أميركا لن تتخطى السعودية في صادرات النفط الخام

منافسة شرسة في الأسواق وتحدٍ كبير ينتظر منتجي أفريقيا

أميركا لن تتخطى السعودية في صادرات النفط الخام
TT

أميركا لن تتخطى السعودية في صادرات النفط الخام

أميركا لن تتخطى السعودية في صادرات النفط الخام

نشر مصرف «سيتي غروب» في 26 أبريل (نيسان) الماضي تقريراً قال فيه إن الولايات المتحدة يمكنها أن تتجاوز السعودية لتُصبح أكبر مصدر للنفط ومشتقاته في العالم خلال عام 2019.
وتسبب صدور هذا التقرير في كثير من الخلط؛ إذ يتوقع كثير ممن قرأوه أن تصبح أميركا البلد المصدر الأول في العالم للنفط الخام، بينما الأمر مختلف؛ إذ إن الولايات المتحدة قد تصبح أكبر مصدر للنفط والمنتجات النفطية مثل البنزين والديزل؛ وليس النفط الخام.
وذكر التقرير أن صادرات الولايات المتحدة من النفط الخام والمنتجات البترولية ارتفعت في الأسبوع الذي سبق صدور التقرير عند 8.3 مليون برميل يوميا، تشمل 2.3 مليون برميل يومياً من النفط الخام الأميركي.
وقارن التقرير ذلك بصادرات السعودية، أكبر مصدر للخام، في يناير (كانون الثاني) الماضي التي بلغت 9.3 مليون برميل يوميا، منها 7.3 مليون برميل يومياً من النفط الخام، أي أكثر من صادرات الولايات المتحدة بنحو 5 ملايين برميل يومياً. وقارن المصرف في تقريره بصادرات روسيا من النفط والمنتجات التي بلغت 7.4 مليون برميل يومياً، منها 5.4 مليون برميل يومياً من النفط الخام.
وبالنظر إلى تفاصيل التقرير، فإنه من المستبعد تماماً أن تتجاوز الولايات المتحدة السعودية وروسيا في صادرات النفط الخام، ولكنها بكل تأكيد تتجاوزهما وستتجاوزهما أكثر من ناحية صادرات المنتجات البترولية. ومن المتوقع أن تزداد صادرات الولايات المتحدة في العام المقبل من المكثفات وسوائل الغاز الطبيعي، التي تعد كذلك نفطاً أو نوعاً من النفط الخفيف جداً، وإن لم تكن تصنف نفطاً خاماً لأنها أقرب إلى الغاز.
وقالت إدارة معلومات الطاقة الأميركية في تقرير شهري، الاثنين، إن إنتاج الولايات المتحدة من الخام ارتفع 260 ألف برميل يوميا إلى 10.26 مليون برميل يوميا في فبراير (شباط)، مسجلا أعلى مستوياته على الإطلاق.
و«سيتي غروب»، ومحلله الشهير إدوارد مورس، مشهوران بالمبالغات في الأرقام والتحليلات في كثير من الأحيان، حيث توقع مورس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أن ينمو إنتاج النفط الصخري هذا العام بنحو مليوني برميل يومياً إذا تم تداول خام غرب تكساس الوسيط قريبا من 70 دولارا، وتدور الأسعار في هذا الفلك حاليا، ولكن الإنتاج الأميركي قد لا يصل للحد الذي توقعه مورس لأسباب فنية كثيرة؛ من بينها عدم توافر البنية التحتية اللازمة لنقل النفط من مناطق الإنتاج إلى مناطق التصدير والمصافي.
لكن هذا التقرير يعد تنبيها أوليا بما قد يحدث في العام المقبل إذا ما تمكنت الولايات المتحدة من استكمال توسعة كثير من أنابيب النفط التي يجري العمل عليها حالياً.
