بعد قمة الكوريتين... ترمب يجري «محادثات جيدة للغاية» مع رئيس كوريا الجنوبية

صورة أرشيفية تجمع الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس كوريا الجنوبية مون جاي إن خلال زيارة الأخير إلى البيت الأبيض عام 2017 (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية تجمع الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس كوريا الجنوبية مون جاي إن خلال زيارة الأخير إلى البيت الأبيض عام 2017 (أ.ف.ب)
TT

بعد قمة الكوريتين... ترمب يجري «محادثات جيدة للغاية» مع رئيس كوريا الجنوبية

صورة أرشيفية تجمع الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس كوريا الجنوبية مون جاي إن خلال زيارة الأخير إلى البيت الأبيض عام 2017 (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية تجمع الرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس كوريا الجنوبية مون جاي إن خلال زيارة الأخير إلى البيت الأبيض عام 2017 (أ.ف.ب)

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أنه أجرى أمس، «محادثات مطولة وجيدة للغاية» مع رئيس كوريا الجنوبية مون جاي إن، وذلك بعد مرور يوم واحد من توقيع رئيسي الكوريتين الجنوبية والشمالية اتفاقية للسعي لجعل شبه الجزيرة الكورية خالية من الأسلحة النووية، وإنهاء الحرب الكورية.
وقال ترمب في تغريدة له على «تويتر»: «الأمور تسير بشكل طيب تماماً»، مضيفاً أنه يتم حالياً تحديد مكان وتوقيت عقد القمة المنتظرة بينه وبين زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون. كما أوضح أنه تحدث هاتفياً مع رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي «لاطلاعه على تطورات المفاوضات الجارية».
في غضون ذلك، قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن وزير الدفاع جيمس ماتيس ونظيره الكوري الجنوبي سونغ يونغ مو «أعربا عن التزامهما الجاد بإيجاد حل دبلوماسي يحقق نزع أسلحة كوريا الشمالية بشكل كامل، ويمكن التحقق منه ولا عودة عنه». وأضافت أن «الوزير ماتيس جدد التأكيد على التزام الولايات المتحدة الأكيد بالدفاع عن كوريا الجنوبية باستخدام كامل القدرات الأميركية».
ويرتقب أن تعقد القمة التاريخية بين ترمب وكيم جونغ أون في موعد أقصاه يونيو (حزيران) المقبل.
وكان وزير خارجية أميركا الجديد مايك بومبيو، التقى الزعيم الكوري الشمالي خلال عطلة عيد الفصح في زيارة سرية، قام بها في وقت كان لا يزال فيه مديراً لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، وكشف عنها لاحقاً.
وأول من أمس، أعلن ترمب أنه تم اقتراح «مكانين أو 3» لاجتماعه بالزعيم الكوري الشمالي، قبل أن يشير إلى «بلدين» محتملين. كما تحدث سابقاً عن 5 مواقع محتملة.
وفي هذا السياق، ذكرت شبكة «سي بي إس نيوز»، استناداً إلى مصدرين لم تحدد هويتهما، أن البلدين المطروحين هما منغوليا وسنغافورة. غير أن رئيس وزراء سنغافورة أفاد أمس، بأنه لم يتلقَ أي طلب رسمي بهذا الصدد، إذ قال لي هسين لونغ للصحافيين خلال اجتماع لقادة رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان): «قرأنا المقالات ذاتها مثلكم في الصحف عن المواقع التي قد يعقد فيها اللقاء بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية... لكننا لم نتلقَ دعوات أو طلبات رسمية».
وجاءت محادثات ترمب مع زعيمي الدولتين الآسيويتين، في وقت صدرت فيه ردود فعل من جانب حكومتي روسيا وإيران وبعض الدول العربية والأوروبية إزاء القمة التاريخية بين الكوريتين التي انعقدت أول من أمس.
