موسكو تفرض نفسها وسيطاً مع تواصل الاحتجاجات في أرمينيا

عدد من مسؤولي الحزب الحاكم والمعارضة على اتصالات مستمرة معها

زعيم الحركة الاحتجاجية وعضو البرلمان المعارض نيكول باشينيان الذي يقود الاحتجاجات يمثل حزبه الليبرالي (أ.ف.ب)
زعيم الحركة الاحتجاجية وعضو البرلمان المعارض نيكول باشينيان الذي يقود الاحتجاجات يمثل حزبه الليبرالي (أ.ف.ب)
TT

موسكو تفرض نفسها وسيطاً مع تواصل الاحتجاجات في أرمينيا

زعيم الحركة الاحتجاجية وعضو البرلمان المعارض نيكول باشينيان الذي يقود الاحتجاجات يمثل حزبه الليبرالي (أ.ف.ب)
زعيم الحركة الاحتجاجية وعضو البرلمان المعارض نيكول باشينيان الذي يقود الاحتجاجات يمثل حزبه الليبرالي (أ.ف.ب)

بدأت روسيا تقحم نفسها في الأزمة الأرمينية بعدما لزمت الحياد خلال احتجاجات الشوارع في الأسبوعين الماضيين. لكن مع تفاقم الأزمة السياسية واستقالة حليفها رئيس الوزراء سيرج سركيسيان بدأت موسكو تفرض نفسها كوسيط، خصوصا مع رفع سقف مطالب المعارضة والاحتجاجات المستمرة في العاصمة يريفان والمدن الأخرى في هذا البلد القوقازي الصغير، الذي لا يتعدى عدد سكانه الثلاثة ملايين شخص.
وأفاد بيان نشر على الموقع الإلكتروني لبرلمان أرمينيا أمس الخميس بأن البرلمان سينتخب رئيسا جديدا للوزراء في الأول من مايو (أيار). ومن المقرر بعد اختيار رئيس الوزراء أن تجري أرمينيا انتخابات برلمانية. وقال الرئيس أرمين سركيسيان في بيان، كما نقلت عنه رويترز: «ستبدأ أرمينيا فصلا جديدا في تاريخها».
ومن المحتمل أن يكون زعيم الحركة الاحتجاجية وعضو البرلمان نيكول باشينيان، الذي يمثل حزبه ذو التوجه الليبرالي أقلية في البرلمان، مرشحا لشغل المنصب. ويطالب هذا بعلاقات متساوية مع روسيا الاتحادية والولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي.
وفي الأمس نظمت تجمعات جديدة بدعوة من المعارض نيكول باشينيان، الذي بدأت حركته الاحتجاجية بالمطالبة باستقالة رئيس الوزراء سركيسيان. وبعدما رضخ هذا الأخير للمطالب وقدم استقالته يوم الاثنين، رفع باشينيان سقف السياسي وطالب بـ«استسلام» الحزب الحاكم بالكامل والدعوة لانتخابات برلمانية جديدة حتى يتمكن الحزب القريب من روسيا انتخاب شخص آخر حليفا لموسكو.
وأمس توجه نائب رئيس الوزراء أرمين غيوفوركيان إلى موسكو لإجراء «مشاورات عمل»، كما أعلن في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية متحدث باسم الحكومة الأرمينية. كما زار أيضا وزير الخارجية الأرميني، إدوارد نالبانديان، موسكو الخميس لإجراء مشاورات، كما قال مصدر دبلوماسي لوكالة إنترفاكس الروسية للأنباء. ويأتي هذا الإعلان فيما تحادث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأربعاء هاتفيا مع نظيره الأرميني أرمين سركيسيان، ووجها دعوة مشتركة إلى «جميع القوى السياسية (في أرمينيا) إلى ضبط النفس وتحمل المسؤولية».
البرلماني المعارض باشينيان (42 عاما) الذي حشد منذ 13 أبريل (نيسان) عشرات آلاف الأشخاص لتنظيم احتجاجات ضد رئيس الوزراء سيرج سركيسيان وحزبه الحاكم، توجه هو الآخر إلى السفارة الروسية في أرمينيا «لمناقشة الوضع في يريفان وفي البلاد»، كما ذكر بيان للبعثة الدبلوماسية الروسية. وأوضح البيان، كما نقلت عنه الصحافة الفرنسية، أن «الجانب الروسي دعا منظمي المظاهرات إلى حوار بناء مع السلطات الموجودة والقوى السياسية الأخرى»، مشددا على ضرورة «تسوية الوضع فقط في الإطار الدستوري ومصلحة جميع مواطني أرمينيا».
وذكرت وكالة أنباء «أرمن برس» الرسمية أن باشينيان دعا أنصاره إلى التوقف مؤقتا عن إغلاق الطرق في العاصمة، يريفان، في الوقت الذي تحاول فيه المعارضة التفاوض مع قيادة البلاد.
وحتى الآن، بقيت روسيا التي تستوعب حوالي ربع الصادرات الأرمينية ولها قواعد عسكرية في أرمينيا، على الحياد في الأزمة مشيرة إلى أنها «قضية داخلية أرمينية».
وأمس قدم باشينيان نفسه على أنه «مرشح الشعب» لمنصب رئيس الوزراء، حاملا مكبرا للصوت، عبر شوارع يريفان، عاصمة الجمهورية السوفياتية السابقة، على رأس آلاف من أنصاره، منهم عدد كبير من الطلبة. ومع استقالة سركيسيان قال باشينيان أنه يتعين على الحزب الجمهوري الحاكم «الاستسلام للشعب». وأضاف باشينيان أنه «على استعداد لقيادة البلاد». وأعلن مساء الأربعاء أمام أنصاره في وسط العاصمة: «إذا ما تجاسر الحزب الجمهوري على تقديم مرشح، فسيحاصر الشعب على الفور مبني البرلمان والحكومة».
وفي تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، قالت آنا مكرتشيان مصففة الشعر (38 عاما) التي شاركت الخميس في المظاهرة: «إذا لم يشأ الجمهوريون أن ينسحبوا من تلقاء أنفسهم، فسنرغمهم على ذلك». وستطرح كتلة «ييلك» المعارضة ترشيح باشينيان في الأيام المقبلة لمنصب رئيس الحكومة. وقد حدد رئيس البرلمان أرا بابلويان الأول من مايو (أيار) موعدا لاجتماع استثنائي للبرلمان الأرميني، مخصصا لانتخاب رئيس جديد للوزراء.
وفي تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، قال نائب رئيس البرلمان أدوار شرمازانوف إن «كل شيء رهن بالمرشحين الذين تقترحهم الأحزاب، وعدد النواب الذين يرغبون في الكلام.. لكن من المرجح جدا أن يتاح لنا الوقت لانتخاب رئيس جديد للوزراء في الأول من مايو (أيار)».
وخلال التصويت في البرلمان، يحتاج المرشح إلى 53 صوتا من أصوات النواب حتى يجري انتخابه. ولا يستطيع باشينيان في الوقت الراهن إلا الاعتماد على دعم 40 نائبا، كما يقول مسؤول في كتلة ييلك. ويشغل الحزب الجمهوري الحاكم 58 مقعدا، وتتوافر له كل الفرص لحمل النواب على انتخاب مرشحه، لكن المعارضة ترفض هذا الخيار رفضا قاطعا.



