الحكومة تبسط سلطاتها في تعز... وهادي يشدّد على تحريرها

الجيش اليمني يستكمل تأمين حضرموت من فلول «القاعدة»

TT

الحكومة تبسط سلطاتها في تعز... وهادي يشدّد على تحريرها

تكللت جهود الحكومة اليمنية، أمس، بنزع فتيل التوتر الأمني في الأحياء المحررة من مدينة تعز بين قواتها الرسمية وبعض الفصائل المسلحة، بالتزامن مع تحركاتها الموازية في كل المناطق المحررة لجهة تطبيع الأوضاع الأمنية واستعادة عمل المؤسسات وتسريع الأداء في ملفات التنمية وقطاع الخدمات.
وتلقى الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، أمس اتصالاً هاتفياً من محافظ تعز أمين محمود، أطلعه خلاله على «جهود استئناف العمل في المؤسسات الحكومية داخل المحافظة وسير العمليات العسكرية في مختلف الجبهات».
وأفادت المصادر الرسمية بأن هادي «استمع إلى شرح من المحافظ حول نتائج عملية تسلم المقرات والمؤسسات الحكومية الواقعة في المربع الشرقي والتي تمت أمس، ومدى تجاوب الوحدات الأمنية والعسكرية مع التوجيهات».
وطبقاً لما ذكرته وكالة «سبأ»، جدد هادي تأكيد أن تحرير تعز أولوية ملحّة لدى الشرعية لما عانته هذه المحافظة من بطش الميليشيات الحوثية التي قال إنها «تنفذ أجندة إيران وتحاول عكس تجربة ولاية الفقيه على اليمنيين».
وأكد الرئيس اليمني أن الحكومة الشرعية مهتمة بتطبيع الأوضاع في تعز واستكمال تحريرها، مشدداً على ضرورة تكاتف جهود الجميع من أجل أمن المحافظة واستقرارها وإعادة الحياة إليها.
وكانت قوات الأمن في تعز قد استعادت السيطرة على أكثر من 20 موقعاً ومبنى حكومياً في الجهة الشرقية من المدينة، على أثر اتفاق مع فصائل مسلحة كانت تتمركز فيها منذ تحريرها من قبضة الجماعة الحوثية.
وعلى وقع نزع فتيل التوتر الذي أدى إلى مقتل وجرح العشرات، وصل إلى المدينة نائب رئيس هيئة الأركان في الجيش اليمني اللواء الركن صالح الزنداني، وقائد المنطقة العسكرية الرابعة اللواء فضل حسن، والتي مقرها في عدن ويشمل نطاق عملها مناطق تعز.
وحذر الزنداني في اجتماع مع قادة الجيش والأمن في تعز من محاولات اختراق الصف الوطني من قبل ميليشيا الانقلاب الحوثي، وممن وصفهم بأذناب إيران لإثارة الفتن وخلق خلافات داخلية، وقال: «إن النصر الحاسم قاب قوسين أو أدنى».
في غضون ذلك، واصلت قوات الجيش اليمني مطاردة فلول تنظيم «القاعدة» في غرب محافظة حضرموت، وذلك بعدما لجأت العناصر الإرهابية إلى تلك المناطق بعدما كانت طردت من المناطق الساحلية للمحافظة.
وأعلن الجيش على موقعه الإلكتروني «سبتمبر.نت» أن قواته سيطرت على المواقع التي كانت تتمركز فيها «القاعدة» في غرب حضرموت، في إطار عملية «الجبال السود» لملاحقة مسلحي «القاعدة».
وأضاف الموقع أن الجيش الوطني حرر جميع المناطق شمال غربي محافظة حضرموت وأمّنها بإسناد جوي كبير من مقاتلات تحالف دعم الشرعية في اليمن.
ونقل الموقع عن الناطق باسم قيادة المنطقة العسكرية الثانية هشام الجابري، تأكيده أن «الجيش الوطني تمكن من تحرير جميع النقاط التي كانت تتمركز فيها عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي بين حين وآخر لإرهاب المواطنين وإظهار وجودها في تلك المناطق»، وأنه تم «تأمين الطرق المؤدية لمحافظة حضرموت من جهة الشمال والغرب من خلال انتشار قوات الجيش التابعة للمنطقة العسكرية الثانية فيها وتمركزها في أهم المداخل والمخارج لهذه المناطق لتأمينها بشكل كامل».
وجاءت هذه العملية في الوقت الذي كبدت فيه مقاتلات تحالف دعم الشرعية ميليشيات الحوثي الانقلابية، خلال اليومين الماضيين، خسائر بشرية ومادية في عدد من جبهات القتال في البلاد.
ففي محافظة حجة، قتل اثنان من أبرز قيادات ميليشيات الحوثي، هما المدعو علي أحمد محمد هاشم العزي، الذي قضى بغارة جوية استهدفته في منطقة الجر، والمدعو محمد عبد الله الجرب الشرفي، أحد مشرفي الانقلابيين في الحديدة.
وفي صعدة، المعقل الرئيس للانقلابيين، قالت مصادر عسكرية إن الجيش الوطني بات يحاصر ميليشيات الحوثي في صعدة من خمسة اتجاهات لاستكمال عملية «قطع رأس الأفعى»، وتطهير المحافظة من الانقلابيين وسط تقدم مستمر لقوات الجيش الوطني. وأضافت المصادر أن مدفعية الجيش الوطني قد دكت عدداً من مواقع ميلشيات الحوثي بما فيها موقع تمركزها في منطقة العطفين التابعة لمديرية كتاف.
من جهة أخرى، هاجم عشرات مسلحي ميليشيات الحوثي «مركز علي بن أبي طالب» التابع للجماعة السلفية في مدينة البيضاء، حيث وصل المسلحون إلى المكان على متن عدد من الأطقم العسكرية وأجبروا القائمين على المركز على التوقيع على التزامات بعد إقامة أي ندوات أو دروس عملية في المركز وهددوا باعتقالهم وإدخالهم سجن الأمن السياسي في مدينة البيضاء، طبقا لما أفاد به شهود عيان. وذكرت المصادر أن الحوثيين اعتقلوا المدرسين وأئمة المسجد، وأن ذلك العمل جاء بعد اتفاق أبرم سابقاً ويقضي بعدم التعرض لمساجد السلفيين بعد قيام الانقلابيين بالاعتداء على مسجد التوحيد في المدينة.


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم