الصدر لتحالف «الفتح»: لا تستغلوا اسم «الحشد» لكسب الأصوات

مقتل مرشح عن ائتلاف المالكي في نزاع عشائري

زعيم {ائتلاف الوطنية} إياد علاوي يتحدث في تجمع انتخابي لقائمته في النجف أمس (أ.ف.ب)
زعيم {ائتلاف الوطنية} إياد علاوي يتحدث في تجمع انتخابي لقائمته في النجف أمس (أ.ف.ب)
TT

الصدر لتحالف «الفتح»: لا تستغلوا اسم «الحشد» لكسب الأصوات

زعيم {ائتلاف الوطنية} إياد علاوي يتحدث في تجمع انتخابي لقائمته في النجف أمس (أ.ف.ب)
زعيم {ائتلاف الوطنية} إياد علاوي يتحدث في تجمع انتخابي لقائمته في النجف أمس (أ.ف.ب)

وجّه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، أول من أمس، انتقادات لاذعة لما اعتبره «استغلالاً» لاسم «الحشد الشعبي» بهدف «كسب الأصوات الانتخابية»، واعتبر ذلك «عصياناً واضحاً للمرجعية الدينية» في النجف، كما وجه «نصيحة» إلى كتلة «الفتح» الانتخابية التي يتزعمها رئيس منظمة «بدر» هادي العامري، وتضم مجموعة من فصائل «الحشد الشعبي» التي قاتلت في الحرب ضد «داعش» بين الأعوام 2014 و2017.
وجاء كلام الصدر في سياق سؤال وجهه إليه أحد أتباعه يتعلق بتصريحات أدلى بها الأمين العام لـ«عصائب أهل الحق»، قيس الخزعلي، وتوقع فيها أن يحل تحالف «سائرون» الذي يدعمه الصدر في المرتبة الرابعة.
وفي معرض إجابته عن السؤال، قال الصدر: «أستغل السؤال لأوجه النصيحة لكتلة (الفتح)، فإنني أتابع بعض مقاطعهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي وبعض الدعايات الانتخابية التي تستغل اسم (الحشد) و(الجهاد ضد الدواعش) من أجل كسب الأصوات، خصوصاً أن أغلبهم لا يملك غير ذلك تاريخاً مشرفاً مع الأسف»، مضيفاً: «أقول لهم (الفتح) إن ذلك (استغلال اسم الحشد) عصيان واضح للمرجعية الدينية العليا في العراق، بل المرجعيات كافة». وتابع: «إنني لا أظن أن أي عاقل يقبل بزج (الجهاد والمجاهدين) واسمهم في السياسة، خصوصاً أن (الجهاد ضد الدواعش) والانتصار لم يك إلا بفضل الله و(المرجعية)».
ويلاحظ أن الصدر عاد بعد أشهر من الصمت إلى الحديث عن «الميليشيات الوقحة»، وذلك حين قال في جوابه: «وما نحن وإياكم إلا جنود وسيوف فقط، ولا فضل لأحد إلا الشهداء والجرحى، ولا فضل للميليشيات الوقحة على الإطلاق»، مشيراً إلى أن «من جاهد بحق وصبر وظفر فأجره على الله تعالى، ولا يطلبن انتخاباً أو كرسياً رجاءً أكيداً، فسمعة (الجهاد) أعلى وأجل».
ولم يسمح الصدر لأعضاء «سرايا السلام» الجناح العسكري لتياره الذين انخرطوا في القتال ضمن فصائل «الحشد الشعبي» بالمشاركة في الانتخابات.
إلى ذلك، قال عضو المكتب السياسي لـ«عصائب أهل الحق»، ليث العذاري، لـ«الشرق الأوسط» إن «الفخر بمنجزات (الحشد) لا يعني استغلاله انتخابياً، نحن ملتزمون بتوصيات (المرجعية)، لكننا ندعم وندافع عن (الحشد) دائماً». وتابع أن «أغلب من أتى بعد 2003 يفخر بتاريخه النضالي، فلماذا لا يحق لنا الفخر بما أنجزه (الحشد الشعبي)». وقال: «أقرب مثال لاستغلال نتائج الحرب ضد (داعش)، هي قائمة (النصر) التي يرأسها رئيس الوزراء حيدر العبادي، فمن الواضح أن اسمها لا يستند إلى حزب أو جهة سياسية، إنما على النصر المتحقق ضد (داعش)». وعن طموح تحالف «الفتح» في تولي منصب رئاسة الوزراء، ذكر العذاري أن «لا مانع من حيث المبدأ، لكن منصب رئاسة الوزراء يستند إلى نتائج الانتخابات والتحالفات اللاحقة، وسنكون في كل الأحوال مؤثرين في اختيار الشخص المؤهل لشغل المنصب».
من جهة أخرى، أعلنت مصادر ائتلاف «دولة القانون»، الذي يتزعمه نائب الرئيس نوري المالكي، أمس، عن مقتل أحد مرشحيه في نزاع عشائري شرق العاصمة بغداد. وقالت المصادر في خبر موجز «قتل السيد نجم الحسناوي المرشح عن ائتلاف (دولة القانون) على أثر نزاع عشائري في منطقة المشتل شرق العاصمة بغداد».
وسبق أن أودى حادث مروري على الطريق الدولية الرابطة بين بغداد وبين محافظة واسط بحياة مرشح عن تحالف «الحكمة» الذي يرأسه عمار الحكيم بعد يوم واحد من انطلاق الحملات الدعائية للمرشحين في 14 أبريل (نيسان) الحالي.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.