السيسي يؤكد تمسك مصربحل أزمة «سد النهضة» مع إثيوبيا

استقبل رئيس أوغندا وبحث التعاون بين دول حوض النيل

جانب من المؤتمر الصحافي بين الرئيس المصري السيسي ونظيره الأوغندي موسيفيني في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
جانب من المؤتمر الصحافي بين الرئيس المصري السيسي ونظيره الأوغندي موسيفيني في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
TT

السيسي يؤكد تمسك مصربحل أزمة «سد النهضة» مع إثيوبيا

جانب من المؤتمر الصحافي بين الرئيس المصري السيسي ونظيره الأوغندي موسيفيني في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)
جانب من المؤتمر الصحافي بين الرئيس المصري السيسي ونظيره الأوغندي موسيفيني في القاهرة أمس («الشرق الأوسط»)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حرص بلاده على التوصل إلى حل للمسائل العالقة مع إثيوبيا فيما يتعلق بأزمة «سد النهضة»، مشيرا خلال مؤتمر صحافي أمس مع نظيره الأوغندي يوري موسيفيني الذي يزور القاهرة، إلى «اهتمام بلاده البالغ بنهر النيل وأهميته القصوى في الوفاء باحتياجاتها المائية».
وقال السيسي إنه بحث مع موسيفيني موضوع مياه النيل، وأهمية تعزيز التعاون بين دول الحوض بغرض تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه خلال قمة حوض النيل التي عقدت في عنتيبي عام 2017 بشأن الاستخدام المستدام للموارد المائية في حوض نهر النيل، بما من شأنه أن يُحقق المصالح المشتركة لكافة شعوب دول المنابع ودول المصب وتجنب الإضرار بأي طرف.
وأضاف: «أوضحت الموقف المصري الخاص بملف سد النهضة ومدى حرصنا على التوصل إلى حل للمسائل العالقة وفقاً لاتفاق إعلان المبادئ الموقع بين مصر وإثيوبيا والسودان عام 2015 في ضوء اهتمامنا البالغ بنهر النيل وأهميته القصوى في الوفاء باحتياجاتنا المائية».
وتابع: «تبادلت وجهات النظر في مختلف القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك وفي مقدمتها قضايا قارتنا الأفريقية، حيث اتفقنا على أهمية التنسيق المصري الأوغندي للعمل على حل الأزمات المختلفة التي تواجهها القارة».
وأضاف السيسي «شهدت مباحثاتنا أيضاً مناقشة سبل تعزيز التعاون المشترك بين البلدين في مجال مكافحة الإرهاب والتنظيمات المتطرفة، وأهمية تعزيز تكاتف المجتمع الدولي لقطع مصادر تمويل الإرهاب الذي يمثل مصدر تهديد حقيقي لمختلف دول العالم، بما يتطلب أخذ مواقف حاسمة ضد كل الدول والكيانات التي ترعى مثل تلك الأنشطة أو توفر لها الملاذ الآمن للقيام بأعمال تخريبية».
ونوه إلى أنه تباحث مع الرئيس الأوغندي لزيادة فرص التعاون الاقتصادي بين البلدين وزيادة الاستثمار المصري في السوق الأوغندية وتقديم كل التسهيلات من قبل حكومتي البلدين لدعم تلك الاستثمارات.
من جهته، أكد الرئيس الأوغندي أن مباحثاته مع السيسي تناولت سبل تعزيز التعاون بين القطاع الخاص بالبلدين لاستغلال الفرصة المتاحة والقيمة المضافة للمواد الخام بالجانبين، منوها إلى أن عدم استغلال المواد الخام يؤدي إلى خسارة المزيد من الأموال وفرص العمل. وأوضح أن حكومتي البلدين بالإضافة إلى القطاع الخاص يمكن أن تسهما في تنفيذ بعض المشروعات لدعم التنمية بالبلدين.
وقال موسيفيني إن مباحثاته مع الرئيس السيسي تناولت أيضا مشكلات النقل وسبل الاستفادة من وسائل النقل الرخيصة بين البلدين وخاصة من خلال نهر النيل والسكك الحديدية، مبديا أمله في استعادة طرق النقل الرخيصة مجددا بين البلدين. وأضاف أن نهر النيل يمكن أن يستخدم في تعزيز خدمات النقل بين مصر وأوغندا، ودول حوض نهر النيل الأخرى، أسوة بدول أوروبا وأميركا الشمالية التي تستخدم الأنهار في النقل لدعم التنمية.
وأشار إلى أن الإرهابيين يشكلون مشكلات بالغة لأمن واستقرار العالم، واصفا المتطرفين المتورطين في أعمال العنف بأنهم «مجرمون». وأكد موسيفيني على وقوفه مع الرئيس السيسي لتشكيل جبهة ضد الإرهابيين المفلسين فكريا وآيديولوجيا موجها شكره للوكالة المصرية للتعاون مع أفريقيا على مشروعاتها في أوغندا وخاصة في مجالات الزراعة والنقل والطاقة الشمسية.
وقال الرئيس الأوغندي إنه وجه الدعوة للرئيس السيسي لرؤية أفرع النيل في أوغندا حيث لم يزر أي رئيس مصري تلك الأفرع من قبل. وشدد على أنه يجب تعظيم الاستفادة من مياه النيل من جانب كافة دول حوض النيل لتحقيق المصالح والمنافع المشتركة، لافتا إلى أنه سيبحث مع رئيس وزراء إثيوبيا خلال زيارته القادمة إلى أوغندا قضية الاستفادة من مياه النيل.
وكان السيسي وموسيفيني قد شهدا أمس بقصر الاتحادية مراسم توقيع خمس وثائق لتعزيز التعاون الثنائي في الكثير من المجالات. تضم التعاون في مجالات الكهرباء وإنشاء وإدارة المناطق الصناعية، ومختلف المجالات الزراعية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم