الحوثي يرغم الطلبة والموظفين على تشييع الصماد لإظهار شعبية مزيفة

مصير «الرجل الثاني» دفع قادة الجماعة إلى التواري عن الأنظار

أطفال أرغموا على ترك المدارس لحضور تجمعات تسبق تشييع الصماد الذي قتل بغارة للتحالف الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
أطفال أرغموا على ترك المدارس لحضور تجمعات تسبق تشييع الصماد الذي قتل بغارة للتحالف الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT
20

الحوثي يرغم الطلبة والموظفين على تشييع الصماد لإظهار شعبية مزيفة

أطفال أرغموا على ترك المدارس لحضور تجمعات تسبق تشييع الصماد الذي قتل بغارة للتحالف الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
أطفال أرغموا على ترك المدارس لحضور تجمعات تسبق تشييع الصماد الذي قتل بغارة للتحالف الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

في الوقت الذي تسعى فيه ميليشيا جماعة الحوثيين الانقلابية إلى استثمار تشييع جثة رئيس مجلس حكمها الانقلابي صالح الصماد (الرجل الثاني بقائمة المطلوبين الحوثيين) لاستعراض شعبيتها المزيفة، عبر إجبار الموظفين وتلاميذ المدارس على المشاركة في التشييع المقرر غداً في صنعاء، توارى قادتها البارزون عن الأنظار، في ظل حالة الذعر التي سببها في أوساطهم مصرع الرجل الثاني في الجماعة.
وفي سياق حالة انعدام الثقة التي باتت تعصف بصفوف الانقلابيين في الحكومة الحوثية غير المعترف بها دولياً، كشفت مصادر برلمانية في صنعاء، أن الجماعة لم تتمكن سوى من حشد 23 نائباً من الخاضعين لسيطرتها، أثناء حضور الرئيس الجديد لمجلس انقلاب الميليشيا مهدي المشاط، لأداء اليمين غير القانونية للتنصيب.
وأرجع نواب في صنعاء تحدثوا مع «الشرق الأوسط» حالة الحضور الهزيل للنواب إلى مقر المجلس، إلى الرفض العام المتنامي في أوساطهم لبقاء سلطة الانقلاب، التي قررت الجماعة نقلها إلى المشاط، في مسعى إلى تركيز اتخاذ القرار في عناصر السلالة الحوثية الأكثر ولاء لإيران.
وشن النائب اليساري الذي ساند انقلاب الجماعة أحمد سيف حاشد، هجوماً لاذعاً على تنصيب المشاط الذي اتهمه باللصوصية والفشل في تولي إدارة الملف الاقتصادي، وبالمسؤولية عن فضيحة استيراد شحنة ضخمة من الوقود الملوث.
واتهم حاشد الجماعة الانقلابية بتزوير إرادة النواب الموجودين في صنعاء ومناطق سيطرة الميليشيا، من خلال قيامها بتمرير تنصيب المشاط دون الحصول على موافقتهم، مؤكدا في تصريح على صفحته الرسمية في «فيسبوك» أن كل الاجتماعات السابقة التي عقدها النواب في صنعاء تمت بشكل غير قانوني، لعدم وجود النصاب أو الحد الأدنى من الحاضرين.
في غضون ذلك، أفاد موظفون في صنعاء ومديرو مدارس حكومية، بأنهم تلقوا تعليمات من عناصر الميليشيا للاحتشاد غداً في تشييع جثة الصماد، المقرر في ميدان السبعين، بالتزامن مع تهديدات بمعاقبة من سيتخلف عن المشاركة التي تسعى الجماعة إلى تضخيمها، لاستعراض شعبيتها المزيفة.
وعلى الرغم من مساعي الميليشيا لمحاولة إضفاء أجواء الحداد والحزن لمقتل الرجل الثاني في الجماعة، وتصوير الأمر على أنه استهداف لرئيس دولة شرعي، قابل أغلب سكان صنعاء مساعي الجماعة بالسخرية والتندر، في نقاشاتهم التي رصدتها «الشرق الأوسط» في الأماكن العامة ووسائل المواصلات، دون أن يخفي أغلبهم حالة التشفي لمقتل الصماد، إلى جانب التصريح بترقب اليوم الذي يتساقط فيه بقية قادة الميليشيا، بمن فيهم زعيمها عبد الملك الحوثي.
وكان القيادي الحوثي المعين أميناً للعاصمة صنعاء، حمود عباد، قد رأس أمس اجتماعاً للتحضير لتشييع الصماد، وأمر الجهات الحكومية بالاحتشاد والإعداد لاستقبال عناصر الجماعة وأتباعها القادمين من المحافظات الأخرى، للمشاركة في التشييع.
وفي حين لم تكشف الميليشيا عن المكان الذي ستدفن فيه جثة رئيسها الصريع، إلا أن مصادر قريبة من الجماعة أفادت «الشرق الأوسط» بوجود نقاشات بين قادتها عن دفنه في المكان الذي كان الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح قد أوصى بدفنه فيه، في ساحة «جامع الصالح» الذي سيطرت عليه الجماعة بعد مقتله، وبدلت اسمه إلى «جامع الشعب».
وتخللت النقاشات الحوثية التي لم يتم حسمها حتى يوم أمس - بحسب المصادر - مخاوف من أن يؤدي دفن الصماد في المكان المقترح أمام الجامع الواقع في منطقة السبعين، إلى رفع وتيرة الاستعداء والكراهية التي يكنها أنصار الرئيس السابق وقيادات حزبه للجماعة الطائفية التي قتلت زعيمهم، ونكلت بالآلاف من أتباعه.
وحشدت الجماعة أمس في ميدان التحرير وسط العاصمة، مظاهرة لعناصرها من النساء المعروفات باسم «الزينبيات»، في معرض الفعاليات التي تحاول من خلالها إظهار الحزن على مصرع الصماد، الذي أعلنت الجماعة حدوثه جراء ضربة لطيران التحالف العربي المساند للشرعية، أثناء وجوده في الحديدة.
وكانت الميليشيا الانقلابية قد استهلت اليوم الأول لتنصيبها رئيس مجلس انقلابها الجديد مهدي المشاط، بإصدار حكم تعسفي قضى بإعدام ثمانية مواطنين، بعد أن اتهمتهم الجماعة بالتخابر مع دول التحالف العربي الداعم للشرعية اليمنية، والانتماء لتنظيم داعش.
وتوعد المشاط الذي يرجح المراقبون أن تنصيبه جاء بأوامر إيرانية، لجهة ولائه الشديد لطهران، بالمضي على درب سلفه، في حين أصدرت قيادات جناح صنعاء في حزب «المؤتمر الشعبي» بيان نعي للصماد؛ تماشياً مع إرادة الميليشيا التي أعلنت الحداد ثلاثة أيام، وقررت من أجله تنكيس الأعلام 40 يوماً.
وقضت محكمة في صنعاء تسيطر عليها الميليشيا، أول من أمس، بإعدام ثمانية أشخاص ممن أطلقت عليهم «عملاء ومرتزقة العدوان»، بعد أن اتهمتهم بالتخابر مع دول التحالف العربي الداعمة للشرعية مقابل الحصول على عائد مادي، وبالانتماء إلى «داعش»، والمشاركة في قتال عناصرها وزرع العبوات الناسفة لاستهدافهم.
وبحسب محامين في صنعاء تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» تمت إجراءات المحاكمة التي تولتها المحكمة المتخصصة في أمن الدولة وقضايا الإرهاب، بشكل صوري، دون الخضوع للطرق القانونية، فضلاً عن تأكيدهم «عدم قانونية أي إجراءات تتخذها الميليشيا، لافتقادها صفة الضبط القانوني الذي لا يتوافر إلا في ظل سلطة حكومية شرعية معترف بها، وليس تحت وطأة ميليشيا متمردة». وكان وزير الإعلام في الحكومة الشرعية معمر الإرياني، قد عبر في تصريح رسمي عن سخريته من عملية تنصيب المشاط رئيساً جديداً لمجلس حكم الانقلاب الحوثي، ووصفه بأنه «مسرحية هزلية تؤكد إفلاس الانقلابيين وتخبطهم، وقرب نهايتهم».
وأكد الإرياني في تصريح نقلته وكالة «سبأ» أن الرئيس عبد ربه منصور هادي هو الرئيس الشرعي المنتخب من الشعب، بموجب الدستور اليمني النافذ، وأن كل ما يقوم به الحوثيون إجراءات باطلة ليس لها أي سند دستوري أو قانوني أو غطاء شعبي. وقال الوزير اليمني إن علم بلاده الرسمي سيرفع قريباً في منطقة مران غرب صعدة؛ حيث المعقل الأول لزعيم الجماعة الحوثية، مشيراً إلى أن الشعب اليمني «لن ينسى الموقف الأخوي والصادق للتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، على مواقفه المشرفة ودعمه للحكومة الشرعية، لاستعادة اليمن على كامل أراضيه».
وفيما كشفت مصادر حزبية في صنعاء عن أن الميليشيات أنفقت أموالاً ضخمة لحشد أتباعها من المحافظات إلى صنعاء لحضور مراسيم تشييع الجثة، اطلعت «الشرق الأوسط» على صورة لوثيقة تداولها ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، تتضمن أوامر حوثية لحشد الموظفين المدنيين إلى جبهات القتال.
وجاءت الأوامر طبقاً للوثيقة تحت توقيع عناصر الجماعة المعينين في قيادة المؤسسة الاقتصادية، الأمر الذي عده الناشطون تعبيراً عن مستوى الانهيار في صفوف الميليشيا، ودلالة على تناقص كبير في أعداد مقاتليها، جراء الهزائم الأخيرة التي تكبدتها في مختلف الجبهات على يد قوات الجيش اليمني وضربات التحالف الجوية.


