جيش الصحراء {الداعشي}

تنظيم يقتات على العنف في جنوب ليبيا

{دواعش} ليبيون في مدينة سرت («الشرق الأوسط»)
{دواعش} ليبيون في مدينة سرت («الشرق الأوسط»)
TT

جيش الصحراء {الداعشي}

{دواعش} ليبيون في مدينة سرت («الشرق الأوسط»)
{دواعش} ليبيون في مدينة سرت («الشرق الأوسط»)

تساعد عوامل عدة الجماعات الإرهابية على إعادة الانتشار المؤثر في الساحة الليبية. فبعد الهزيمة القاسية التي تلقاها «داعش» في سرت وشرق ليبيا، في سنة 2016 و2017؛ استطاع التنظيم الإرهابي هذه المرة التمركز في منطقة رخوة، تمثل الثقب الأسوأ بليبيا ما بعد القذافي. نتج من هذا المسار الجديد ظهور «جيش الصحراء الداعشي»، ليمثل آخر جيب تنظيمي لتنظيم البغدادي. ويبدو أن التجربة العملية، والحس السياسي، كانا سببين مهمين، في الهجرة «الداعشية» نحو الجنوب، قرب الحدود التشادية والنيجيرية والجزائرية.
ويعتبر الجنوب الليبي لا يشكل فقط المنطقة الآمنة لـ«داعش»؛ نظراً لجغرافيته البشرية وتضاريسه الصعبة؛ وإنما يشكل مورداً مركزياً للتزود بالسلاح، واستقبال المجندين الأجانب، وكذا خلْق تواصل مع الجماعات الإرهابية في الساحل والصحراء، وصولاً لمناطق وسط أفريقيا.
يتمركز جيش الصحراء في الجنوب، ويتزعمه شاب في منتصف الثلاثينات من عمره، ولد بعاصمة الجنوب الليبي سرت سنة 1981؛ ويعتبر المهدي سالم دنقو، الملقب بـ«أبو البركات»، قائداً داعشياً محلياً بتجربة دولية. فقد عمل بمحكمة الشريعة بالموصل لفترة زمنية قصيرة، ولم يعرف عنه قيادة كتيبة أو مجموعة «داعشية» داخل العراق؛ غير أنه عاد لليبيا ضمن خطة البغدادي لتقوية فروع تنظيمه بشمال أفريقيا. وتشير المعطيات المتوفرة عن أبو بركات، إلى أنه شخصية متواضعة من الناحية التعليمية؛ لذلك فهو لا يعتبر مرجعاً في الإفتاء والشؤون الدينية، إلا أن تجربته في العراق قبل 2015، مكّنته من قيادة التنظيم واعتلائه القيادة العسكرية لجيش الصحراء.

جيش الصحراء الفتي
من المرجح أن الزعيم الجديد فرّ ومعه الكثير من أعضاء «داعش»، بعد معركة دامت ثمانية أشهر؛ وكانت المواجهات بين قوات «البنيان المرصوص» التابعة لحكومة الوفاق والتنظيم الإرهابي قد انتهت بتحرير سرت من الإرهابيين، الذين كانوا يسيطرون على المدينة منذ سنة 2015، مستغلين ظروف الحرب الأهلية التي تعيشها ليبيا منذ 2012.
من جانب آخر، تشير بعض التقارير الصحافية غير المؤكدة، إلى أن «أبو البركات» أشرف على قتل 21 قبطياً مصرياً سنة 2015؛ وأن علاقاته ومعرفته الجيدة بالجنوب الليبي سهّلت عليه استقبال الكثير من المقاتلين المتطرفين، القادمين من السودان، ومصر، وتونس، والجزائر؛ كما أن تقارير أخرى لا تستبعد انضمام عناصر، من كل من تشاد، والنيجر، ومالي لجيش الصحراء بقيادة المهدي سالم دنقو. ذلك أن الوضع الأمني الليبي بالجنوب قد كرس عرفاً عسكرياً منذ 2011، وهو استقدام مختلف الفصائل السياسية والقبلية لمرتزقة أجانب للقتال في ليبيا.
ويظهر أن «جيش الصحراء»، أصبح له ثقل وأنصار في المنطقة، ويدير منطقة جغرافية معتبرة؛ وهذه العوامل شجعت تنظيم «أبو بركات» في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) من سنة 2018 على وضع نقط للمراقبة والتفتيش في الطرق المؤدية إلى الجنوب وشرق مدينة سبها. كما أعلن التنظيم مسؤوليته على هجومين دمويين على قوات محلية، واحد من هذه الهجمات وقع في نقطة تفتيش عسكرية تعرف بـ«بوابة الفقهاء»، وتبعد 100 كيلومتر جنوب مدينة الجفرة؛ حيث ذبح مقاتلو «داعش» 9 من أفراد الجيش الليبي ومدنيين اثنين، في أغسطس (آب) من سنة 2017.
ووفقاً لتقارير رسمية، فإن جيش الصحراء بقيادة الليبي المهدي سالم دنقو، والملقب بـ«أبو البركات»، يتكون من ثلاث كتائب، ولكل منها قائد عسكري. وكان يعتمد أساساً على تنفيذ بعض الهجمات من حين إلى آخر، قبل أن يظهر بشكل علني بنواحي سبها، وينظم دوريات للمراقبة في مارس (آذار) من سنة 2018.
ويقول رئيس التحقيقات بمكتب النائب العام الليبي، الصديق الصور، عن هذا التنظيم الإرهابي: «هذا الجيش تم تأسيسه بعد تحرير مدينة سرت، وهو يضم ثلاث كتائب تحت قيادة دنقو، ولكل منها قائد. والآن هم موجودون في الصحراء الليبية».

