لماذا غابت المرأة في تاريخ الفن التشكيلي؟

حتى حضورها النادر كان مشروطاً بتبعيتها للفنان الرجل

المرأة في الأعمال الكلاسيكية
المرأة في الأعمال الكلاسيكية
TT
20

لماذا غابت المرأة في تاريخ الفن التشكيلي؟

المرأة في الأعمال الكلاسيكية
المرأة في الأعمال الكلاسيكية

لماذا لا نجد عبر التاريخ الطويل للفن التشكيلي فنانات تشكيليات من النساء إلا في العصور الحديثة؟
مثل هذا التساؤل، ربما نسقطه كذلك على عدم وجود عالمات باحثات أو أديبات وغيرها من أدوار فاعلة للمرأة في الحياة العلمية والثقافية في المجتمعات إلا في حالات نادرة ومعدودة لا تقارن بمثيلها عن الرجل.
إن حضور المرأة في الفن التشكيلي كمُنتج يعد أمراً طارئاً وحديثاً نسبياً، مقارنة بالتاريخ الطويل للتعبير التشكيلي عند الرجل، فهذا الحدث العظيم المتمثل في تمكن المرأة من الحضور الثقافي والتعبير عن هويتها كامرأة، جاء في العصر الحديث، بالتزامن مع الحركات النسوية في القرن العشرين.
فالحياة الاجتماعية للمرأة في السابق، كانت محصورة في أدوار معينة، تمنعها من التعبير أو المشاركة الثقافية إلا في حالات نادرة، وحتى في هذه الحالات النادرة التي نجد فيها حضوراً للمرأة كمُنتج للفن، كان هذا الحضور مشروطاً بتبعيتها للفنان الرجل، فهي تلميذة تتعلم منه وتقلده، حتى في مواضيعه، وهذه التبعية هي ما كان يمنحها بعض القبول.
وعلى الرغم من غياب المرأة كمُنتج للفن، فإنها كانت حاضرة فيه بكثافة بشكل آخر، من خلال تناولها كموضوع للتعبير أو كملهمة للفنان التشكيلي، فهي حاضرة بشكل سلبي من خلال الآخر وتعبيره عنها، إضافة إلى أن هذا التعبير يعكس منظور الفنان التشكيلي عن المرأة، فيلاحظ أن صورة المرأة في كثير من الفنون الكلاسيكية تصورها في وضعية حالمة كمشاهد استلقاء أو عُري وهي تتأمل جمالها أو نرجسيتها، وفي حالات أخرى هي امرأة تقوم بمهام منزلية، والصورة المثالية لها هي صورة الأم المربية مع أطفالها، فهذه المواضيع تصور المرأة في وضع ينفي دورها الفاعل في المجتمع خارج منزلها، فالفنان الرجل عند إنتاجه وتعبيره عن موضوعات المرأة لا يعبر عنها كفنان فحسب، بل يعبر عنها ويصورها كرجل، فلهويته الذكورية واختلافه الجنسي المكتسب من البيئة الاجتماعية دور في تعبيره ورؤيته الفنية.
لذلك كانت أهمية حضور المرأة كمُنتج للفن، لتغيير الصورة النمطية التي كانت سائدة في أعمال وتعبير الفنان الرجل، إضافة إلى أهمية التعبير التشكيلي عن المرأة من منظورها الخاص. ويمثل هذا التعبير الخطاب البصري للحركات النسوية المعاصرة.
إن الحركة النسوية المعاصرة دفعت الكثير من الفنانات النساء للبحث عن طرق جديدة للتعبير الفني، للتخلص من الهيمنة الذكورية ذات التاريخ الطويل في فن الرسم والنحت التقليديين، لذلك أدخلت الكثير من الفنانات النسويات أدوات وخامات مرتبطة بالمرأة في أعمالهن الفنية، خاصة النسيج المرتبط ذهنياً وتاريخياً بالنساء، كما في أعمال الفنانات غونتا ستولزل وشيلا هيكس. وفي حالات استخدام فن البوب لرفع شعارات دعائية للحركة النسوية، والتمرد على السلطة الذكورية والنظرة الدونية إليها كما في أعمال الفنانة باربرا كروغر. وفي نماذج أخرى تم التعبير عن الاختلاف الجنسي للمرأة في صور عاطفية من خلال تصوير معاناتها الداخلية، كما في أعمال الفنانة المكسيكية فريدا كاهلو، أو التأكيد على الهوية الجنسية للمرأة الذي قد يكون من خلال تصوير الاختلافات العضوية بشكل مباشر أو غير مباشر في كثير من الأحيان، هذا التصوير قد يحمل معنى إيروتيكياً كما في أعمال جورجيا أوكيف، إلا أنه قد يشير إلى تفوقها النوعي الذي من خلاله تولد الحياة.
إن صورة المرأة في التجارب التشكيلية المعاصرة التي أنتجت من خلالها، مختلفة تماماً عن صورتها لدى تجارب الفنان الرجل سابقاً، يعود هذا الاختلاف لتغير البيئة الاجتماعية والثقافية والعصر الزمني الذي اختلف فيه دور المرأة في المجتمع، كما أنه يعود بشكل كبير إلى تغير نوع المُنتج للفن.
لذلك تظهر أهمية حضور المرأة كمُنتج فاعل فيما يخص التعبير عن هويتها، سواءً في التعبير الفني التشكيلي أو الأدبي أو الدراسات الاجتماعية والإنسانية التي تتناولها، فلا يكفي أن تكون المرأة موضوعاً يتم تناوله من الرجل، لأن هذا التعبير سيظل وإن كان في أفضل حالاته موالياً للمرأة قاصراً عن الفهم العميق لحالتها.

