ميغان ماركل... الأميرة القادمة من هوليوود

كتاب بريطاني عن أوجه الشبه بينها وبين الأميرة ديانا

ميغان ماركل... الأميرة القادمة من هوليوود
TT

ميغان ماركل... الأميرة القادمة من هوليوود

ميغان ماركل... الأميرة القادمة من هوليوود

قصة الحب التي جمعت بين قلبي الأمير هاري، السادس في تسلسل ولاية العرش البريطاني، والممثلة الأميركية الشهيرة ميغان ماركل، تشبه القصص الخيالية في كل شيء باستثناء أنها حقيقية وقوية. رغم أن بطلة هذه الحكاية ليست أميرة قضت حياتها في انتظار فارسها أحلامها، كما يكشف أندرو مورتون، الكاتب البريطاني الشهير المتخصص في العائلة المالكة.
يعترف مورتون في كتابه الجديد، الذي يحمل اسم «ميغان، أميرة من هوليوود»، أن ما أثار ذهوله في حياة أحدث أفراد الأسرة المالكة هو أنها منذ سن مبكرة، وتحديداً وهي في العاشرة من العمر، قد بدأت الانخراط في الحركات المدنية النشطة، والاشتراك في حملات مؤيدة للمساواة بين الجنسين من خلال كتابة خطابات وحضور تظاهرات. وبعد زواج استمر لعامين من منتج الأفلام تريفور أنغلسون، أعادت الممثلة البالغة من العمر 36 عاماً خاتم زواجها إليه عبر البريد. قال أصدقاؤها، الذين يعرفونها منذ فترة الشباب في الولايات المتحدة الأميركية، إنها أرادت أن تكون الأميرة ديانا الثانية. بطبيعة الحال ظهرت معلومات من هذا النوع عن ميغان في صحف الإثارة المنتشرة حول العالم، والتي تتهافت على تقديم التفاصيل للقرّاء النهمين لمعرفة معلومات عن السيدة التي ستمثل فصلاً جديداً في تاريخ الملكية البريطانية في 19 مايو (أيار) عندما تصبح زوجة الأمير هاري.
قبل بضعة أسابيع من حفل الزفاف، الذي يعد الحدث الأهم خلال العام الحالي، سلّط تدشين كتاب مورتون في كل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية الضوء على تفاصيل حفل الزفاف الذي يُعتقد أنه لن يخرج عن التقاليد البريطانية ولكن مع لمسة شخصية.
يقدم مورتون لقرائه في كتابه، ذي الـ292 صفحة، تفاصيل خاصة بخلفية ميغان كابنة لزوجين من عرقين مختلفين، وكان والدها مدير إضاءة في هوليوود، ووالدتها أخصائية اجتماعية. تم تصوير ميغان كامرأة موهوبة وذكية ذات شخصية قوية، وذات عزيمة، قادرة على تحقيق النجاح والتفوق في أي مجال تعمل به سواء كان الصحافة، أو الدبلوماسية، أو التمثيل.
إلى جانب ذلك، يوضح الكتاب أوجه الشبه بين الأميرة ديانا، أميرة ويلز، والزوجة المستقبلية لابنها الأصغر. لا يقتصر ذلك على السحر والتألق والفتنة في المظهر، بل يشمل أيضاً حماسة المرأتين تجاه القضايا الاجتماعية، واهتمام كل منهما بالأعمال الإنسانية، ونشاط الاثنتين في المناطق المنسية من العالم. وعلى العكس من ذلك، يوضح مورتون أوجه الاختلاف بين ميغان المستعدة دائماً «للكاميرا» والتصوير، البالغة من العمر 36 عاماً، والتي رسخت أقدامها في مهنة التمثيل وتعبر عن آرائها بصراحة، والناشطة في قضايا المرأة والأعراق، وبين كاثرين ميدلتون، زوجة شقيق زوجها المستقبلي، دوقة كامبريدج، التي درست في الجامعة، ثم تزوجت من ويليام، الشقيق الأكبر للأمير هاري.