مقالات ذات صلة

اليمنيون يرفضون أداء صلاة العيد تحت وصاية الحوثيين

العالم العربي لقطة جوية لمصور يمني توضح انفضاض مصلين في إب بعد تعيين خطيب حوثي لصلاة العيد (إكس)

اليمنيون يرفضون أداء صلاة العيد تحت وصاية الحوثيين

تسبب فرض الجماعة الحوثية خطباء لصلاة العيد من أتباعها في رفض السكان في مناطق سيطرتها أداء الصلاة تحت وصايتها، وانتقل الآلاف منهم لأدائها في مناطق سيطرة الحكومة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي المسافرون عبر مطار صنعاء يواجهون إجراءات حوثية مشددة (غيتي)

الحوثيون يصادرون إلكترونيات المسافرين عبر مطار صنعاء

لجأت الجماعة الحوثية لاحتجاز الأجهزة الإلكترونية للإعلاميين والناشطين المسافرين عبر مطار صنعاء لإجبارهم على العودة، في الوقت نفسه الذي تشدد رقابتها عليهم

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أشخاص يتجمعون على أنقاض منزل تعرض لغارة أميركية في صعدة باليمن (رويترز)

الحوثيون يعلنون مقتل 4 في قصف أميركي شرق صنعاء

أعلنت جماعة الحوثي، في وقت مبكر اليوم الخميس، سقوط أربعة قتلى وجرحى جراء قصف أميركي على محافظة صنعاء.

«الشرق الأوسط» (عدن)
الولايات المتحدة​ النائب الأميركي راجا كريشنامورثي يشير إلى رسائل نصية لوزير الدفاع بيت هيغسيث خلال جلسة استماع سنوية لتقييم التهديدات العالمية في مبنى مكتب لونغورث هاوس بعد تسريب «محادثات سيغنال» (أ.ف.ب)

روبيو: واقعة «سيغنال» خطأ فادح لكن لم يهدد حياة جنودنا

أكّد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، اليوم (الأربعاء)، أن المعلومات الواردة عبر محادثة «سيغنال» بشأن الهجمات على اليمن لم تكن سرية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ البيت الأبيض: مستشار الأمن القومي والتز يتحمل مسؤولية «واقعة سيغنال» play-circle

البيت الأبيض: مستشار الأمن القومي والتز يتحمل مسؤولية «واقعة سيغنال»

حمّل البيت الأبيض اليوم (الأربعاء)، مستشار الأمن القومي الأميركي مايك والتز المسؤولية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الحوثيون يعلنون إسقاط مسيّرة أميركية بصاروخ باليستي

مظاهرة للحوثيين في صنعاء احتجاجاً على الغارات الأميركية (إ.ب.أ)
مظاهرة للحوثيين في صنعاء احتجاجاً على الغارات الأميركية (إ.ب.أ)
TT
20

الحوثيون يعلنون إسقاط مسيّرة أميركية بصاروخ باليستي

مظاهرة للحوثيين في صنعاء احتجاجاً على الغارات الأميركية (إ.ب.أ)
مظاهرة للحوثيين في صنعاء احتجاجاً على الغارات الأميركية (إ.ب.أ)

قالت جماعة الحوثي، مساء الاثنين، إن «قواتها» أسقطت طائرة مسيّرة أميركية «معادية» في أجواء محافظة مأرب بشرق اليمن.

وقال يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، في بيان إن «الدفاعات الجوية أسقطت طائرة مسيّرة أميركية معادية من نوع (إم كيو 9) في أجواء محافظة مأرب، بصاروخ باليستي محلي الصنع».

وأضاف سريع أن المسيّرة الأميركية تعتبر السادسة عشرة «التي تنجح الدفاعات الجوية التابعة للحوثيين في إسقاطها خلال (معركة مساندة غزة)»، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الألمانية.

وأكد المتحدث العسكري باسم الحوثيين استمرار الجماعة في «منع الملاحة الإسرائيلية قي البحرين الأحمر والعربي».

وأردف بالقول: «مستمرون في إسناد الشعب الفلسطيني حتى وقف العدوان على (قطاع) غزة ورفع الحصار عنها».

وأشار سريع إلى أن الجماعة لن تتردد في تنفيذ المزيد من العمليات التي وصفها بـ«الدفاعية ضد كافة القطع الحربية المعادية خلال الأيام المقبلة».

ومنذ 15 مارس (آذار)، تصاعدت حدة الأعمال العسكرية بين الحوثيين والولايات المتحدة، وذلك عقب إعلان الجماعة المتحالفة مع إيران استئناف مهاجمة السفن الإسرائيلية «مساندة لغزة»، حسب وصفهم.

ووفقاً لتصريح سابق للمتحدث باسم وزارة الصحة الخاضعة لسيطرة الحوثي، أنيس الأصبحي، فقد أسفرت الغارات الأميركية على اليمن منذ منتصف مارس (آذار) عن سقوط 57 قتيلاً و132 جريحاً بينهم نساء وأطفال.