حلم «الاستقرار» يراود أصحاب مشروعات شبابية مصرية

بالتزامن مع عيد العمال في الأول من مايو

ياسر سعيد (يسار) وشقيقه محمود (يمين) من مشروع ناشئ («الشرق الأوسط»)
ياسر سعيد (يسار) وشقيقه محمود (يمين) من مشروع ناشئ («الشرق الأوسط»)
TT

حلم «الاستقرار» يراود أصحاب مشروعات شبابية مصرية

ياسر سعيد (يسار) وشقيقه محمود (يمين) من مشروع ناشئ («الشرق الأوسط»)
ياسر سعيد (يسار) وشقيقه محمود (يمين) من مشروع ناشئ («الشرق الأوسط»)

تنتشر عربات الطعام المتنوعة في العاصمة المصرية، إلا أن أصحابها مثل آخرين في عيد العمال اليوم (الثلاثاء)، يحملون مخاوف وطموحاً جماً حول استقرار مشروعاتهم الناشئة.
حسن قاسم (26 عاماً)، يقف أمام إحدى محطات مترو أنفاق القاهرة، بصحبة حقيبة سوداء ضخمة، بها عدد من المأكولات السريعة من الساندوتشات، وعلى الحقيبة اسم الشركة الناشئة المؤسسة من 9 أشهر فقط «whichova».
بدأ قاسم وثلاثة من زملائه، من مجالات التجارة والهندسة والطب، تدشين المشروع عقب العمل لبضع سنوات في شركات خاصة؛ لكن عدم تطور العمل في شركاتهم الخاصة، فضلاً عن الظروف الصعبة، شجعتهم للبدء في مشروع المأكولات، كسوق واعدة لشريحة طلاب الجامعة بالقاهرة.
وقطع «whichova» الطريق الرسمي في الحصول على الأوراق اللازمة من وزارة الاستثمار المصرية؛ لكن تحدياً آخر يواجه أصحاب المشروع، من استقرار مادي أو حتى التسويق الجيد، يقول قاسم: «شعرت بأن بعض مقترحاتي في عملي السابق لم تؤخذ على محمل الجد، فقررت أن أخوض غمار المغامرة في السوق الحرة».
يتابع قاسم: «نحن نرى رجال الأعمال في العالم من الشباب، وحاولنا أخذ الخبرة في المشروعات السابقة التي عملنا بها؛ لكننا نطمح ونحلم بأن يحقق كل منا الكثير في مشروع خاص».
ويقول الطبيب بالمشروع ذاته، عبد الله الجزار (27 عاماً)، إن المخاطرة يقابلها الطموح لهذه السوق الجديدة، في ظل غلاء أسعار عدد من المطاعم المصرية، كان الهدف تخفيف العبء عن الطلاب من ناحية، بتقديم الساندوتش الواحد بسبعة جنيهات مصرية (أقل من نصف دولار) ومن ناحية أخرى سوق جديدة يمكن أن تدر ربحاً لأصحابها بالمستقبل.
وتنتشر المشروعات الصغيرة من دنيا المأكولات والمشروبات في مصر، على حافة بين الطموح والحلم بالاستقرار، في مواجهة البطالة أو ركود سوق العمل، في نهج اتخذته القاهرة مؤخراً بتشجيع «أسواق الشارع»، مثل مشروع «شارع مصر» الذي افتتحه محافظ القاهرة في منطقة النزهة لتقديم المأكولات والمشروبات، إضافة إلى المشغولات اليدوية، أو المشروع المتوقع إقامته هذا العام «شارع شباب الشيخ زايد» كأحد المشروعات التنموية لبيع المأكولات والمشروبات في المدينة الجديدة.
ياسر سعيد (23 عاماً) كان يجلس محاولاً تفادي العاصفة الترابية التي تمر على القاهرة، وذلك في محل صغير من الخشب يسميه «مش كشك»، المشروع الذي دشنه مع صديق له، يقدم المشروبات المثلجة والآيس كريم أيضاً لشباب الجامعة، بدأه منذ نحو الشهر.
عمل سعيد منذ بضع سنوات في مجال السياحة، حتى خلال دراسته بجامعة القاهرة، كان يحلم من حينها بتدشين مشروع خاص داخلها؛ لكن أسعار الإيجارات المرتفعة جعلته يدشنه خارجها، وفي ليلة عيد العمال كان يتذكر أن تعثر السياحة هو ما دفعه لتدشين المشروع مع صديقه.
يقول سعيد إن شباب الجامعة يقبلون على منتجه، تشجعه والدته وأخوه محمود، ورغم الحصول على رخصة رسمية، فإن الخوف يحيط به من تعنت من المسؤولين بمصر، أو حتى عمله بلا غطاء تأميني (مادي أو صحي)؛ لكن الشاب يرى أن السوق تستوعب المخاطرة، قائلا إنه لا يود العودة للعمل في شركة، مفضلاً العمل الحر.
وتحتفل دول كثيرة حول العالم بعيد العمال في الأول من مايو (أيار) بشكل عام، بعد أن برز للمرة الأولى عام 1886 في شيكاغو بالولايات المتحدة.
وبالتزامن مع العيد، غرد عدد من النشطاء عبر «تويتر» على هاشتاغ «#عيد_العمال» بكثير من رسائل الترحيب بالعمال، مثل العاملات من الطبقة الكادحة.