تحديات المواجهة
وفي سياق مواجهة إعادة انتشار التنظيمات الإرهابية، اتفقت كل من تشاد، والنيجر، وليبيا، والسودان، في اجتماع ضم الأطراف الحكومية للبلدان الأربعة يوم 3 أبريل (نيسان) 2018، على ضرورة تنسيق جهود القوات المسلحة، فيما يخص مواجهة الحركات الإرهابية، والاتجار في السلاح والبشر والمخدرات. ويأتي هذا التحرك الإقليمي، بعد نحو أسبوعين من قتل القوات الأميركية التابعة لقيادتها بأفريقيا قياديين من تنظيم القاعدة يوم السبت، 24 - 03 - 2018، في غارة لها على منزل بحي الفرسان بمنطقة قرب مدينة «أوباري».
ويظهر أن الجهود الأميركية الخاصة بمكافحة الإرهاب، تعززت من الناحية الكمية والكيفية، منذ مجيء الرئيس الحالي ترمب وموافقته على رفع عدد القوات الأميركية الموجودة في النيجر لتصبح نحو 1000 عسكري.
وكانت مصادر إعلامية أميركية، قد أشارت في أحد أعدادها في الأسبوع الثاني من مارس 2018، إلى أن الجيش الأميركي شن غارات عدة غير معلنة في ليبيا؛ وهو ما يؤكد أن استعمال سلاح «الدرون» الطائرات من دون طيار في تزايد مستمر، رغم أن البنتاغون لا يشير إلى ذلك. وقد تعود أسباب عدم الإعلان عن الغارات التي بلغت منذ يناير 2017 إلى يناير 2018، ثماني غارات، إلى الرغبة في التكتم على النشاط الأميركي في الجنوب الليبي، وضمان سلامة المتعاونين على الأرض. كما أن الجنوب الليبي يعرف وجود قوات فرنسية خاصة لمكافحة الإرهاب، الشيء الذي يفرض على الأميركيين والفرنسيين، نوعاً معيناً من السياسة الأمنية والإعلامية. وهو ما عبر عنه الجنرال والدهاوسر، قائد «أفريكوم» في شهادته أمام الكونغرس يوم 6 من مارس 2018 حينما تحدث عن ليبيا، بطريقة مجملة وعامة، قائلاً: «نحن متورطون بشدة في عملية مكافحة الإرهاب هناك»؛ وهذا النوع من الخطاب، يشير إلى عدم رغبة قائد «أفريكوم»، في الحديث المفصل عن طبيعة العمل العسكري الأميركي المناهض للإرهاب في ليبيا عامة والجنوب خاصة.

