انقسام في مجموعة 5+1 حول دعوة ترمب لاتفاق «شامل»

انقسمت الأطراف المشاركة في الاتفاق النووي، أمس، حول تأكيد الرئيس الأميركي دونالد ترمب على المضي قدماً بموقفه من الاتفاق والمطالبة بآخر شامل مع طهران، في حين رفض الرئيس الإيراني حسن روحاني، أمس، دعوة ترمب ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى اتفاق جديد يشمل دور إيران الإقليمي والصواريخ الباليستية، وقال أمين عام مجلس الأمن القومي علي شمخاني: إن أي اتفاق جديد بين أوروبا والولايات المتحدة فاقد للقيمة. وقالت لندن، إنها تعمل عن قرب مع حلفائها في العمل على تحديات طهران، واعتبرت موسكو أنه لا بديل عن الاتفاق الحالي، في حين جددت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي تسمك الأوروبيين بالاتفاق.
وقال روحاني في أول رد على نظيره الأميركي من تبريز عاصمة محافظة أذربيجان شرقي «بأي حق، ومن أذن لكم أن تقرروا اتفاقاً من سبعة أطراف؟»، وجدد التشكيك في قدرات ترمب السياسية عندما وصفه بـ«التاجر الذي يشيّد الأبراج ولا يفهم في السياسة والقوانين». وفي رد على اعتبار ترمب الاتفاق النووي «صفقة سيئة» قال: «هل من سبقوك والمسؤولون السابقون لم يكنوا يفهمون أو يدركون أن الصفقة سيئة أم جيدة؟». وتابع مخاطباً الرئيس الأميركي «عليكم في البداية تنفيذ ما وُقّع سابقاً وأدلى به الرئيس الأميركي السابق ووزير خارجيته بعد ذلك تحدثوا عن قضايا جديدة».
وبموازاة هجومه على ترمب، أظهر روحاني سخطه الشديد على موقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عندما ذكره بصيغة المجهول. وقال: «إذا أرادت أوروبا إرضاء ترمب، فإن عليها أن تدفع من جيبها وليس من جيب الشعب الإيراني».
واتهم روحاني ترمب بإدلاء تصريحات يومية «تزعزع الاستقرار». مستدركاً «لن تضاف أو تحذف أي كلمة من الاتفاق النووي»، وقال إن واشنطن «هي المتهمة بسبب عدم التزامها بتعهداتها في الاتفاق النووي».
وانتقد ترمب الاتفاق النووي الإيراني ووصفه بالأسوأ في تاريخ أميركا، منتقداً عدم الفترة الزمنية في «بند الغروب» في الاتفاق، وطريقة تفتيش المواقع الإيرانية، إضافة إلى عدم تقييد البرنامج الصاروخي.
ويتيح «بند الغروب» لإيران زيادة عدد أجهزة تخصيب اليورانيوم عقب انتهاء السنوات العشر الأولى من تنفيذ الاتفاق النووي، كما تتمكن إيران من زيادة حجم مخزونها من اليورانيوم المخصب عقب انتهاء 15 عاماً على تنفيذه.
أول من أمس، أعلن ترمب وماكرون توصلهما إلى تفاهم يعالج المخاوف الأميركية ويربط الاتفاق النووي بسلوك إيراني على المستوى الإقليمي وتطوير الصواريخ الباليستية. وهدد ترمب في الوقت نفسه الإيرانيين بدفع الثمن إذا ما استأنفت برنامج تخصيب اليورانيوم. وبدوره، قال ماكرون، إن الاتفاق الجديد يتضمن منع إيران من أي نشاط نووي حتى عام 2025، وضمانات عدم أي نشاط نووي على المدى الطويل، وفرض قيود على الصواريخ الباليستية، وخلق ظروف تهدف إلى احتواء دور إيران في اليمن، وسوريا، والعراق، ولبنان.
رداً على ذلك، زعم روحاني أن بلاده «أثبتت حسن نواياها للعالم، وأثبتت أن الترهيب من إيران كان خاطئاً، وأنها لم تسع إطلاقاً وراء أسلحة الدمار الشامل» مضيفاً: «أثبتنا أن التحقيق في الأبعاد العسكرية المحتملة للبرنامج النووي كانت خاطئة، وعلى خلاف العدالة والقانون وقعت إيران تحت الفصل السابع لمجلس الأمن». كذلك، اتهم واشنطن بخرق الاتفاق النووي وترهيب البنوك الدولية من التعامل مع إيران، كما أشار إلى منع الإيرانيين من السفر إلى الولايات المتحدة.