* باحثة سعودية في النقد الفني



أكثر من نصف مليون شخص زاروا معرض مسقط للكتاب في أسبوعه الأول

الفعاليات المخصصة للطلاب والشباب تلقى إقبالاً ملحوظاً في معرض مسقط الدولي للكتاب (الشرق الأوسط)
الفعاليات المخصصة للطلاب والشباب تلقى إقبالاً ملحوظاً في معرض مسقط الدولي للكتاب (الشرق الأوسط)
TT
20

أكثر من نصف مليون شخص زاروا معرض مسقط للكتاب في أسبوعه الأول

الفعاليات المخصصة للطلاب والشباب تلقى إقبالاً ملحوظاً في معرض مسقط الدولي للكتاب (الشرق الأوسط)
الفعاليات المخصصة للطلاب والشباب تلقى إقبالاً ملحوظاً في معرض مسقط الدولي للكتاب (الشرق الأوسط)

يمنحُ حضور طلاب وطالبات المدارس العمانية معرض مسقط الدولي للكتاب زخماً كبيراً للمعرض الذي يمتلئ بالزوار الذين قُدِّر عددهم بنحو نصف مليون زائر مع انتهاء الأسبوع الأول من المعرض.

وتجتذب الفعاليات المخصصة للطلاب والتي تزيد على 155 فعالية، منها العروض التفاعلية والترفيهية والمبادرات الشبابية والمجتمعية، آلاف الطلاب الذين يتوافدون للمعرض. وتنظم المدارس رحلات يومية لتعويد طلابها على أجواء الثقافة التي يحتضنها المعرض.

وبالإضافة إلى الطلاب، هناك الشباب، وهم الفئة الأكثر حضوراً في معرض الكتاب، حيث يتوزعون في أروقة المعرض حاملين مجموعات من الكتب بين أيديهم.

ويقول أحد العارضين: «الشباب هم الشريحة الأكثر بحثاً عن الجديد... يأتون إلينا يبحثون عن الأعمال الأدبية، بعضهم يحمل قائمة محددة بأسماء روايات، وآخرون يستطلعون الجديد».

الشباب هم الأكثر حضوراً في معرض مسقط الدولي للكتاب (الشرق الأوسط)
الشباب هم الأكثر حضوراً في معرض مسقط الدولي للكتاب (الشرق الأوسط)

وفي حين تسجل الروايات الأدبية نسبة الإقبال الكبرى في المعرض، يُقْبل العُمانيون على الكتب الفكرية والدراسات النقدية، وتسجل كتب التراث أيضاً نسبة يُعتد بها في هذا المعرض.

ويقول ناشر مصري: «يأتي طلاب الجامعات بحثاً عن الكتب المنهجية أو المعاجم، أو تلك التي تساعدهم في فهم المقررات الدراسية ككتب القانون والإدارة والاقتصاد».

وبنحو عام، يبدو الارتياح على دور النشر المشاركة في المعرض، فمع ازدحام تنظيم معارض الكتب في وقت واحد (الرباط، وأبوظبي، ومسقط)، برز معرض مسقط من حيث تسجيل حجم إقبال وشراء مرتفع نسبياً، وهو ما يوفر فرصة للناشرين لتعزيز مكاسبهم في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج، إلا أن المتسوقين شكواً أيضاً من المبالغة في الأسعار، قياساً للأعوام السابقة.

ويشارك في معرض مسقط الدولي للكتاب 674 دار نشر تمثل 35 دولة، ويتميز المعرض بالتنوع الكبير في دور النشر من مختلف البلدان العربية، مع حضور لافت لدور النشر العراقية والسورية واللبنانية.

وتتصدر مصر الدول المشاركة بالمعرض بـ119 دار نشر، تليها سلطنة عمان بـ98، ولبنان بـ73، وسوريا بـ69، إضافة إلى مشاركة عدد من دور النشر العربية والأجنبية.

ندوة في أكاديمية المرأة العمانية في معرض مسقط للكتاب (الشرق الأوسط)
ندوة في أكاديمية المرأة العمانية في معرض مسقط للكتاب (الشرق الأوسط)

ويبلغ عدد العناوين والإصدارات المدرجة في المعرض نحو 681041 عنواناً منها 467413 إصداراً عربياً و213610 إصدارات أجنبية، وتنقسم دور النشر المشاركة في المعرض ما بين 640 بصورة مباشرة، و34 بصورة غير مباشرة، وتتوزع على 1141 جناحاً.

بينما بلغ عدد المجموعة العُمانية 27464 كتاباً، وعدد الإصدارات الحديثة التي طُبعت بين 2024 و2025 نحو 52205 كتب.

أما الفعاليات الثقافية التي تتوزع داخل أروقة المعرض أو في القاعات الرئيسية، فتسجل فرصة للشباب لخوض تجارب في الحوار الثقافي. ويشهد المعرض إقامة 211 فعالية ثقافية وبرنامجاً متنوعاً تتوزع ما بين مسابقات ترفيهية ومبادرات علمية وعروض مسرحية وجلسات ثقافية في عدد من الأجنحة التي تشهد مشاركة الجهات ذات العلاقة بصناعة ونشر الكتاب، وحضور مؤلفين للتوقيع على إصداراتهم.

كما يشهد تقديم فقرات «حكايات شعبية عمانية» بمشاركة عدد من «الحكواتيين»، إلى جانب تنظيم برامج للفنون التشكيلية ومسابقات الإلقاء وكتابة القصة والشعر.