الجيش اللبناني يوقف «خلية إرهابية» خططت لاغتيال ضابط رفيع.. ومخاوف من تفجيرات جديدة

مصادر أمنية قالت إن هدفها كان رئيس معلومات الأمن العام في الشمال

مشيعات في جنازة عبد الكريم حدرج رجل الأمن الذي قضى في تفجير انتحاري في الضاحية ببيروت أمس (أ.ف.ب)
مشيعات في جنازة عبد الكريم حدرج رجل الأمن الذي قضى في تفجير انتحاري في الضاحية ببيروت أمس (أ.ف.ب)
TT

الجيش اللبناني يوقف «خلية إرهابية» خططت لاغتيال ضابط رفيع.. ومخاوف من تفجيرات جديدة

مشيعات في جنازة عبد الكريم حدرج رجل الأمن الذي قضى في تفجير انتحاري في الضاحية ببيروت أمس (أ.ف.ب)
مشيعات في جنازة عبد الكريم حدرج رجل الأمن الذي قضى في تفجير انتحاري في الضاحية ببيروت أمس (أ.ف.ب)

أعلن الجيش اللبناني، أمس، توقيف «خلية إرهابية» قرب مدينة طرابلس، قال إنها كانت تخطط لاغتيال أحد أبرز الضباط الأمنيين في الشمال، تزامنا مع توقيف سوري في منطقة بعلبك، شرق لبنان، للاشتباه في علاقته بالتفجير الأخير في الضاحية الجنوبية لبيروت، ليل الاثنين الماضي.
وبينما شيعت الضاحية أمس عنصر قوى الأمن العام الذي قضى في التفجير الأخير عبد الكريم حدرج، تواصل الأجهزة الأمنية إجراءاتها الاحترازية في تعقب وملاحقة المتورطين والمشتبه بعلاقتهم بتنظيمات متشددة، في ظل تقارير تناقلتها وسائل إعلام لبنانية أمس تفيد بأنباء عن وجود شاحنة مفخخة تعد لعملية انتحارية جديدة.
ووسط ارتفاع منسوب الحذر الأمني في لبنان، أكد نائب رئيس الحكومة اللبنانية، وزير الدفاع، سمير مقبل، أمس، أن «الوضع مضبوط وممسوك، ولا داعي للقلق والخوف». وشدد، بعد زيارته رئيس البرلمان نبيه بري، على وجوب «تعزيز الجيش والقوى الأمنية بالعدة والعدد». وقال «مما لا شك فيه أن تعزيز المؤسسة العسكرية والقوى الأمنية يعزز الاستقرار ويحصن البلاد حيال ما يجري في المنطقة».
وكانت قيادة الجيش اللبناني أعلنت في بيان صادر عنها، أمس، أن «مديرية المخابرات في الجيش أوقفت في عملية أمنية نوعية خلية إرهابية في منطقة القلمون كانت تخطط لاغتيال أحد كبار الضباط الأمنيين في الشمال، وأحالت إلى القضاء المختص كلا من الموقوفين: وسيم أحمد القص، وسام أحمد القص، داني أحمد القص، أمجد نهاد الخطيب، ونبيل كامل بيضا». وأفادت بأن مديرية المخابرات «تستمر في أعمال الرصد والملاحقة والتحقيقات، لتوقيف باقي أفراد الخلية وكشف ارتباطاتهم ومخططاتهم».
وفي حين لم تعلن قيادة الجيش هوية الضابط الأمني الذي كانت الخلية تعد لاستهدافه، كشفت مصادر أمنية بارزة، لـ«الشرق الأوسط»، أن المجموعة التي «تضم شبانا متشددين من طرابلس والقلمون خططت لاغتيال رئيس شعبة معلومات أمن عام الشمال المقدم خطار ناصر الدين، وهو من كبار الضباط المقربين من مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم ومن المحسوبين عليه».
وكان تفجير انتحاري استهدف يوم الجمعة الماضي نقطة أمنية في محلة ضهر البيدر، شرق لبنان، تزامنا مع مرور موكب تابع للمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، أدى إلى مقتل عنصر أمن وإصابة آخرين.
وبحسب المصادر ذاتها، وما أظهرته التحقيقات الأولية مع الموقوفين، فإن المجموعات المتشددة في مدينة طرابلس وجوارها تحمّل ناصر الدين وجهازه الأمني المسؤولية عن توقيف مخابرات الجيش عددا من أبناء المدينة، بناء على تقارير تقول إنه يعدها ويرسلها إلى الأخيرة، علما بأن ناصر الدين كان قاد عام 2012 عملية توقيف شادي المولوي، الذي أطلق سراحه في 22 مايو (أيار) من العام ذاته، بعد أن ادعت عليه النيابة العامة العسكرية في لبنان بجرم «الانتماء إلى تنظيم إرهابي مسلّح (القاعدة) والقيام بأعمال إرهابية في لبنان والخارج، والنيل من سلطة الدولة وهيبتها».
