«حماس» تشدد الحراسة على قياداتها... خوفاً من اغتيالات

داخلية غزة تحبط هجوماً ضد وفد مصري وشخصيات دولية

رئيس وزراء حكومة التوافق رامي الحمد الله خلال زيارته الأخيرة إلى غزة حيث تعرض لمحاولة اغتيال (أ.ف.ب)
رئيس وزراء حكومة التوافق رامي الحمد الله خلال زيارته الأخيرة إلى غزة حيث تعرض لمحاولة اغتيال (أ.ف.ب)
TT

«حماس» تشدد الحراسة على قياداتها... خوفاً من اغتيالات

رئيس وزراء حكومة التوافق رامي الحمد الله خلال زيارته الأخيرة إلى غزة حيث تعرض لمحاولة اغتيال (أ.ف.ب)
رئيس وزراء حكومة التوافق رامي الحمد الله خلال زيارته الأخيرة إلى غزة حيث تعرض لمحاولة اغتيال (أ.ف.ب)

كشفت مصادر فلسطينية مطلعة النقاب عن وجود مخاوف كبيرة لدى حركة «حماس» من إمكانية وقوع محاولات اغتيال، على غرار ما حدث أخيراً مع رئيس وزراء حكومة التوافق رامي الحمد الله، وقائد قوى الأمن الداخلي بغزة اللواء توفيق أبو نعيم، قبل أشهر على يد مجموعة مسلحة، تبين أن لها ارتباطات مع «داعش»، واتهمتها وزارة الداخلية في غزة بأنها مرتبطة بجهاز المخابرات الفلسطينية في رام الله.
وقالت مصادر فلسطينية من غزة لـ«الشرق الأوسط»، تحفظت على ذكر اسمها، إن الحركة تتخوف من محاولات اغتيال مماثلة لقيادات من الحركة، وشخصيات فلسطينية أخرى، وهو ما دفع الأجهزة الأمنية المختصة إلى تعزيز الحراسات على قيادات في الحركة، وعلى شخصيات عربية ودولية تزور القطاع من حين لآخر. وكنتيجة لذلك، لوحظ خلال الأسابيع القليلة الأخيرة عودة تعزيز الأمن في موكب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، وذلك بعد فترة طويلة من تخفيف الحراسة عليه، حيث بدأ يتحرك بقوة أمنية محدودة.
ولاحظ سكان القطاع خلال الأيام القليلة الماضية مرور موكب طويل يتكون من نحو ست سيارات على الأقل، منها سيارات «جيبات» حراسة خاصة، وأخرى تضم قوات الأمن العامة بغزة تصاحب موكب هنية، خصوصاً أثناء تنقله إلى مناطق بعيدة عن مناطق سكنه، وتحركه في شوارع عامة طويلة، مثل الشارع الساحلي الذي يربط محافظات القطاع ببعضها، أو شارع صلاح الدين الشرقي، الذي يربط أيضاً المحافظات ببعضها البعض. كما شوهد خلال الأيام الأخيرة، التي زار فيها غزة محمد العمادي، السفير القطري لملف إعمار قطاع غزة، وجوداً مكثفاً لقوات الأمن وقوات التدخل، والقوات الخاصة التابعة للشرطة وحماية الشخصيات، وهي تنتشر في الشوارع التي يتحرك فيها العمادي بموكبه.
وارتدى بعض عناصر القوات الخاصة اللثام خلال تأمين الشوارع، التي كان يمر منها موكب العمادي. في إشارة لوجود خطر محتمل.
وكان موكب العمادي يتكون في الفترات السابقة من سيارتين أو ثلاث على أبعد تقدير، لكن لاحظ السكان تحركه بموكب وصل إلى أكثر من خمس سيارات. علما أنه يستخدم سيارات «جيبات» مصفحة تحمل لوحة سيارات أردنية.
وفي هذا السياق، قالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن أجهزة الأمن في غزة تملك معلومات عن نيات جهات مجهولة لتنفيذ محاولات اغتيال ضد شخصيات غير فلسطينية، عربية ودولية، موضحةً أن هناك تحذيرات وصلت من إمكانية تنفيذ عملية إطلاق نار على موكب العمادي.
كما أشارت المصادر ذاتها إلى أن الأجهزة الأمنية قررت بتعليمات عليا زيادة الحراسة على جميع الشخصيات التي تزور القطاع، لافتةً إلى أن أجهزة الأمن كثفت من عمليات البحث عن أشخاص هاربين، يتبعون للخلية التي نفذت محاولتي اغتيال الحمد الله وأبو نعيم، وأن عمليات مداهمات تجري يومياً بحثاً عن الهاربين من باقي أفراد الخلية، وهم أشخاص تم تصنفيهم بأنهم «خطر»، وقد يقدمون على هجمات مماثلة، إذا لم يتم اعتقالهم، وذلك على الرغم من ملاحقاتهم المستمرة ومحاولات الوصول إليهم.
وكان مسلحون قد حاولوا، في نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، اغتيال توفيق أبو نعيم، قائد قوى الأمن الداخلي بغزة، ثم حاولوا اغتيال رئيس الوزراء رامي الحمد الله لدى وصوله لغزة قبيل منتصف شهر مارس (آذار) الماضي.
وبعد أسابيع من التحقيقات الكبيرة، التي بذلتها الأجهزة الأمنية في غزة، نجحت في الوصول لشخص يدعى أنس أبو خوصة، لكن أعلن عن مقتله فيما بعد خلال مطاردته، وتم قتل شخص آخر ساعده. كما اعتقل عدد ممن ساعدوه في إعداد المتفجرات وغيرها.
وقبل أيام قليلة، كشفت وزارة الداخلية في غزة عن معلومات جديدة، تفيد بارتباط أبو خوصة بشخصية من الضفة الغربية كانت تدير منتدى يحمل توجهات متطرفة على الإنترنت، وقامت بتجنيد أبو ندى وأشخاص آخرين من أجل تنفيذ تلك العمليات لصالح جهاز المخابرات في رام الله، تحت غطاء «داعش»، وبتنسيق مع نشطاء التنظيم في سيناء، وفق ما عرضته الداخلية من نتائج التحقيق.
وقد دفعت هذه النتائج إلى حدوث تراشق إعلامي بين حركة فتح والسلطة الفلسطينية من جهة، وحركة «حماس» من جهة أخرى، وسط نفي من الجانب الأول لتلك الاتهامات، أو أي علاقة لأبو خوصة بأي من الضباط الفلسطينيين، الذين ذكرت داخلية غزة أسماءهم، فيما اتهمت «حماس» بمحاولة ضرب العلاقات بين السلطة ومصر بإدخالها في أتون الحرب ضد الإرهاب في سيناء.
ولم يكن معروفاً من قبل لدى السلطات المختصة أن أبو خوصة ينتمي فكرياً لتنظيم «داعش»، خصوصاً أنه لم يعتقل لدى أجهزة أمن «حماس» سابقاً، كغيره من أنصار التنظيم الإرهابي، الذين اعتُقِلوا على خلفية إطلاقهم صواريخ تجاه جنوب إسرائيل، وكذلك محاولة تنفيذ تفجيرات داخلية.
وتوضح التحقيقات أن أبو خوصة استخدم خلال التفجيرات طرقاً حديثة في صناعة العبوات الناسفة، خصوصاً تلك التي استخدمها في محاولة اغتيال اللواء توفيق أبو نعيم، ما يشير إلى أنه كان يمتلك معرفة متطورة في تصنيع العبوات الناسفة، رغم أنه لم ينتمِ لتنظيمات فلسطينية مسبقاً.
كما كشفت التحقيقات أن عدداً من المعتقلين على ذمة القضية هم عناصر سابقة أو حالية داخل عدد من التنظيمات الفلسطينية، وأنهم قدموا مساعدة غير مباشرة لأبو خوصة ضد معرفة مخططه. ولا يزال ثلاثة أشخاص من خلية أبو خوصة، وممن ساعدوا بشكل أساسي ويعفون تفاصيل مخططاته هاربين من العدالة. ولذلك تعمل الأجهزة الأمنية بغزة على ملاحقتهم خشيةَ نجاحهم في تنفيذ عمليات مماثلة.
وقالت الداخلية في غزة إن خلية أبو خوصة خططت لتنفيذ عمليات مماثلة قبل كشفها، ومنها عملية ضد الوفد الأمني المصري وشخصيات عربية ودولية.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.