معضلة العنف بالجنوب
لا تقتصر ممارسة العنف على أنصار التنظيمات الإرهابية في الجنوب الليبي، بل إن المنطقة تعرف مواجهات قبلية، يختلط فيها السياسي بالعرقي، والوطني بالإقليمي. فالجغرافية البشرية للقبائل هناك، لها امتداد في كل دول الجوار؛ مما يجعل المنطقة عرضة للتدخلات الخارجية، في غياب مؤسسات الدولة وجيش وطني في ليبيا. وقد تجددت النزاعات الدموية المسلحة بين قبيلة التبو وقبيلة أولاد سليمان العربية، في نهاية يناير على إثر مقتل أفراد من التبو من طرف مجهولين، وردت القبيلة بقتل القائد العسكري مادي عمر، الذي ينحدر من قبيلة أولاد سليمان؛ وهو ما أدى إلى خرق اتفاق للمصالحة، عقد بين القبيلتين بإشراف إيطالي في مارس 2017.
وليست النزاعات المحلية وحدها من يساعد على نشاط «داعش» بالمنطقة؛ بل الخلافات بين القبائل العربية والطوارق والتبو، تأخذ في كثير من الأحيان طابعاً اقتصادياً؛ نظراً للصراع على الموارد بالمنطقة، وكذلك إدارة التجارة غير القانونية، والتهريب المتعلق بالمخدرات والبشر. كما أن طبيعة هذا الصراع يؤثر على الدور السياسي للمدن: سبها، وأوباري، ومرزوق، وفزان، والقطرون، وغات، في الوقوف ضد التنظيمات الإرهابية؛ كما يمكن القول إن مدينة الجفرة، تعيش وضعاً مشابهاً، وربما أكثر تعقيداً من الجنوب الغربي. ويبدو أن هذه العوامل، تساعد التنظيمات الإرهابية، على خلق مساومات ميدانية، وتعايش مع الواقع بالجنوبي المتشابك سوسيولوجياً؛ مستغلين الانتماء القبلي ووفرة السلاح، ونظام الثأر العسكري السائد بالمنطقة.
من جهة أخرى، يعرف الجنوب الليبي اليوم باعتباره حاضناً لمجموعات عسكرية معارضة للنظام السوداني، والنيجيري، والتشادي؛ وتتعامل قبيلة التبو مع هذه الميليشيات الأجنبية وأبنائها، باعتبارهم أولاد العَّم. بينما تنظر إليهم القبائل العربية بعين الريبة، وتطالبهم بالخروج من الأراضي الليبية.
ومن تلك الميليشيات المسلحة الموجودة بالجنوب الليبي، نذكر على سبيل المثال: حركة «العدل والمساواة» السودانية، وحركة «من أجل العدالة والديمقراطية»، و«المجلس العسكري» لإنقاذ الجمهورية في تشاد، و«القوات الثورية المسلحة من أجل الصحراء»، وهي حركة متمردة ضد حكومة النيجر، من عرقية التبو استقرت بالجنوب الليبي من 2011، وجبهة «الوفاق من أجل التغيير» التشادية التي تتمركز في الجفرة وسط ليبيا، أما تجمع القوى من أجل التغيير،.فهي أقوى الحركات، وهي المسيطرة على الجنوب الليبي، ويغلب عليها الانتماء القبلي ذو الأصول التشادية، وبخاصة الزغاوة. ويتداخل هذا التنظيم عرقياً مع حركة العدل والمساواة، التي تقاتل الحكومة السودانية في دارفور.
وتجدر الإشارة إلى أن التنظيمات المذكورة هنا، هي تنظيمات عسكرية ميليشياوية تملك أنواعاً من الأسلحة، بما فيها الثقيلة والصواريخ المضادة للدبابات، وغيرها. ولتحافظ كل هذه الحركات على قوتها القبلية والعرقية، فإنها تدخل من حين لآخر في تشابك كبير مع التنظيمات الإرهابية، وبخاصة من الناحية التجارية، وإدارة المعابر الصحراوية.

خلاصة
رغم أن «جيش الصحراء الداعشي» لا يعتبر تنظيماً قوياً، فإنه استطاع في ظرف وجيز التموقع في بيئة الجنوب المضطربة؛ كما خرج مؤخراً في أبريل 2018، لينظم دوريات علنية في الطرق، بعد نجاحه في تنفيذ عمليات إرهابية بالمنطقة. وهذا الصعود المضطرد لهذا التنظيم، يجعل من هذا الفرع الداعشي تحدياً جديداً أمام ليبيا الممزقة، ودول شمال أفريقيا والساحل والصحراء. كما أن وضع «داعش» في الجنوب الليبي، يخفي من ورائه مسيرة تاريخية من العنف المحلي، الذي تزكيه الثقافة القبلية؛ وتاريخ طويل من الاقتصاد الإقليمي القائم على التداخل بين الإرهاب والجريمة العالمية الخاصة بتهريب السلاح والمخدرات والبشر.
* أستاذ زائر للعلوم السياسية بجامعة محمد الخامس الرباط