وفي حين اختتمت مخابرات الجيش اللبناني أمس التحقيق مع أفراد الخلية المذكورة، التي أفادت تقارير إعلامية في بيروت بانتمائهم إلى تنظيم «كتائب عبد الله عزام»، المرتبط بـ«القاعدة»، تسلم مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر أمس الملف مع الموقوفين تمهيدا لدراسته والادعاء المتوقع اليوم على الموقوفين وكل من يظهره التحقيق.
وكان الناطق الإعلامي باسم كتائب «عبد الله عزام» المرتبطة بتنظيم القاعدة، سراج الدين زريقات، توعد «حزب الله» بأنه «لن يهنأ لكم عيش آمنين؛ حتى يعود الأمن لأهل سورِيا ولبنان»، وقال إن التفجيرات الأخيرة «دليل على أن حرب (حزب الله) ليست مع تنظيمات تكفيرية كما يدعون، وأن أهل السنة يباشِرون الدفاع عن أنفسهم بأنفسهم».
في موازاة ذلك، أوقف حاجز تابع للجيش اللبناني أمس عند مفرق بلدة حربتا، في منطقة بعلبك، شرق لبنان، السوري فراس محمد خير رعد (مواليد 1996) بجرم دخول البلاد خلسة وسلمه إلى مخفر درك اللبوة. وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام»، الرسمية في لبنان، بأنه «بعد التحقيق معه تبين أنه كان قادما من مجدل عنجر إلى عرسال بهدف الالتحاق بالمجموعات المقاتلة، وهذا ما أكدته الصور الموجودة على هاتفه الذي وُجدت عليه أيضا رسالة تشير إلى إمكان انتقاله إلى عرسال بعد حصول الانفجار في بيروت». وأعلنت إحالته إلى شعبة المعلومات في بيروت للتحقيق معه حول صلته بانفجار الضاحية الأخير.
وفي صيدا، جنوب لبنان، أوقفت استخبارات الجيش اللبناني عبد الرحيم الأسير في صيدليته في محلة عبرا للتحقيق معه، علما بأن والده هو ابن عم الشيخ السلفي المطلوب أحمد الأسير، الذي قاد الصيف الماضي اشتباكات ضد الجيش اللبناني.
ونقلت «المؤسسة اللبنانية للإرسال»، وهي من أبرز القنوات التلفزيونية الخاصة في لبنان، عن مصادر أمنية وصفها أمس الوضع الأمني في لبنان بـ«الحذر»، لافتة إلى «مخاوف من عمليات انتحارية أخرى واردة بعد توافر المزيد من المعلومات عن انتحاريين جدد وعن سيارات مفخخة من ضمنها شاحنة صغيرة قد تكون محملة بأطنان من المتفجرات». وأشارت المصادر ذاتها إلى أن «التفجيريين الانتحاريين في ضهر البيدر والطيونة (الضاحية) لم يصلا إلى هدفيهما، وبالتالي فإن حال الوعي لدى المواطنين والتدابير الأمنية أعاقت حتى الآن وصول الإرهابيين إلى أهدافهم».
سياسيا، اعتبرت كتلة المستقبل النيابية التي يترأسها رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة أن «استمرار مشاركة حزب الله في القتال في سوريا، استنادا إلى مقولة الحرب الاستباقية، قد ثبت فشلها، وهي أسست لمشكلة استدعاء الإرهاب الراهن إلى لبنان وتسببت فيه»، مشيرة إلى أن «(حزب الله) الذي كان أول من حذر من ذلك، هو الذي أقحم نفسه ولبنان في أتون مشكلات المنطقة، وبالتالي فهو مطالب اليوم وقبل الغد بالانسحاب من سوريا».
بينما قالت الأمانة العامة لقوى «14 آذار» إن «لبنان بات وطنا أسيرا بين مشاركة (حزب الله) في القتال الدائر في سوريا وما بعد سوريا، وبين ردود فعل (داعش) الإرهابية التي توازي الفعل بالقوة وتعاكسه في الاتجاه».



