سقف الحرب محدد وتجاوزه ممنوع

TT

سقف الحرب محدد وتجاوزه ممنوع

إذا تجاوزنا «نشوة النصر» التي اتسمت بها التغطية الإخبارية لدى الطرفين، الإسرائيلي من جهة والسوري - الإيراني من جهة ثانية، وتجاهلنا الحديث السوري الإيراني عن فشل القبة الحديدية وهزيمة إسرائيل من جهة والغطرسة الإسرائيلية التقليدية التي تحدثت بلهجة «لقّناهم درسا» و«أمطرونا فغمرناهم بالسيول»، فإن المعركة الصاروخية في سماء سوريا فجر أمس الخميس تؤكد أن الطرفين خططا بشكل مسبق على تحديد سقف لها وعملا بإصرار على الامتناع عن تجاوزه.
فالصواريخ السورية الإيرانية تعمدت أن يقتصر قصف الصواريخ على بعض مواقع الجيش الإسرائيلي في الجولان، مع أن كلا منهما تمتلك صواريخ قادرة على ضرب أي موقع تريد في إسرائيل بطولها وعرضها. وإسرائيل أيضا، كان بمقدورها أن تقصف كل المرافق الحيوية في سورية، بما في ذلك القصر الرئاسي، بل وفي إيران نفسها. لكنهما امتنعا عن ذلك بوعي تام لأنهما لا يريدان الدخول في حرب. وحرص كل منهما على توجيه رسالة للآخر بهذه الروح. وهما لم يفعلا ذلك بالسر. رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، توجه إلى موسكو والتقى الرئيس فلاديمير بوتين وأمضى برفقته 10 ساعات متواصلة وأبلغه بهذه الرسالة. وسمع منه نص رسالة مشابهة من طهران.
الرئيس الروسي من جهته استقبل نتنياهو بحفاوة غير مسبوقة. فهو، رغم عظمة روسيا ومكانتها كدولة عظمى، يحتاج إليه في هذه الظروف. البعض يقول إن روسيا تعيش عزلة في الغرب بسبب موقفها في أوكرانيا وسوريا، لكن هناك سببا آخر لا يتحدثون عنه، هو أن نتنياهو بات أهم قناة اتصال في العلاقات بين بوتين وبين الرئيس دونالد ترمب. فهو يحافظ على علاقات جيدة مع كليهما، وفي الوقت ذاته كلاهما يريدان التقارب لكن التحقيقات في الولايات المتحدة حول التدخل الروسي في انتخابات الرئاسة الأميركية تمنع تقاربهما.
ونتنياهو يسمع من بوتين كثيرا من الأقوال التي يحبها ترمب ويقلق منها الإيرانيون، أكان ذلك على مستوى الأحداث الدولية بشكل عام أو حول مستقبل سوريا، الذي بات إلى حد بعيد بيد موسكو.
من هنا، لم يفعل بوتين شيئا لمنع حلفائه في إيران من توجيه ضربة محسوبة باتجاه إسرائيل، ولم يفعل شيئا لمنع نتنياهو من ضرب حلفائه في الشام، بشكل محدود. فبهذه الطريقة يحافظ على كليهما إلى جانبه، وليتحدثا كما يشاءان عن «الانتصار». المهم هو ألا تتطور الحرب لتهدد موقع روسيا في سوريا ولا تزعزع القصر الرئاسي في دمشق أو طهران، ولا تضعف نتنياهو أمام محققي الشرطة في دائرة مكافحة الفساد أو أمام شركات صنع الأسلحة الإسرائيلية التي تبحث دائما عن حقول تجارب جديدة تجعلها تبيع أسلحتها وهي مجربة.



مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
TT

مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)

أفرجت السلطات الأمنية المصرية عن الناشط السوري الشاب ليث الزعبي، بعد أيام من القبض عليه وقررت ترحيله عن مصر، و«هو ما توافق مع رغبته»، بحسب ما كشف عنه لـ«الشرق الأوسط» صديقه معتصم الرفاعي.

وكانت تقارير إخبارية أشارت إلى توقيف الزعبي في مدينة الغردقة جنوب شرقي مصر، بعد أسبوع واحد من انتشار مقطع فيديو له على مواقع التواصل الاجتماعي تضمن مقابلة أجراها الزعبي مع القنصل السوري في القاهرة طالبه خلالها برفع علم الثورة السورية على مبنى القنصلية؛ ما تسبب في جدل كبير، حيث ربط البعض بين القبض على الزعبي ومطالبته برفع علم الثورة السورية.

لكن الرفاعي - وهو ناشط حقوقي مقيم في ألمانيا ومكلف من عائلة الزعبي الحديث عن قضية القبض عليه - أوضح أن «ضبط الزعبي تم من جانب جهاز الأمن الوطني المصري في مدينة الغردقة حيث كان يقيم؛ بسبب تشابه في الأسماء، بحسب ما أوضحت أجهزة الأمن لمحاميه».

وبعد إجراء التحريات والفحص اللازمين «تبين أن الزعبي ليس مطلوباً على ذمة قضايا ولا يمثل أي تهديد للأمن القومي المصري فتم الإفراج عنه الاثنين، وترحيله بحرياً إلى الأردن ومنها مباشرة إلى دمشق، حيث غير مسموح له المكوث في الأردن أيضاً»، وفق ما أكد الرفاعي الذي لم يقدّم ما يفيد بسلامة موقف إقامة الزعبي في مصر من عدمه.

الرفاعي أوضح أن «أتباع (الإخوان) حاولوا تضخيم قضية الزعبي والتحريض ضده بعد القبض عليه ومحاولة تصويره خطراً على أمن مصر، وربطوا بين ضبطه ومطالبته برفع علم الثورة السورية في محاولة منهم لإعطاء القضية أبعاداً أخرى، لكن الأمن المصري لم يجد أي شيء يدين الزعبي».

وشدد على أن «الزعبي طوال حياته يهاجم (الإخوان) وتيار الإسلام السياسي؛ وهذا ما جعلهم يحاولون إثارة ضجة حول قضيته لدفع السلطات المصرية لعدم الإفراج عنه»، بحسب تعبيره.

وتواصلت «الشرق الأوسط» مع القنصلية السورية في مصر، لكن المسؤولين فيها لم يستجيبوا لطلب التعليق، وأيضاً لم تتجاوب السلطات الأمنية المصرية لطلبات توضيح حول الأمر.

تجدر الإشارة إلى أن الزعبي درس في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وبحسب تقارير إعلامية كان مقيماً في مصر بصفته من طالبي اللجوء وكان يحمل البطاقة الصفراء لطلبات اللجوء المؤقتة، وسبق له أن عمل في المجال الإعلامي والصحافي بعدد من وسائل الإعلام المصرية، حيث كان يكتب عن الشأن السوري.

وبزغ نجم الزعبي بعد انتشار فيديو له يفيد بأنه طالب القنصل السوري بمصر بإنزال عَلم نظام بشار الأسد عن مبنى القنصلية في القاهرة ورفع عَلم الثورة السورية بدلاً منه، لكن القنصل أكد أن الأمر مرتبط ببروتوكولات الدبلوماسية، وأنه لا بد من رفع عَلم الثورة السورية أولاً في مقر جامعة الدول العربية.

ومنذ سقوط بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ولم يحدث بين السلطات في مصر والإدارة الجديدة بسوريا سوى اتصال هاتفي وحيد بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ووزير خارجية الحكومة المؤقتة السورية أسعد الشيباني، فضلاً عن إرسال مصر طائرة مساعدات إغاثية لدمشق.