سيول: القضاء يصدر مذكرة توقيف جديدة بحق الرئيس المعزول

متظاهرون يطالبون باعتقال الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول يحضرون تجمعاً بالقرب من المقر الرئاسي في سيول (أ.ب)
متظاهرون يطالبون باعتقال الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول يحضرون تجمعاً بالقرب من المقر الرئاسي في سيول (أ.ب)
TT

سيول: القضاء يصدر مذكرة توقيف جديدة بحق الرئيس المعزول

متظاهرون يطالبون باعتقال الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول يحضرون تجمعاً بالقرب من المقر الرئاسي في سيول (أ.ب)
متظاهرون يطالبون باعتقال الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول يحضرون تجمعاً بالقرب من المقر الرئاسي في سيول (أ.ب)

أصدر القضاء في كوريا الجنوبية مذكرة توقيف جديدة بحق الرئيس المعزول تتيح للمحققين القيام بمحاولة ثانية لاعتقال يون سوك يول المتحصّن في مقر إقامته في سيول تحت حماية حرسه.

وجاء في بيان أصدره المحققون أن «مذكرة التوقيف الجديدة ضد المشتبه به يون صدرت بعد ظهر اليوم» بتوقيت سيول، بسبب محاولة إعلانه الأحكام العرفية لفترة وجيزة، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

انتهت مهلة مذكرة التوقيف الأولى الصادرة في 31 ديسمبر (كانون الأول)، الاثنين عند الساعة 15:00 بتوقيت غرينتش دون أن يتمكن مكتب التحقيق في الفساد من توقيف يون لاستجوابه.

