هيئة الصحفيين السعوديين تقرر توسيع دائرة عضوية منتسبيها

التقت أعضاء نادي الإعلاميين التطوعي بجدة

جانب من اجتماع هيئة الصحفيين السعوديين في الرياض («الشرق الأوسط»)
جانب من اجتماع هيئة الصحفيين السعوديين في الرياض («الشرق الأوسط»)
TT

هيئة الصحفيين السعوديين تقرر توسيع دائرة عضوية منتسبيها

جانب من اجتماع هيئة الصحفيين السعوديين في الرياض («الشرق الأوسط»)
جانب من اجتماع هيئة الصحفيين السعوديين في الرياض («الشرق الأوسط»)

قرر مجلس إدارة هيئة الصحفيين السعوديين، ووفقاً للمستجدات الحديثة على الممارسة الإعلامية توسيع دائرة العضوية انطلاقاً من شمول المادة (20) "مهنة الصحفي" في اللائحة التنفيذية لنظام المؤسسات الصحفية لتشمل كل من يمارس المهنة في القطاعات والوسائل الإعلامية المختلفة، كلٌ حسب نوع ممارسته، إن كان متفرغاً أو متعاوناً أو منتسباً، وأن توضح المسميات المختلفة في قائمة لدى الجهة المختصة بشؤون العضوية في الهيئة
جاء ذلك خلال اجتماع المجلس الثامن الذي عقده بمقر الهيئة بالرياض ظهر يوم أول أمس برئاسة رئيس المجلس خالد المالك، وحضور أعضائه.
وقد أتاح المجلس قبل مناقشة جدول أعماله لوفد يمثل أعضاء نادي الإعلاميين التطوعي بجدة، وهم حسن الصبحي، وماجد الكناني، وعلي المقبلي، لتقديم شرح عن أهداف النادي ورسالته، والاستماع إلى رغبتهم العمل مع الهيئة ليكون تحت مظلتها، وتسخير الجهود لخدمة الأعضاء والاستمرار في تقديم الأعمال التطوعية التي قام النادي من أجلها.
وشكر رئيس المجلس أعضاء الوفد على مبادرتهم وحضورهم للرياض للالتقاء بأعضاء المجلس، وقرر مجلس إدارة الهيئة تكليف الدكتور فهد آل عقران نائب رئيس المجلس، ومحمد الحارثي عضو مجلس الإدارة باستكمال التباحث مع الزملاء أعضاء النادي الإعلامي التطوعي بجدة لوضع الأطر المستقبلية للعمل بين الطرفين من خلال إيجاد فرع للهيئة هناك تنطلق الأعمال من خلاله.
وقبل مناقشة جدول الأعمال قدم رئيس المجلس إيجازاً عما تحقق من أعمال للهيئة في الفترة الماضية، وأبرزها النجاح الذي حققته الهيئة من استضافتها للدورة السادسة لمنتدى تحالف عاصفة الفكر الذي شارك فيه عددٌ من القيادات السياسية والفكرية والإعلامية العربية التي تشارك دولها في تحالف عاصفة الحزم لدعم الشرعية في اليمن، حيث تخلل حفل افتتاح المنتدى الذي رعاه الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، تكريم الزميل الراحل تركي بن عبدالله السديري.
وقال المالك "إن النجاح الذي تحقق للمنتدى يعود إلى الدعم والمؤازرة التي وجدتها الهيئة من الدكتور عواد العواد وزير الثقافة والإعلام، وجهود الزملاء العاملين في لجان المنتدى، فلهم منّا جزيل الشكر والإمتنان.
ثم استعرض الحضور جدول الأعمال وبعد مناقشة الموضوعات المعروضة أتخذ المجلس حيالها ما يلي: قرر المجلس وفقاً للمستجدات الحديثة على الممارسة الإعلامية توسيع دائرة العضوية انطلاقاً من شمول المادة (20) "مهنة الصحفي" في اللائحة التنفيذية لنظام المؤسسات الصحفية لتشمل كل من يمارس المهنة في القطاعات والوسائل الإعلامية المختلفة، كلٌ حسب نوع ممارسته، إن كان متفرغاً أو متعاوناً أو منتسباً، وأن توضح المسميات المختلفة في قائمة لدى الجهة المختصة بشؤون العضوية في الهيئة.
واستمع المجلس إلى عرض من عضو مجلس الإدارة محمد الحارثي عن الفكرة التي سبق أن تقدم بها ووافق عليها المجلس في جلسته الخامسة وهي إنشاء نادي باسم "النادي السعودي للصحافة" تحت مظلة الهيئة، ورأى المجلس إقرار ميزانية تتناسب مع الأدوار المناطة بالنادي، والرفع لجهات الاختصاص لشرح الأهداف والتصورات التي يطمح النادي إلى تحقيقها ورصد ميزانية سنوية لدعم أنشطته.
كما فوض المجلس كلاً من نائب رئيس مجلس الإدارة الدكتور فهد آل عقران، وعضو مجلس الإدارة محمد الحارثي لاستمرار التواصل مع الجهات التي أبدت موافقتها لبحث توقيع اتفاقيات تعاون وشراكة مع الهيئة لتقديم بعض المنافع، وإعلان ذلك للأعضاء بعد توقيع هذه الاتفاقيات.
وناقش المجلس خلال الجلسة، وجود كيانات إعلامية متعددة في المملكة تقدم خدماتها لمهنة الصحافة والإعلام ورأى المجلس ضرورة حصر هذه الجهات وتوحيد الجهود في العمل وفي التصريح للممارسة المهنية، وضرورة مخاطبة جهات الاختصاص حول ذلك.
وفي بند ما يستجد من أعمال تم تكليف أعضاء المجلس عبدالوهاب الفايز، ومنصور الشهري، وناصر الحقباني، مع أمين الهيئة الدكتور عبدالله الجحلان، لتعيين موظفين متخصصين لخدمة المجالات التي تسعى الهيئة إلى العمل عليها، في المرحلة القادمة، وفوضهم المجلس باستكمال المطلوب وفق ما يرونه محققاً للأهداف المرجوة، وطلب المجلس من الزملاء القائمين على متابعة تصميم موقع الهيئة الإلكتروني الاستعجال في استكمال المتطلبات، ومحاولة تدشين الموقع في أقرب وقت ممكن، واتفق أعضاء المجلس على عقد الجمعية العمومية للهيئة بعد انتهاء موسم الحج.