دراما السيرة الذاتية للمشاهير حق عام أم خاص؟

أحمد زكي مجسداً شخصية عبد الحليم حافظ (يوتيوب)
أحمد زكي مجسداً شخصية عبد الحليم حافظ (يوتيوب)
TT

دراما السيرة الذاتية للمشاهير حق عام أم خاص؟

أحمد زكي مجسداً شخصية عبد الحليم حافظ (يوتيوب)
أحمد زكي مجسداً شخصية عبد الحليم حافظ (يوتيوب)

تُعد دراما السيرة الذاتية للمشاهير والشخصيات العامة من أهم أنواع الدراما التي يُقبل عليها المشاهد عالمياً، لكن الأزمة الأساسية التي تواجه هذا النوع الدرامي تتعلق بالصراع مع الورثة حول أحقية تقديم العمل من عدمه، وفق متابعين ونقاد.

وفي الآونة الأخيرة، طالعتنا وسائل إعلام بتصريحات على لسان الممثل كريم نجل النجم الراحل محمود عبد العزيز أنه «يرفض تحويل حياة والده إلى عمل درامي».

في حين أن محمود عبد العزيز قدم أحد أشهر مسلسلات السيرة الذاتية وهو «رأفت الهجان» عن قصة عميل المخابرات المصرية الذي عاش في إسرائيل رفعت الجمال، وحقّق العمل الذي بُث الجزء الأول منه لأول مرة عام 1988 نجاحاً ساحقاً في أجزائه الثلاثة.

مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)

وعلى الرغم من أن الفنان الراحل أحمد زكي قدم 3 أفلام سيرة ذاتية عن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر «ناصر 56» عام 1996، والرئيس الراحل أنور السادات «أيام السادات» عام 2001، والمطرب الراحل عبد الحليم حافظ «حليم» عام 2006، بيد أن شقيقته إيمان زكي رفضت رفضاً قاطعاً تقديم قصة حياته في مسلسل.

حق عام بضوابط

قال حسن حافظ الباحث في تاريخ مصر لـ«الشرق الأوسط»: إن «سيرة أي شخصية مشهورة هي ملكية عامة، ومن حق أي مبدع تقديمها في عمل فني». وتابع: «بيد أن هناك بعض المعايير، أهمها الاحتفاظ بالسياق التاريخي للأحداث دون تزييف، مع حق المبدع أن يتعمّق في دوافع الشخصية لفهم القرارات التي اتخذتها، وهنا يكون الورثة أحد مكونات عملية البحث، مع التدقيق في ما يقولونه».

أمر آخر لا بد من أخذه في عين الاعتبار حسب حافظ، وهو أن العمل الدرامي لا يحكي قصة الشخصية العامة كما جرت بالضبط، بل هو مبني في جزء منه على الخيال، بعكس العمل الوثائقي.

ويتفق معه الناقد الفني أمجد مصطفى، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا يحق للورثة حتى طلب أموال مقابل السماح بتناول القصة، ولكن من حقهم الاطمئنان لخروج العمل الدرامي دون تشويه للشخصية، فهناك بعض كتاب الأعمال الدرامية الذين يتعمدون إضافة أشياء قد تكون غير حقيقية وربما جارحة من أجل التشويق والإثارة».

