مذكرة تفاهم عراقية ـ إماراتية لإعادة إعمار الجامع النوري بالموصل

وزيرة الثقافة الإماراتية نورة الكعبي تزور المتحف العراقي في بغداد أمس (أ.ف.ب)
وزيرة الثقافة الإماراتية نورة الكعبي تزور المتحف العراقي في بغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

مذكرة تفاهم عراقية ـ إماراتية لإعادة إعمار الجامع النوري بالموصل

وزيرة الثقافة الإماراتية نورة الكعبي تزور المتحف العراقي في بغداد أمس (أ.ف.ب)
وزيرة الثقافة الإماراتية نورة الكعبي تزور المتحف العراقي في بغداد أمس (أ.ف.ب)

وقّع العراق والإمارات، أمس، مذكرة تفاهم لبناء وإعادة إعمار الجامع النوري ومئذنة الحدباء في الموصل، وتبلغ كلفة إعادة الإعمار 50 مليون دولار أميركي تغطيها دولة الإمارات. وأقيم حفل توقيع مذكرة التفاهم في مبنى المتحف الآثاري ووقعها عن الجانب العراقي وزير الثقافة والسياحة والآثار فرياد رواندزي، وعن الإمارات وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة نورة الكعبي. وحضر الحفل ممثلون عن منظمة اليونيسكو والوقف السني العراقي ومنظمة التعاون الإسلامي.
ويأتي إطلاق مشروع إعادة بناء وترميم مسجد النوري الكبير ومئذنة الحدباء في إطار خطوات تنفيذية وشراكة بين الإمارات العربية المتحدة ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونيسكو»، وبالتعاون مع المركز الدولي لصيانة وترميم الممتلكات الثقافية «إيكروم».
وتعد منارة الحدباء أحد أبرز الآثار التاريخية في مدينة الموصل العراقية، وهي جزء من الجامع النوري الكبير الذي بني في القرن السادس الهجري، واشتهرت باسم الحدباء بسبب ميلانها، ويقع الجامع ومنارته التي فجرها تنظيم داعش في يونيو (حزيران) 2017، في الساحل الأيمن لمدينة الموصل. وأبلغ المتحدث باسم وزارة الثقافة عمران العبيدي «الشرق الأوسط» أن «الوزيرة الإماراتية نورة الكعبي وصلت بغداد اليوم (أمس) وتعود إلى بلادها مساء بعد أن حضرت خصيصا لتوقيعها».
من جانبها، قالت الوزيرة الإماراتية خلال المؤتمر الصحافي الذي عقدته أمس، إن «مشروع الصيانة وإعادة الإعمار يمتد طوال خمس سنوات، وهو الأضخم من نوعه في العراق، وبكلفة خمسين مليون وأربعمائة ألف دولار أميركي»، مضيفة أن «انطلاق مشروع إعادة بناء وترميم المسجد النوري الكبير والمنارة الحدباء يتزامن مع احتفائنا بمئوية الشيخ زايد، ليكون خير ترجمة لحرصنا على إرثه في ترسيخ ونشر القيم التي أورثنا إياها في الوقوف إلى جانب الشعوب العربية الشقيقة»، مشددة على وقوف بلادها مع «العراق وهو يتعافى من آثار الحرب المدمرة التي استهدفت إنسانه وكيانه وحجره وبشره».
وذكرت أن «المشروع يتكامل مع التزام الإمارات المبدئي في مؤتمر الكويت الدولي لإعادة الإعمار بدعم العراق بإجمالي 500 مليون دولار لمشاريع البنية التحتية والكهرباء والمساعدات الإنسانية وغيرها».
من جهة، رحّب أستاذ الآثار في جامعة الموصل، عامر الجميلي، بالخطوة الإماراتية ومذكرة التفاهم لإعادة إعمار الجامع النوري ومئذنة الحدباء، معتبرا في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «العراق غير قادر في الفترة الحالية على تنفيذ خطوة من هذا النوع دون مساهمة الدولة الشقيقة والصديقة، نظرا لظروفه وإمكاناته المالية المحدودة». ولا يستبعد الجميلي إمكانية إعادة الجامع ومئذنته بذات التصميم والمواصفات التي كانت قبل تهديمهما، ذلك أن «شيخ الآثاريين الإسلاميين الموصلي أحمد قاسم الجمعة قام منذ السبعينيات بتوثيق خرائط وزخارف ورخام الجامع والمئذنة ويمكن جدا إعادتها إلى سابق عهدهما». ولفت إلى أن «المئذنة تتألف من 7 أحزمة فيها زخرفة موحدة ومحفوظة بأدق إبعادها عند الآثاري أحمد الجمعة».
وحول التجاوزات على المنطقة الأثرية المحيطة بجامع النبي يونس الذي فجره تنظيم داعش في يونيو 2014، ذكر الجميلي أن «التجاوزات توقفت بعد قيام دائرة الآثار بتوقيع عقد للتنقيب مع البعثة الألمانية قبل أسبوعين، وتستمر فترة التنقيب نحو 5 سنوات». وأشار إلى أن «جامع النبي يونس سيشغل مساحة 125 مترا فقط بعد أن كان يغطي المنطقة كلها التي تقع تحت إحدى طبقاتها آثار الحضارة الآشورية».
وحول أهم الآثار التي دمرها وقام «داعش» بسرقتها قال الجميلي: «دمر (داعش) أصول مدينة النمرود الأثرية بالكامل وأزال أصولها، ودمر كذلك بوابات مدينة نينوى، وقام بسرقة 6 آلاف كتاب من مكتبة المخطوطات التابعة لدائرة الأوقات وقام بتهريبها إلى تركيا عبر مدينة الرقة لكنه الجانب التركي ينكر ذلك، علما بأن بعض المخطوطات تعود إلى العهدين الأيوبي (500 هجرية) والحمداني (300 هجرية)».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم