مرشح ينسحب من معركة بعلبك ـ الهرمل نتيجة ضغوط «حزب الله»

TT

مرشح ينسحب من معركة بعلبك ـ الهرمل نتيجة ضغوط «حزب الله»

عزز انسحاب المرشح عن المقعد الشيعي في دائرة بعلبك - الهرمل، محمد حميّة، مخاوف معارضي «حزب الله» من تأثير ضغوطه على نزاهة الاستحقاق النيابي، بعدما عزا حميّة انسحابه إلى تهديدات تعرّض لها مع عائلته وأقاربه، فيما بث مناصرون للحزب شائعات عن انسحاب رئيس اللائحة المنافسة يحيى شمص.
وقال حمية، في بيان انسحابه: «أنا لم أترشح من أجل المناصب، بل لخدمة أهلنا، لكنّ الأمور ذهبت إلى ضغط غير مسبوق، واتهامات بشقّ الصفّ»، وأضاف: «لأني حريص على أمن أهلي وسلامتهم، وعدم تعرضهم لأي سوء، ولإبقاء صلة الرّحم بين أهلي وأولاد عمّي، ولأننا نواجه القدرة المالية والتنظيمية الكبرى، ولأن قدراتنا لا تعادل قدراتهم، ولأنّ النظام الانتخابي لا يزال قاصراً عن محاسبة التجاوزات الماديّة والإعلامية، ودرءاً للفتنة والحفاظ على أهلي في طاريّا، وإبعاد بلدتي عن أجواء التشنّج، فضّلت انسحابي من المعركة الانتخابيّة»، وختم بيانه قائلاً: «أعاهد أهلي بأني سأبقى في خدمتهم من خلال معارضتي للفساد والهيمنة».
واعتبر رئيس «مركز أمم للأبحاث»، لقمان سليم، أن «(حزب الله) ماضٍ في إلغاء كل من يعارضه الرأي في المناطق الشيعية، بشهادة ما جرى مع زميلنا علي الأمين (الاعتداء عليه من قبل مناصري الحزب قبل أسابيع)، وقبله آخرين»، وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن الحزب «لا يمارس الضغوط والترهيب على المرشحين، إنما يحاول ابتزاز الجمهور بقوله إن الصوت الانتخابي يوازي الدم، ما يقطع الطريق على أي منافسة انتخابية سياسية».
ويشكو مرشحون مناهضون للحزب من منعهم من تنظيم حملات انتخابية في البقاع والجنوب، والاعتداء على مكاتبهم الانتخابية، وتشويه صورهم في الشوارع، من دون أن يتعرضوا للمحاسبة والمساءلة. ويؤكد لقمان سليم، وهو باحث سياسي معارض لـ«حزب الله»، أن «تزوير نتائج الانتخابات حصل فعلياً قبل أن تفتح صناديق الاقتراع، ولذلك فإن النتائج مزورة سلفاً»، ورأى أن الأمر «لم يعد يتوقف على الحزب وحده، لأن جماعة العهد (التيار الوطني الحرّ) وآخرين يسيرون على خطى (حزب الله)، ويتوسلون بعض الأجهزة الأمنية للضغط على الناخبين، على قاعدة أن من يؤيدهم مع العهد، ومن لا يقترع لهم هو ضدّ العهد، بمعنى أن هناك خونة وأوفياء، وهذا يشكل أكبر ضربة لسلامة عملية الانتخابات».
كان الشيخ عباس الجوهري، المرشّح على لائحة تحالف «القوات اللبنانية» و«المستقبل» والنائب السابق يحيى شمص، قد تعرّض لضغوط عدّة، كان آخرها توقيفه بتهمة المخدرات لساعات، ما دفعه إلى الانسحاب من السباق باكراً، وكذلك الضغوط التي تعرّض لها المرشح الشيعي في دائرة الجنوب الثانية رياض الأسعد، والاعتداء على المرشح الإعلامي علي الأمين، وهو ما ضاعف الشكوك حول إجراء الانتخابات بحرية وبعيداً عن التأثيرات السياسية والأمنية.
ومن جهته، أعلن المحلل السياسي قاسم قصير، المطلع على أجواء «حزب الله»، أنه لا يستطيع نفي أو تأكيد المعلومات عن ضغوط مارسها الحزب وأدت إلى انسحاب حمية، لكنه لفت لـ«الشرق الأوسط» إلى أن انسحابه «يخدم لائحة يحيى شمص و(القوات اللبنانية) و(المستقبل)، لأنه بذلك يعزز حظوظ شمص بالفوز»، وقال: «قد يكون السبب مرتبطاً بجوانب معنوية»، مقللاً من فرضية الضغوط «ما دام أن هناك أربع لوائح في بعلبك - الهرمل ماضية في معركتها ضدّ لائحة (حزب الله)». واعتبر لقمان سليم أنّ «القانون الانتخابي يفتح الباب أمام مزيد من سيطرة (حزب الله)، لأنه يشرّع تدخّله السافر في قرارات الجماعات الطائفية الأخرى، بحيث يتدخل في مناطق القوى المعارضة له، كما يحصل في بيروت وصيدا والبقاع الغربي وغيرها، ويفرض مرشحين شيعة وغير شيعة، فيما تبقى مناطق نفوذه مقفلة على الآخرين، ومن يتجرأ على خوض الانتخابات ضدّه يتعرّض للمضايقات والتهديد والإيذاء الجسدي».
وختم لقمان سليم: «هناك طابور خامس لـ(حزب الله)، شكّله في حرب الـ2008 (عندما اجتاح بيروت ومناطق في جبل لبنان عسكرياً في السابع من - مايو | أيار)، واليوم يقطف ثمار ما زرعه من عشر سنوات».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.