الفائض التجاري بين الصين وأميركا يتسع عشية استئناف المحادثات

TT

الفائض التجاري بين الصين وأميركا يتسع عشية استئناف المحادثات

يستعد مسؤول صيني رفيع للتوجه إلى واشنطن من أجل استئناف المحادثات التجارية بين البلدين الهادفة إلى تفادي اشتعال حرب تجارية، وقبل أيام قليلة من قرار أميركي مزمع بتطبيق رسوم جمركية كبيرة على الواردات الصينية، فيما أظهرت نتائج أمس أن الفائض التجاري بين بكين وواشنطن يتسع، وهو من أبرز النقاط الخلافية بين الطرفين، ما قد يؤدي إلى مزيد من التشدد من قبل الجانب الأميركي في المحادثات.
وتشير النتائج إلى أن صادرات الصين تعافت بقوة أكبر من المتوقع في أبريل (نيسان) بعد انخفاض مفاجئ في الشهر السابق، بما يشير إلى أن الطلب العالمي يظل قوياً نسبياً ويوفر حماية للاقتصاد وسط الخلاف التجاري المحموم مع الولايات المتحدة. كما نمت الواردات الصينية في أبريل بوتيرة أسرع من التوقعات، بما يشير إلى تماسك الطلب في الصين، وهي أنباء طيبة لواضعي السياسات الذين يسعون لتخفيف تأثير أي صدمة تجارية.
وحسب البيانات المعلنة، أمس، ارتفعت صادرات الصين في أبريل 12.9% مقارنةً بها قبل عام، متجاوزة توقعات المحللين التي أشارت إلى نمو نسبته 6.3%، عقب هبوط بلغ 2.7% في مارس (آذار) عزاه اقتصاديون إلى عوامل موسمية أثرت عليه كثيراً.
وأدى الخلاف المحتدم مع واشنطن والتهديدات بإجراءات عقابية تتعلق بالتجارة والاستثمار إلى تزايد المخاوف بشأن تباطؤ الاقتصاد في الصين هذا العام، مع استمرار حملة بكين للحد من المخاطر التي تحدق بالنظام المالي في البلاد.
ويبدو أن المناقشات رفيعة المستوى بين الجانبين في بكين الأسبوع الماضي لم تحقق تقدماً يُذكر في تهدئة التوترات التجارية، باستثناء الاتفاق على إجراء المزيد من المحادثات.
وفي تغريدة له، أمس، على موقع «تويتر»، قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب إنه سيناقش المسائل التجارية مع نظيره الصيني شي جينبينغ خلال مكالمة هاتفية، قائلاً إن «أشياء جيدة ستحدث».
وذكر البيت الأبيض، مساء أول من أمس (الاثنين)، أن نائب رئيس الوزراء الصيني ليو هي، سيزور واشنطن الأسبوع المقبل لاستئناف محادثات التجارة مع إدارة ترمب. وكان ليو، المقرب من الرئيس شي والمكلف بالإشراف على السياسة الاقتصادية للعملاق الآسيوي، قد قاد الجولة الأولى من المحادثات في بكين.
وتواجه الصين تهديد رسوم جمركية جديدة قد تُفرض اعتباراً من 22 مايو (أيار) الجاري، وتطال نحو 50 مليار دولار من المنتجات المصدَّرة إلى الولايات المتحدة. وتلوّح بكين بالرد من خلال فرض ضرائب بقيمة 50 مليار دولار على وارداتها من منتجات أميركية، مثل الصويا والسيارات ولحوم الأبقار وغيرها.
وجاء في وثيقة نشرتها وكالة «بلومبيرغ» وقالت إنها كانت نقطة انطلاق المحادثات في بكين، إن الإدارة الأميركية تطالب بخفض مئتي مليار دولار «على الأقل» بحلول 2020 للعجز في التبادلات السنوية مع الصين، والتي بلغت 375 مليار دولار في 2017، حسب واشنطن. كما تطالب بخفض الرسوم الجمركية الصينية إلى المستوى الذي تعتمده واشنطن، وبوضع حد للدعم الحكومي لبعض القطاعات الصناعية الحيوية ولنقل التكنولوجيا المفروض على الشركات الأميركية، بالإضافة إلى تعزيز حماية حقوق الملكية الفكرية.
لكن هذه المطالب صعبة بالنسبة إلى الصين، وهي طالبت في المقابل بـ«معاملة منصفة» للشركات الصينية العاملة في الولايات المتحدة، حسب «بلومبيرغ». وذكرت «رويترز» في تقرير، نقلاً عن مصادر، أن الصين عرضت شراء المزيد من السلع الأميركية وخفض الرسوم الجمركية علي بعض السلع، ومن بينها السيارات.
ومما يبرز صعوبة تقليص الفائض التجاري كثيراً في وقت قريب، اتساع الفائض التجاري للصين مع الولايات المتحدة إلى 22.19 مليار دولار في أبريل، من 15.43 مليار دولار في مارس، وفقاً لحسابات «رويترز» استناداً إلى بيانات الجمارك الصادرة أمس.
وفي الفترة بين يناير (كانون الثاني) وأبريل، ارتفع الفائض إلى 80.4 مليار دولار من نحو 71 مليار دولار في الفترة ذاتها من العام الماضي.
وارتفعت صادرات الصين للولايات المتحدة 9.7% على أساس سنوي في أبريل، بما يمثل تباطؤاً بالمقارنة مع زيادة 14.8% في الربع الأول. أما وارداتها من الولايات المتحدة فارتفعت 20.3% في أبريل، لتسجل أسرع وتيرة نمو في 3 أشهر.
ونمت واردات الصين 21.5% على أساس سنوي في أبريل، مقارنةً مع توقعات المحللين نمواً 16%، وارتفاعاً من زيادة بلغت 14.4% في مارس.



