إسرائيل تكشف اقتراح «حماس» هدنة مقابل صفقات... والحركة تنفي

تتضمن وقف إطلاق نار طويل الأمد والسماح بإقامة مشاريع بناء

عبد اللطيف القانوع
عبد اللطيف القانوع
TT

إسرائيل تكشف اقتراح «حماس» هدنة مقابل صفقات... والحركة تنفي

عبد اللطيف القانوع
عبد اللطيف القانوع

قالت مصادر إسرائيلية رسمية، أمس، إن حركة حماس بعثت برسالة إلى إسرائيل، عن طريق طرف ثالث، أبدت فيها استعدادها للعودة إلى التفاوض معها حول تهدئة جديدة، تتضمن وقف إطلاق نار طويل الأمد، يشمل تبادل الأسرى، وتخفيف الحصار بشكل كبير عن القطاع، والسماح بإقامة مشاريع بناء وتطوير للبنى التحتية فيه.
وأضافت هذه المصادر أن «حماس» أرسلت عدة تلميحات بهذا المضمون لإسرائيل، عبر قنوات مختلفة خلال الأشهر الأخيرة، تفيد من خلالها أنها مستعدة للتفاوض حول هدنة طويلة الأمد مع قطاع غزة. ووضعت عدداً من الشروط لبدء هذه الهدنة، منها السماح بإقامة مشاريع لبناء وتطوير البنى التحتية في القطاع وتخفيف الحصار، وألمحت إلى احتمال أن تشمل الصفقة تبادل الجثث والأسرى، إلا أن إسرائيل لم ترد بشكل واضح على هذه الرسائل بعد، حسب المصادر ذاتها.
وادعت صحيفة «يسرائيل هيوم» اليمينية أن يحيى السنوار، رئيس المكتب السياسي للحركة في قطاع غزة، من مؤيدي هذا الاقتراح، بينما يعارضه رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية. وزعمت الصحيفة أن السنوار اتهم هنية بالخضوع للضغوط الإيرانية في هذا المجال.
في السياق ذاته، ذكرت مصادر مطلعة أن التقارير التي قدمها مسؤولو أجهزة الأمن في إسرائيل للقادة السياسيين أكدت أن التوتر سيستمر في قطاع غزة، حتى بعد «مسيرة العودة الكبرى»، المقرر تنظيمها في 15 من مايو (أيار) الحالي، وأن أجهزة إسرائيل الأمنية ترى أن حركة حماس تعاني من أزمة استراتيجية غير مسبوقة، ولذلك يمكن التفاوض معها حول أمور رفضت التفاوض حولها في السابق.
في المقابل، قالت حركة حماس إنها غير مستعدة لاتفاق تهدئة جديد مع إسرائيل، رداً على التقارير التي تفيد بأنها أرسلت رسائل إلى الحكومة الإسرائيلية تطرح فيها هدنة طويلة الأمد، مقابل مشاريع تحتية وصفقة تبادل جديدة.
وقال عبد اللطيف القانوع، المتحدث باسم حركة حماس، إن «الحديث عن اتفاق تهدئة جديد بين الحركة وبين الاحتلال، أو تقديمها عرضاً بهذا الخصوص، غير صحيح وغير مطروح حالياً»، مضيفاً أن «الاحتلال لم يلتزم باستحقاق التهدئة الموجودة، والمطلوب إلزامه من قِبل الأشقاء المصريين والمجتمع الدولي، خصوصاً أن الاحتلال يمارس القتل ويرتكب الجرائم في قطاع غزة». كما أكد القانوع أن «جهود (حماس) مع كل مكونات شعبنا تنصب حول (مسيرات العودة) وتحقيق أهدافها».
وجاء تقرير صحيفة «هآرتس» بعد أسبوع من تقرير آخر في صحيفة «يسرائيل هيوم»، قال إن رئيس حركة حماس في غزة يحيى السنوار يؤيد عقد صفقة تبادل أسرى بين «حماس» وبين إسرائيل، فيما يعارض رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية هذا الاقتراح.
وبحسب «هآرتس»، لا يزال ثمة نقاش داخلي في «حماس» حول الهدنة الطويلة.
وقالت «هآرتس» إن الرسالة تأتي «على ضوء استمرار تراجع قوة (حماس) في غزة»، مشيرة إلى تقييمات الاستخبارات الإسرائيلية التي تفيد بأن «حركة حماس تعاني من ضائقة استراتيجية غير مسبوقة، وهي منفتحة اليوم أكثر من أي وقت مضى لنقاش مقترحات تبادل أسرى كانت قد رفضها في وقت سابق».
وجاء تقرير «هآرتس»، فيما نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن يؤاف موردخاي، المنسق السابق لنشاطات الحكومة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية، أنه أعد مبادرة سياسية إسرائيلية، ترمي إلى إنهاء الأزمة الإنسانية في قطاع غزة. إلا أن الرئيس الفلسطيني رفضها.
وأضافت الصحيفة أن «الأساس في تنفيذ الخطة، التي بدأها المنسق السابق لأنشطة الحكومة في المناطق الفلسطينية، هو حشد عدد من البلدان المستعدة بالفعل لإقامة مشاريع بنية تحتية في قطاع غزة... على أن يوفر تدفق الأموال حلولاً لإيجاد أماكن عمل للسكان في غزة، وصندوق مستقبلي خفيف. لكن بقيت هذه الخطة عالقة بسبب معارضة أبو مازن».
لكن هناك حسابات أخرى تجعل الإسرائيليين مترددين في التقدم نحو التهدئة، تتعلق بوضع السلطة الفلسطينية. فهي ترى أن أي اتفاق مع «حماس» سوف يضعف السلطة، وقد يثير غضب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، فيتخذ خطوات انتقامية من إسرائيل. ولذلك فإنها لا تسارع للتجاوب مع مبادرة «حماس»، خصوصاً أن المصالحة تعد الآن شبه مجمدة، مع تزايد وتيرة الاتهامات بين السلطة و«حماس». ولذلك يطالب عدد من المسؤولين والمفكرين الفلسطينيين حالياً بإيجاد مقاربات ممكنة لتجاوز مرحلة الانقسام المريرة، ويرون أنه لا يمكن مواجهة التحديات الداخلية والخارجية بشعب منقسم.
وفي هذا السياق، طالب ياسر عبد ربه، عضو اللجنة التنفيذية السابق، بتوحيد النخب الفلسطينية من أجل الخروج من الوضع الراهن «الخطير». فيما اقترح الكاتب جمال زقوت، وهو مستشار سياسي لرئيس الوزراء الفلسطيني السابق سلام فياض، عقد هدنة شاملة، وليس فقط في قطاع غزة.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.