بطبيعة الحال، تمكن المؤلف من إعادة تصوير وتكوين المشاهد الرومانسية التي تم الإبقاء على سريتها بعيداً عن أعين الجماهير لأشهر كثيرة حين بدأ الحبيبان المواعدة. وكانت علاقتهما قد بدأت في يوليو (تموز) 2016 في لندن، وترسخت بعد أسبوعين خلال رحلة خاصة إلى أفريقيا، ثم عبر هاري وميغان المحيط الأطلسي ليكونا معاً لبضع ساعات، حيث ظلت الممثلة مقيمة في تورنتو بكندا، حيث صورت مسلسلها التلفزيوني الشهير «سوتس».
إن ميغان ليست بالمرأة التقليدية، ولا ستصبح أميرة بلا آراء شخصية. مع ذلك قد تتعلم أن تترك تأثيراً وبصمة بطريقة أكثر ذكاءً وبراعة، فمنذ إعلان خطوبتها أغلقت حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي كافة، التي كانت نشطة عليها في السابق. واختتم مورتون الكتاب بالإشارة إلى أن ميغان سوف تغير من طريقتها في تأييد القضايا العامة.
رغم سلاسة صياغة الكتاب، وتوظيف الكاتب لكثير من النوادر التي تمتع القارئ، وتجعل من الممكن الانتهاء من قراءة الكتاب في غضون ساعات، يعد أبعد ما يكون عما كتبه في الماضي عن سير أفراد العائلة المالكة السابقة مثل كتاب «ديانا: قصتها الحقيقية - بكلماتها». لقد حلّق مورتون في سماء النجومية بفضل ذلك الكتاب، حيث جعله يصبح الصوت الموثوق به في عالم الملكية، وكان هذا ما أسس عليه مسيرته المهنية ككاتب. قصة ميغان ماركل مختلفة بشكل ملحوظ من حيث النبرة والعمق، حيث يصف مورتون نفسه سيرة ديانا، المستندة إلى مقابلة سرية حصرية مع الأميرة التي كانت متزوجة آنذاك من الأمير تشارلز، بأنها استثنائية. يحمل الكتاب عن ميغان، الذي تم الانتهاء من العمل البحثي الخاص به وكتابته في غضون بضعة أشهر، شعوراً بأنه كتاب يستند إلى شهادة أضعف. رغم احتواء الكتاب على كثير من النوادر التي يرويها أشخاص مقربون من ميغان، لا يزال هناك شعور بأن الكثير ممن تحدثوا إلى المؤلف مهتمون بإظهار أشياء محددة للتأثير على صورة الممثلة.
يقول مورتون: «قد يكون من المفيد أحياناً الوجود في المكان المناسب في الوقت المناسب»، في إشارة إلى علمه بقصة ميغان عندما تم الإعلان عن خطوبتهما حين كان في جنوب كاليفورنيا حيث التقى الكثير من الأشخاص الذين لديهم قصص متعلقة بميغان على نحو ما.
وعموماً، يساعدنا الكتاب على معرفة للتفاصيل الخاصة بحياة وشخصية ميغان، الأميرة القادمة من هوليوود، والتي غزت العائلة المالكة، وسوف يكتب حفل زفافها بلا شك فصلاً جديداً في التاريخ الطويل للعائلة المالكة البريطانية.



