خلاف حاد بين الجزائر وأوروبا بسبب وقف استيراد منتجات

وصل الجزائر أمس مسؤول بارز في مفوضية الاتحاد الأوروبي لحل خلاف حاد مع حكومة البلاد، نشأ بسبب وقف استيراد منتجات غذائية ومواد مصنعة ونصف مصنعة، عد مخالفا لاتفاق الشراكة الذي يجمع البلدين منذ 16 سنة.
وتخوض الجزائر منذ أربع سنوات تحديات اقتصادية ناجمة عن انخفاض سعر النفط وتأثيره المباشر على اقتصادها الهش، ما دفعها إلى تقليص وارداتها بشكل كبير.
وبدأ إيغناسيو غارسيا بيرسيرو، المسؤول الأوروبي المكلف التفاوض مع الجزائر، لقاءات مع رئيس الوزراء أحمد أويحيى، ووزير الخارجية عبد القادر مساهل، ووزير التجارة سعيد جلاب، بالإضافة إلى وزير الصناعة والمناجم يوسف يوسفي.
وأوضح مصدر حكومي جزائري لـ«الشرق الأوسط»، أن موقف السلطات من استياء المسؤولين الأوروبيين يتمثل في «اقتناعها بأنه لم يعد مقبولا أن تبقى الجزائر سوقا مفتوحة للبضائع الأوروبية، وقد حان الوقت للتعامل وفق مبدأ تبادل الربح والمنفعة القائم على الندية».
وأكد المصدر ذاته أن الجزائر تريد الاحتكام إلى المادة 100 من اتفاق الشراكة، الذي وقعه الطرفان عام 2000. ودخل حيز التنفيذ في 2002، وتتعلق هذه المادة بالجلوس إلى طاولة المفاوضات لحل أي خلاف يطرح. وحسب مراقبين ومحللين اقتصاديين، فإن وقف استيراد السلع من بلدان أوروبا يعد مشكلة حقيقية بالنسبة للاتحاد الأوروبي، الذي بدأ يبدي مخاوف متزايدة من اكتساح المنتوجات الصينية للسوق الجزائرية، ويشتم في ذلك «تفضيلا» للصين من جانب الحكومة الجزائرية على حساب أوروبا. علما بأن المبادلات التجارية للجزائر مع أوروبا تمثل 50 في المائة من مبادلاتها مع بقية شركائها الاقتصاديين في العالم، كما أن فرنسا تعد الشريك التجاري الأول للجزائر.
واللافت أن الحكومة الجزائرية لم ترد على انتقادات حادة تلقتها الأسبوع الماضي من مفوضية التجارة الأوروبية سيسيليا مالمستروم، بخصوص تدابير حظر الاستيراد. وتولت «الهجوم المضاد» بدلا عنها النقابة المركزية، وتكتل أرباب العمل الخواص، الموالين للسلطة، حيث قال مسؤولو النقابة والتكتل، إن قرار وقف الاستيراد «سيادي ينبغي أن تتفهمه أوروبا».
يشار إلى أن حظر الاستيراد الذي أقرته الحكومة يشمل منتجات من الصناعة الغذائية وسلعا زراعية، ومواد نصف مصنعة، وأخرى مصنعة كالسيارات التي أوقفت الحكومة استيرادها نهائيا، وأطلقت بدلا عن ذلك صناعة «تركيب السيارات»، التي كان من تداعياتها أن ثمن العربات تضاعف بشكل لافت، ما دفع إلى مقاطعتها من طرف المستهلك.
وعندما سئل جون أورورك، سفير الاتحاد الأوروبي في الجزائر، إن كانت إجراءات «الحماية» التي اتخذتها الجزائر تخالف اتفاق الشراكة، قال بنبرة حازمة: «من دون شك، فذلك غير منصوص عليه في اتفاق الشراكة. صحيح أن الاتفاق يضم مواد تسمح للطرفين، مادمنا في واقع اقتصادي يتغير، باتخاذ إجراءات إذا كان لهما مشكلات في الميزان التجاري، أو أراد أحدهما حماية صناعة معينة. لكن ذلك لا يكون إلا بالحوار والنقاش حول الخيارات الممكن اتخاذها والمدة الزمنية اللازمة لذلك.
وتابع سفير الاتحاد الأوروبي موضحا: «بالنسبة لما أصدرته الجزائر من إجراءات، فقد تم وضعنا أمام الأمر الواقع، ولم يتم إعلامنا بشيء. لذلك طلبنا من السلطات الجزائرية العودة إلى روح الاتفاق».
وحول موضوع استمرار استيراد البضائع الصينية قال المسؤول الأوروبي: «نعتقد أن إجراءات من هذا النوع يجب ألا تؤدي إلى تحويل الاستيراد إلى وجهات أخرى خارج أوروبا، لأننا في إطار تفضيلي يضمنه اتفاق الشراكة، وليس مقبولا أن يتواصل استيراد المنتجات نفسها من مناطق أخرى من العالم، بينما يمنع من أوروبا... لا أريد لموقفي أن يفهم على أنه وصفة جاهزة على الجزائر أن تطبقها. نعتقد أنه يجب وضع إجراءات لحماية بعض الصناعات. لكن ذلك ينبغي أن يكون بالتوافق مع الشريك الأوروبي في إطار الاتفاق الذي يجمعنا».