«متحف البراءة»... جولة في ذاكرة إسطنبول حسب توقيت أورهان باموك

ذاكرة إسطنبول المعاصرة ورواية أورهان باموك الشهيرة في متحف واحد في إسطنبول (الشرق الأوسط)
ذاكرة إسطنبول المعاصرة ورواية أورهان باموك الشهيرة في متحف واحد في إسطنبول (الشرق الأوسط)
TT

«متحف البراءة»... جولة في ذاكرة إسطنبول حسب توقيت أورهان باموك

ذاكرة إسطنبول المعاصرة ورواية أورهان باموك الشهيرة في متحف واحد في إسطنبول (الشرق الأوسط)
ذاكرة إسطنبول المعاصرة ورواية أورهان باموك الشهيرة في متحف واحد في إسطنبول (الشرق الأوسط)

أعقاب سجائر يصل عددها إلى 4213، مَمالح لا تُحصى، عبوات مشروبات غازية، فناجين قهوة تجمّدَ فيها البنّ والزمن... هذا بعضٌ ممّا يجدُه الزائر في «متحف البراءة» في إسطنبول. المكان الذي أسسه الكاتب التركي أورهان باموك، خارجٌ عمّا هو مألوف في عالم المَتاحف. هنا، لا لوحات ولا منحوتات ولا أزياء تراثيّة، بل تأريخٌ للحياة اليوميّة العاديّة في إسطنبول ما بين سبعينات وتسعينات القرن الماضي.

لا بدّ للآتي إلى هذا المكان أن يكون قد قرأ رواية «متحف البراءة» لباموك، أو على الأقل سمع عنها. ففي زقاق شوكوركوما المتواضع الواقع في منطقة بيوغلو، لا شيء يوحي بأنّ ذلك المبنى الصغير المطليّ بالأحمر هو في الواقع متحفٌ يخبّئ في طبقاته الـ4، الكثير من تفاصيل حياة الأتراك على مدى 3 عقود.

