الغرب يربط «خطة مارشال» لسوريا بتسوية سياسية وحكومة تعددية

أكد دبلوماسيون غربيون لـ«الشرق الأوسط»، أن مساهمات بلدانهم في سوريا ستبقى محصورة بالجانب الإنساني، مشددين على أنه «لن تكون هناك خطة مارشال» سورية ما لم تحصل عملية انتقال سياسي وإجراء انتخابات تعددية تفضي إلى تغيير نظام الرئيس بشار الأسد «الذي دمّر بلده، مدينة تلو مدينة». وعبّروا عن اعتقادهم أن النفوذ الإيراني أكبر من الروسي على الأسد.
وقال دبلوماسي غربي إن الدول الغربية «لن تساهم بدعم إعادة إعمار البنية التحتية والتنمية الطويلة الأجل في سوريا، إلا إذا رأت تغييراً في النظام وتشكيلاً لحكومة تعددية»، مشيراً إلى المساعدات الإنسانية التي تقدمها الدول الأوروبية حالياً إلى الدول المجاورة، مثل لبنان والأردن وتركيا، فضلاً عن دعم العمل الذي تقوم به المنظمات الإنسانية داخل سوريا، ومنها منظمة «الخوذ البيض» للدفاع المدني وإمدادات مياه الشرب في العديد من المناطق السورية. وشدد على أن «التحرك في العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، والمعروفة باسم (عملية جنيف) بوساطة المبعوث الخاص للمنظمة الدولية ستيفان دي ميستورا، يمكن أن يؤدي إلى تحقيق الهدف المرجو».
وعلّق دبلوماسي غربي آخر بأنه «لن تكون هناك خطة مارشال لسوريا في غياب تسوية سياسية»، موضحاً أن «خطة بوتين» هي الموجودة حالياً، في إشارة إلى ما يريده الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فيما يتعلق بالوضع في سوريا. واستدرك قائلاً إن «الدول الغربية لن تدفع من أجل هذه الخطة».
وقارن بين الدمار الذي حلّ بالرقة وبين ما حصل في حلب، حيث توجد «أقلية مسيحية مهمة. نحن لا نريد أن نشتري ما يقال عن أن الأسد هو الحامي للأقليات في سوريا. لقد دمّر حلب التي توجد فيها أقلية مسيحية مهمة». واعتبر أن «نفوذ روسيا على الأسد ليس كما كان في السابق»، إذ «يبدو أن النفوذ الإيراني على الأسد أكبر من النفوذ الروسي».
ونبّه إلى أن «الأسد دمّر بلده بشكل منهجي، مدينة بعد مدينة، وذلك بعدما قمع المظاهرات والمتظاهرين بطرق وحشية»، ولذلك فإن «الدول الغربية تتصرف حالياً على أساس إنساني صرف.
وفي الوقت ذاته لا نريد أن نساهم في بناء مدن يحكمها شخص كان مسؤولاً عن دمارها أولاً»، موضحاً أن «فريق نظام الأسد هو الذي لا ينخرط في محادثات جنيف بصورة بناءة». وعبّر عن اعتقاده أن «إجراء انتخابات تعددية يطرح سؤالاً عما إذا كان السوريون سيؤيدونه باعتباره الرئيس المقبل الذي سيعيد توحيد البلاد. نحن لا يمكننا الإجابة على هذا السؤال. السوريون هم من يمكنهم تقديم الإجابة. من الخارج لا يبدو لنا أن من دمّر هذا البلد سيفوز في انتخابات حقيقية».
وعلّق الدبلوماسي الكثير من الأمل على إمكان إحداث اختراق في الأزمة السورية، بعدما قارن ما يحصل في سوريا بالمذابح التي وقعت مع تفكك يوغوسلافيا السابقة في التسعينات من القرن الماضي، حين ارتكبت فظائع في كل من كرواتيا وسلوفينيا والبوسنة والهرسك، حيث «أصبنا بالهلع عندما رأينا الدمار في المخيمات، ولكن نتذكر الآن أن ذلك النوع من العمل المشترك هو الذي جلب الاستقرار»، معتبراً أن «هذا ما كان ليحصل لولا جلب العدالة لمرتكبي الجرائم على المستوى الدولي». ولاحظ أن «سراييفو تسير الآن على سكة التنمية والانتعاش».
وأشار إلى أنه على رغم الدمار الذي سببه تنظيم داعش، خصوصاً للأحياء الغربية من مدينة الموصل في العراق، فإن هناك «الكثير من الأمل بدأ يظهر مع إعادة بناء الجسور» بين المجموعات العربية والكردية حتى بعد إجراء الاستفتاء في كردستان، مع إعادة فتح المطار أمام الرحلات الجوية الدولية. وهذا ما حصل قبل ذلك في بلدان شهدت فظائع أيضاً مثل رواندا وسيراليون. ولاحظ أحد الدبلوماسيين أن «ما جرى التوصل إليه خلال الخلوة السويدية ليس اختراقاً كاملاً ولكنه من دون شك ذات مغزى»، مضيفاً أن البيان الذي أصدره مجلس الأمن في باكاكرا بجنوب السويد يشير إلى ذلك ولكن «هناك الكثير مما يجب القيام به لرؤية نتائج ملموسة على الأرض».
وحذّر من أن «الروس قاموا بالكثير من الألاعيب أخيراً. لذلك لا أعتبر أننا وصلنا إلى نهاية هذه الألاعيب. علينا أن ننتظر قليلاً لنرى ما إذا كان غبار المعارك سينقشع، وما إذا كان هناك عملية سياسية ستظهر مجدداً في جنيف».
ورداً على سؤال عن سبب اضطرار نظام الأسد إلى استخدام الأسلحة الكيماوية إذا كان يعتبر نفسه ينتصر في الحرب، أجاب الدبلوماسي: «سألنا أنفسنا السؤال نفسه. الخبراء يقولون إن غاز الكلور أثقل من الهواء.
ولهذا السبب استخدم في الحرب العالمية الأولى». وقال إن «غالبية الناس في هذه المناطق يختبئون تحت الأرض، بمن فيهم الإرهابيون.
وإذا كنت تريد إخراجهم من تحت الأرض لن تنفع معهم حتى القنابل العنقودية. ونظام الأسد يعتبر أن غاز الكلور أفضل سلاح لذلك. هذا سبب عقلاني بالنسبة إلى الجيش السوري يسمح بتبرير استخدام هذا السلاح».