العبادي يعوّل على «إنجازات» ولايته الأولى لضمان الثانية

يحاول استمالة أوسع قاعدة من الناخبين

فتيات أمام ملصق لـ«ائتلاف النصر» بزعامة رئيس الوزراء حيدر العبادي خلال مهرجان انتخابي في النجف الخميس الماضي (رويترز)
فتيات أمام ملصق لـ«ائتلاف النصر» بزعامة رئيس الوزراء حيدر العبادي خلال مهرجان انتخابي في النجف الخميس الماضي (رويترز)
TT

العبادي يعوّل على «إنجازات» ولايته الأولى لضمان الثانية

فتيات أمام ملصق لـ«ائتلاف النصر» بزعامة رئيس الوزراء حيدر العبادي خلال مهرجان انتخابي في النجف الخميس الماضي (رويترز)
فتيات أمام ملصق لـ«ائتلاف النصر» بزعامة رئيس الوزراء حيدر العبادي خلال مهرجان انتخابي في النجف الخميس الماضي (رويترز)

كتبت وكالة «رويترز» في تحقيق من بغداد، أمس، أن قلة قليلة خارج العراق كانت تعرف اسم حيدر العبادي في العام 2014 عندما تحوّل من شخصية مغمورة نسبياً إلى قائد للبلاد التي كانت تمر بحالة من الفوضى. فقد ظهر اسم العبادي كمرشح الحل الوسط بعد إبعاد سلفه نوري المالكي في صراع على السلطة، وأصبح رئيسا للوزراء في سبتمبر (أيلول) من ذلك العام بعد شهرين من اجتياح تنظيم داعش مساحات شاسعة من العراق.
وبعد أربع سنوات تحدى العبادي توقعات جيش من المتشككين فيه، بحسب ما لاحظت «رويترز» التي سجّلت أنه أعلن النصر على «داعش» ونزع فتيل التوترات الطائفية التي أججها المالكي وحسّن العلاقات مع الدول العربية السنيّة وحافظ على وحدة العراق الهشة في مواجهة محاولة فاشلة من جانب الأكراد للاستقلال عن البلاد. وتابعت أن العبادي عمل أيضاً على تحقيق التوازن بين المصالح المتنافسة والمتعارضة لإيران والولايات المتحدة داعميه الرئيسيين.
والعبادي مهندس كهرباء سابق تولى في فترة من الفترات مسؤولية صيانة مصاعد هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) خلال سنوات اغترابه طوعاً في بريطانيا. وهو يعول على إنجازاته التي حققها وهو في منصبه للفوز بفترة ثانية في الانتخابات التي تجري يوم 12 مايو (أيار). غير أن النصر ليس مضموناً، بحسب «رويترز». فمثل كل من شغلوا منصب رئيس الوزراء في العراق منذ سقوط صدام حسين في 2003. ينتمي العبادي (66 عاماً) للغالبية الشيعية. غير أن أصوات الشيعة، التي تكفي في العادة لتحقيق الفوز ومنح صاحبه الحق في تشكيل حكومة ائتلافية، أصبحت منقسمة. وبخلاف المالكي الذي يعجب به الشيعة المتخوفون من اقتسام السلطة مع السنة والأكراد، يواجه العبادي أيضاً هادي العامري القائد في «الحشد الشعبي» الذي ساهم في إلحاق الهزيمة بـ«داعش».
وذكرت «رويترز» أن العبادي الذي يدرك أنه لا يمكنه التعويل على أصوات الشيعة فقط، يتطلع إلى استمالة قاعدة أوسع من الناخبين. وينفذ العبادي حملة دعاية انتخابية في مختلف أنحاء العراق بقائمة «ائتلاف النصر» وهو التحالف الوحيد الذي يخوض الانتخابات في محافظات العراق الثماني عشرة. وقال بدر الفحل النائب السنّي من محافظة صلاح الدين الذي يسعى إلى الفوز بفترة رابعة في البرلمان إنه اختار خوض الانتخابات على قائمة العبادي لأنها تضم مختلف الطوائف وغير إقصائية. وقال الفحل لـ«رويترز» في مقر تحالف النصر في تكريت: «السيد العبادي شكّل كتلة عابرة للطائفية. هي الكتلة الوحيدة (من نوعها) منذ 2003. هذه الكتلة تتكون من 18 محافظة، كل محافظات العراق، من سنة وشيعة وكرد ومسيحيين وإيزيديين». وأضاف: «نشعر أن السيد العبادي ليس لديه خطاب طائفي، يريد أن يبني البلد. المرحلة القادمة إن شاء الله هي مرحلة إعمار وبناء». وقال الفحل إن العبادي منح الحلفاء السياسيين في المحافظات السنيّة حرية كاملة في اختيار المرشحين على قائمته. وأوضح أن قائمة «تحالف النصر» في محافظة صلاح الدين كلها من السنة، على سبيل المثال.
