لماذا غابت المرأة في تاريخ الفن التشكيلي؟

حتى حضورها النادر كان مشروطاً بتبعيتها للفنان الرجل

المرأة في الأعمال الكلاسيكية
المرأة في الأعمال الكلاسيكية
TT

لماذا غابت المرأة في تاريخ الفن التشكيلي؟

المرأة في الأعمال الكلاسيكية
المرأة في الأعمال الكلاسيكية

لماذا لا نجد عبر التاريخ الطويل للفن التشكيلي فنانات تشكيليات من النساء إلا في العصور الحديثة؟
مثل هذا التساؤل، ربما نسقطه كذلك على عدم وجود عالمات باحثات أو أديبات وغيرها من أدوار فاعلة للمرأة في الحياة العلمية والثقافية في المجتمعات إلا في حالات نادرة ومعدودة لا تقارن بمثيلها عن الرجل.
إن حضور المرأة في الفن التشكيلي كمُنتج يعد أمراً طارئاً وحديثاً نسبياً، مقارنة بالتاريخ الطويل للتعبير التشكيلي عند الرجل، فهذا الحدث العظيم المتمثل في تمكن المرأة من الحضور الثقافي والتعبير عن هويتها كامرأة، جاء في العصر الحديث، بالتزامن مع الحركات النسوية في القرن العشرين.
فالحياة الاجتماعية للمرأة في السابق، كانت محصورة في أدوار معينة، تمنعها من التعبير أو المشاركة الثقافية إلا في حالات نادرة، وحتى في هذه الحالات النادرة التي نجد فيها حضوراً للمرأة كمُنتج للفن، كان هذا الحضور مشروطاً بتبعيتها للفنان الرجل، فهي تلميذة تتعلم منه وتقلده، حتى في مواضيعه، وهذه التبعية هي ما كان يمنحها بعض القبول.
وعلى الرغم من غياب المرأة كمُنتج للفن، فإنها كانت حاضرة فيه بكثافة بشكل آخر، من خلال تناولها كموضوع للتعبير أو كملهمة للفنان التشكيلي، فهي حاضرة بشكل سلبي من خلال الآخر وتعبيره عنها، إضافة إلى أن هذا التعبير يعكس منظور الفنان التشكيلي عن المرأة، فيلاحظ أن صورة المرأة في كثير من الفنون الكلاسيكية تصورها في وضعية حالمة كمشاهد استلقاء أو عُري وهي تتأمل جمالها أو نرجسيتها، وفي حالات أخرى هي امرأة تقوم بمهام منزلية، والصورة المثالية لها هي صورة الأم المربية مع أطفالها، فهذه المواضيع تصور المرأة في وضع ينفي دورها الفاعل في المجتمع خارج منزلها، فالفنان الرجل عند إنتاجه وتعبيره عن موضوعات المرأة لا يعبر عنها كفنان فحسب، بل يعبر عنها ويصورها كرجل، فلهويته الذكورية واختلافه الجنسي المكتسب من البيئة الاجتماعية دور في تعبيره ورؤيته الفنية.
لذلك كانت أهمية حضور المرأة كمُنتج للفن، لتغيير الصورة النمطية التي كانت سائدة في أعمال وتعبير الفنان الرجل، إضافة إلى أهمية التعبير التشكيلي عن المرأة من منظورها الخاص. ويمثل هذا التعبير الخطاب البصري للحركات النسوية المعاصرة.
إن الحركة النسوية المعاصرة دفعت الكثير من الفنانات النساء للبحث عن طرق جديدة للتعبير الفني، للتخلص من الهيمنة الذكورية ذات التاريخ الطويل في فن الرسم والنحت التقليديين، لذلك أدخلت الكثير من الفنانات النسويات أدوات وخامات مرتبطة بالمرأة في أعمالهن الفنية، خاصة النسيج المرتبط ذهنياً وتاريخياً بالنساء، كما في أعمال الفنانات غونتا ستولزل وشيلا هيكس. وفي حالات استخدام فن البوب لرفع شعارات دعائية للحركة النسوية، والتمرد على السلطة الذكورية والنظرة الدونية إليها كما في أعمال الفنانة باربرا كروغر. وفي نماذج أخرى تم التعبير عن الاختلاف الجنسي للمرأة في صور عاطفية من خلال تصوير معاناتها الداخلية، كما في أعمال الفنانة المكسيكية فريدا كاهلو، أو التأكيد على الهوية الجنسية للمرأة الذي قد يكون من خلال تصوير الاختلافات العضوية بشكل مباشر أو غير مباشر في كثير من الأحيان، هذا التصوير قد يحمل معنى إيروتيكياً كما في أعمال جورجيا أوكيف، إلا أنه قد يشير إلى تفوقها النوعي الذي من خلاله تولد الحياة.
إن صورة المرأة في التجارب التشكيلية المعاصرة التي أنتجت من خلالها، مختلفة تماماً عن صورتها لدى تجارب الفنان الرجل سابقاً، يعود هذا الاختلاف لتغير البيئة الاجتماعية والثقافية والعصر الزمني الذي اختلف فيه دور المرأة في المجتمع، كما أنه يعود بشكل كبير إلى تغير نوع المُنتج للفن.
لذلك تظهر أهمية حضور المرأة كمُنتج فاعل فيما يخص التعبير عن هويتها، سواءً في التعبير الفني التشكيلي أو الأدبي أو الدراسات الاجتماعية والإنسانية التي تتناولها، فلا يكفي أن تكون المرأة موضوعاً يتم تناوله من الرجل، لأن هذا التعبير سيظل وإن كان في أفضل حالاته موالياً للمرأة قاصراً عن الفهم العميق لحالتها.

* باحثة سعودية في النقد الفني



افتتاح مهرجان برلين السينمائي بفيلم عن لاجئة سورية

مديرة مهرجان برلين السينمائي تريشا تاتل تتحدث إلى الصحافيين خلال مؤتمر صحافي 21 يناير 2025 (أ.ف.ب)
مديرة مهرجان برلين السينمائي تريشا تاتل تتحدث إلى الصحافيين خلال مؤتمر صحافي 21 يناير 2025 (أ.ف.ب)
TT

افتتاح مهرجان برلين السينمائي بفيلم عن لاجئة سورية

مديرة مهرجان برلين السينمائي تريشا تاتل تتحدث إلى الصحافيين خلال مؤتمر صحافي 21 يناير 2025 (أ.ف.ب)
مديرة مهرجان برلين السينمائي تريشا تاتل تتحدث إلى الصحافيين خلال مؤتمر صحافي 21 يناير 2025 (أ.ف.ب)

يفتتح المخرج الألماني، توم تيكوير، مهرجان برلين السينمائي، اليوم (الخميس)، بفيلم درامي عن لاجئة سورية تصبح مدبرة منزل لدى عائلة ألمانية، في خضم حملة انتخابية ألمانية يهيمن عليها جدل بشأن الهجرة.

ويُفترض أن يطلّ نجوم من بينهم المخرج الأميركي تود هاينز والممثلتان الاسكوتلندية تيلدا سوينتون والصينية فان بينغ بينغ، مساء الخميس، على السجادة الحمراء للدورة الخامسة والسبعين لمهرجان برلين السينمائي، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقالت المديرة الجديدة لمهرجان برلين السينمائي، تريشا تاتل، في مؤتمر صحافي للجنة التحكيم صباح الخميس في العاصمة الألمانية، إنّ «مهرجاناً مثل هذا يمثّل رفضاً... لمختلف الأفكار التي تنشرها أحزاب يمينية متطرفة كثيرة».

يُعدّ مهرجان برلين السينمائي حدثاً سينمائياً تقدمياً تتردّد فيه القضايا السياسية الراهنة لكن من دون أن يسترعي الاهتمام نفسه مثل مهرجان «كان» أو «البندقية».

وقال رئيس لجنة التحكيم المخرج الأميركي تود هاينز: «نشهد حالياً أزمة في الولايات المتحدة، ولكن أيضاً في العالم أجمع»، مشيراً إلى «القلق والدهشة» التي أثارتها الأسابيع الثلاثة الأولى لإدارة ترمب.

وأضاف مخرج فيلم «دارك ووترز» و«آيم نات ذير» و«كارول»: «إن الطريقة التي سنعتمدها للجمع بين مختلف أشكال المقاومة... لا تزال موضع تفكير بين الديمقراطيين».

وفيما يتعلق بالانتخابات الألمانية حيث يحتل حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف المركز الثاني بعد المحافظين، أشارت المخرجة والممثلة الألمانية ماريا شرادر إلى أنها «تأثرت»، مع أن النتائج لم تُعرف بعد.

ومن المقرر أن تجري الانتخابات في 23 فبراير (شباط)، في اليوم التالي للحفلة النهائية التي يُمنح خلالها الدب الذهبي، أهم مكافأة في المهرجان.

وسيُفتتح المهرجان مساء الخميس، بفيلم «ذي لايت» للمخرج الألماني توم تيكوير، الذي يتناول لاجئة سورية تصبح مدبرة منزل لدى عائلة ألمانية.

خلال التحضيرات لمهرجان برلين السينمائي 11 فبراير 2025 (رويترز)

19 فيلماً يتنافس على الدب الذهبي

يعود تيكوير الذي اشتهر بفيلم «ران لولا ران» عام 1998، إلى ألمانيا المعاصرة، بعد أن خصص عقداً لمسلسله «بابيلون برلين» الذي كان بمثابة خلفية لجمهورية فايمار وصعود النازية.

وأشار المخرج البالغ 59 عاماً، في تصريحات لوسائل إعلام ألمانية، إلى أنّ هذه المرحلة تشهد «إعادة نظر بمفهوم الديمقراطية» من القوى السياسية التي ترغب في «الإقصاء والتهميش».

وستشهد أمسية الافتتاح منح دب ذهبي فخري لتيلدا سوينتون التي ظهرت في أعمال لويس أندرسون وبيدرو ألمودوفار وشاركت في أفلام إلى جانب براد بيت وتوم كروز وكيانو ريفز.

وسيبدأ الجمعة عرض أول الأفلام المرشحة لنيل الدب الذهبي.

ويتعيّن على لجنة التحكيم التي يرأسها تود جاينس وتتألف من نجم السينما الصينية فان بينغ بينغ والمخرج الفرنسي المغربي نبيل عيوش وغيرهما، الاختيار بين 19 فيلماً تتنافس للفوز بالدب الذهبي الذي فاز به خلال العام الماضي الفيلم الوثائقي «داهومي» للمخرجة الفرنسية السنغالية ماتي ديوب.

ويتنافس على الجائزة الكبرى للمهرجان المخرج الأميركي ريتشارد لينكلاتر، والكوري الجنوبي هونغ سانغ سو، والمكسيكي ميشال فرانكو، والروماني رادو جود.

ومن بين النجوم المنتظر حضورهم على السجادة الحمراء تيموتيه شالاميه الذي سيواكب عرض فيلم «إيه كومبليت أنّون» المتمحور على بوب ديلان، والذي بدأ عرضه في عدد كبير من البلدان.

ومن بين النجوم الذين سيحضرون جيسيكا تشاستين وماريون كوتيار وروبرت باتينسون وإيثان هوك. ويشارك باتينسون في المهرجان لمناسبة عرض «ميكي 17» الذي يمثل عودة بونغ جون هو إلى السينما، بعد حصوله على السعفة الذهبية في مهرجان «كان» وفوزه بجائزة أوسكار عام 2019 عن فيلم «باراسايت».

ويقدّم المخرج الكوري الجنوبي، خارج المنافسة، فيلماً كوميدياً من نوع الخيال العلمي فيه تلميحات للعصر الراهن من خلال السخرية من ملياردير يشبه إيلون ماسك، الذي يُعد أيضاً من مؤيدي «حزب البديل من أجل ألمانيا» في ألمانيا.