إنهاء تداعيات مقتل «الزيادين» واستمرار مفاعيله القضائية

شكلّت مبادرة رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط، التي أفضت إلى إجراء مصالحة جامعة بين عشيرة آل شمص من جهة، وعائلتي قبلان وغندور من جهة ثانية، مدخلاً لإنهاء التوتر والاحتقان الذي ولدته جريمة ثأرية أودت بحياة الشابين القاصرين زياد قبلان وزياد غندور، إثر خطفهما وتصفيتهما على يد من يعتقد أنهم 5 أشقاء من آل شمص في عام 2007، لكنها لم تلغ المفاعيل القانونية والقضائية للملف الذي يضع المجلس العدلي (أعلى هيئة قضائية في لبنان) يده عليه، بوصفها جريمة تعرّض السلم الأهلي للخطر، وفق ما أعلن مصدر قضائي لبناني.
وكان النائب جنبلاط رعى المصالحة العائلية في دارته بمنطقة كليمنصو في بيروت، بحضور مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في «حزب الله» وفيق صفا، والقيادي في حركة «أمل» أحمد البعلبكي ممثلاً لرئيس مجلس النواب نبيه بري، ووجهاء وفعاليات عائلة شمص، ووالدي الضحيتين زياد قبلان وزياد غندور، وجرى تثبيت المصالحة بإسقاط الدعاوى القانونية المتعلقة بالقضية.
وتعرّض القاصران زياد قبلان وزياد غندور، للخطف والقتل في 23 أبريل (نيسان) 2007، ومن ثم رمي جثتيهما في أحراج بلدة جدرا في منطقة الشوف (جبل لبنان)، ليتبيّن لاحقاً أن الشبهات تتجه نحو 5 من أشقاء عدنان شمص الذي قتل قبل 3 أشهر، وتحديداً خلال الأحداث التي وقعت أمام مبنى جامعة بيروت العربية في منطقة الطريق الجديدة في 25 يناير (كانون الثاني) 2007، ظنّاً منهم أن والدي الزيادين تدخلا في قتل شقيقهما، علما بأن الأجهزة الأمنية ألقت القبض على المتهم بقتل عدنان شمص وجرت محاكمته أمام القضاء، وبقي الأشقاء فارين من العدالة منذ ذلك الوقت، إلا أنه جرى توقيف علي شمص قبل 6 أشهر تقريباً.
وكشف مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط»، أن «المصالحة لها نتائج إيجابية على إزالة الاحتقان الذي خلفته الجريمة، لكنها لا تلغي مفاعيلها القانونية». وقال إن «تراجع المدعين عن حقوقهم الشخصية، يجعلهم خارج المحاكمة، فيما تستمر المحاكمة بالشق المتعلّق بالحق العام»، مذكراً بأن القضية «قيد المحاكمة أمام المجلس العدلي، وهي واحدة من عشرات الملفات الحساسة التي لا يشملها عفو عام، لأنها تصنّف جريمة اعتداء على أمن الدولة الداخلي، وتعرّض السلم الأهلي للخطر». واستدرك قائلا: «لا شكّ أن المصالحة قد تخفف من مدة العقوبة التي سيحكم بها على المتهمين».
ويحاكم الأشقاء الأربعة محمد وشحادة وعبد الله وعباس شمص في هذه القضية، غيابيا، لأنهم رفضوا تسليم أنفسهم للقضاء، فيما يحاكم وجاهياً شقيقهم علي شمص، والأظنّاء وسام عرابي وأيمن صفوان ومصطفى الصعيدي المتهمون بكتم معلومات تتعلّق بالجريمة.
من جهته، أكد المحامي نديم زياد حمادة، وكيل ذوي الضحيتين زياد قبلان وزياد غندور لـ«الشرق الأوسط»، أنه «أسقط الحق الشخصي في هذه الدعوى ترجمة للمصالحة التي حصلت، وبناء على رغبة المدعين، الذي قبضوا تعويضات شخصية، وقبلوا بمساعي الصلح لإنهاء ذيول السلبية للجريمة المستمرة منذ 11 عاماً». وأشار إلى أن «دعوى الحق العام لا تزال قائمة، ولكن ربما يستفيد المتهمون من التراجع عن الدعوى الشخصية»، عادّاً أن «الملف سياسي، لأن الجريمة ارتكبت بخلفيات صراع سياسي، ولا يمكن وقف تداعياتها إلا بحلّ سياسي كالذي رعاه النائب جنبلاط».
ووضعت جريمة مقتل الزيادين في خانة الانتقام من الحزب الاشتراكي الذي يرأسه جنبلاط، لكون والدي الضحيتين ينتميان لهذا الحزب، وبعدما اتهم مناصرو «حزب الله» وبينهم الأشقاء شمص عناصر من الحزب الاشتراكي بالوقوف وراء مقتل عدنان شمص، أوضح قيادي في الحزب الاشتراكي، لـ«الشرق الأوسط»، أن المصالحة «أتت ثمرة جهود كبيرة بذلها النائب وليد جنبلاط، لطي الصفحة الأليمة التي أدت إلى ما أدت إليه». وأكد أن ذوي زياد قبلان وزياد غندور «وقّعا على المصالحة بإرادتهما من دون ضغوط أو إكراه، وهم يقدرون أهميتها»، عادّاً أن المبادرة «تصب ضمن نهج المصالحة الذي اعتمده جنبلاط منذ سنوات طويلة، لتفكيك كل المشكلات العالقة». ورأى القيادي الاشتراكي أن أهمية المصالحة في كونها «طوت أزمة طالت 11 سنة، وتركت آثاراً سلبية بين عائلتي غندور وقبلان وعشيرة آل شمص وعلى مستوى المنطقة». وقال: «هذه المصالحة هي الأمثل لتدارك أي توتر أو ردات سلبية ممكن أن تنجم عن قضية بهذا الحجم، وعلى هذا المستوى من الاحتقان والتوتر».