حكومة الوفاق الليبية تطالب برفع حظر توريد السلاح

TT

حكومة الوفاق الليبية تطالب برفع حظر توريد السلاح

دعت حكومة الوفاق الوطني، التي يترأسها فائز السراج، المجتمع الدولي، مجدداً، لرفع حظر توريد الأسلحة على ليبيا، حيث طالب وزير خارجيتها محمد سيالة بدعم طلب حكومته من مجلس الأمن الدولي لاستثناء توريد بعض أنواع الأسلحة والمعدات اللازمة لمكافحة الإرهاب وتجهيز الحرس الرئاسي وخفر السواحل.
واعتبر سيالة، في كلمة ألقاها خلال فعاليات «المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب ومنع التطرف العنيف»، الذي عقد أول من أمس، بالعاصمة الطاجيكية دوشنبيه، أن قرار حظر توريد السلاح المفروض على بلاده، بحجة التخوف من إذكاء الفتنة، ومن استخدامه في إشعال الحرب الأهلية، أثر كثيراً على قدرتها في مقاومة العمليات الإرهابية.
ميدانياً، أعلنت القوات الخاصة التابعة للجيش الوطني الليبي، الذي يقوده المشير خليفة حفتر في شرق البلاد، أن طلائع منها وصلت أمس إلى مدينة درنة، في قوة تضم مائة عربة مسلحة لدعم باقي وحدات الجيش الموجودة بمحور المدينة، قصد تحريرها من الجماعات الإرهابية المتحصنة بداخلها.
وتزامن هذا التحرك مع شن طائرات حربية تابعة للجيش الوطني سلسلة غارات جوية أمس على أهداف للجماعات المتطرفة داخل المدينة، حيث أعلن اللواء محمد منفور، قائد سلاح الجو، عن تنفيذ عدة ضربات جوية على مواقع تابعة لميلشيات ما يُسمى بـ«مجلس شورى مجاهدي درنة».
في المقابل، نفى العميد يحيى الأسطى، مسؤول الأمن التابع لمجلس شورى المدينة، تقدم قوات الجيش أو سيطرتها على أي موقع، كما نقلت قناة «النبأ» التلفزيونية «الإخوانية» عن محمد المنصوري، مسؤول الإعلام بتنظيم «مجلس شورى درنة»، تصدي ميلشيات المجلس لقوات الجيش على محور الحيلة جنوب المدينة.
ووصف عادل البرعصي، منسق تجمع أهالي درنة، الوضع الإنساني في المدينة بـ«الخطير»، وحمّل في بيان، حكومة السراج والمنظمات الإنسانية والدولية، المسؤولية الكاملة عن استمرار ما وصفه بـ«القصف اليومي على أحياء المدينة بالمدافع والطائرات».
وفى جنوب البلاد، تصاعدت حدة الاشتباكات على نحو مفاجئ بين قوات الجيش وبين عناصر قبلية تتنازع داخل مدينة سبها، فيما قال عضو بمجلس النواب عن المدينة إن اشتباكات مسلحة تجددت مساء أول من أمس بين قوات اللواء السادس التابع للجيش، وبين عناصر مسلحة.
وأظهرت صور فوتوغرافية تداولها ناشطون محليون، أمس، تعرض قلعة سبها التاريخية والمطار الوحيد في المدينة لاعتداء بقذائف صاروخية ومدافع الهاون، في وقت أعلن فيه مركز سبها الطبي أن عدد ضحايا الاشتباكات بلغ قتيلين، مشيراً إلى أن هذا الاعتداء رفع إجمالي الضحايا منذ الرابع من شهر فبراير (شباط) الماضي حتى أمس إلى 18 قتيلاً، بالإضافة إلى 86 جريحاً.
وبدأت قوات الجيش الوطني الليبي في إعادة تنظيم صفوفها في الجنوب، بعد وصول اللواء المبروك الغزوي، القائد الجديد لمنطقة سبها العسكرية، إلى مطار سبها.
وفي مدينة سرت الساحلية، نفى مصدر عسكري تجدد أعمال القتال في المدينة، أو عودة ميلشيات تنظيم داعش إليها، لكنه قال أمس إن اشتباكات محدودة نجمت عما وصفه باحتكاك بسيط جرى أول من أمس بين قوتين. لكن تمت السيطرة على الأوضاع، حسب تعبيره.
من جهة أخرى، أعلنت البحرية الليبية إنقاذ 80 مهاجراً غير شرعي، كانوا على متن قارب متهالك قبالة شواطئ مدينة زوارة شرق العاصمة طرابلس. وقال العميد أيوب قاسم، الناطق باسم البحرية التابعة لحكومة الوفاق الوطني في العاصمة طرابلس، إن دورية لحرس السواحل نجحت في إنقاذ 80 مهاجراً غير شرعي من جنسيات أفريقية مختلفة، كانوا على متن قارب مطاطي متهالك كاد يتسبب في غرقهم.
بدوره، أعلن جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية في طرابلس أنه قام بترحيل 56 مهاجراً من نيجيريا، بينهم ثلاثة أطفال، إلى بلدهم، وذلك ضمن برنامج العودة الطوعية الذي ينفذه الجهاز بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة. وقال الجهاز، في بيان، إن عملية الترحيل تمت الخميس الماضي عبر رحلة جوية من مطار معيتيقة الدولي بطرابلس نحو نيجيريا.
من جهة ثانية، هدد موظفو المطار الدولي في مدينة طبرق (أقصى الشرق) بالتوقف عن العمل، إذا تم تجاهل مطالبهم بعد أيام من تقديم مدير المطار استقالته. وطالب بيان أصدره موظفو المطار، الجهات المسؤولة، بترميم المهبط وإضاءته، بالإضافة إلى توفير متطلبات السلامة من سيارات الإطفاء.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.