بكين توسع خطة «المقايضة الاستهلاكية» لإحياء النمو الاقتصادي

بائع يجلس أمام متجره في جزيرة هونغ كونغ بانتظار الزبائن (أ.ف.ب)
بائع يجلس أمام متجره في جزيرة هونغ كونغ بانتظار الزبائن (أ.ف.ب)
TT

بكين توسع خطة «المقايضة الاستهلاكية» لإحياء النمو الاقتصادي

بائع يجلس أمام متجره في جزيرة هونغ كونغ بانتظار الزبائن (أ.ف.ب)
بائع يجلس أمام متجره في جزيرة هونغ كونغ بانتظار الزبائن (أ.ف.ب)

أضافت الصين المزيد من الأجهزة المنزلية إلى قائمة المنتجات التي يمكن استخدامها في خطة «المقايضة الاستهلاكية»، وستقدم إعانات إضافية للسلع الرقمية هذا العام، في محاولة لإحياء الطلب في قطاع الأسر الراكد.

وستشمل خطة المقايضة للأجهزة المنزلية أفران الميكروويف وأجهزة تنقية المياه وغسالات الأطباق وأواني الطهي هذا العام، وفقاً لوثيقة صادرة عن أعلى هيئة تخطيط للدولة ووزارة المالية يوم الأربعاء. ويمكن أن تحصل الهواتف الجوالة وأجهزة الكمبيوتر اللوحية والساعات الذكية والأساور التي تقل قيمتها عن 6000 يوان على إعانات بنسبة 15 في المائة.

ولم يحدد البيان التكلفة الإجمالية للحوافز، لكن مسؤولاً بوزارة المالية قال في مؤتمر صحافي يوم الأربعاء إن الحكومة خصصت حتى الآن 81 مليار يوان (11.05 مليار دولار) لتبادل السلع الاستهلاكية لدعم الاستهلاك في عام 2025.

وتشكل التدابير الجديدة جزءاً من خطة أوسع لتحفيز النمو في ثاني أكبر اقتصاد في العالم في عام 2025، حيث أدت أزمة العقارات الشديدة إلى تآكل ثروة المستهلكين والإضرار بإنفاق الأسر. وكان قطاع المستهلكين المتعثر في الصين نقطة ألم خاصة للاقتصاد مع مطالبة المحللين ومستشاري السياسات باتخاذ تدابير عاجلة لتحفيز الأسر على الإنفاق مرة أخرى.

