«الرقمنة» تغلق أكثر من ألفي فرع مصرفي في بريطانيا

«الرقمنة» تغلق أكثر من ألفي فرع مصرفي في بريطانيا
TT

«الرقمنة» تغلق أكثر من ألفي فرع مصرفي في بريطانيا

«الرقمنة» تغلق أكثر من ألفي فرع مصرفي في بريطانيا

وصل عدد الفروع المصرفية التي أغلقت في بريطانيا، مع تلك التي في طريقها إلى الإغلاق، إلى 2374 فرعاً منذ عام 2015، وذلك بفعل رقمنة الأعمال البنكية في كثير من المصارف، وفقاً لتقرير نشرته «ليزيكو» المالية والاقتصادية.
وأكدت مصادر متابعة أن هذه الظاهرة تزداد اتساعاً وعمقاً. وأعلن بنكا «رويال بنك أوف سكوتلاند» و«لويدز» خلال الأيام القليلة الماضية خطط إعادة هيكلة تشمل إغلاق 162 فرعاً للأول تضاف إلى 259 فرعاً سبق إغلاقها، والثاني أعلن قرب انتهاء العمل في 49 فرعاً بعد إغلاق نفس العدد من الفروع في الفترة الماضية.
وتضيف المصادر أن هذه الحركة شاملة ومتسارعة.. ففي عام 2105 شمل الإغلاق 459 فرعاً، وفي 2016 نحو 548، وفي 2017 نحو 703. وفي عام 2018 يتوقع إغلاق 665 فرعاً على الأقل، منها أكثر من 60 أغلقت بالفعل حتى تاريخه.
أما الأسباب، فهي نفسها تتكرر في البيانات، وعلى رأسها الصعود الصاروخي للبنك الرقمي أي البنك «أونلاين». فمنذ عام 2014 هبطت العمليات في فروع «رويال بنك أوف سكوتلاند» بنسبة 30 في المائة، وفي نفس الفترة سجل البنك صعوداً بنسبة 53 في المائة في العمليات «أونلاين» لا سيما عبر الهاتف الجوال.
ونفس السيناريو يتكرر لدى «لويدز»، أو «باركليز» الذي أغلق 121 فرعاً منذ أغسطس (آب) 2016. وفي «إتش إس بي سي» انتهى العمل في 222 فرعاً منذ 2016، ويؤكد البنك أن التعامل المباشر بين العملاء والموظفين هبط بأكثر من 50 في المائة في 5 سنوات، وتضيف مصادر البنك أن 93 في المائة من التواصل مع العملاء يجري الآن بوسائط الهاتف الثابت والموقع الإلكتروني والهاتف الجوال.
أما في بنك «آر بي إس» فالإغلاق شمل ألف فرع منذ 2014، وبذلك يكون عدد فروع هذا البنك قد هبط في 10 سنوات من 2300 إلى 849 فقط.
هذا التحول النوعي دفع مصادر متابعة للسؤال عما إذا كانت البنوك نفسها هي التي تدفع في اتجاه الرقمنة أكثر من إقبال العملاء على ذلك. فالنتائج تشير إلى أن العوائد ترتفع مع خفض نفقات الفروع، ونفع ذلك البنوك كثيراً لا سيما التي عانت من قضايا وغرامات باهظة جراء التجاوزات التي كشفتها الأزمة التي اندلعت في 2008. وهذا التوجه يؤدي حتماً إلى صرف موظفين، حيث أعلن «آر بي إس» إنهاء خدمات 800 موظف، أما الرقم في «لويدز» فيرتفع إلى 1230 على الأقل مع إمكان صرف إضافي لاحقا في هذين المصرفين وغيرهما.
وحذرت جمعيات تعنى بمصالح العملاء من هذه الرقمنة المتسارعة، لأنها ترى في شيوع هذه الظاهرة ظلماً يلحق بالعملاء الفقراء والذين يسكنون الأرياف والمسنين وكل من لا يقبل على الخدمات المصرفية «أونلاين» لأسباب أو لأخرى، مثل عدم الاتصال بالإنترنت.
وترد المصارف على ذلك الاعتراض بإجراءات تقول إنها لن تترك العملاء غير الرقميين بلا خدمات. وأعلن «لويدز» أنه أطلق العمل في فروع صغيرة متحركة تعمل بعدد موظفين قليل قد لا يتجاوز اثنين أو ثلاثة مجهزين بأجهزة لوحية وجوالات. ويؤكد البنك أنه أطلق 29 فرعاً من هذا النوع الجديد المتحرك، وهو في الطريق لافتتاح 7 أخرى قريبا.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.