يقع متحف البراءة في منطقة بيوغلو في إسطنبول (الشرق الأوسط)

فراشة تستقبل الزائرين

يكفي أن يحمل الزائر نسخةً من الرواية حتى يجول مجاناً في المتحف. حرُصَ باموك على أن تضمّ إحدى صفحات الكتاب بطاقة دخول للقارئ، موجّهاً إليه بذلك دعوةً لزيارة المتحف إذا حطّت به الرحال في إسطنبول. بخَتمٍ يحمل رسمَ فراشة تُدمَغ البطاقة، لتبدأ الجولة بأول غرضٍ معروض وهو قرط أذن على شكل فراشة. يقفز إلى الذاكرة فوراً الفصل الأول من الرواية، يوم أضاعت المحبوبة «فوزون» أحد أقراطها عند بطل القصة «كمال»، فاحتفظ به كما لو كان كنزاً، مثلما فعل لاحقاً مع كل غرضٍ لمسَ «فوزون» أو وقع في مرمى نظرها.

صفحة من رواية «متحف البراءة» تمنح الزائر بطاقة دخول إلى المتحف (الشرق الأوسط)

في متحف الحب

تتوالى الواجهات الزجاجية الـ83 بمنمنماتها وأغراضها، لتعكسَ كلُ واحدة منها فصلاً من فصول الرواية. لا يكتفي المتحف بتوثيق أنثروبولوجيا إسطنبول فحسب، بل يؤرّخ لحكاية الحب الأسطورية التي جمعت بين الرجل الأرستقراطي صاحب المال وقريبته الشابة المنتمية إلى الطبقة الفقيرة.

لعلّ ذلك الحب الجارف بين «كمال» و«فوزون» هو أبرز ما يدفع بالزوّار من حول العالم إلى أن يقصدوا المكان يومياً بالعشرات. يصعدون السلالم الخشبية، يجولون بين الطبقات الضيّقة، يتوقّفون طويلاً أمام الواجهات الزجاجية الصغيرة التي تحوي ذكريات المدينة وإحدى أجمل حكاياتها. منهم مَن أتى من الصين، ومنهم مَن قصد المكان ليُعدّ بحثاً جامعياً عنه، وما بينهما شابة مولَعة بالرواية تصرّ على التقاط صورة في كل زاوية من زوايا المتحف.

في المتحف 83 واجهة زجاجية تختصر كل منها فصلاً من الرواية (الشرق الأوسط)

رواية في متحف ومتحف في رواية

لمعت الفكرة في رأس أورهان باموك في منتصف التسعينات. قرر أن يجمع أغراضاً ليبني منها رواية تصلح أن تتحوّل متحفاً. سار المشروعان التوثيقي والأدبي بالتوازي، فأبصرت الرواية النور عام 2008، أما المتحف فافتُتح عام 2012 نظراً للوقت الذي استغرقه إعداده. ليس كل ما في المكان مقتنيات خاصة اشتراها باموك من محال التحَف العتيقة في إسطنبول وحول العالم، فبعض ما تُبصره العين في المتحف الذي يفوق عدد معروضاته الألف، استقدمَه الكاتب من منازل أقرباء وأصدقاء له.

استقدم باموك بعض الأغراض المعروضة من بيوت أقرباء وأصدقاء له (الشرق الأوسط)

استثمر الأديب التركي الحائز على جائزة نوبل في الأدب عام 2006، ماله ووقته في مشروعه، وهو أول متحفٍ في العالم خاص برواية. في المرحلة الأولى، بدأ بتجميع الأغراض. ثم ابتاعَ مبنى صغيراً مؤلفاً من 4 طبقات وعائداً إلى القرن الـ19.

بالموازاة، كانت مخطوطة «متحف البراءة» قد بدأت سلوك الخط الروائي الذي قرره لها باموك، أي الدوَران حول شخصيتَيها الأساسيتَين الطالعتَين من بنات أفكاره. في القصة المتخيّلة، يدعو البطل «كمال» الكاتب أورهان باموك إلى تدوين سيرته. يخبره كيف أنه جمع كل غرض يذكّره بـ«فوزون»، كما كان يسرق بعض مقتنياتها كأمشاط الشعر والحليّ وقطع الملابس وغيرها من الأغراض الشخصية. في الرواية، وبعد أن يخسر «فوزون» إلى الأبد، يشتري «كمال» المنزل الذي قطنت فيه المحبوبة مع والدَيها، ليقيم فيه ويحوّله إلى متحفٍ يحيي ذكراها.