وقال شو تيان تشن، كبير الاقتصاديين في وحدة «إيكونوميك إنتليجينس»: «نتوقع أن يتضاعف إجمالي الدعم إلى 300 مليار يوان في عام 2025. وهذا يمثل إلى حد ما تحولاً سياسياً نحو المزيد من الاستهلاك». وأضاف أن الإعانات الأكثر محدودية للهواتف والأجهزة اللوحية، بأقل من 500 يوان لكل عنصر، تشير إلى أن بكين لا تنوي دعم الأغنياء للإنفاق الباهظ.

وفي العام الماضي، خصصت الصين نحو 150 مليار يوان من إصدار سندات الخزانة الخاصة بقيمة تريليون يوان لدعم استبدال الأجهزة القديمة والسيارات والدراجات وغيرها من السلع. وقال المسؤولون إن الحملة «حققت تأثيرات إيجابية».

وقال لي غانغ، المسؤول بوزارة التجارة، في نفس المؤتمر الصحافي، إن الحملة أسفرت عن مبيعات سيارات بقيمة 920 مليار يوان ومبيعات أجهزة منزلية بقيمة 240 مليار يوان في عام 2024.

ومع ذلك، لم يجد المستثمرون الكثير من الطموح في إعلانات يوم الأربعاء، حيث انخفض مؤشر أسهم الإلكترونيات الاستهلاكية في الصين بنسبة 3.2 في المائة بحلول استراحة منتصف النهار.

وقال مسؤول في هيئة تخطيط الدولة الأسبوع الماضي، إن الصين ستزيد بشكل حاد التمويل من سندات الخزانة طويلة الأجل في عام 2025 لتحفيز ترقيات المعدات ونظام مقايضة السلع الاستهلاكية. وفي العام الماضي، خصصت الصين ما مجموعه 300 مليار يوان لهذه المبادرات.

وقال تشاو تشين شين، نائب رئيس اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح - الجهة المسؤولة عن التخطيط الحكومي - يوم الأربعاء، إن أرقام التمويل للخطط ستصدر خلال الاجتماع البرلماني السنوي في مارس (آذار) المقبل.

وتعهد كبار القادة الصينيين بتعزيز الاستهلاك «بقوة» وتوسيع الطلب المحلي «في جميع الاتجاهات» هذا العام. وذكرت «رويترز» الأسبوع الماضي أن ملايين العاملين الحكوميين في جميع أنحاء الصين حصلوا على زيادات في الأجور، كجزء من الجهود الرامية إلى تعزيز الاستهلاك.

وقال لين سونغ، كبير خبراء اقتصاد الصين في «آي إن جي»: «نتوقع أن تساعد السياسة الأكثر دعماً في انتعاش نمو مبيعات التجزئة في عام 2025 مقارنة بعام 2024. وسيعتمد تعافي استهلاك الأسر على استقرار أسعار الأصول، بالإضافة إلى تحسن الثقة في آفاق التوظيف».

ووفقاً لوثيقة السياسة، ستزيد الصين أيضاً الأموال من إصدار سندات الخزانة الخاصة طويلة الأجل لدعم ترقيات المعدات في المجالات الرئيسة. وستشمل الحملة الآن المعدات المستخدمة في قطاعي تكنولوجيا المعلومات والزراعة، مع التركيز على المعدات المتطورة والذكية والخضراء.

وعلى أساس دعم بنسبة 1.5 نقطة مئوية على أسعار الفائدة على قروض ترقية المعدات التي يتم الحصول عليها من البنوك، قالت اللجنة الوطنية للتنمية والإصلاح إنها سترتب أيضاً أموالاً من سندات الخزانة لخفض تكاليف تمويل الشركات بشكل أكبر.

ورتب البنك المركزي مرفق إعادة الإقراض المنخفض التكلفة بقيمة 400 مليار يوان لدعم ترقيات المعدات. وقال سونغ إن الوثيقة تشير إلى أن القطاعات الصناعية عالية التقنية بالإضافة إلى تصنيع معدات النقل من المرجح أن تستفيد، مما يساعد هذه القطاعات على البناء على الزخم القوي في العام الماضي.