«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
TT

«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)

ارتبط مسمى «حزب الله» بنوعين؛ أعلام صفراء في لبنان، وحسن نصر الله أمين عام حزب الله، لبنان، لكن النوع العقائدي الأكبر خطورة يسير في دماء العراق، حزب هو بذات الاسم، عقائديون أكبر أثراً في سفك الدماء، حيث يرعون الأمر أكبر من مجرد حزب أصفر له الضاحية الجنوبية في لبنان؛ مسكن ومقر ومشيعون.
بين دجلة والفرات، حزب يسمى كتائب «حزب الله العراق»، له أكثر من 13 عاماً وهو في تشكيله الحالي، ليس بالهين عوضاً عن ميليشيات «الحشد الشعبي» التي أخذت كل الوهج الإعلامي كونها مرتبطة بنظام إيران، لكن «حزب الله العراق» وكتائبه تمر في أزقة السواد وبأخطر من دور ميداني تمارسه «الحشد الشعبي»، لأن العقائدية ونشرها أشد خطورة من ميدان يتقهقر فيه الأضعف، نظراً للضربات الآمنة التي يقودها الحلفاء أولو القوة من غرب الأرض لوقف تمدد النزيف، دائماً ما يكون مصنع الوباء يمر بحزب الله العراق.

قبل أشهر، كان الحزب تعرض لواحدة من أعنف الغارات على مواقعه، بعد هجوم صاروخي استهدف قاعدة التاجي في العراق، وقتل فيها جنديين أميركيين وبريطانياً، وجاء الرد خلال ساعات قليلة بفعل غارات أميركية - بريطانية مشتركة، ضد منشآت لميليشيات حزب الله العراقي في محافظتي بابل وواسط ومنطقة سورية محاذية للحدود العراقية.
نظرة سريعة على حزب الله العراق، من التاريخ، كان عماد مغنية (قتل في 2008 بغارة إسرائيلية في دمشق) الإرهابي اللبناني التابع لإيران، وحزب الله لبنان، كان أحد صنّاع هيكل هذا الحزب في العراق، حيث بدأ في العمل وفقاً لتوجيهات وأوامر نظام الملالي في تكوين حزب يشبه حزب الله اللبناني، وهو ما يبدو أن الأوامر جاءته في تجويد هذا الحزب ليكون بذراعين: عسكرية وعقائدية، ويبدو أن مغنية تجاوز أخطاء عديدة في تشكيل ووهج حزبه اللبناني، فصنع بهدوء هيكلة مختلفة للحزب، جعلت كل المساجد والحسينيات وقوداً يضخ فيها البذور التي يرغبها أولو العمائم.
ظهر الحزب بحضوره الأول بقوام تجاوز 4 آلاف شخص، منتمين بعضويات عدة داخله، وتنامى العدد حتى قبل تصنيف الولايات المتحدة له كـ«تنظيم إرهابي»، لكنه جعل دوره التسويقي للحشد والتنظيم أكبر من مجرد عسكرة، بل فكرة أكثر ارتباطاً في نشر آيديولوجيا عبر مواقع عدة، ومنها تفريخ عناصر في قطاعات مهمة داخل العراق؛ منها وزارة التعليم ووضع لبنات التعاون مع أحزاب دينية؛ منها «الحزب الإسلامي» الذي يتغذى بمنهج الإخوان المسلمين.
ربما ما يدور أن الحزب هو جزء في تكوين «الحشد الشعبي» لكن ذلك يمر بتقاطعات، حيث يشير عبد القادر ماهين، المتخصص في شؤون التنظيمات الإرهابية، إلى أن الحزب يظهر كونها جزءاً من تكوين الحشد، لكنه جزء يصنع الكعكة الميليشياوية ويشارك في تسميمها ويعمل على توزيعها في المناطق المجاورة.
يشير ماهين في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إلى أنه لا أمين عاماً للحزب أسوة بحزب الله اللبناني، حيث يظهر فيه حسن نصر الله، مبرراً ذلك أن الفرق بين تكوين الحزبين هو الحاجة والدور، حيث يتمركز في جنوب العراق بعتاد عسكري، له هدف في وضع حضور طاغٍ يحاول تفخيخ الحدود، لأن الهدف يرتبط مع إمبراطورية إيران الكبرى الممتدة، ولا يظهر له الأثر السياسي كممثلين له كما هو الحزب اللبناني ليكون أثره في تشكيل الحكومات والبرلمانات.

