إصابة عشرة أشخاص بجروح في غرداية بالجزائر ورئيس الوزراء يعد بتطبيق القوانين بصرامة

بعد تجدد المواجهات بين «الميزابيين» و«الشعانبة»

إصابة عشرة أشخاص بجروح في غرداية بالجزائر ورئيس الوزراء يعد بتطبيق القوانين بصرامة
TT

إصابة عشرة أشخاص بجروح في غرداية بالجزائر ورئيس الوزراء يعد بتطبيق القوانين بصرامة

إصابة عشرة أشخاص بجروح في غرداية بالجزائر ورئيس الوزراء يعد بتطبيق القوانين بصرامة

انتشرت أمس بغرداية، جنوب الجزائر، أعداد إضافية من رجال الأمن بهدف إعادة الهدوء إلى المدينة التي تجددت بها المواجهات، ليل الأحد الماضي، بين الطائفتين الدينيتين «الميزابيين» الناطقين بالأمازيغية، و«الشعانبة» الناطقين بالعربية.
وأصيب عشرة أشخاص على الأقل بجروح في احتكاك بين الفريقين، وذلك عندما خرج المئات إلى الشوارع للاحتفال بفوز منتخب الجزائر لكرة القدم على منتخب كوريا في مونديال البرازيل.
وقال شهود من غرداية، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، إن رجال أمن بزي رسمي وآخرين بزي مدني انتشروا أمس بكثافة في مدينة بريان، الواقعة شمال غرداية، تحسبا لوقوع مواجهات جديدة في الليل. كما جرى توزيعهم بالقرب من الأماكن الحكومية والمرافق العمومية، وأمام بعض بيوت عائلات تعتقد قوات الأمن أنها قد تكون محل استهداف من طرف شباب ملثمين، يخرجون ليلا لزرع الرعب.
ويتبادل الشعانبة المالكيون والميزابيون الإباضيون تهمة «العنف والتعدي على الحرمات وتخريب أملاك خاصة».
وأفاد ضابط شرطة من غرداية، رفض نشر اسمه، بأن بريان شهدت في الساعات الماضية أعمال تخريب وحرق منشآت حكومية، من طرف أشخاص استغلوا فرحة سكان المنطقة بانتصار الجزائر في المونديال، وقال الضابط إن «مخربين قاموا بسرقة أغراض كثيرة من محلات تجارية خاصة وحكومية، واتخذ الوضع شكل عصيان مدني كبير حالت قوات مكافحة الشغب دون اتساع رقعته، عندما تدخلت وألقت القنابل المسيلة للدموع، ما دفع المخربين إلى العودة من حيث جاءوا».
وأضاف الضابط: «حضرنا أنفسنا للتدخل مجددا الخميس (غدا) بمناسبة المباراة التي ستجمع منتخبنا مع روسيا، إذ إننا نخشى من تكرار نفس المشاهد. وقد تلقينا تعليمات صارمة من مديرية الأمن تقضي بتجنب إطلاق النار، وتفادي استعمال العنف ضد المخربين الذين ينتمون إلى الطائفتين الدينيتين، حتى لا نصبّ المزيد من الزيت على النار، حسب ما قيل لنا. وهذه الأوامر صادرة من العاصمة، وبالضبط من رئاسة الجمهورية التي تحرص على ألا تظهر غرداية وكأنها في مواجهة مع السلطات المركزية».
وأكد الضابط أن أعيان الطائفتين ووجهاء غرداية عاجزون عن وضع حد لحالة الفوضى هذه، خصوصا وأنهم تعهدوا عدة مرات بأن يمارسوا نفوذهم المعنوي على الشباب المتهور، لكن من دون جدوى. ويظل الوضع مفتوحا على كل الاحتمالات، أما رجال الأمن فهم مقيدون بالتعليمات، ويمنع عليهم التدخل بحزم لوقف هؤلاء المخربين عند حدهم.
وكان رئيس الوزراء عبد المالك سلال قد هدد في منتصف الشهر الحالي بـ«تطبيق قوانين الجمهورية بكل صرامة لحماية الأرواح والممتلكات في غرداية»، وأكد أن مصالح الأمن ستواصل مهامها بجدية لبسط الطمأنينة والأمن.
وأضاف خلال زيارته للمدينة التي استفحل فيها العنف منذ عام تقريبا أن السلطات: «لن تقبل أبدا التلاعب بمصير الوطن، لذلك سنطبق قوانين الجمهورية بكل صرامة وسيؤدي القضاء دوره كاملا وفق القانون»، في إشارة إلى متابعة أشخاص متورطين في العنف، ولكن قوات الأمن عجزت عن تحديد هوياتهم.
وأضاف سلال: «لن تتراجع الحكومة خطوة واحدة إلى الوراء في ما يخص التطبيق الصارم للقانون، لأن البعض حاول إحداث فتنة، لكنهم لم ينجحوا بفضل وقوف أهل غرداية ووقوف الدولة الجزائرية في طريقهم، والحكومة حريصة على استمرار نهج الحوار الحضاري، والتشاور والمصالحة الوطنية».
على صعيد غير متصل، صرح رمضان العمامرة، وزير الشؤون الخارجية الجزائري، بأن الاتحاد الأفريقي يعمل على وضع قائمة أفريقية للحركات والمنظمات الإرهابية، مع إمكانية إصدار مذكرة اعتقال أفريقية بحق المتورطين في الإرهاب.
جاء ذلك في تصريحات أدلى بها العمامرة أمس على هامش مشاركته في أشغال الدورة العادية الـ25 للمجلس التنفيذي بالاتحاد الأفريقي المنعقدة حاليا بمالابو عاصمة غينيا الاستوائية. وأضاف العمامرة، أن «ظاهرة الإرهاب أصبحت تفرض نفسها كافة عابرة للحدود في القارة». وقال إن الاتحاد الأفريقي يعمل على تزويد نفسه بالآليات الكفيلة بمواجهتها من خلال إعداد النصوص والمؤسسات والمعاهدات الكفيلة بتحقيق ذلك.
وشدد بهذا الخصوص على أنه «لا بد من الشروع في إنجاز كل الأفكار والمشاريع التي ستجعل أفريقيا تحتل مكانة ريادية في مواجهة هذه الآفة للحد من تفشيها في ربوع القارة، بفعل العلاقة الوطيدة بين الإرهاب والتهريب العابر للحدود، وكل أنواع الجريمة المنظمة».
وتابع العمامرة، أن «تنمية القارة الأفريقية مرتبطة أساسا بتحقيق الاستقرار وترقية منظومة الحوكمة»، مشيرا إلى أن كل أنشطة الاتحاد الأفريقي ستتمحور حول بلورة أجندة التنمية التي اعتمدتها القمة الأفريقية الأخيرة بأديس أبابا.
وفيما يخص الوضع في مالي قال العمامرة، إن «الجزائر من محركي العمل الأفريقي المشترك من أجل الوصول إلى الحل السلمي بين كل الفاعلين الماليين»، وأعرب عن أمله في أن يجري من خلال المفاوضات التوصل إلى حلول نهائية ومستدامة للأزمة شمال مالي.
وتتواصل لليوم الثاني بمركز «سوبوبو» للمؤتمرات بمالابو، عاصمة غينيا الاستوائية، أشغال الدورة العادية الـ25 للمجلس التنفيذي بالاتحاد الأفريقي التحضيرية لقمة الاتحاد الـ23 المرتقبة يومي 26 و27 يونيو (حزيران) الحالي، تحت شعار «الزراعة والأمن الغذائي».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.