المغرب: محكمة الاستئناف تواصل اليوم الاستماع إلى متزعم حراك الريف

TT

المغرب: محكمة الاستئناف تواصل اليوم الاستماع إلى متزعم حراك الريف

تواصل محكمة الاستئناف بالدار البيضاء اليوم الاستماع إلى ناصر الزفزافي، متزعم الاحتجاجات التي عرفتها مدينة الحسيمة المغربية خلال العام الماضي، الذي يُحاكم برفقة 53 معتقلاً آخر على خلفية الأحداث ذاتها، بتهم تصل عقوبتها إلى الإعدام، بينها المس بأمن الدولة، والتآمر على الوحدة الترابية للمغرب، والتحريض على العنف والشغب. وناقشت المحكمة مع الزفزافي في آخر جلساتها، مساء أول من أمس، حادثة اقتحامه لمسجد أثناء صلاة الجمعة وعرقلته للصلاة، وواجهته بشهادة إمام المسجد، إضافة إلى شهادة أحد المصلين. لكن الزفزافي نفى عرقلته للصلاة، موضحاً أنه عندما دخل المسجد كان المصلون قد بدأوا ينسحبون بسبب استيائهم من خطبة الجمعة، التي تمحورت حول احتجاجات الحسيمة، التي أصبحت معروفة في الإعلام المغربي بـ«حراك الريف»، ووصفها بالفتنة.
وأضاف الزفزافي أن الشهادتين اللتين واجهه بهما القاضي متناقضتان، ملاحظاً أن الإمام قال إن المتهم دخل وهو يتخطى رقاب المصلين، فيما صرح الشاهد بأن الزفزافي كان يجلس في الصف الأمامي. وعرض القاضي على الزفزافي مكالمة هاتفية دارت بين والدته وشقيقه، أخبر فيها هذا الأخيرة والدة الزفزافي بأن هناك تسريبات تشير إلى أن وزارة الأوقاف وزعت على أئمة المساجد خطبة تدين الاحتجاجات، وطلب منها أن تخبر الزفزافي بفحوى خطبة الجمعة، وأوصاها بأن تطلب منه عدم الذهاب إلى المسجد.
فأجاب الزفزافي قائلاً: «ما دام المسؤولون عن الأمن التقطوا المكالمات، وعرفوا أن تلك الخطبة ستخلق الفتنة... فلماذا لم يسحبوها؟»، مشيراً إلى أن الهدف من تلك الخطبة، التي لم يُلقِها عدد من الخطباء، هو استفزازه شخصيّاً، واستفزاز باقي نشطاء الاحتجاجات، واتخاذ ردّ فعله عليها ذريعةً لاعتقاله.
وحاول الزفزافي استبعاد تهم التآمر على أمن الدولة، وعلى الوحدة الترابية للمملكة، كما نفى أي علاقة لنشطاء حراك الريف مع حركة انفصالية توجَد في أوروبا، وتدعو إلى انفصال منطقة الريف عن المغرب، وإقامة جمهورية مستقلة على أراضيه، كما نفى الزفزافي تلقي دعم مالي ومساعدات عينية وتوجيهات من أعضاء في هذه الحركة. غير أن الزفزافي يواجه خلال هذه المحاكمة تسجيلات لنحو 70 مكالمة هاتفية، ضمنها مكالمات مع 13 شخصاً، يُشتبه في انتمائهم للحركة الانفصالية بالخارج، ويعيشون في هولندا وبلجيكا وإسبانيا وفرنسا.
كما يواجه الزفزافي خلال المحاكمة أشرطة فيديو تصور خطاباته، سواء تلك التي ألقاها في إطار وقفات احتجاجية وتجمهرات ومظاهرات، أو تلك التي سجَّلَها منفرداً في شكل رسائل مصورة نُشِرت في مواقع التواصل الاجتماعي.
وتمسك الزفزافي خلال استنطاقه من طرف القاضي بالطابع السلمي للاحتجاجات، التي عرفتها الحسيمة خلال العام الماضي، وذلك في مواجهة تهم تعرض عناصر قوات حفظ النظام والأمن للعنف من طرف المتظاهرين وتخريب ممتلكات.كما تمسك بكون المطالب، التي رفعها المحتجون خلال هذه الأحداث، كانت مطالب اجتماعية، تصدرتها المطالبة بإنشاء مستشفيات ومدارس وجامعات، ومصانع لتشغيل الشباب.
وخلال جلسة أول من أمس تساءل الزفزافي عن عدم تحريك النيابة العامة لبحث ما زعمه من تعرضه للتعذيب خلال اعتقاله، وحول مزاعم باقي المعتقلين في الموضوع نفسه، خصوصاً الروايات التي تتحدث عن تعرضهم لسوء المعاملة من طرف ضابط شرطة بالحسيمة.
وردَّت النيابة العامة بأنها لم تتوصل بأي شكوى في هذا الموضوع، مشيرة إلى أن تحريك الأبحاث والتحقيقات القضائية لها قواعد وضوابط قانونية. كما طلب الزفزافي من القاضي الكلمة للتعقيب على النيابة العامة، غير أن هذا الأخير قرر رفع الجلسة وتأجيلها إلى الخميس.



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».