«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أنّ قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى، مطالبة إسرائيل بالسماح بدخول مزيد من المساعدات إليه، وتسهيل العمليات الإنسانية فيه.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وصفت المنظمة الأممية الوضع على الأرض بأنه «كارثي».

وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه عندما اندلعت الحرب في غزة، قبل أكثر من عام في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لجأ تقريباً جميع الذين نزحوا بسبب النزاع إلى مبان عامة أو أقاموا لدى أقارب لهم.

وأضاف، في مؤتمر صحافي بمقرّ المنظمة في جنيف: «الآن، يعيش 90 في المائة منهم في خيم».

وأوضح أن «هذا الأمر يجعلهم عرضة لأمراض الجهاز التنفّسي وغيرها، في حين يتوقّع أن يؤدّي الطقس البارد والأمطار والفيضانات إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية».

وحذّر تيدروس من أن الوضع مروِّع بشكل خاص في شمال غزة، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي عملية واسعة، مطلع أكتوبر الماضي.

وكان تقريرٌ أُعِدّ بدعم من الأمم المتّحدة قد حذّر، في وقت سابق من هذا الشهر، من أن شبح المجاعة يخيّم على شمال قطاع غزة؛ حيث اشتدّ القصف والمعارك، وتوقّف وصول المساعدات الغذائية بصورة تامة تقريباً.

وقام فريق من منظمة الصحة العالمية وشركائها، هذا الأسبوع، بزيارة إلى شمال قطاع غزة استمرّت ثلاثة أيام، وجالَ خلالها على أكثر من 12 مرفقاً صحياً.

وقال تيدروس إن الفريق رأى «عدداً كبيراً من مرضى الصدمات، وعدداً متزايداً من المصابين بأمراض مزمنة الذين يحتاجون إلى العلاج». وأضاف: «هناك نقص حادّ في الأدوية الأساسية».

ولفت المدير العام إلى أن منظمته «تفعل كلّ ما في وسعها - كلّ ما تسمح لنا إسرائيل بفعله - لتقديم الخدمات الصحية والإمدادات».

من جهته، قال ريك بيبركورن، ممثّل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، للصحافيين، إنّه من أصل 22 مهمّة إلى شمال قطاع غزة، قدّمت طلبات بشأنها، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، جرى تسهيل تسع مهام فقط.

وأضاف أنّه من المقرّر أن تُجرى، السبت، مهمّة إلى المستشفيين الوحيدين، اللذين ما زالا يعملان «بالحد الأدنى» في شمال قطاع غزة؛ وهما مستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة، معرباً عن أمله في ألا تحدث عرقلة لهذه المهمة.

وقال بيبركورن إنّ هذين المستشفيين «بحاجة إلى كل شيء»، ويعانيان بالخصوص نقصاً شديداً في الوقود، محذراً من أنّه «دون وقود لا توجد عمليات إنسانية على الإطلاق».

وفي الجانب الإيجابي، قال بيبركورن إنّ منظمة الصحة العالمية سهّلت، هذا الأسبوع، إخلاء 17 مريضاً من قطاع غزة إلى الأردن، يُفترض أن يتوجه 12 منهم إلى الولايات المتحدة لتلقّي العلاج.

وأوضح أن هؤلاء المرضى هم من بين نحو 300 مريض تمكنوا من مغادرة القطاع منذ أن أغلقت إسرائيل معبر رفح الحدودي الرئيسي في مطلع مايو (أيار) الماضي.

لكنّ نحو 12 ألف مريض ما زالوا ينتظرون، في القطاع، إجلاءهم لأسباب طبية، وفقاً لبيبركورن الذي طالب بتوفير ممرات آمنة لإخراج المرضى من القطاع.

وقال: «إذا استمررنا على هذا المنوال، فسوف نكون مشغولين، طوال السنوات العشر المقبلة».