ثلاثة كتب نقدية لثلاثة روائيين

الروائي بعيداً عن مهنته

جي إم كويتزي
جي إم كويتزي
TT

ثلاثة كتب نقدية لثلاثة روائيين

جي إم كويتزي
جي إم كويتزي

ليس من النادر في تاريخ الأدب أن نجد روائيين وكتاب قصة قصيرة يعمدون بين الحين والحين إلى ممارسة عملية النقد الأدبي، وذلك من خلال الكتابة عن أدباء من الماضي أو أدباء معاصرين لهم، أو كتابة مراجعات للكتب في الصحف والمجلات، أو في ثنايا يومياتهم الخاصة أو مراسلاتهم مع الآخرين. هنا تتبادر إلى الذهن – في الأدب الإنجليزي وحده - أسماء هنري جيمز وفرجينيا ولف ود هـ لورنس وإ م فورستر وديفيد لودج، وغيرهم. وفي أدبنا العربي الحديث ثمة روائيون وكتاب قصة قصيرة كتبوا نقداً كثيراً، مثل إبراهيم المازني، ويحيى حقي، وإدوار الخراط، ويوسف الشاروني، وعلاء الديب وجبرا إبراهيم جبرا، وغالب هلسا، وآخرين.
وخلال عام 2017 صدر عدد من كتب الروائيين النقاد أتوقف هنا وقفة قصيرة عن ثلاثة منهم، هم: إليزابيث بوين الآيرلندية من مواليد مدينة دبلن، وج م كويتزي روائي جنوب أفريقيا الذي أصبح اليوم مواطناً أسترالياً، ومارتن آميس الإنجليزي (وهو ابن الروائي والشاعر والناقد كنغزلي أميس) ويعد – إلى جانب إيان ماكوين - ألمع روائي إنجليزي اليوم.
أول هؤلاء الكتاب إليزابيث بوين، الروائية وكاتبة القصة القصيرة، رحلت عن عالمنا في 1973، لكن كتابها المسمى «وزن عالم من الشعور: مراجعات ومقالات» (الناشر: مطبعة جامعة نورث وسترن، 418 صفحة) لم يصدر إلا خلال العام الماضي (2017) بتحرير آلان هبرن.
The Weight of a World of Feelings: Reviews and Essays by Elizabeth Bowen، edited by Allan Hepburn، Northwestern University Press، 418 pp.
وكتابها هذا الذي يجمع شمل كتاباتها المتفرقة ينتهي بمقالة مؤرخة في 1971 – قبل وفاتها بفترة قصيرة عن ثلاثة وسبعين عاماً - موضوعها رواية الروائي الإنجليزي ج ج فاريل المسماة «الاضطرابات» (1970)، وهي رواية تدور أحداثها في فندق في آيرلندا عقب الحرب العالمية الأولى إزاء خلفية من العنف الطائفي والصراع بين البروتستانت والكاثوليك، بين الإنجليز والقوميين الآيرلنديين.
ومن أهم مقالات بوين مقالة مسماة «نصيحة لكاتب شاب» (1949). لقد كانت تؤمن بأن قوة العمل القصصي إنما تكمن فيما يتضمنه من فكر مستقل، وفي الوقت ذاته ينبغي أن يظل «ممتعاً» شريطة أن «يكون لما يقال معنى». وأهم شيء في الكتابة الجيدة هو «الطاقة وأمانة إيمانها – دون دفاعات - بالإنسان». وعندها أن هدف الرواية هو أن تقدم «تقريراً غير شعري لحقيقة شعرية»، وأنه «ما من تقرير لهذه الحقيقة يمكن أن يكون نهائياً». لقد كانت – كما تقول عنها دينا بيرش - ذات عقل قاطع لا يهاب شيئاً.
والكتاب الثاني في قائمتنا هو كتاب «مقالات متأخرة 2006 - 2017» (الناشر: هارفيل سيكر، 304 صفحة) لمؤلفه ج م كويتزي
J. M. Coetzee، Late Essays 2006 - 2017. Harvill Secker، 304 pp.
كتبت كيت وين في «ملحق التايمز الأدبي» (22 سبتمبر/أيلول 2017) مراجعة لكتاب كويتزي هذا الجديد فلاحظت أن كل من يكتب عنهم هنا رجال باستثناء مقالة واحدة عن كاتبة امرأة هي إيرين نميروفسكي. إن الكتاب يضم مقالات عن غوته، وبكيت، وفيليب روث، والروائي الأسترالي باتريك هوايت، وقد نشر الكثير من هذه المقالات في «مجلة نيويورك لعرض الكتب» (نيويورك رفيو أوف بوكس).
كذلك، يضم الكتاب مقالات عن الشاعر البولندي زبجنيو هربرت، ودانيل ديفو (يدعوه كويتزي «رائد الرواية الواقعية»)، والشاعر الألماني كلايست، وليو تولستوي، وناثانيل هوثورن، وجوستاف فلوبير، وفورد مادوكس فورد.
وقد تزامن صدور الكتاب مع احتفال أقيم في مكتبة جامعة لندن يومي 5 - 6 أكتوبر (تشرين الأول) 2017 تكريماً لكويتزي، حيث قرأ مختارات من أعماله تلتها معزوفة لباخ قدمتها عازفة البيانو كاثرين موزلي، وعازف التشيللو جوزيف سبونر.
والكتاب الثالث من تأليف مارتن آميس عنوانه «عائق الزمن: بيلو ونابوكوف وهتشنز وترافولتا وترمب: مقالات وتحقيقات صحافية: 1994 - 2106» (الناشر: كيب، 368 صفحة)
Martin Amis، The Rub of Time: Bellow، Nabokov، Hitchens، Travolta، Trump: Essays and Reportage 1994 - 2016. Cape، 368 pp.
يضم الكتاب أهم مقالات أميس في السنوات العشرين الأخيرة ويتناول كما هو واضح من عنوانه أدباء وفنانين وسياسيين: الروائي الأميركي اليهودي سول بيلو الحاصل على جائزة نوبل للأدب في 1976، فلاديمير نابوكوف الروائي روسي المولد أميركي الجنسية صاحب رواية «لوليتا»، هتشنز وهو صحافي وكاتب أميركي، الممثل السينمائي والتلفزيوني الأميركي جون ترافولتا، الرئيس الأميركي دونالد ترمب. هذا إلى جانب مقالات عن الروائية الإنجليزية جين أوستن، والروائية أيريس ميردوك، والروائي الأميركي جون أبدايك، وكاتب قصص الخيال العلمي ج. ج. بالارد، والروائي الأميركي فيليب روث، والشاعر الإنجليزي فيليب لاركن، ومقالة عن كتاب «إنجليزية الملك» لكنغزلي أميس (والد ناقدنا. من يشهد للعروس؟) ومقالة عن لعبة التنس.
وأميس (الذي أرى أنه ينبغي تناول أحكامه بحذر) يعد سول بيلو أعظم روائي أميركي (يخصه بثلاث مقالات هنا) وكذلك نابوكوف (يخصه بثلاث مقالات أخرى) زاعما أنه لا يعلوهما في المكانة سوى شكسبير! ويثني على الناقد الكندي نورثروب فرأى (وأهميته غير منكورة) صاحب كتاب «تشريح النقد» (1957) واصفاً إياه بأنه «فيلسوف – ملك أدين له بالولاء». بينما يقدح في الناقد الإنجليزي العظيم ف ر ليفيس مجرداً إياه من كل مزية. والأرجح أن هذا نتيجة خلافات شخصية، حيث إن ليفيس (محقاً في رأيي) كان في مناسبات عدة قد ندد بكنغزلي أميس والد المؤلف.
والرأي عندي، أن أميس ليس بخير النقاد ولا هو كان خليقاً أن يكون خير الأكاديميين، وإنما هو – في أحسن الأحوال - ناقد ذكي لامع واسع الاطلاع يتمتع بحس الفكاهة، لكن قامته لا تكاد تسامي - أو حتى تقارب - قامات نقاد كبار يكتبون اليوم مثل كرستوفر ريكس الإنجليزي وجورج ستاينر الأميركي.



مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يناقش «النقد الفلسفي» وتشكيل المستقبل

الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)
الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)
TT

مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يناقش «النقد الفلسفي» وتشكيل المستقبل

الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)
الدكتور أحمد البرقاوي والدكتور عبد الله الغذامي في الجلسة الأولى لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة... وأدار الجلسة الدكتور سليمان الهتلان (تصوير: ميرزا الخويلدي)

تحت عنوان «النقد الفلسفي» انطلقت صباح اليوم، فعاليات مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة بدورته الرابعة، الذي يقام بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة، وذلك بمقر بيت الفلسفة بالإمارة، برعاية الشيخ محمد بن حمد الشرقي، ولي عهد الفجيرة.

ومؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة، هو أول مؤتمر من نوعه في العالم العربي ويشارك فيه سنوياً نخبة من الفلاسفة البارزين من مختلف أنحاء العالم، ويحمل المؤتمر هذا العام عنوان «النقد الفلسفي».

وتهدف دورة هذا العام إلى دراسة مفهوم «النقد الفلسفي»، من خلال طرح مجموعة من التساؤلات والإشكاليات حوله، بدءاً من تعريف هذا النوع من النقد، وسبل تطبيقه في مجالات متنوعة مثل الفلسفة والأدب والعلوم.

ويتناول المؤتمر العلاقة بين النقد الفلسفي وواقعنا المعيش في عصر الثورة «التكنوإلكترونية»، وأثر هذا النقد في تطور الفكر المعاصر.

الدكتور عبد الله الغذامي (تصوير: ميرزا الخويلدي)

ويسعى المتحدثون من خلال هذا الحدث إلى تقديم رؤى نقدية بناءة جديدة حول دور الفلسفة في العصر الحديث ومناقشة مجموعة من الموضوعات المتنوعة، تشمل علاقة النقد الفلسفي بالتاريخ الفلسفي وتأثيره في النقد الأدبي والمعرفي والعلمي والتاريخي ومفاهيم مثل «نقد النقد» وتعليم التفكير النقدي، إلى جانب استكشاف جذور هذا النقد وربطه ببدايات التفلسف.