أمشاط الشعر العائدة إلى بطلة الرواية «فوزون» (الشرق الأوسط)

مؤثرات بصريّة وصوتيّة

من قصاصات الصحف إلى أواني المطبخ، مروراً بالصور القديمة، وساعات اليد، وقوارير العطر، والمفاتيح، وأوراق اليانصيب، وبطاقات الطيران، يتيح المتحف أمام الزائر أن يدخل في الرواية. كما يسمح له بمعاينة قريبة لأسلوب عيش أهل إسطنبول على اختلاف طبقاتهم الاجتماعية ما بين 1975 ومطلع الألفية الثالثة. في «متحف البراءة» يتداخل الخيال بالواقع، ويصبح المتجوّل في الأرجاء جزءاً من اللعبة التي اخترعها أورهان باموك.

يتجاوز عدد المعروضات في متحف البراءة ألف قطعة (الشرق الأوسط)

تخرق صمتَ الزائرين وصوتَ الراوي، مؤثّراتٌ خاصة من بينها فيديوهات معروضة على الجدران تعكس الحقبة التاريخية، وأصوات خرير مياه ونعيق غربان إسطنبول ونَورس البوسفور.

السيّد باموك... مدير المتحف

ليس طَيفا «فوزون» و«كمال» وحدهما المخيّمَين على المكان، فباموك حاضرٌ كذلك من خلال ترجمات الكتاب المعروضة في الطابق السفليّ، وكذلك عبر نبرة الراوي في الجهاز الصوتيّ، الذي يتقمّص شخصية الكاتب. مع العلم بأنّ باموك أشرف شخصياً على تفاصيل المتحف، وحتى اليوم بعض الواجهات الزجاجية فارغة «لأني ما زلت أعمل عليها»، وفق ما يقول الراوي. أما إن سألت موظفة الاستقبال عن هوية مدير المتحف، فستجيب: «السيّد باموك». كيف لا، وهو الذي أنفق 1.5 مليون دولار على تحفته الصغيرة، من بينها جائزة المليون دولار التي حصل عليها من مؤسسة نوبل.

وصلت تكلفة المتحف إلى 1.5 مليون دولار سدّدها باموك من ماله الخاص (الشرق الأوسط)

في غرفة «كمال»

يقول «كمال» في الكتاب: «أذكر كيف كان البرجوازيون في إسطنبول يدوسون فوق بعضهم كي يكونوا أوّل مَن يمتلك آلة حلاقة كهربائية أو فتّاحة معلّبات، أو أي ابتكار جديد آتٍ من الغرب. ثم يجرحون أيديهم ووجوههم وهم يصارعون من أجل تعلّم استخدامها». هذه الطبقيّة ذاتها والفوارق الاجتماعية التي تخيّم على خلفيّة الرواية، هي التي جعلت قصة حب «كمال» و«فوزون» تتأرجح بين الممكن والمستحيل.

الرواية كما المتحف يجمعان السرديّتَين العاطفية والاجتماعية (الشرق الأوسط)

تنتهي الزيارة في الطبقة الرابعة، أو بالأحرى في العلّيّة حيث أمضى «كمال» السنوات الأخيرة من حياته ما بين 2000 و2007، وفق الرواية. هنا، على سريرٍ حديديّ ضيّق كان يستلقي البطل العاشق ويروي الحكاية لأورهان باموك الجالس قبالته على مقعدٍ خشبيّ. لا يضيع شيءٌ من تفاصيل الخاتمة؛ لا ثياب نوم «كمال»، ولا فرشاة أسنانه، ولا الدرّاجة التي أهداها إلى «فوزون» وهي طفلة.

غرفة «كمال» بطل الرواية حيث أمضى السنوات الـ7 الأخيرة من حياته (الشرق الأوسط)

على براءتها وبساطتها، تروي أغراض «متحف البراءة» إحدى أجمل قصص الحب التي أزهرت بين سطور أورهان باموك، وخلّدت في قلب إسطنبول النابض.