والجمعة، حاول المحققون بمؤازرة الشرطة دخول مقر إقامة يون لاعتقاله لكنهم واجهوا نحو 200 جندي وعنصر في جهاز الأمن الرئاسي وتراجعوا بعد استحالة تنفيذ المذكرة القضائية بعد 6 ساعات من المواجهة التي شابها توتر.

وأعلن الحزب الديمقراطي المعارض أنه قدّم شكوى ضد الرئيس المؤقت شوا سانغ موك بتهمة «التقصير في أداء الواجب»، لأنه لم يفلح في منع جهاز الحراسة عن اعتراض «توقيف» يون.

وطلب الجهاز المكلف بالتحقيق مساء الاثنين من محكمة منطقة غرب سيول تمديد المهلة المحددة لمذكرة التوقيف.

عدم خبرة

وعزا يون بوك نام، رئيس جمعية «محامون من أجل مجتمع ديمقراطي»، فشل المحاولة الأولى لتوقيف الرئيس المخلوع في المقام الأول إلى افتقار مكتب مكافحة الفساد الذي لم يمضِ على تأسيسه 4 سنوات ويعمل فيه أقل من 100 موظف، إلى الخبرة، فهو لم يوجه اتهاماً إلى أي شخص حتى الآن.

وأوضح يون: «بطبيعة الحال، ليست لديهم خبرة في الاعتقالات، ناهيك باعتقال الرئيس»، مشيراً إلى أن «تعاون الشرطة ضروري».

ونشب خلاف بين مكتب مكافحة الفساد والشرطة حول دور كل منهما في عملية التوقيف، فقد تحدث المكتب عن افتقاره إلى الخبرة في هذا المجال ورغبته في تولي الشرطة مهمة تنفيذ المذكرة، وردت الشرطة بأن المسؤولية تقع على عاتق المكتب.

وأقر المكتب في نهاية الأمر بأن هذا الإجراء ضمن مهامه، في حين أكدت الشرطة أنها ستوقف حرس الرئيس في حال قاموا بعرقلة العملية ضد يون سوك يول.

يجري مكتب مكافحة الفساد والشرطة وإدارة التحقيقات بوزارة الدفاع تحقيقاً مشتركاً في محاولة يون سوك يول فرض الأحكام العرفية في الثالث من ديسمبر وإغلاق البرلمان بقوة الجيش.

وبرر الرئيس المحافظ المعزول الذي لطالما واجه عمله السياسي عرقلة من البرلمان ذي الغالبية المعارضة، هذا الإجراء لكونه يريد حماية البلاد من «القوى الشيوعية الكورية الشمالية» و«القضاء على العناصر المعادية للدولة».

اضطرّ الرئيس للتراجع عن خطوته المفاجئة بعد ساعات من إعلانها وتمكّن النواب من الاجتماع في البرلمان الذي طوّقته القوات العسكرية، والتصويت لصالح رفع الأحكام العرفية، تحت ضغط آلاف المتظاهرين.

معركة قضائية

عزل البرلمان يون من منصبه في 14 ديسمبر، ورُفعت شكوى ضده بتهمة «التمرد»، وهي جريمة عقوبتها الإعدام و«إساءة استخدام السلطة» وعقوبتها السجن خمس سنوات.

وتعهد يون، الأسبوع الماضي، في بيان، بـ«القتال حتى النهاية». وطعن محاموه في قانونية مذكرة التوقيف واختصاص مكتب مكافحة الفساد.

وأوضحوا أن القانون يمنح هذه الهيئة سلطة التحقيق في عدد محدد من الجرائم التي يرتكبها مسؤولون رفيعو المستوى، لكن القائمة لا تشمل جريمة «التمرد».

وبعد إصدار مذكرة التوقيف الأولى، خيّم أنصار يون ومعارضوه خارج مقر إقامته الرئاسي متحدين البرد، لكن قبل إصدار المذكرة الجديدة، تضاءل عدد أنصار يون بشكل كبير الثلاثاء، وفق ما شاهد مراسلو وكالة الصحافة الفرنسية في المكان.

وإذ عزل البرلمان يون سوك يول، ما أدى إلى كفّ يده عن مزاولة مهماته، فإنه لا يزال رئيساً بانتظار بتّ المحكمة الدستورية بقرار العزل بحلول منتصف يونيو (حزيران).

وتبدأ المحاكمة في 14 يناير (كانون الثاني) وستستمر حتى في حال عدم مثوله. وإذا صدّقت على العزل، فسيتم تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة في مدة شهرين.