وأشارت «رويترز» إلى أن العبادي قام بجولة نادرة في المحافظات الكردية الشهر الماضي على رغم أن ما من أحد تقريباً يرى أن أمامه فرصاً تذكر في استمالة مرشحين من الأكراد الذين لا يزالون على غيظهم من الحملة التي شنها على الإقليم المتمتع بشكل من أشكال الحكم الذاتي بعد استفتاء أجراه الإقليم على الاستقلال في سبتمبر (أيلول) الماضي. وتابعت الوكالة أن كثيرين من العرب السنة ما زالوا يشعرون بشيء من الاستياء تجاه الحكومة ذات القيادة الشيعية في أعقاب الحرب والدمار الذي حاق في الغالب بمناطقهم مع قدوم تنظيم داعش. ولذلك ورغم أن كثيرين يفضلون العبادي على غيره من ساسة الشيعة لأنه تجنّب الطائفية، فقد لا يترجم ذلك بالضرورة إلى أصوات لمرشحيه. كما يواجه العبادي انتقادات لاستمرار الفساد وصعوبة الأوضاع الاقتصادية التي تفاقمت بسبب القتال وإجراءات التقشف التي اتخذتها حكومته وكذلك موقفه المؤيد لقطاع الأعمال في بلد أغلب الناس فيه من موظفي الدولة ولا يثقون بالقطاع الخاص، كما أشارت «رويترز» في تحقيقها.
وقال محمود غضبان الطالب بمدينة النجف: «العبادي رجل مثقف وسياسي توافقي ولكنه جلب لنا المشاكل». وقالت «رويترز» إنه إدراكاً لنقطة الضعف هذه تركّز خطاب الدعاية الانتخابية لرئيس الوزراء على هزيمة «داعش». وكان العبادي أعلن النصر في ديسمبر (كانون الأول) بعد حملة ضارية استمرت ثلاث سنوات لتحرير العراق من المتطرفين الذين سيطروا في فترة من الفترات على ثلث مساحة العراق. ولتحقيق ذلك حصل على دعم من الولايات المتحدة وإيران في آن واحد. ومع تركيز التحالف الذي قادته الولايات المتحدة على إعادة بناء قوات الأمن العراقية المستنفدة وتدريبها وفي الوقت نفسه شن ضربات جوية شبه يومية، تم دمج الفصائل الشيعية التي تدعمها إيران في نسيج المجتمع العراقي وأجهزة الدولة ووفرت هذه الفصائل في الوقت نفسه دعماً عسكرياً حيوياً للقوات الحكومية. واعتبرت «رويترز» أن «براعة» العبادي كانت في «المواءمة بين إيران والولايات المتحدة» وسط التوترات المتصاعدة بسبب الاتفاق النووي الإيراني، وهذا الأمر جعله المرشح المفضل لدى الحلفاء الغربيين. وأضافت أن العبادي اكتسب أيضاً الثناء بفضل تحسين علاقته بجيران العراق من الدول العربية السنية، وهي استراتيجية كان المالكي يعارضها، بحسب تحقيق الوكالة.
وعلى رغم أن أنصار العبادي وخصومه يتفقون على أنه ليس سياسيا بالفطرة، إلا أنهم يقولون إنه ازداد ثقة منذ بدايته التي اتسمت بالتوتر قبل أربع سنوات. ومع ذلك فهو يعتبر زعيماً متردداً في اتخاذ القرار يفضّل تدبر الأمر لفترة طويلة مع مستشاريه وأعضاء البرلمان.
وقال ثلاثة دبلوماسيين غربيين في بغداد لـ«رويترز» إن حكوماتهم ستجد العبادي أسهل مرشح يمكن العمل معه لكن هذه المرونة ذاتها تعتبر نقطة ضعف في بعض الدوائر التي تعتبره أداة في يد أجنبية.
وقال ضابط الشرطة المتقاعد فلاح عبد الله (65 عاماً) في القيارة الواقعة على بعد أكثر من 60 كيلومتراً جنوب الموصل: «العبادي رجل محترم لكنه لا يسيطر على اختياراته. فهو يتأرجح بين ما تريده إيران وما تريده أميركا».



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.