والتحدي الحقيقي يأتي في شقين، الأول لـ«أوبك» بصورة عامة، وخصوصا الدول في غرب وشمال أفريقيا التي ستواجه منافسة شرسة في 2019 وما بعدها في سوق النفط من النفط الأميركي، حيث إن النفط الذي تنتجه هذه البلدان مقارب في خصائصه للنفط الأميركي، بينما يتم تسعيره بصورة أعلى، والسبب في ذلك أنه يسعر على أساس خام برنت الذي دائماً ما يكون أعلى سعرياً من الخامات الأميركية مثل «خام غرب تكساس» و«لويزيانا الخفيف الحلو».
وبسبب تنامي الإنتاج النفطي الأميركي من الأحواض الصخرية، فإن كثيرا من دول «أوبك» المنتجة للنفوط الخفيفة فقدت سوقها في الولايات المتحدة، وها هي الآن في طريقها إلى أن تفقد حصة من سوقها في آسيا، حيث بدأت الولايات المتحدة في بيع كميات أكبر من النفط للصين، وصدرت شحنات بسيطة من خام «مارس» للهند، وباعت شحنتين من المكثفات أو النفط الخفيف جداً للإمارات العربية المتحدة.
أما التحدي الثاني، فهو المنافسة في سوق المنتجات، حيث تشهد أوروبا استيراد كميات قياسية من المنتجات الأميركية، وهو ما يجعل كثيرا من المصافي الحديثة في «أوبك» تشهد منافسة عندما تبيع النفط خارج حدودها.
هذه التحديات مرتبطة بمسألة التصدير، أما في ما يتعلق باستراتيجية «أوبك» بصورة عامة، فإن تنامي الإنتاج الأميركي في العام المقبل قد يجعل من فكرة تمديد اتفاق خفض الإنتاج الحالي بين «أوبك» والمنتجين المستقلين بقيادة روسيا لعام آخر فكرة مقبولة لدى كثير من الدول.
وهناك أسئلة أهم حتى نكون واقعيين، وعلى رأسها كم من النفط الخام يمكن للولايات المتحدة أن تزيده هذا العام؟ وهل يجب أن نقلق من زيادة أعداد الحفارات في أميركا التي تواصل زحفها للأعلى أسبوعاً بعد الآخر؟
في البداية، زيادة عدد الحفارات لا يعني زيادة مباشرة في الإنتاج؛ لسببين: الأول أن بين الحفر وتوصيل الآبار فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر. الثاني أن المنتجين قد يفضلون الحفر الآن، ولكنهم يفضلون كذلك الإبقاء على الآبار غير مكتملة وجاهزة للإنتاج الآن على أمل أن يكملوها مستقبلاً عندما تصبح السوق مستقرة أو أسعار النفط أعلى. فمع التوقعات الأعلى لأسعار النفط في العام المقبل أو حتى في النصف الثاني من العام الحالي بفضل تراجع الاستثمارات النفطية، ومع استمرار خفض الإنتاج من «أوبك» والمنتجين المستقلين، فإن شركات الإنتاج الأميركية تفضل استكمال الآبار مستقبلاً والإنتاج عندما تكون الأسعار أعلى.
وأضافت شركات الطاقة الأميركية حفارات نفطية للأسبوع الخامس على التوالي، في الوقت الذي تمضي فيه قدما في خطط لزيادة الإنفاق على أنشطة الحفر هذا العام مع ارتفاع أسعار الخام، وهو ما يعزز أرباحها ويدفع إنتاج النفط في الولايات المتحدة إلى مستويات قياسية مرتفعة.
وقالت شركة «بيكر هيوز» لخدمات الطاقة يوم الجمعة الماضي، في تقريرها الأسبوعي الذي يحظى بمتابعة وثيقة، إن شركات الحفر أضافت 9 حفارات نفطية في الأسبوع المنتهي في 4 مايو (أيار) الحالي، ليصل العدد الإجمالي إلى 834 حفارا، وهو أعلى مستوى منذ مارس (آذار) 2015.