إذن ما الدور الذي يلعبه الحزب؟

الحزب كما يرى ماهين، أنه ذو دور عسكري في الأصل، لكن الترتيبات ما بعد 2009 جعلته أكثر قدرة في تكوين فريق احتياط عسكري ليس أكثر وفق الحاجة، يدعم التوجهات والسياسات الإيرانية، لكن ما أخل بتلك القاعدة مشاركته المباشرة في دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وأصبح أكثر من 4 أو 5 آلاف جندي مشاركين في السيطرة على مدن سورية تحت إمرة إيران في سوريا التي تتشكل من 4 فصائل مسلحة.
الحزب ليس عسكرياً فقط؛ كان ولا يزال صاحب دور في الترويج العقائدي، وتصوير الحضور الإيراني بشكل إيجابي مزعوم، إضافة إلى عمله الاقتصادي، حيث يدخل عناصره الكبرى في مفاصل مهمة في الاقتصاد العراقي، من شركات اتصالات وشركات نفطية، وأخرى ذات علاقة بقطاع الطيران، وإدارة المطارات والمنافذ، وبعض الأشخاص أبرزهم هادي العامري الذي كان صاحب صولات وجولات حين حمل حقيبة وزارة النقل العراقية في وقت سابق، وكان أبرز مهددي الاستمرار الكويتي في بناء ميناء مبارك الكبير، حيث هددت كتائب الحزب الشركات من الاستمرار بالعمل، وحينها ظهر العامري بأن ذلك المشروع «يغلق القناة الملاحية لموانئ العراق».
مرحلة مختلفة ظهرت، حين عاودت الآلة العسكرية الحزبية لكتائب حزب الله العراق، بالعمل من خلف الصفوف، حيث كانت أبرز مهددي السفارات وأكثر ملغمي مسارات الحلول السياسية، بل ومن رمى بقادة العراق اليوم في تحدي أن يرضخوا أمام شعب بدأ في كراهية الحضور الإيراني، وكان الحزب أبرز علامات استهداف المتظاهرين في العراق في كل البلاد، بغية كسر حدة السيوف الشعبية لتصبح مجرد مقبض دون رأس حربة كي يحافظ الحزب على الوجود الإيراني، خصوصاً أنه أبرز متلقٍ للأموال من نظام إيران وأكثرها غناءً.
الدور الاقتصادي لكتائب حزب الله العراق أصبح أكثر وضوحاً، حيث كان أكبر المنتفعين في عام 2015، من «الفدية القطرية» التي وصلت إلى أكثر من مليار دولار، مقابل إطلاق سراح قطريين كانوا يقضون وقتهم في الصيد جنوب العراق، ورغم أن الأنباء قالت إن الخاطفين لعدد من أبناء الأسرة الحاكمة القطرية ومعاونيهم الذي بلغ 28 شخصاً، كانوا من تنظيم «داعش»، لكن التقارير المسربة لاحقاً في بدايات 2016 حيث جرى تخليصهم وعودتهم إلى قطر، كانوا يتبعون لكتائب حزب الله العراق، وهو ما ينافي الرواية الرسمية القطرية التي تقول إنها دفعت المبلغ للحكومة العراقية.
الدور المستقبلي لن ينفك عن منهجية تتقاطع مع حزب الله اللبناني، حيث لدى الحزب اليوم الرؤى ذاتها، خصوصاً في اعتماد سياسة «افتعال الأزمات»، كي لا ينكسر الحضور الإيراني ونفوذه في المؤسسات الدينية وبعض السياسية، التي يجد فيها بعضاً من رجاله الذين يقبعون في سياسة تخفيف الضغط على النظام السياسي ومحاصصته التي تستفيد منها ميليشيات إيران في العراق، وما بعد مقتل قاسم سليماني، غربلة يعيشها الحزب الذي يجرب يوماً بعد آخر أسلوب التقدم خطوة بخطوة، مستفيداً من تكتيك الفأر في نشر طاعون على أرض هي الأهم لإيران.