دمار واسع في مخيم اليرموك ومخاوف من «تنظيم عمراني» يزيل أجزاء منه

الفلسطينيون النازحون ينتظرون انتهاء المعركة ضد «داعش» للعودة إلى منازل ربما لم تعد موجودة

آليات لقوات النظام السوري خلال هجومها على مخيم اليرموك جنوب دمشق أمس (أ.ف.ب)
آليات لقوات النظام السوري خلال هجومها على مخيم اليرموك جنوب دمشق أمس (أ.ف.ب)
TT

دمار واسع في مخيم اليرموك ومخاوف من «تنظيم عمراني» يزيل أجزاء منه

آليات لقوات النظام السوري خلال هجومها على مخيم اليرموك جنوب دمشق أمس (أ.ف.ب)
آليات لقوات النظام السوري خلال هجومها على مخيم اليرموك جنوب دمشق أمس (أ.ف.ب)

ينتظر فلسطينيو سوريا النازحون من مخيم اليرموك، بفارغ الصبر، ما ستسفر عنه المعارك الشرسة الدائرة قرب دمشق، التي بدأتها قوات النظام مع ميليشيات رديفة من الفصائل الفلسطينية وأخرى حليفة، بهدف استعادة السيطرة على أحياء جنوب العاصمة (التضامن، والقدم، والحجر الأسود، والعسالي، ومخيم اليرموك)، التي ما زالت تحت سيطرة تنظيم داعش و«هيئة تحرير الشام» («جبهة النصرة» سابقاً) وفصائل معارضة مسلحة أخرى. وفي حين يأمل النازحون من مخيم اليرموك بالعودة إلى منازلهم بعد طرد «داعش» والمتطرفين، إلا أن هذا الأمل يكاد يتبدد. إذ إن كثيراً من المنازل تعرّضت للتدمير نتيجة القصف المدفعي العنيف والغارات الجوية التي لا تهدأ، في حين يخشى سكان من خطة «تنظيم عمراني» تزيل أجزاء من المخيم بُنيت على أرض تابعة للدولة أو غير مسجلة في الدوائر العقارية.
«أم محمد» (55 سنة) التي تعيل أسرتها من العمل في تنظيف المنازل، نزحت عام 2013 من المخيم بعد أن عانت مع أولادها وأحفادها من الحصار والتجويع لأشهر عدة. قالت لـ«الشرق الأوسط»، إن «السكان كانوا يبحثون عن الطعام في حاويات القمامة»، مشيرة إلى أنها «تدبرت أمر الخروج» من المخيم عبر «وساطة» بعدما أصيب أولادها بأمراض «جراء الجوع»، بحسب ما قالت. ومع ذلك، تُظهر «أم محمد» اليوم ندماً كبيراً لمغادرتها بيتها؛ إذ تقول: «ربما كان من الأفضل أن نموت في بيتنا على أن ننزح إلى دمشق ونتعرض للإذلال من قبل أصحاب البيوت التي نستأجرها». وأوضحت، أنها غيّرت خلال خمس سنوات مسكنها ست مرات بسبب رفع قيمة الإيجار و«كل يوم أصلّي وأدعو ربي أن نرجع إلى المخيم».
وتروي «أم محمد» كيف زارت مخيم اليرموك قبل نحو عام للحصول على وثيقة تثبت مقتل صهرها، زوج ابنتها، والرعب الذي عاشته بسبب المخبرين التابعين لتنظيم داعش الذين يفرضون رقابة شديدة على حياة المدنيين المتبقين هناك. قالت، إنها نامت سراً في منزل شقيق زوجها و«لو علموا (أي مخبري «داعش») بذلك لعاقبونا، فهم يمنعون ذلك على رغم وجود زوجته في المنزل». وحكت عن قريب لها أصيب بعاهة دائمة بسبب جَلده على خلفية ضبطه وهو يدخن في منزله. ومع ذلك تقول «أم أحمد»: «خرجت من المخيم وقلبي ما زال هناك. لدي يقين أن (داعش) سيزول عاجلاً أم آجلاً، لكن هل سنعود إلى بيوتنا؟ هذا ما أفكر به ليل نهار».
ويزداد قلق هذه النازحة من المخيم كلما اشتد القصف الجوي عليه، وتقول «إنهم (قوات النظام) لن يتركوا حجراً على حجر». وهي تتذكر البيت الذي بناه والدها وأعمامها على أرض زراعية، وكيف توسّع لاحقاً ليصبح بناءً كبيراً تسكنه عشر عائلات «لكن بيت أهلي على أطراف المخيم لم يعد موجوداً. صار الآن على الأرض».
