230 ألف زائر يهتمون بمعرض «ابتكار» الثالث في الرياض

تسجيل 30 براءة اختراع سعودية ودعم حكومي ومؤسساتي موسع

وزير التربية والتعليم السعودي الأمير فيصل بن عبد الله خلال زيارته لمعرض {ابتكار} ({الشرق الأوسط})
وزير التربية والتعليم السعودي الأمير فيصل بن عبد الله خلال زيارته لمعرض {ابتكار} ({الشرق الأوسط})
TT

230 ألف زائر يهتمون بمعرض «ابتكار» الثالث في الرياض

وزير التربية والتعليم السعودي الأمير فيصل بن عبد الله خلال زيارته لمعرض {ابتكار} ({الشرق الأوسط})
وزير التربية والتعليم السعودي الأمير فيصل بن عبد الله خلال زيارته لمعرض {ابتكار} ({الشرق الأوسط})

لم يعد يخفى اليوم تأثير المتغيرات السريعة التي تحدث من حولنا، لا سيما بعد أن لامس العالم أثر تطور التقنيات والاختراعات الجديدة ودورها في تسهيل الحياة اليومية، وتدعيم قطاعات الأعمال بها.
وعلى ضوء ذلك، اختتم بالعاصمة السعودية الرياض الأسبوع الماضي معرض «ابتكار» بأكثر من 230 ألف زائر، كواحد من أهم وأكبر المعارض المتخصصة في الابتكار وصناعة المعرفة، ومنبرا لنقل وإيصال ثقافة الابتكار والاختراع للمجتمع السعودي، بالإضافة إلى محاولة خلق الروابط بين المبتكرين والمخترعين والمؤسسات والشركات ورجال الأعمال، وذلك للوصول بالمجتمع السعودي إلى أن يكون منتجا للمعرفة ومعتمدا عليها في بنيته الاقتصادية.
وخلال زيارة الأمير فيصل بن عبد الله، وزير التربية والتعليم بالسعودية، للمعرض أشار إلى أن السعودية ماضية في طريق الاستثمار بالإنسان لدعم بناء مجتمع معرفي، مؤكدا أن الطريق ما زال طويلا لبناء اقتصاد يعتمد على المعرفة، مبني على الاختراعات والابتكارات بالبلاد.
ويلاحظ من خلال المعرض تضاعف عدد المخترعات في الدورة الثالثة لـ«ابتكار» ثلاث مرات عن الدورات السابقة التي أقيمت في عامي 2008 و2010، بمشاركة 210 مبتكرين، نصفها قدمها طلاب وطالبات التعليم العام بالمدارس، والبقية من مشاركين من عدة جهات كالجامعات والمراكز العلمية البحثية. ويتساءل وزير التربية والتعليم السعودي حول القنطرة التي ستربط المخترعين بالسوق، وكيف يمكن تحويل مبتكراتهم إلى شيء نافع للمجتمع، داعيا في الوقت ذاته «مؤسسات الدولة كبنك التسليف وبعض الجامعات، وشراكتنا مع القطاع الخاص في دعم المبتكرين».
وجزم عبد الرحمن الجريسي، رجل الأعمال السعودي، خلال حديثه مع «الشرق الأوسط» أثناء وجوده بالمعرض، بأن كل «رجل أعمال سعودي يرى منتجا أو خدمة مبتكرة لها مستقبل، سواء كان المبتكر في تخصصه أم لا، سيبادر في دعمه ومساندته بتقديم خدمات الإنتاج والتسويق بلا شك».
ولعل ما يدعو للتفاؤل بمستقبل الاختراع بالسعودية تسجيل 30 براءة اختراع في الدورة الحالية بالمعرض بالتنسيق مع مكتب براءات الاختراع السعودي، أي تقريبا 15% من مجموع الاختراعات. وبحسب ما صرح به الدكتور محمد الأنصاري، رئيس اللجنة العلمية لـ«ابتكار»، فإن مستوى المعرض يصنف عالميا كمعرض «مميز»، فتسجيل 5 – 10% من الاختراعات يجعله يستحق التميز وفقا للعرف الجاري بتلك المعارض.
عبد العظيم فاروق جاد، مخترع ألماني من أصول عربية، قال في حديثه مع «الشرق الأوسط»: «تطور المعرض كثيرا عن معرض (ابتكار) الماضي، لاحظته بالتفاصيل الدقيقة في إعداد المخترع للخطة، وكتابة الملصقات العلمية وطباعتها بجودة عالية، ورافق ذلك ارتفاع عدد براءات الاختراع، تبعا لتسهيل كتابة متطلباتها على المخترعين».
