مسيرة العودة... مشاهد من الحلم الفلسطيني على حدود قطاع غزة

تبلغ ذروتها في ذكرى «النكبة»

أحد المخيمات في مسيرة العودة قرب حدود قطاع غزة («الشرق الأوسط»)
أحد المخيمات في مسيرة العودة قرب حدود قطاع غزة («الشرق الأوسط»)
TT

مسيرة العودة... مشاهد من الحلم الفلسطيني على حدود قطاع غزة

أحد المخيمات في مسيرة العودة قرب حدود قطاع غزة («الشرق الأوسط»)
أحد المخيمات في مسيرة العودة قرب حدود قطاع غزة («الشرق الأوسط»)

ستة أسابيع مرت على انطلاق فعاليات مسيرة العودة الفلسطينية التي انطلقت من قطاع غزة في ذكرى يوم الأرض 30 مارس (آذار) تجاه الحد الفاصل بينَ القطاع والأراضي المُحتلة، راحَ ضحيتها 47 شهيداً و8536 مصاباً، بين الرصاص الحي والمتفجر والاختناق بالغاز.
وأعادت المسيرة تصدير قضية اللاجئين الفلسطينيين إلى واجهة المعادلة السياسية الدولية، في حين يتوقع أن تبلغ ذروتها في ذكرى النكبة الفلسطينية في الخامس عشر من مايو (أيار) الحالي.

الناشط أحمد أبو رتيمة، أحد أبرز الداعين للمسيرة التي دعمتها الفصائل الفلسطينية وسياسيون ومستقلون، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن الأحداث تدحرجت من السلمية الكاملة من طرف المشاركين إلى حمل الحجارة وإشعال الإطارات الفارغة بعدَ قنص الاحتلال لخمسة عشر مواطناً أردتهم الرصاصات قتلى فوراً في اليوم الأول من المسيرة.
وتابع أبو رتيمة: «وزعنا ثمانية مخيمات على طول المنطقة الأمنية الفاصلة بين غزة والأراضي المحتلة شرق القطاع، من جنوبه حتى شماله، ونصب عدد من اللاجئين خيماً خاصة حملت أسماء قُراهم الأصلية، وأحيوا ليالي غنائية واستعراضية شاركت فيها فرق دبكة شعبية ودحية بدوية، بالإضافة إلى معارض الصور وورش الرسم التي شهدتها المسيرة، ناهيك عن فعاليات نفذها اللاجئون كطبخ المفتول، وهي أكلة شعبية تُصنع من الدقيق، وخَبز الصاج، وإقامة بعض حفلات الزفاف في خيم المسيرة، وتأليف أغنيات خاصة بفعالياتها كذلك».
في الخامس عشر من مايو، سيقرر «الميدان» الشكل الجديد للمسيرة، فاللاجئ هو من يحدد إما يجتاح السياج الأمني الفاصل ويحقق العودة الفعلية، أو يواصل تواجده على نقاط التماس مع الاحتلال، هذا ما صرح به أبو رتيمة، ملخصاً رأي اللجنة التحضيرية للمسيرة والممثلة بشخصيات من فصائل فلسطينية ومستقلين.
رغم حرص اللاجئ الفلسطيني على تأكيد تمسكه بحق العودة عبر فعاليات عكست حبه للحياة، فإن الموت بالرصاص الإسرائيلي كان حاضراً، وتدرج استخدام الاحتلال للرصاص الحي والرصاص المتفجر جمعة بعد أخرى.