وتسعى دورة المؤتمر لهذا العام لأن تصبح منصة غنية للمفكرين والفلاسفة لتبادل الأفكار، وتوسيع آفاق النقاش، حول دور الفلسفة في تشكيل المستقبل.

ويأتي المؤتمر في ظل الاحتفال بـ«اليوم العالمي للفلسفة» الذي يصادف الخميس 21 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام، والذي أعلن من قبل «اليونيسكو»، ويحتفل به كل ثالث يوم خميس من شهر نوفمبر، وتم الاحتفال به لأول مرة في 21 نوفمبر 2002.

أجندة المؤتمر

وعلى مدى ثلاثة أيام، تضم أجندة مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة؛ عدداً من الندوات والمحاضرات وجلسات الحوار؛ حيث افتتح اليوم بكلمة للدكتور أحمد البرقاوي، عميد بيت الفلسفة، وكلمة لأمين عام الاتحاد الدولي للجمعيات الفلسفية.

وتتضمن أجندة اليوم الأول 4 جلسات: ضمت «الجلسة الأولى» محاضرة للدكتور أحمد البرقاوي، بعنوان: «ماهيّة النّقد الفلسفيّ»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الغذامي، بعنوان: «النقد الثقافي»، وترأس الجلسة الدكتور سليمان الهتلان.

كما ضمت الجلسة الثانية، محاضرة للدكتور فتحي التريكي، بعنوان: «النقد في الفلسفة الشريدة»، ومحاضرة للدكتور محمد محجوب، بعنوان: «ماذا يُمكنني أن أنقد؟»، ومحاضرة ثالثة للدكتور أحمد ماضي، بعنوان: «الفلسفة العربية المعاصرة: قراءة نقدية»، وترأس الجلسة الدكتور حسن حماد.

أمّا الجلسة الثالثة، فضمت محاضرة للدكتور مشهد العلّاف، بعنوان: «الإبستيمولوجيا ونقد المعرفة العلميّة»، ومحاضرة للدكتورة كريستينا بوساكوفا، بعنوان: «الخطاب النقدي لهاريس - نقد النقد»، ومحاضرة للدكتورة ستيلا فيلارميا، بعنوان: «فلسفة الولادة - محاولة نقدية»، وترأس الجلسة: الدكتور فيليب دورستيويتز.

كما تضم الجلسة الرابعة، محاضرة للدكتور علي الحسن، بعنوان: «نقد البنيوية للتاريخانيّة»، ومحاضرة للدكتور علي الكعبي، بعنوان: «تعليم الوعي النقدي»، ويرأس الجلسة: الدكتور أنور مغيث.

كما تضم أجندة اليوم الأول جلسات للنقاش وتوقيع كتاب «تجليات الفلسفة الكانطية في فكر نيتشه» للدكتور باسل الزين، وتوقيع كتاب «الفلسفة كما تتصورها اليونيسكو» للدكتور المهدي مستقيم.

الدكتور أحمد البرقاوي عميد بيت الفلسفة (تصوير: ميرزا الخويلدي)

ويتكون برنامج اليوم الثاني للمؤتمر (الجمعة 22 نوفمبر 2024) من ثلاث جلسات، تضم الجلسة الأولى محاضرة للدكتورة مريم الهاشمي، بعنوان: «الأساس الفلسفي للنقد الأدبيّ»، ومحاضرة للدكتور سليمان الضاهر، بعنوان: «النقد وبداية التفلسف»، ويرأس الجلسة: الدكتورة دعاء خليل.

وتضم الجلسة الثانية، محاضرة للدكتور عبد الله المطيري، بعنوان: «الإنصات بوصفه شرطاً أوّلياً للنّقد»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الجسمي، بعنوان: «النقد والسؤال»، ويرأس الجلسة الدكتور سليمان الضاهر.

وتضم الجلسة الثالثة، محاضرة الدكتور إدوين إيتييبو، بعنوان: «الخطاب الفلسفي العربي والأفريقي ودوره في تجاوز المركزية الأوروبية»، ومحاضرة الدكتور جيم إي أوناه، بعنوان: «الوعي الغربي بفلسفة ابن رشد - مدخل فيمونولوجي»، ويرأس الجلسة: الدكتور مشهد العلاف.

ويتكون برنامج اليوم الثالث والأخير للمؤتمر (السبت 23 نوفمبر 2024) من جلستين: تتناول الجلسة الأولى عرض نتائج دراسة حالة «أثر تعليم التفكير الفلسفي على طلاب الصف الخامس» تشارك فيها شيخة الشرقي، وداليا التونسي، والدكتور عماد الزهراني.

وتشهد الجلسة الثانية، اجتماع حلقة الفجيرة الفلسفية ورؤساء الجمعيات الفلسفية العربية.