في بروكسل، قالت مسؤولة الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني، على هامش مؤتمر للمانحين لسوريا: إن «الاتفاق يمنع إيران من تطوير سلاح نووي، ويلزمها بعدم تطوير سلاح نووي، دون حدود»، مشددة على تسمك الاتحاد الأوروبي باستمرار الاتفاق.
بالتزامن مع روحاني، قال أمين عام مجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني: إن «أي اتفاق بين أوروبا وأميركا حول مستقبل الاتفاق النووي وبرنامج إيران النووي بعد نهاية فترة القيود التي ينص عليها الاتفاق، لا قيمة لها»، وأكد في خطابه بمؤتمر سوتشي في روسيا أن «إعادة التفاوض حول أنشطة إيران النووية تعني نهاية الاتفاق النووي».
لكن كريستوفر فورد، مبعوث الولايات المتحدة لشؤون منع الانتشار النووي، قال أمس، إن بلاده لا تسعى لفتح اتفاق إيران النووي أو إعادة التفاوض عليه من جديد، لكنها تأمل في البقاء في الاتفاق لإصلاح ما به من عيوب من خلال اتفاق تكميلي.
ورداً على سؤال عما إذا كان ماكرون قد أنقذ الاتفاق النووي في محادثاته في واشنطن، قال فورد «آمل أن يكون قد تم إنقاذ الاتفاق النووي في سياق التحدي الذي حدده لنا الرئيس ترمب، محاولة البقاء في الاتفاق، لكن في سياق المضي قدماً مع شركائنا بشأن نهج يمتلك فرصة جيدة للغاية لتحويل ما كان فعلياً تأجيلاً مؤقتاً... إلى حل أكثر استدامة» وفق ما نقلت عنه وكالة «رويترز».
في لندن، أعلن متحدث باسم رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي، تأييد بريطانيا لمحادثات ترمب وماكرون، وأضاف: إن بريطانيا تعمل عن قرب مع حلفائها لتناول قضايا تتعلق بإيران، لافتاً إلى «إننا نعمل عن قرب مع حلفائنا بشأن كيف سنتعامل مع مجموعة من التحديات التي تشكلها إيران في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضايا التي اقترح الرئيس ماكرون أن يتضمنها اتفاق جديد».
في غضون ذلك، قالت الخارجية الألمانية، إن الحفاظ على الاتفاق النووي على رأس أولويات برلين، ولا مجال لإعادة التفاوض عليه. وقال المتحدث راينر برويل، إنه «بالنسبة لنا الموقف يظل واضحاً. أهم أولوية هي الحفاظ على الاتفاق النووي وتطبيقه بشكل كامل من كل الأطراف». مضيفاً إن بلاده تريد أن تضمن أن برنامج إيران النووي يستخدم حصرياً للأغراض السلمية.
وذكر أن ماكرون اقترح اتفاقاً مكملاً لحل المشكلة. وقال: «علينا أن ندرس هذا المقترح بحذر. السؤال هو تحت أي ظروف ستكون إيران مستعدة للسماح بحدوث ذلك. ونحن على اتصال وثيق وبناء داخل ثلاثي الاتحاد الأوروبي ومع الولايات المتحدة».
على صعيد متصل، أكد الكرملين تأييد الاتفاق بصورته الحالية. ونقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية عن المتحدث باسم الكرملين دميتري بسكوف القول: «نعتقد أنه حالياً لا يوجد بديل».
وقال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف «نعلم أن الاتفاق النووي كان نتيجة عمل شديد الدقة لعدد من الدول. هل من الممكن تكرار مثل هذا العمل؟ - هذا هو السؤال». وأشار إلى أن الكرملين يدعم الإبقاء على الاتفاق النووي الحالي. مضيفاً في الوقت نفسه: «لا نعلم ما يجري التحدث عنه، وندعم الاتفاق النووي على ما هو عليه اليوم. نعتقد أنه ليست هناك بدائل».