وبرز دور المعلم من خلال ورش العمل العلمية داخل «ابتكار»، عبر منصات مختلفة أتاحت للمعلمين في مجالات العلوم المختلفة التطبيق العملي للتجارب البسيطة، من خلال ورش عمل أتاحت لهم أفقا واسعا في بث خبراتهم النظرية لما يفوق 200 ألف زائر للمعرض من طلاب المدارس والجامعات. حيث يعاني طلاب المدارس والمعلمون في بعض الأوقات من صعوبة التطبيق العملي للتجارب العلمية أو المعملية، لأسباب عدة، منها ما هو متعلق بضعف تجهيزات المختبرات المدرسية، أو قلة خبرة المعلم ذاته، مما يجعل بعض المواد العلمية في الفيزياء أو الكيمياء مستعصية الفهم على بعض الطلاب، أو مملة لهم أحيانا.
تدريب الطلاب على الروبوت البسيط «فكس» و«آي كيو» قدمه معلم مادة الفيزياء للمرحلة الثانوية، هشام الدهيمش، لشرح استخدامات الروبوت بشكل عام، وتصحيح الفكرة السائدة بحصر مصطلح «الروبوت» على الرجل الآلي، وتقريبها للطلاب عبر ربطها بالآلات الموجودة بالمنزل كغسالة الملابس الأوتوماتيكية، والتلفاز، فالروبوت آلة تعطيها أوامر وتنفذها. يقول هشام الدهيمش: «قدمنا لهم تجربة إعطاء الجهاز أوامر بأن يحمل الكرة، ويضعها في السلة، وكذلك كيفية التحكم في الروبوت بأن يتبع خطا معينا في سيره».
أساسيات الروبوتات بسيطة وتطبق في المدارس السعودية منذ ست سنوات، بعد أن بدأت وزارة التربية والتعليم بنشر ثقافة الروبوت وتطبيقها في المدارس، عبر شراء الأجهزة وتوفير التدريب المجاني، وأشار الدهيمش إلى أن التطبيق يختلف من إدارة تعليم إلى أخرى من خلال مدى تطبيقها بفاعلية أو عدم تنفيذ المدرسة للتعاميم الصادرة من الوزارة.
عصام سليمان، معلم كيمياء، ساهم مع زملائه بتعليم زوار معرض ابتكار أساسيات صناعة العطور، وكيفية استخراج المواد الخام كالزيت العطري، من مصدر نباتي أو حيواني، وخلطها مع «الكحول» كمذيب عضوي يعمل على ذوبانه وسرعة انتشاره، ثم مثبت الرائحة المكون من مادة عطرية درجة غليانها مرتفعة وأقل تطايرا لتبقى على الملابس فترة طويلة. وأوضح معلم الكيمياء أن الهدف من ورش العمل التي قدمت لأكثر من ثلاثة آلاف زائر هي أن يتقن الطالب مهارة المعايرة وقياس حجم السائل، واكتسابه لمهارة الدقة عند استخدام الأدوات المعملية والكيميائية، فيما لو أراد مستقبلا التخصص بمجال الصيدلة أو الطب والجراحة.
وعلاوة على ذلك، احتضن المعرض عدة أنشطة تفاعلية مخصصة لجميع الفئات العمرية، للأطفال والكبار، كركن التعرف على الأحياء البحرية والثروة السمكية بالسعودية بمشاركة باحثين بجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية «كاوست»، و«حديقة ابتكار» التي اشتملت على مجموعة من الألعاب المحفزة للتفكير والخيال، وفعالية السعودية 2050 التي قدمتها مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة لعرض أبرز الطاقات الطبيعية والبديلة التي يمكن الاستفادة منها مستقبلا، وعدم الاعتماد على الثروة النفطية وحدها، وصالة العروض المرئية التي قدمتها مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع «موهبة» لعرض أفلام علمية قصيرة.



