«اجتماعات الربيع» تلطف حرارة حرب التجارة بين واشنطن وبكين

مساهمو البنك الدولي يقرون زيادة رأس المال 13 مليار دولار

وزير المالية الياباني تارو آسو ووزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين خلال {اجتماعات الربيع} أول من أمس (أ.ب)
وزير المالية الياباني تارو آسو ووزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين خلال {اجتماعات الربيع} أول من أمس (أ.ب)
TT

«اجتماعات الربيع» تلطف حرارة حرب التجارة بين واشنطن وبكين

وزير المالية الياباني تارو آسو ووزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين خلال {اجتماعات الربيع} أول من أمس (أ.ب)
وزير المالية الياباني تارو آسو ووزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين خلال {اجتماعات الربيع} أول من أمس (أ.ب)

فاجأت الولايات المتحدة، الصين، برغبتها في إجراء حوار حول التجارة معها، بعد اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، التي هيمن عليها إلى حد كبير التوتر التجاري، فيما لم تعلن أي تفاصيل بخصوص ذلك.
وقال وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين أمس في واشنطن، إنه يفكر في زيارة الصين لمواصلة المناقشات حول النزاع التجاري بين واشنطن وبكين بعد تصاعد التوتر منذ مطلع مارس (آذار). وأضاف منوتشين للصحافيين على هامش الاجتماعات «أفكر في ذلك. لن أضيف أي تفاصيل أخرى على موعدها».
وأكدت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد في المؤتمر الصحافي الختامي للاجتماعات أنه «تم تحقيق بعض التقدم باتجاه حوار»، مؤكدة بإصرار ضرورة تجنب حرب تجارية.
وأعلنت بكين الأحد أنها «ترحب» بفكرة الزيارة. وقالت وزارة التجارة الصينية في بيان مقتضب بأن «الصين تلقت نبأ رغبة الجانب الأميركي في التوجه إلى بكين لإجراء مشاورات حول القضايا الاقتصادية والتجارية. الصين ترحب بذلك».
ويتناقض إعلان وزير الخزانة الأميركية مع الموقف الذي تبناه الجمعة. ففي مواجهة ضغوط صندوق النقد الدولي وعدد من الدول التي هاجمت الحمائية مؤكدة أنها ليست الأسلوب الصحيح لمعالجة حالات الخلل التجاري، لم يبتعد منوتشين قيد أنملة عن مبدأ الرئيس الأميركي دونالد ترمب «أميركا أولا».
وقال بأنه «يؤمن بقوة بأن الممارسات التجارية غير العادلة في العالم تعرقل نمو الاقتصاد العالمي ونمو الاقتصاد الأميركي»، داعيا صندوق النقد إلى «التحدث بصوت أعلى وأقوى عن مسألة الخلل في موازين التجارة الخارجية».
ورأى حاكم البنك المركزي الصيني يي غانغ أن «تصاعد الاحتكاكات التجارية بسبب إجراءات أحادية» يشكل أحد التهديدات للتجارة العالمية.
كانت الصين قد أعلنت يوم الخميس خلال اجتماع المؤسستين الماليتين الدوليتين في العاصمة الأميركية، عن إجراءات جديدة لمكافحة الإغراق تستهدف المطاط الصناعي القادم من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وسنغافورة.
وقال غاو فينغ الناطق باسم وزارة التجارة الصينية بأن «البلدين (الولايات المتحدة والصين) لم يجريا مفاوضات ثنائية» حول ملف الملكية الفكرية «ولا حول المنتجات الصينية التي يمكن فرض رسوم عليها». وأضاف: «نأمل ألا تسيء الولايات المتحدة تقدير تصميمنا» على الرد.
باسم الدفاع عن المصالح القومية، فرض ترمب في الثامن من مارس (آذار) في قرار أحادي، رسوما جمركية على واردات الفولاذ والألمنيوم. إلا أنه استثنى مؤقتا كندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي وليس الصين. وضاعفت إدارة ترمب الإجراءات الانتقامية التجارية ضد بكين متهمة الصين خصوصا بـ«الانتقال القسري للتكنولوجيا الأميركية» و«سرقة الملكية الفكرية».
والى جانب الفولاذ والألمنيوم، وضعت إدارة ترمب لائحة جديدة بمنتجات صينية يمكن أن تفرض رسوما جديدة للتعويض عن هذه «الممارسات غير المشروعة».
وردت الدولة الآسيوية العملاقة، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، بطرح فكرة إجراءات انتقامية بنسب موازية، ما يثير مخاوف من حرب تجارية. وتفيد آخر تقديرات الصندوق أن نمو إجمالي الناتج الداخلي العالمي الذي ارتفع 3.8 في المائة في 2017. سيتسارع ليبلغ 3.9 في المائة في 2018 و2019.
وحذرت اللجنة الاستشارية لصندوق النقد الدولي، يوم السبت، من أن الاقتصاد العالمي يواجه قدرا كبيرا من المخاطر بعيدة المدى رغم توقعات قوية للنمو على المدى القصير.
في اليوم قبل الأخير من اجتماع الربيع لصندوق النقد الدولي في واشنطن، قالت اللجنة أن المخاطر طويلة الأجل على الاقتصاد العالمي «تميل إلى الجانب السلبي».
وفي سياق متصل، أقر مساهمو البنك الدولي زيادة رأس المال المدفوع 13 مليار دولار بما يعزز حصة الصين لكن مع تطبيق إصلاحات لنظام الإقراض ترفع تكلفة الاقتراض للشريحة الأعلى من الدول متوسطة الدخل ومن بينها الصين.
وقال البنك إن الخطة تتيح رفع القروض الكلية إلى نحو 80 مليار دولار في السنة المالية 2019 من نحو 59 مليارا العام الماضي لتصل في المتوسط إلى نحو 100 مليار دولار بحلول 2030.
وصرح جيم يونج كيم رئيس البنك للصحافيين خلال اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن «رفعنا طاقة البنك الدولي لأكثر من المثلين... إنه اقتراع ضخم بالثقة لكن التوقعات هائلة».
وتضيف زيادة رأس المال التي تحققت بشق الأنفس في ظل مقاومة مبدئية من إدارة ترمب 7.5 مليار دولار لرأس المال المدفوع لذراع الإقراض الميسر البنك الدولي للإنشاء والتعمير. وتحصل مؤسسة التمويل الدولية التي تقدم قروضا بشروط تجارية على زيادة 5.5 مليار دولار لرأس المال المدفوع.
ووافق البنك الدولي للإنشاء على تعديل قواعده الخاصة بالإقراض ليحصل رسوما أعلى من الدول النامية صاحبة الدخل الأعلى لثنيها عن الإفراط في الاقتراض.



بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)

قالت الصين الخميس إن تحقيقاتها في ممارسات الاتحاد الأوروبي وجدت أن بروكسل فرضت «حواجز تجارية واستثمارية» غير عادلة على بكين، مما أضاف إلى التوترات التجارية طويلة الأمد.

وأعلنت بكين عن التحقيق في يوليو (تموز)، بعدما أطلق الاتحاد تحقيقات حول ما إذا كانت إعانات الحكومة الصينية تقوض المنافسة الأوروبية. ونفت بكين باستمرار أن تكون سياساتها الصناعية غير عادلة، وهددت باتخاذ إجراءات ضد الاتحاد الأوروبي لحماية الحقوق والمصالح القانونية للشركات الصينية.

وقالت وزارة التجارة، الخميس، إن تنفيذ الاتحاد الأوروبي للوائح الدعم الأجنبي (FSR) كان تمييزاً ضد الشركات الصينية، و«يشكل حواجز تجارية واستثمارية». ووفق الوزارة، فإن «التطبيق الانتقائي» للتدابير أدى إلى «معاملة المنتجات الصينية بشكل غير موات أثناء عملية التصدير إلى الاتحاد الأوروبي مقارنة بالمنتجات من دول أخرى».

وأضافت بكين أن النظام لديه معايير «غامضة» للتحقيق في الإعانات الأجنبية، ويفرض «عبئاً ثقيلاً» على الشركات المستهدفة، ولديه إجراءات غامضة أنشأت «حالة من عدم اليقين هائلة». ورأت أن تدابير التكتل، مثل عمليات التفتيش المفاجئة «تجاوزت بوضوح الحدود الضرورية»، في حين كان المحققون «غير موضوعيين وتعسفيين» في قضايا، مثل خلل الأسواق.

وأوضحت وزارة التجارة الصينية أن الشركات التي عدّت أنها لم تمتثل للتحقيقات واجهت أيضاً «عقوبات شديدة»، الأمر الذي فرض «ضغوطاً هائلة» على الشركات الصينية. وأكدت أن تحقيقات نظام الخدمة المالية أجبرت الشركات الصينية على التخلي عن مشاريع أو تقليصها، ما تسبب في خسائر تجاوزت 15 مليار يوان (2,05 مليار دولار).

وفي سياق منفصل، تباطأ التضخم في أسعار المستهلكين في الصين خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فيما واصلت أسعار المنتجين الانكماش وسط ضعف الطلب الاقتصادي.

وألقت عوامل، تتضمن غياب الأمن الوظيفي، وأزمة قطاع العقارات المستمرة منذ فترة طويلة، وارتفاع الديون، وتهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب فيما يتعلق بالرسوم الجمركية، بظلالها على الطلب رغم جهود بكين المكثفة لتحفيز القطاع الاستهلاكي.

وأظهرت بيانات من المكتب الوطني للإحصاء، الخميس، أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع 0.1 في المائة الشهر الماضي على أساس سنوي، بعد صعوده 0.2 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) السابق عليه، مسجلاً أضعف وتيرة منذ أبريل (نيسان) الماضي. وجاءت البيانات متسقة مع توقعات الخبراء في استطلاع أجرته «رويترز».

وظل مؤشر أسعار المستهلكين ثابتاً على أساس شهري، مقابل انخفاض بواقع 0.6 في المائة في نوفمبر، وهو ما يتوافق أيضاً مع التوقعات. وارتفع التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار المواد الغذائية والوقود المتقلبة، 0.4 في المائة الشهر الماضي، مقارنة مع 0.3 في المائة في نوفمبر، وهو أعلى مستوى في خمسة أشهر.

وبالنسبة للعام ككل، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين 0.2 في المائة بما يتماشى مع وتيرة العام السابق، لكنه أقل من المستوى الذي تستهدفه السلطات عند نحو ثلاثة في المائة للعام الماضي، مما يعني أن التضخم أخفق في تحقيق الهدف السنوي للعام الثالث عشر على التوالي.

وانخفض مؤشر أسعار المنتجين 2.3 في المائة على أساس سنوي في ديسمبر، مقابل هبوط بواقع 2.5 في المائة في نوفمبر، فيما كانت التوقعات تشير إلى انخفاض بنسبة 2.4 في المائة. وبذلك انخفضت الأسعار عند بوابات المصانع للشهر السابع والعشرين على التوالي.

ورفع البنك الدولي في أواخر ديسمبر الماضي توقعاته للنمو الاقتصادي في الصين في عامي 2024 و2025، لكنه حذر من أن أموراً تتضمن ضعف ثقة الأسر والشركات، إلى جانب الرياح المعاكسة في قطاع العقارات، ستظل تشكل عائقاً.