أميتاف غوش و«خيال ما لا يمكن تصوره»

غوش
غوش
TT

أميتاف غوش و«خيال ما لا يمكن تصوره»

غوش
غوش

حصل الكاتب الهندي أميتاف غوش، يوم 26 نوفمبر (تشرين الثاني)، على جائزة إراسموس لعام 2024 ومبلغ نقدي قدره 150 ألف يورو، لمساهمته الملهمة في موضوع هذا العام «خيال ما لا يمكن تصوره». وذلك من خلال أعماله التي تهتم بمواضيع الساعة؛ من بينها الأسباب الرئيسية لتغير المناخ.

وغوش (ولد عام 1956)، في كلكتا، عالم أنثروبولوجيا اجتماعية من جامعة أكسفورد، ويعيش بين الهند والولايات المتحدة. تتضمن أعماله روايات تاريخية ومقالات صحافية. وتعتمد كل أعماله على بحث أرشيفي شامل، وهي تتجاوز الزمن والحدود المكانية. ومن بين المواضيع الرئيسية، التي يتطرق إليها، الهجرة والشتات والهوية الثقافية، دون إغفال، طبعاً، البعد الإنساني.

في كتابيه الأخيرين «لعنة جوزة الطيب» و«الدخان والرماد: التاريخ الخفي للأفيون»، يربط غوش بين الاستعمار وأزمة المناخ الحالية، مع إيلاء اهتمام خاص لشركة الهند - الشرقية الهولندية.

وكان الاستعمار والإبادة الجماعية، وفقاً لغوش، من الأسس التي بنيت عليها الحداثة الصناعية. علاوة على ذلك، فإن النظرة العالمية، التي تنظر إلى الأرض كمورد، تذهب إلى ما هو أبعد من الإبادة الجماعية والإبادة البيئية. التي تستهدف كل شيء - الناس والحيوانات والكوكب نفسه، والسعي وراء الربح، قد استنزف الأرض وحوّل الكوكب إلى موضوع للاستهلاك.

المخدرات أداة استعمارية

ويدور موضوع كتاب «الدخان والرماد» حول الرأسمالية التي تفتقد أي وازع أخلاقي. وبداية، يفند المؤلف الكتابات التي تدعي أن الأفيون كان يستخدم في الصين بشكل واسع، ويعتبر ذلك من الكليشيهات التي لا أساس لها من الصحة، إذ لم يكن إنتاج الأفيون نتيجة للتقاليد الصينية، بل «كانت المخدرات أداة في بناء قوة استعمارية». وكان النبات يشكل جزءاً مهماً من الاقتصاد في مستعمرة الهند البريطانية. وفي كتابه «لعنة جوزة الطيب»، يستدعي غوش المذبحة التي اقترفها جان بيترزون كوين (1587 - 1629)، في جزر باندا في عام 1621 للسيطرة على احتكار جوزة الطيب. يطبق قوش الآن هذه الطريقة أيضاً على الأفيون. وكان قد سبق له أن كتب عن تاريخ الأفيون «ثلاثية إيبيس»؛ وتتضمن «بحر الخشخاش» (2008)، و«نهر الدخان» (2011)، و«طوفان النار» (2015). وروى فيها قصة سفينة العبيد، إيبيس، التي كانت تتاجر بالأفيون بين الهند والصين خلال حرب الأفيون الأولى (1839 - 1842).

يقول جان بريمان (1936) عالم اجتماع الهولندي والخبير في مواضيع الاستعمار والعنصرية وما بعد الكولونيالية، عن «لعنة جوزة الطيب»: «ما الذي ألهم هؤلاء الهولنديين من (VOC) شركة الهند - الشرقية، بقيادة كوين لذبح جميع سكان جزر - باندا قبل أربعة قرون؟». هذا السؤال يطرحه أيضاً الكاتب الهندي غوش في كتابه «لعنة جوزة الطيب». علماً بأن جوزة الطيب لا تنمو إلا في هذه الجزر. ويضيف بريمان: «ليس من باب الاهتمام بما نعتبره نحن في هولندا النقطة السيئة في تاريخنا الاستعماري، ولكن لأن، عقلية شركة الهند - الشرقية الهولندية ما تزال منذ 400 عام تحركنا، بل إنها تغرقنا مباشرة في أزمة المناخ. وباختصار، تعتبر قصة الإبادة الجماعية في جزر - باندا بمثابة مَثَل لعصرنا، وهي قصة يمكن تعلم الكثير».