«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
TT

«شمعة»... قاعدة بيانات مجانية للبحوث التربوية في 17 دولة عربية

لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»
لائحة قاعدة البيانات ببوابة «شمعة»

يقضي الباحثون في العالم العربي أوقاتاً من البحث المضني عن المراجع الإلكترونية التي تساعدهم في تحقيق أغراضهم البحثية. ويدرك هذه المشقة الباحثون الساعون للحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه، فإذا لم يكن لديه إمكانية الدخول إلى قواعد البيانات العلمية العالمية عبر إحدى المكتبات الكبرى، التي عادة لا تتاح كاملة أيضاً، فإن عملية البحث سوف تكلفه آلاف الدولارات لمتابعة والوصول لأحدث الأوراق العلمية المتصلة بمجال بحثه، أو أن مسح التراث العلمي سيتوقف لديه على المراجع الورقية.
بينما يحظى الباحثون في مجال البحوث التربوية بوجود «شمعة»، وهي شبكة المعلومات العربية التربوية (www.shamaa.org) التي توفر لهم أحدث البحوث والدوريات المحكمة من مختلف الجامعات العربية، وبثلاث لغات، هي: العربية، والفرنسية، والإنجليزية مجاناً.
تأسست «شمعة» عام 2007 في بيروت كقاعدة معلومات إلكترونية، لا تبغي الربح، توثق الدراسات التربوية الصادرة في البلدان العربية في مجمل ميادين التربية، من كتب ومقالات وتقارير ورسائل جامعية (الماجستير والدكتوراه) وتتيحها مجاناً للباحثين والمهتمين بالدراسات التربوية. تتميز «شمعة» بواجهة إلكترونية غاية في التنظيم والدقة، حيث يمكنك البحث عن مقال أو أطروحة أو كتاب أو فصل أو عدد أو تقرير. فضلاً عن تبويب وفهرسة رائعة، إذ تشتمل اليوم على أكثر من 36000 ألف دراسة، موزعة بنسبة 87 في المائة دراسات عربية، و11 في المائة دراسات بالإنجليزية و2 في المائة بالفرنسية، وهي دراسات عن العالم العربي من 135 جامعة حول العالم، فيما يخص الشأن التربوي والتعليم، إضافة لأقسام خاصة بتنفيذ مشاريع في التربية كورش تدريبية ومؤتمرات.
لا تتبع «شمعة» أي جهة حكومية، بل تخضع لإشراف مجلس أمناء عربي مؤلف من شخصيات عربية مرموقة من ميادين مختلفة، وبخاصة من الحقل التربوي. وهم: د. حسن علي الإبراهيم (رئيساً)، وسلوى السنيورة بعاصيري كرئيسة للجنة التنفيذية، وبسمة شباني (أمينة السر)، والدكتور عدنان الأمين (أمين الصندوق) مستشار التعليم العالي في مكتب اليونيسكو، وهو أول من أطلق فكرة إنشاء «شمعة» ورئيسها لمدة 9 سنوات.
تستمر «شمعة» بخدمة البحث التربوي بفضل كل من يدعمها من أفراد ومؤسّسات ومتطوعين، حيث تحتفل بالذكرى العاشرة لانطلاقتها (2007 - 2017)، وهي تعمل حاليا على إصدار كتيب يروي مسيرة العشر سنوات الأولى. وقد وصل عدد زائريها إلى نحو 35 ألف زائر شهرياً، بعد أن كانوا نحو ألفي زائر فقط في عام 2008.
تواصلت «الشرق الأوسط» مع المديرة التنفيذية لبوابة «شمعة» ببيروت د. ريتا معلوف، للوقوف على حجم مشاركات الباحثين العرب، وهل يقومون بمدّ البوابة بعدد جيّد من الأبحاث والدراسات، أم لا تزال المعدلات أقل من التوقعات؟ فأجابت: «تغطّي (شمعة) الدراسات التربوية الصّادرة في 17 دولة عربيّة بنسب متفاوتة. ولا شك أن حجم مشاركات الباحثين العرب بمد (شمعة) بالدراسات قد ارتفع مع الوقت، خصوصاً مع توّفر وسائل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي سهّلت لهم عملية المشاركة».