ويتبادل بعض الفلسطينيين السوريين عبر وسائل التواصل الاجتماعي عبارات التعازي بالمخيم، قائلين إنه «سيختفي من الوجود لا محالة»، خصوصاً في ظل ردود الفعل «الخجولة»، بحسب ما يقولون، لقادة الفصائل والمنظمات الفلسطينية «حيال تدميره». فعدا بيان لحركة «حماس» يشدد على ضرورة تحييد المدنيين عن القتال، لم يصدر رد فعل فلسطيني يستنكر التدمير الواسع الحاصل في المخيم، ربما لأن أي موقف يمكن أن يصدر في هذا الشأن يمكن أن يُساء فهمه على أساس أنه يمثّل دفاعاً عن «داعش» الذي يسيطر على اليرموك. كما يُسجّل غياب شبه كامل لدور روسيا في ملف جنوب دمشق، مقارنة بالدور الذي لعبته في إنهاء ملف الغوطة الشرقية ومنطقة القلمون، حيث فاوضت على تأمين إخراج مقاتلي الفصائل وإعادة قسم كبير من السكان، ونشر أفراد من الشرطة العسكرية الروسية على الأرض.
وتقول سيّدة أعمال فلسطينية تملك محال تجارية عدة في مخيم اليرموك، إنها غير واثقة من استعادة أملاكها في المخيم بعد انتهاء المعركة ضد «داعش». وتوضح، أن عقارات عدة بُنيت على أراضٍ زراعية استقر فيها أهلها منذ الخمسينات، وهي غير مسجلة في المصالح العقارية، وفي حال تعرضت للهدم فإنها لا تملك أي تصور عن مصيرها. وتضيف: «مساحات التدمير الواسعة تثير المخاوف من نيات النظام بالعمل على تدمير كل ما تشمله خطط التنظيم العمراني المطروحة لتلك المناطق، والتي يصعب إثبات ملكيتها، فهي أساساً أرض زراعية بعضها مؤجر منذ الخمسينات، وما زال مسجلاً بأسماء الملاك الأوائل، كما أن بعضها أرض تابعة للدولة».
ويعد مخيم اليرموك أكبر تجمع فلسطيني في سوريا، وأنشأته عامي 1954 – 1955 مؤسسة اللاجئين الفلسطينيين العرب، التابعة لوزارة الداخلية السورية حينها، على أرض بمنطقة (شاغور - بساتين) تتبع بالتقسيم العقاري لمدينة دمشق، وتم استئجارها من آل الحكيم.
وقدمت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين مساعدات للاجئين تمكّنهم من بناء غرف لهم على تلك الأرض التي وزّعت وفق مخططات معينة تراعي التوزيع العائلي، العشائري، القروي، أو المناطقي. وهذه الأرض شكّلت الجسم الرئيسي لمخيم اليرموك الذي اعتبر منطقة «شبه منظمة». وخلال النصف الأول مع عقد الستينات من القرن الماضي، اتسع مخيم اليرموك جنوباً مع قدوم اللاجئين الفلسطينيين من تجمعات أخرى في دمشق. وفي الفترة ذاتها، امتد المخيم نحو الغرب؛ إذ نشطت تجارة الأراضي في المناطق المتاخمة للمخيم. وفي النصف الأول من السبعينات، بدأ يظهر التوسع الثالث للمخيم باتجاه الغرب وباتجاه الجنوب وباتجاه الشرق حتى حي التضامن، وذلك مع توافد مزيد من اللاجئين الفلسطينيين للاستقرار في مخيم اليرموك.
ويقدّر عدد الفلسطينيين في المخيم بأكثر من 200 ألف، بينما يقدّر عدد سكان مخيم اليرموك الذي بات قِبلة للسوريين أيضاً من أبناء المحافظات الأخرى بنحو مليون نسمة، وذلك قبل نشوب الحرب في سوريا عام 2011، ولم يتبق منهم الآن سوى 1800 عائلة، بحسب بعض التقديرات.
وتميّز مخيم اليرموك - الذي ينعيه أبناؤه اليوم - بمجتمعه الفتي، والذي رغم فقره استفاد من كل الإمكانات والمساعدات التي قُدّمت للاجئين الفلسطينيين لتحسين مستواهم العلمي والثقافي. كما انخرط أبناء المخيم في شكل واسع في العمل السياسي الفلسطيني؛ ما سمح بإطلاق لقب «عاصمة الشتات الفلسطيني» عليه.
وفي عام 2011، شكّل المخيم ملجأ للسوريين المناهضين للنظام الذين نزحوا من مناطق أخرى قبل اشتداد الحرب (وانتشروا تحديداً في يلدا، وببيلا، وبيت سحم، وغيرها). وسرعان ما انضم المخيم بغالبيته، نهاية عام 2012، إلى الثورة ضد النظام؛ ما عرّضه لقصف مدفعي وجوي عنيف أدى إلى تشريد معظم سكانه. وبمنتصف عام 2013، فرضت قوات النظام حصاراً خانقاً على المخيم ليعيش أسوأ كارثة إنسانية تعرض لها الفلسطينيون في سوريا. وتحدثت تقارير عن وفاة قرابة 200 شخص نتيجة «سياسة التجويع» المفروضة على المخيم، في حين راجت فتاوى تزعم جواز أكل لحوم الكلاب والقطط، قبل أن يتقدم تنظيم داعش في الساحة ويفرض سيطرته على مساحات واسعة من المخيم عام 2015.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.