قلق مصري لتجاوز مفاوضات «سد النهضة» الحيّز الزمني المحدد

قلق مصري لتجاوز مفاوضات «سد النهضة» الحيّز الزمني المحدد
TT

قلق مصري لتجاوز مفاوضات «سد النهضة» الحيّز الزمني المحدد

قلق مصري لتجاوز مفاوضات «سد النهضة» الحيّز الزمني المحدد

عبر وزير الخارجية المصري سامح شكري عن قلق بلاده من التعثر المستمر الذي تواجهه مفاوضات سد «النهضة» مع إثيوبيا، وطول مداها الزمني. وقال شكري، خلال مؤتمر صحافي عقده نظيره الأوغندي سام كوتيسا في القاهرة أمس، إن جولة المفاوضات الفنية الأخيرة في أديس أبابا «لم تصل إلى نتيجة محددة... رغم أننا كنا نأمل أن يكون هناك حل يؤدي إلى قبول التقرير المبدئي في ضوء تكليف رؤساء الدول الثلاث بالانتهاء من ذلك خلال حيز زمني محدد والذي تم تجاوزه بالفعل».
وعقد وزراء الموارد المائية في مصر وإثيوبيا والسودان، السبت الماضي جلسة تشاورية مغلقة، في أديس أبابا، بهدف حسم الخلافات المتعلقة بالتقرير الاستهلالي الذي أعده المكتب الاستشاري الفرنسي، حول الآثار السلبية للسد الإثيوبي من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية.
وفشل الاجتماع في التوصل لحلول، حيث قدمت الدول الثلاث مقترحات مختلفة للشركة الاستشارية الفرنسية. وقال وزير الخارجية المصري أمس بخصوص الجولة الأخيرة للجنة الفنية «تحدثت مع وزير الري الذي شارك في الاجتماعات، لأنه لم يتم تجاوز التعثر الذي دام لأكثر من سنة، نظرا لاستمرار إثيوبيا والسودان في التحفظ على التقرير المبدئي للشركة المستقلة الدولية، حتى يتم إطلاق عملها لتنفيذ العقد المبرم لوضع الدراسات التي تشير إلى الآثار المترتبة على بناء سد النهضة».
وأشار شكري إلى أن «جولة المفاوضات تناولت الأمور بكثير من التفصيل وهناك دائما من جانب مصر استعداد ورغبة لطرح عدد من الأطروحات التي تؤدي إلى كسر هذا الجمود». وذكر أن «مصر وضعت من قبل فكرة وساطة البنك الدولي تأكيدا بأنها ليست لها أي مصلحة بتعقد المسار وأن الموضوع هو موضوع علمي غير قابل للتأويل السياسي ويعتمد على العلم وعلى القبول لما يتم استخلاصه بوسائل علمية موضوعية بعيدة عن التحيز».
وأضاف سوف نجتمع في الخامس عشر من مايو (أيار) الجاري في إثيوبيا مرة أخرى في الإطار التساعي (وزراء الخارجية والري ومديرو مخابرات الدول الثلاث)، مؤكدا أن «مصر حريصة على أن تستمر في بناء الثقة والتعامل مع هذا الموضوع مع التقدير الكامل للمصالح الإثيوبية ومصالح التنمية، وكل هذه الأمور تم الانتهاء منها في إطار اتفاق المبادئ الذي وقع من قبل الزعماء الثلاثة في الخرطوم 2015. ولكن أيضا فإن قواعد القانون الدولي تقضي بعدم أن يؤدي أي إجراء لوقوع الضرر البالغ على أي من دول المصب وهذا ما تكفله القوانين الدولية ونظم الأنهار».
وتخشى القاهرة من احتمال أن يؤثر السد سلبا على تدفق حصتها السنوية من نهر النيل، مصدر مصر الرئيسي للمياه. فيما تقول إثيوبيا إنه «سيحقق لها فوائد كثيرة، لا سيما في إنتاج الطاقة الكهربائية، ولن يضر بدولتي المصب».
وسبق أن اتفق قادة الدول الثلاث في يناير (كانون الثاني) الماضي، على تشكيل لجنة «تساعية» لإيجاد مخرج للأزمة الفنية في مهلة شهر، ومن ثم تحديد آلية التخزين وقواعد التشغيل للسد بشكل لا يتسبب في ضرر لدول المصب، إلا أنه بسبب الاضطرابات الداخلية في إثيوبيا وتغيير رئيس الوزراء قد تم تأجيل الاجتماع شهرا آخر، ولم يتم التوصل لحل إلى الآن.
وكان وزير الخارجية المصري قد أجرى أمس مشاورات في القاهرة مع نظيره الأوغندي سام كوتيسا، على هامش اجتماعات اللجنة الوزارية المشتركة بين البلدين، تناولت ملف مياه النيل وتطورات مفاوضات «سد النهضة» بين مصر وإثيوبيا، حيث تعد أوغندا إحدى دول حوض النيل.
وقال المستشار أحمد أبو زيد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، إن الوزير ثمن التطورات الإيجابية في العلاقات مع أوغندا، وأشار إلى الفرص المتاحة للدخول في مشروعات مشتركة على المستوى الحكومي أو القطاع الخاص بين البلدين، ضاربا المثل بالمجزر الآلي المصري في أوغندا، والجهود الجارية لإنشاء مزرعة مشتركة، وإقامة عدد من المشروعات في مجال الكهرباء والموارد المائية.
ونوه أبو زيد إلى أن الوزير شكري أكد على دعم مصر لجهود التنمية في أوغندا، وفيما يتعلق بالقضايا الإقليمية، قال المتحدث إن اللقاء تناول ملف مياه النيل وتطورات مفاوضات سد النهضة وإصلاح الاتحاد الأفريقي ومشاركة أوغندا في قوات الأميصوم لحفظ السلام في الصومال، والأوضاع في كل جنوب السودان وبوروندي، بالإضافة إلى مشروع ربط بحيرة فيكتوريا بالبحر المتوسط.
وخلال مؤتمر صحافي، أعلن وزير الخارجية سامح شكري، أن الرئيس الأوغندي يورى موسيفني سيزور مصر اليوم (الثلاثاء)، وقال شكري، إنه تم الاتفاق على تفعيل أعمال اللجنة المشتركة على أن تعقد مرة كل عامين.
من جانبه، أكد كوتيسا تعهد بلاده بدعم كامل لمصر في مواجهة الإرهاب وتم التطرق إلى ملف النيل والجهود المبذولة لدعم السلام في جنوب السودان. وأوضح أن رئيس أوغندا سيبدأ زيارة إلى القاهرة بدعوة من الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي زار أوغندا في السابق، وسوف يكون هناك تعاون بين الرئيسين.



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».