مقالات ذات صلة

الميزانية السعودية... استدامة مالية واستمرار في الإصلاحات

الاقتصاد ولي العهد في أثناء توقيعه على الميزانية العامة للدولة لعام 2025 (واس)

الميزانية السعودية... استدامة مالية واستمرار في الإصلاحات

أقر مجلس الوزراء السعودي برئاسة الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء أمس (الثلاثاء)، ميزانية عام 2025 بإيرادات متوقعة عند 1.184 تريليون ريال.

مساعد الزياني (الرياض) عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد ولي العهد مترئساً جلسة مجلس الوزراء المخصصة لإقرار ميزانية عام 2025 (واس) play-circle 00:51

الميزانية السعودية 2025... نمو مستدام مدعوم بالإصلاحات الاقتصادية

جاء إعلان السعودية عن ميزانية العام المالي 2025 التي أقرّها مجلس الوزراء السعودي ليظهر مدى توسع الاقتصاد السعودي.

مساعد الزياني (الرياض) عبير حمدي (الرياض)
الاقتصاد ولي العهد يوقِّع على الميزانية العامة للعام المالي 2025 (واس) play-circle 00:51

محمد بن سلمان: ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد السعودية

قال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، إن ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد المملكة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد وزير الاستثمار متحدثاً إلى الحضور خلال «المبادرة العالمية لمرونة سلسلة التوريد» (الشرق الأوسط)

السعودية توسّع صفقاتها للمشاركة في سلاسل التوريد العالمية

تتجه السعودية إلى زيادة الوصول للمواد الأساسية، وتوفير التصنيع المحلي، وتعزيز الاستدامة، والمشاركة في سلاسل التوريد العالمية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خاص الأمير سعود ووزير الصناعة خلال حفل الهيئة (إمارة منطقة مكة المكرمة)

خاص وزير الصناعة السعودي: هيئة المساحة ستلعب دوراً محورياً في السنوات الـ25 المقبلة في التعدين

تلعب هيئة المساحة الجيولوجية في السعودية دوراً حيوياً في الكشف عن مخزونات الأرض من الفلزات، التي تشمل الذهب والزنك والنحاس.

سعيد الأبيض (جدة)

الذهب يتحرك في نطاق ضيق قبيل بيانات التضخم الأميركية

بائع مجوهرات «تشاو تاي فوك» يقوم بترتيب سبائك الذهب في هونغ كونغ (رويترز)
بائع مجوهرات «تشاو تاي فوك» يقوم بترتيب سبائك الذهب في هونغ كونغ (رويترز)
TT

الذهب يتحرك في نطاق ضيق قبيل بيانات التضخم الأميركية

بائع مجوهرات «تشاو تاي فوك» يقوم بترتيب سبائك الذهب في هونغ كونغ (رويترز)
بائع مجوهرات «تشاو تاي فوك» يقوم بترتيب سبائك الذهب في هونغ كونغ (رويترز)

تحركت أسعار الذهب في نطاق ضيق يوم الأربعاء، مع انتظار المستثمرين بيانات تضخم رئيسية في الولايات المتحدة، سعياً إلى مؤشرات على المدى المحتمل لخفض مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» أسعار الفائدة الشهر المقبل.

واستقر الذهب في المعاملات الفورية عند 2635.56 دولار للأوقية (الأونصة) بحلول الساعة 02:22 بتوقيت غرينتش، وتحرك بالأساس ضمن نطاق ضيق يبلغ 9 دولارات خلال الجلسة.

وسجل الذهب أدنى مستوى في أكثر من أسبوع، الثلاثاء. وصعدت العقود الأميركية الآجلة للذهب 0.6 في المائة إلى 2635.80 دولار.

وقال كايل رودا، محلل الأسواق المالية لدى «كابيتال دوت كوم»: «هناك العامل الجيوسياسي في كل هذا، إذ نشأت بعض ضغوط البيع بسبب اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان».

وأضاف رودا: «على المدى الطويل، أعتقد أن الحرب التجارية التي سيشنها (الرئيس الأميركي المنتخب دونالد) ترمب قد تكون إيجابية للذهب، بسبب أعباء الديون المرتفعة، وبعض التخلي عن الدولار».

وانقسم مسؤولو مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» بشأن خفض أسعار الفائدة مجدداً، في اجتماعهم بوقت سابق من الشهر؛ لكنهم اتفقوا على تجنب تقديم كثير من التوجيهات بشأن الاتجاه المستقبلي للسياسة النقدية.

ووفقاً لأداة «فيد ووتش» التابعة لمجموعة «سي إم إي»، تتوقع الأسواق حالياً بنسبة 63 في المائة خفض أسعار الفائدة الأميركية بمقدار 25 نقطة أساس في ديسمبر (كانون الأول). وسوف يراقب المتداولون من كثب بيانات مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي، وطلبات إعانة البطالة، والمراجعة الأولى للناتج المحلي الإجمالي، المقرر صدورها في وقت لاحق يوم الأربعاء.

وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، تراجعت الفضة في المعاملات الفورية 0.1 في المائة إلى 30.39 دولار للأوقية، واستقر البلاتين عند 927.45 دولار، وهبط البلاديوم 0.4 في المائة إلى 973.50 دولار.