مفارقات «التفضيلي» وعشوائية الدوائر تطرح تعديل قانون الانتخاب

«حزب الله» يدعو الوزير السابق وهّاب إلى طرح اعتراضاته في «الغرف المغلقة»

TT

مفارقات «التفضيلي» وعشوائية الدوائر تطرح تعديل قانون الانتخاب

كشفت وقائع العملية الانتخابية، التي أجريت في لبنان الأحد الماضي، مفارقات مثيرة للجدل، سببتها ثغرات كبيرة في القانون الانتخابي القائم على النظام النسبي، الذي يعتمد للمرة الأولى في تاريخ لبنان، بدءاً من الفارق الشاسع في الأصوات التي نالها فائزون بين منطقة وأخرى، وكذلك الصوت التفضيلي الذي أوصل مرشحين إلى الندوة البرلمانية بما دون الـ100 صوت، فيما عجز آخرون عن ولوج عتبة المجلس النيابي، رغم حصولهم على أكثر من 10 آلاف صوت.
ويبدو أن مشكلات القانون الانتخابي وضعت جميع القوى السياسية أمام مسؤولياتها، لإدخال تعديلات على القانون تصحح الأخطاء وتعالج الخلل، بما يحقق التوازن بين الدوائر والأصوات والمقاعد، وصولاً إلى الإنفاق الانتخابي، من دون أن تمسّ هذه التعديلات بجوهر النسبية وروحيتها. وأعلن وزير الداخلية السابق مروان شربل، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن التصحيح «يفترض أن يبدأ بالمساواة بين عدد المقترعين في كلّ الدوائر، أو يجعلها متقاربة جداً، بحيث لا يفوز مرشّح بـ6 آلاف صوت، بينما يحتاج مرشح لـ100 ألف صوت في دائرة أخرى ليضمن الفوز».
وشدد شربل على ضرورة «التعادل بين عدد المقاعد في الدوائر، إذ إن ثمة دوائر فيها 5 نواب، مثل دائرة صيدا جزين (جنوب لبنان)، فيما دائرة الشوف عاليه (جبل لبنان) فيها 11 نائباً»، معتبراً أن «التوازن بين المقاعد في كلّ الدوائر يحقق التوازن في الحاصل الانتخابي، ويساوي إلى حد كبير بين النفقات الانتخابية للمرشحين، بدليل أن كلفة حملة مرشحي الدوائر الصغرى لا تتجاوز الـ300 ألف دولار، بينما يحتاج المرشّح بدوائر كبرى إلى نفقات تفوق المليون دولار، بالحدّ الأدنى».
وشكل فوز بعض المرشحين صدمة لدى الرأي العام اللبناني، بسبب تدني الأصوات التفضيلية التي نالوها، حيث حصل المرشّح في جبيل، مصطفى الحسيني، على 250 صوتاً تفضيلياً، فيما نال المرشّح آدي بوغوس دميرجيان عن مقعد الأرمن الأرثوذكس في زحلة (البقاع) 77 صوتاً، وضمنا فوزهما، لأن لائحتيهما حققت الأصوات الكافية التي أمنت لهما الحاصل الانتخابي المطلوب.
وأمام معضلة حرمان الناخب من حقه في شطب اسم مرشّح، وإضافة آخر مكانه على هذه اللائحة أو تلك، دعا وزير الداخلية السابق إلى إعطاء الناخب الحق بصوتين تفضيليين لمرشحين اثنين على اللائحة نفسها، واحد ضمن الدائرة وآخر ضمن القضاء.
وقال شربل: «الكل متفق على وجود أخطاء كبيرة في القانون، من انتخاب المغتربين إلى الانتخاب في الداخل، لكن المهم أن يتفقوا على معالجة هذه الأخطاء بتعديلات واقعية»، مشدداً على أهمية «إقرار البطاقة الممغنطة و(الميغا سنتر)، بما يمكن المواطن من الانتخاب في مكان إقامته، بدل أن يتكبد عناء الانتقال من منطقة إلى أخرى، أو أن يأتي بالطائرة من الخارج».
ومن جهته، أكد الخبير الانتخابي، ربيع الهبر، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الثغرة الفاضحة في قانون الانتخاب تتمثّل بوصول نواب بأصوات تفضيلية ضئيلة جداً»، ودعا إلى «تعديل القانون، بحيث يعتمد ما يشبه (العلامة اللاغية)، أي إذا لم يحصل المرشّح على معدّل معين من الأصوات يعتبر خاسراً فوراً».

وشدد على «أهمية اعتماد البطاقة البيومترية (الممغنطة)، التي تلغي كثيراً من الأخطاء، وتلغي عمليات الغشّ، وتحدّ من الرشوة الانتخابية، وتسرّع عملية الاقتراع ووقوف الناس في صفوف طويلة أمام مراكز الانتخاب، وتساهم في إعلان النتائج بسرعة قياسية».
وتسبب قانون الانتخاب بخلافات بين الحلفاء، حيث شنّ الوزير السابق وئام وهّاب هجوماً على «حزب الله»، واتهمه بالغدر، وذلك على خلفية تصويت ناخبي الأخير لصالح لائحة الوزير طلال أرسلان، منافس وهّاب في عاليه (جبل لبنان)، ما ساعد الأخير على تأمين حاصل انتخابي، والفوز بفارق مقبول.
وقال في تصريح له: «مبروك عليكم يا أهل الوفاء، لقد أخطأنا بحقكم كثيراً طيلة سنوات، وكنّا نستأهل غدركم، شكراً لكم»، وأشار إلى أن «المعلومات كانت تؤكّد خرق لائحتنا، ونيلنا الحاصل، ولكن توقّف الفرز يثير ريبتنا بعد اعتراض رئيس (الحزب التقدمي الاشتراكي)، وليد جنبلاط، على الأمر». وأضاف وهّاب: «شكري الأكبر لأهل الوفاء في كيفون والقماطية (الشيعيتين)، الذّين كانوا أوفياء مع أشرف الناس، لذا منحوا أصواتهم لمن عمل ضدّ المقاومة في أخطر دائرة على حدود فلسطين». واستدعى موقف وهاب رداً مباشراً من «حزب الله»، الذي أصدر بياناً اعتبر فيه أن «ما صدر من اتهامات من قبل الوزير الصديق وئام وهّاب بحقّ أحد المسؤولين في (حزب الله) مرفوض، شكلاً ومضموناً، ولا يمتّ إلى الحقيقة بصلة»، وشدد على أن «الالتباسات بين الحلفاء لا تعالج بمثل هذه الطريقة»، داعياً الوزير وهّاب إلى التروّي والهدوء والتأمّل.
وعاد وهّاب مساءً وأكد أن «كل مقاعد المجلس النيابي لا تبعده عن المقاومة»، وأن المكان المناسب لطرح اعتراضاته هو في «الغرف المغلقة»، وأن «سماحة الأمين العام لـ(حزب الله)، السيد حسن نصر الله، هو الحكم».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.