وحول طرق تزويد «شمعة» بالأبحاث والدراسات، أوضحت معلوف أن ذلك يتم من خلال عدّة طرق، وهي: «توقيع اتفاقات شراكة مع كليات التربية في الجامعات العربية والمجلات التربوية المحكمة ومراكز الأبحاث التي تعنى بالتربية والتعليم، كما تتيح اتفاقية تعاون مع مركز المعلومات للموارد التربوية (إريك) (ERIC) تزويد (شمعة) بالدراسات الصادرة باللغة الإنجليزية من الدول العربية أو من باحثين عرب. ونعتبر أن الشراكة مع (إريك) هي خطوة كبيرة ومن أهم الإنجازات كمؤسسة عربية، وأيضاً من خلال اشتراكات بالمجلات الورقية التربوية المحكمة العربية، أو عبر الدراسات المتاحة إلكترونياً على شبكة الإنترنت بالمجان أي عبر مصادر الوصول الحر للمعلومات (Open Access)».
وتضيف: «الجدير بالذكر أيضاً أن (شمعة) وقعت اتفاقية من مستوى عالمي مع شركة (EBSCO Discovery Service EDS) التي تعتبر من أهم موزعي قواعد المعلومات في العالم العربي والغربي».
وتوضح معلوف أنه «يمكن تزويد (شمعة) بالدراسات مباشرة من الباحث عبر استمارة متوافرة على موقع (شمعة)، حيث يقوم الفريق التقني من التأكد من توافقها مع معايير القبول في (شمعة) قبل إدراجها في قاعدة المعلومات».
وحول ما إذا كان الباحثون العرب لديهم ثقافة التعاون الأكاديمي، أم أن الخوف من السرقات العلمية يشكل حاجزاً أمام نمو المجتمع البحثي العلمي العربي، قالت د. ريتا معلوف: «رغم أن مشاركة نتائج الأبحاث مع الآخرين ما زالت تخيف بعض الباحثين العرب، إلا أنه نلمس تقدماً ملحوظاً في هذا الموضوع، خصوصاً أن عدد الدراسات المتوافرة إلكترونياً على شبكة الإنترنت في السنين الأخيرة ارتفع كثيراً مقارنة مع بدايات (شمعة) في 2007، إذ تبلغ حالياً نسبة الدراسات المتوافرة مع نصوصها الكاملة 61 في المائة في (شمعة). فكلما تدنّى مستوى الخوف لدى الباحثين، كلما ارتفعت نسبة الدراسات والأبحاث الإلكترونيّة. وكلما ارتفعت نسبة الدراسات الإلكترونية على شبكة الإنترنت، كلما انخفضت نسبة السرقة الأدبية. تحرص (شمعة) على نشر هذا الوعي من خلال البرامج التدريبية التي تطورّها وورش العمل التي تنظمها لطلاب الماستر والدكتوراه في كليات التربية، والتي تبيّن فيها أهمية مشاركة الأبحاث والدراسات العلمية مع الآخرين».
وحول أهداف «شمعة» في العشر سنوات المقبلة، تؤكد د. ريتا معلوف: «(شمعة) هي القاعدة المعلومات العربية التربوية الأولى المجانية التي توّثق الإنتاج الفكري التربوي في أو عن البلدان العربية. ومؤخراً بدأت (شمعة) تلعب دوراً مهماً في تحسين نوعية الأبحاث التربوية في العالم العربي من خلال النشاطات والمشاريع البحثية التي تنفذها. وبالتالي، لم تعدّ تكتفي بأن تكون فقط مرجعيّة يعتمدها الباحثون التربويون وكلّ من يهتمّ في المجال التربوي عبر تجميع الدراسات وإتاحتها لهم إلكترونيّاً؛ بل تتطلّع لتطوير الأبحاث التربوية العلمية، وذلك لبناء مجتمع تربوي عربي لا يقلّ أهمية عن المجتمعات الأجنبية».