ولفت إلى أن ذلك لا يعني أن العمل الدرامي يجب أن يُركّز فقط على الجوانب الإيجابية في حياة الشخصية، فهناك أمور قد لا تفيد في رصد حياة الشخصية، وفق مصطفى.

تخليد للشخصية وشركائها

من أهم السير التي قّدّمت وخلقت حالة في مصر، مسلسل «أم كلثوم» (إنتاج 1999)، وحقق نجاحاً كبيراً، وفق نقاد، ومع ذلك يقول حسن حافظ إن «هذا المسلسل قدم سيرة بيضاء لأم كلثوم، ولم ينخرط مثلاً في صراعاتها مع نجوم عصرها».

في حين يرى أمجد مصطفى أن «مسلسل (أم كلثوم) إلى جانب أنه يخلّد سيرتها، فإنه كذلك يرصد حياة جميع من شاركوا في قصة نجاحها من ملحنين وشعراء، ولكن هذا المسلسل مثلاً تجاهل دور الموسيقار محمد الموجي في حياة أم كلثوم، ومن هنا يجب على كاتب دراما السيرة الذاتية أن يكون أميناً في الرصد».

سيرة أم كلثوم في مسلسل من بطولة صابرين (يوتيوب)

الجدية شرط النجاح

على المستوى العالمي هناك انفتاح لتقديم دراما السيرة الذاتية سواء في أميركا أو أوروبا، مثل مسلسل «كليوباترا» الذي عرضته منصة «نتفليكس» الأميركية في مايو (أيار) 2023 وأثار الجدل لأنه قدم الملكة المصرية الفرعونية ذات بشرة سمراء، وهو ما عدّته السلطات المصرية «تزييفاً للتاريخ»؛ لأن المصادر تؤكد أن كليوباترا كانت بشرتها فاتحة اللون.

في حين أن مسلسل «التاج» (The Crown)، الذي يتناول سيرة الملكة إليزابيث الثانية، حقق نجاحاً كبيراً.

ويُرجع حافظ سبب نجاحه إلى «ما لمسه المشاهد من جدية القائمين عليه لتقديمه في أحسن صورة وأدق تفاصيل».

وشدّد على أن «غياب الجدّية والدقة تسبب في فشل مسلسلات عن سير المشاهير في مصر خلال السنوات الأخيرة، مثل مسلسلات (العندليب) عن سيرة عبد الحليم حافظ، و(السندريلا) عن سيرة سعاد حسني، و(الضاحك الباكي) عن سيرة نجيب الريحاني».

ويرى أمجد مصطفى كذلك أن «فيلم حليم لأنه كان في آخر أيام أحمد زكي وقت مرضه أُنجز بسرعة ولم يكن متّقناً بالقدر اللازم لنجاحه».

تصبح المهمة أسهل حينما تكون للشخصية المشهورة مذكرات كتبتها قبل وفاتها، وهذا ما حدث في فيلم «أيام السادات» الذي كتب السيناريو له من واقع مذكراته الكاتب الراحل أحمد بهجت، الذي يقول نجله الشاعر محمد بهجت لـ«الشرق الأوسط»: «لم يواجه والدي مشكلات مع الورثة عند كتابة الفيلم لأنه اعتمد على كتاب البحث عن الذات للرئيس السادات، وكذلك بعض كتب الكاتب الراحل محمد حسنين هيكل، وأيضاً مذكرات جيهان السادات التي كانت على قيد الحياة وقتها وأثنت على سيناريو الفيلم قبل تصويره حينما عرضه عليها والدي والفنان أحمد زكي».

أحمد زكي في فيلم «أيام السادات» (فيسبوك)

موقف القانون

وعن موقف القانون من دراما السيرة الذاتية يقول المحامي بالنقض محمد إصلاح في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «وفق المبادئ القانونية المستقرة في القانون المدني المصري فإن مجرد التجسيد لا يرتب حقاً قانونياً للورثة في الاعتراض، ولكن لهم رفع دعوى تعويض إذا أثبتوا أن النشر والتجسيد قد أضرّ بسمعة المتوفى، ولا يستطيعون رفع دعوى منع ما لم يتمكنوا من إثبات تحقّق هذا الضرر للمحكمة من واقع العمل الفني».