دولة المخدرات لشركة الهند - الشرقية

كانت هولندا أول من اعترف بالقيمة التجارية للأفيون، وهو المنتج الذي لم يسبق له مثيل من قبل. ولضمان توفر ما يكفي من الأفيون للتجارة، تم استخدام المزيد من المناطق في جزيرتي جاوة ولومبوك لزراعة الخشخاش. وتبين أن احتكار شركة الهند - الشرقية للأفيون كان بمثابة إوزة تضع بيضاً ذهبياً، فقد عاد الحاكم العام إلى هولندا في عام 1709 ومعه ما يعادل الآن «ثروة بيل غيتس» وقد يعود جزء من ثروة العائلة الملكية الحالية لهذه التجارة، بحسب غوش، نتيجة استثمارها الأموال في شركات الأفيون. وهكذا أصبحت هولندا «دولة المخدرات الأولى». ولكن تبين أن ذلك كان لا شيء، مقارنة بما فعله البريطانيون في الهند؛ وفقاً لغوش، فقد أتقنوا إدارة أول «كارتل عالمي للمخدرات».

ففي الهند، أجبر البريطانيون المزارعين على تحويل أراضيهم إلى حقول خشخاش والتخلي عن المحصول بأسعار منخفضة. ثم قاموا ببناء المصانع حيث كان على (العبيد) معالجة الأفيون وسط الأبخرة. ولم تكن السوق الهندية كبيرة بما يكفي، لذلك كان على الصينيين أيضاً أن يتكيفوا. ومع ذلك، يبدو أن الصينيين لم يكونوا مهتمين على الإطلاق بالتجارة مع البريطانيين. ويقتبس غوش رسالة من تشيان لونغ، إمبراطور الصين آنذاك، الذي كتب في رسالة إلى الملك البريطاني جورج الثالث في عام 1793: «لم نعلق أبداً أي قيمة على الأشياء البارعة، ولم تكن لدينا أدنى حاجة لمنتجات من بلدك».

لعب الأفيون دوراً مركزياً في الاقتصاد الاستعماري منذ عام 1830 فصاعداً. وتم إنشاء المزيد والمزيد من المصانع في الهند لتلبية احتياجات «المستهلك الصيني»، كما كتب الكاتب البريطاني Rudyard Kipling روديارد كبلنغ عام 1899 في تقريره «في مصنع للأفيون»؛ فرغم الرائحة الخانقة للأفيون، كان «الدخل الكبير» الذي حققه للإمبراطورية البريطانية أهم.

تضاعفت مساحة حقول الخشخاش في الهند إلى ستة أضعاف. ويوضح غوش بالتفصيل ما يعنيه هذا لكل من المجتمع الهندي والطبيعة في القرون التي تلت ذلك. فلا يحتاج نبات الخشخاش إلى الكثير من الرعاية فحسب، بل يحتاج أيضاً إلى الكثير من الماء، مما يؤدي إلى الجفاف واستنزاف التربة. كما شكلت تجارة الأفيون جغرافية الهند المعاصرة بطرق أخرى. وأصبحت مومباي مدينة مهمة كميناء عبور للأفيون في عهد البريطانيين. ولا تزال المناطق التي تم إنشاء معظم حقول الأفيون فيها في ذلك الوقت من بين أفقر المناطق في الهند.

يوضح قوش كيف يعمل التاريخ، وبالتالي يميز نفسه عن معظم الكتاب الذين تناولوا الموضوع ذاته.

كما أنه يرسم أوجه تشابه مع الحاضر، التي لا يجرؤ الكثير من المؤلفين على تناولها. ووفقاً له، لا توجد مبالغة في تقدير تأثير تجارة الأفيون الاستعمارية على الأجيال اللاحقة. فما أنشأه البريطانيون في المناطق الآسيوية لا يختلف عن عمل منظمة إجرامية - حتى بمعايير ذلك الوقت، كما يكتب غوش، وهذا ما زال قائماً.

إن رؤية ذلك والاعتراف به أمر بالغ الأهمية لأولئك الذين يرغبون في العمل من أجل مستقبل أفضل.

يوم أمس منح ملك هولندا ويليام ألكسندر جائزة إيراسموس لأميتاف غوش في القصر الملكي في أمستردام، تقديراً لعمل غوش، الذي يقدم، بحسب لجنة التحكيم، «علاجاً يجعل المستقبل غير المؤكد ملموساً من خلال قصص مقنعة عن الماضي، وهو يرى أن أزمة المناخ هي أزمة ثقافية تنشأ قبل كل شيء من الافتقار إلى الخيال».