل القبة النيابية، فحصل على حكم بأنها التي «تتشكل داخل البرلمان»، لذلك تحالف مع كتل شيعية أخرى بحيث تمكن من تجاوز عدد المقاعد التي حصل عليها ائتلاف علاوي. وبضوء ذلك، يلاحظ أغلب المراقبين، أن التفسيرات التي رافقت مفهوم الكتلة الأكبر تسببت بغياب أهمية أن يفوز حزب أو ائتلاف بأعلى نسبة من المقاعد عقب الإعلان نتائج الانتخابات، لذلك تسعى الكتل السياسية إلى الفوز بـ«عدد جيد وليس أكبر من المقاعد بحيث تؤهلها لتكون قوة وازنة في معركة تشكيل الحكومة المقبلة» كما يقول إياد العنبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكوفة.
ويعتقد العنبر في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «عملية إعلان الكتلة الأكبر في مجلس النواب في الدورة الجديد تواجه في الدورة الحالية تحدي الانقسام الشيعي وعملية تشكيلها ستكون معقدة جدا نتيجة ذلك».
وبرأيه فإن «التحالف بين جناحي حزب الدعوة المالكي – العبادي أمر مستبعد، وكذلك الأمر مع تحالف يجمع المالكي بتياري الحكيم والصدر». ويتوقع العنبر «كسر قاعدة الاحتكار الشيعي لمفهوم الكتلة الأكبر هذه المرة، ومن غير المستبعد أن نشهد ولادة كتلة مؤلفة من تحالف علاوي والعبادي والصدر».
ويلاحظ مراقبون أن عملية التعقيد التي تصاحب تشكيل مفهوم الكتلة الأكبر، تسبقها عملية لا تقل صعوبة تتعلق بالأسباب التي تحصل بموجبها الائتلافات والشخصيات المرشحة على الأصوات اللازمة للفوز بالمقعد النيابي، ذلك أن شروط الاختيار التي طبعت خيارات الناخب العراقي منذ سنوات لا تميل إلى الأخذ بمعيار البرنامج السياسي الانتخابي الأنسب الذي تتم بضوئه عملية الاختيار، إنما بأسباب تتعلق بالخلفيات الحزبية والطائفية والقومية، لذلك لا تولي أغلب الائتلاف المتنافسة الأهمية اللازمة لمشروعها الانتخابي وطرق تحقيقه، إلا بمقدار ضئيل.
لذلك، يتفق الخبير في الشأن الانتخابي قاسم محمد جبار بشأن عدم اهتمام أعلب الكتل بـ«التفاصيل الدقيقة لمشروعها الانتخابي، لذلك تتم مخاطبة الجمهور من خلال العاطفة وليس البرنامج، كما يعزف المرشح على مطالب الناخبين الآنية والمستقبلية التي قد لا تسنح له الفرصة لتحقيقها».
ويرى جبار في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «الفوز في المقاعد النيابية تحكمه شروط محددة، وأحيانا صارمة منها الدخول في قائمة انتخابية قوية لجهة زعامتها والشخصيات السياسية المهمة فيها».
ويشير إلى أن «فرص الفوز تتضاءل في حال دخول المرشح في قائمة منفردة، لذلك نرى أن قوائم محددة تحصد مقاعد البرلمان من بين مئات القوائم الانتخابية».
ويعتقد جبار أن «الفوز بمقاعد نيابية لا يتعلق بحجم الدعاية وسعتها غالبا، بل بالتحرك الشخصي على الجمهور واللقاء المباشر بهم والمواد الدعائية للتذكير بالرقم والإعلام بالترشيح». على أنه لا يستبعد في المرشحين أن تكون لديهم «مقبولية مبدئية أو نواة إيجابية يعرفها جمهور الناخبين».
ويستبعد جبار فوز «المشاهير من فنانين وإعلاميين ورياضيين بمقعد نيابي، لأنهم يعيشون وهم الشهرة دون أن تكون لهم العلاقة اللازمة والمباشر مع الجمهور».



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.