ويقول مدير مستشفى الجراحة في مستشفى الشفاء الطبي، الدكتور مروان أبو سعدة، إنه كان من الصعب إسعاف ضحايا المظاهرات، إذ إن الرصاص خلَّف شظايا مزقت أجسادهم من الداخل. وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «أكثر العمليات التي أجريناها في أحداث مسيرة العودة كانت جراحات الأوعية الدموية والعظام؛ إذ إن أغلب الإصابات في الأطراف، والرصاص المتفجر مزق الأجزاء المصابة من أجساد الضحايا؛ مما اضطرنا إلى طلب أطباء دوليين في جراحة العظام والأوعية الدموية والقلب والدماغ».
وتابع أبو سعدة: «استنفذت مستشفيات القطاع مخزون أدوية الطوارئ ومستلزمات العمليات الجراحية، وأجّلنا العمليات الجراحية المُجدولة بسبب الارتفاع المستمر في عدد الضحايا، شهداء ومصابين، ونتوقع أن يرتفع عدد الضحايا أكثر في الأيام المقبلة».
وفي مشاهدات سريعة على طول الخط الشرقي للقطاع، تختلف حدة المشاهد على مدار الأسبوع، ففي أيام السبت وحتى الأربعاء تنشط الفعاليات الفنية والثقافية ودوريات كرة القدم والطائرة، وفي أيام الجمعة تنتشر الطواقم الطبية وتكثر الإسعافات وفرق الدفاع المدني، ويعبق الجو بدخان قنابل الغاز الإسرائيلية ودخان الإطارات المحروقة التي لجأ لها الفلسطينيون لتشكل حاجزاً يمنع الرؤية عن قناصة الاحتلال، ويخفف عدد الضحايا.
بعض الكوميديا صاحبت جمعة «حرق الكاوشوك» – الإطارات الفارغة - إذ غنى الشباب له «أحرق عَجَل الكاوشوك في وجه اللي احتلوك»، وعيّنَ المشاركون في المسيرة ناطقاً مُلثماً باسم «وحدة الكاوشوك» في خيم العودة بمحافظة رفح جنوب قطاع غزة.
الممثل الكوميدي حسام خلف والذي أحيى حفلاتٍ غنائية قال لـ«الشرق الأوسط»: «غزة شبعت دراما وحزناً، وتلكَ الضحكات البسيطة المتقطعة التي أسمعها عندما ننظم سهرة غنائية نُبدل فيها كلمات الأغاني المشهورة بأخرى تتماشى مع الوضع في غزة، ونلقي النكات أو نمثل دور مقدمي برامج إخبارية، هي أقصى ما يمكننا تحقيقه لنتجاوز عن الألم بفقدان الأحبة والأصدقاء الشهداء كل جمعة».
شرق محافظة غزة، بالتحديد في موقع «مَلكة» الذي أقيمت فيه خيمة العودة الرئيسية كان المهرج علاء مقداد (34 عاماً) ينفذ الفقرات الضاحكة للأطفال المشاركين، ويقول: «أنا أحترف صناعة البسمة، هذه هي مهمتي، وأظن أن الصغار هم من يحتاجون إليها لتخفف عنهم الألم النفسي الذي يصيبهم بعدَ ارتقاء كل شهيد».
«عمو علوش» كما يعرفه الصغار كان حريصاً على نشر صور الأطفال وهم يضحكون معه، وقال: «يجب أن تتصدر هذه الصور للعالم، الابتسامة والضحكة رأس مالنا، ونحن نحب الحياة إذا ما استطعنا إليها سبيلا».

وفي ستة أيام جمعة على الخط الشرقي للقطاع، كانت قنابل الغاز تُطلق بالعشرات في الساعة الواحدة، تسببت باختناق عددٍ كبيرٍ من المشاركين، منهم مراسلون تلفزيونيون سقطوا على الهواء مباشرة مغشياً عليهم، ومنهم مواطنون ألقى الاحتلال القنابل على أجسامهم فتسببت في حروقٍ من الدرجة الثانية.
المصور الصحافي لوكالة «هلا» فلسطين هاشم حمادة أصيب بقنبلة غاز في مقدمة رأسه أثناء تغطيته للأحداث، تسببت الإصابة المباشرة بجرحٍ في الجبهة وحرقٍ من الدرجة الثانية، وقال: إن الأطباء رجّحوا أن القنبلة كانت موجهة نحوه؛ لأن إصابتها في الرأس دقيقة ومباشرة.
من جانبها، قالت: «الهيئة العليا لمسيرات العودة» في بيانات مقتضبة نشرتها على صفحتها على «فيسبوك» إن اللاجئين الفلسطينيين من غزة ماضون في مسيرتهم لما بعد الخامس عشر من مايو، متوقعة أن تكون المشاركة مليونية، غير أن لا أحد يعرف ما ستؤول إليه الأحداث، فهل سيجازف اللاجئون ويقتحمون السياج الأمني باتجاه الأراضي المحتلة غير آبهين برصاصات الاحتلال... أم أن جمود المشهد السياسي سيشل حركة اللاجئين، ويُخفت وهج حماسهم؟

* من مبادرة «المراسل العربي»... لإرسال القصص الصحافية راسلونا على [email protected]



مقتل 10 على الأقل في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في غزة

طفل ضحية غارة جوية إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في غزة (أ.ف.ب)
طفل ضحية غارة جوية إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في غزة (أ.ف.ب)
TT

مقتل 10 على الأقل في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في غزة

طفل ضحية غارة جوية إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في غزة (أ.ف.ب)
طفل ضحية غارة جوية إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في غزة (أ.ف.ب)

قال مسعفون، الثلاثاء، إن 10 فلسطينيين على الأقل لقوا حتفهم في غارة جوية إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في مدينة غزة.

وأضافوا أن العشرات أصيبوا أيضا في الغارة الإسرائيلية التي استهدفت مدرسة الحرية في حي الزيتون، أحد أقدم أحياء المدينة.