وقد دعت إيران في صيغة تحذيرية زعيمي كوريا الشمالية والجنوبية لإبعاد ترمب عن جهود المصالحة بينهما، إذ قال بهرام قاسمي، المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إن «الحكومة الأميركية أظهرت بسلوكها تجاه الاتفاق النووي مع إيران أنها لا تلتزم بالاتفاقات الدولية، وبالتالي فهي ليست محل ثقة».
كما علقت روسيا أيضاً على المباحثات حول شبه الجزيرة الكورية، قائلة إنها مهتمة للغاية ومنفتحة على المشاركة في هذه المباحثات.
فيما ذكر نائب وزير الخارجية الروسي إيغور مورغلوف لوكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء، أن الصيغة التقليدية المؤلفة من 6 أطراف (روسيا والصين والولايات المتحدة واليابان والكوريتين) لحل المسألة الكورية، هي «مثالية وليس لها بديل».
من جانبه، أرسل الرئيس اللبناني العماد ميشال عون أمس، برقية إلى كل من رئيسي جمهورية كوريا الجنوبية مون جاي إن، وكوريا الشمالية كيم جونغ أون، مهنئاً بالخطوة التاريخية التي تحققت خلال القمة التي جمعتهما. وقال بيان صادر عن رئاسة الجمهورية اللبنانية، إن الرئيس عون بعث ببرقية إلى الرئيسين مون جاي إن وكيم جونج أون، «مهنئاً بالخطوة التاريخية التي تحققت من خلال القمّة التي جمعتهما والمواقف التي صدرت عنهما خلالها».
وتمنى الرئيس عون «أن تستكمل هذه الخطوة بمزيد من العمل للوصول إلى السلام الدائم المنشود في الكوريتين، وإلى نزع كل أنواع أسلحة الدمار الشامل وغير التقليدية، وأن تكون نموذجاً يحتذى في العلاقات بين الدول، لجهة تغليب لغة السلام والوئام على ما عداها».
بدورها، رحبت دولة الإمارات العربية المتحدة «بالقمة التاريخية التي جمعت رئيسي الكوريتين»، مؤكدة أنها تعزز السلم والأمن الدوليين. إذ قال الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، أمس، إن «هذه القمة تشكل منعطفاً مهماً على صعيد جهود نزع فتيل التوتر في شبه الجزيرة الكورية، واستتباب الأمن والسلم فيها»، مشيداً بـ«الروح الإيجابية التي سادت الاجتماع».
وفي بريطانيا، تناولت صحيفة «تايمز» في عددها الصادر أمس، التعليق على القمة التاريخية، التي عُقِدت بين زعيمي البلدين في المنطقة الحدودية بين البلدين. واستهلت الصحيفة تعليقها بالقول: «حتى تكون للإيماءات الرمزية، التي تخللت قمة الكوريتين في منطقة بانمونجوم الحدودية، أهمية حقيقة، لا بد أن تتحول إلى التزامات قابلة للتحقق، على أن تصدر هذه الالتزامات عن محادثات يشارك فيها، إلى جانب الكوريتين، كل من الصين وروسيا والولايات المتحدة».
واتفقت كل من كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية في القمة بينهما على إجراء مباحثات ثلاثية، تشارك فيها الولايات المتحدة، أو تنظيم لقاءات رباعية بمشاركة الولايات المتحدة والصين، بهدف إعلان نهاية الحرب الكورية، وتحويل الهدنة بينهما إلى معاهدة سلام، وإقامة «نظام دائم وراسخ للسلام».
وجاءت الانفراجة في العلاقات بين الكوريتين هذا العام في أعقاب عام من التوتر خلال 2017، أثارت فيه الاختبارات الصاروخية التي أجرتها كوريا الشمالية احتجاجات دولية عنيفة، وشهد تبادلاً لعبارات الإهانة بين ترمب وكيم.
وينسب ترمب الآن الفضل في التغييرات التي حدثت في موقف الرئيس كيم إلى تصريحاته الصارمة إزاء كوريا الشمالية، وإلى العلاقة التي بناها مع الرئيس الصيني شي جينبينغ، كما قال الرئيس الأميركي إن «أقصى درجات الضغوط»، بما في ذلك العقوبات وغير ذلك من إجراءات العزلة، ستستمر إلى أن تكمل كوريا الشمالية نزع سلاحها النووي.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.