إردوغان يبرر تقديم الانتخابات بتجنب آثار «زلزال اقتصادي»

بينما يلتقي زعيم المعارضة التركية، رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو، رئيسة «الحزب الجيد» ميرال أكشنار اليوم في أنقرة لبحث اختيار مرشح توافقي للرئاسة في مواجهة المرشح الأقوى الرئيس الحالي رجب طيب إردوغان، حذر الأخير من وجود مساع لإعادة تقسيم المنطقة انطلاقا من سوريا والعراق تستهدف تركيا أيضا.
واعتبر إردوغان أن بلاده تتحمل مسؤولية كبيرة لوقف هذه المساعي، مشيرا إلى أن حساسية الفترة التي تمر بها تركيا ومحيطها، تستوجب اتخاذ قرارات سريعة وتطبيقها بدراية، وأن الذين يقومون بهذه الحسابات يظنون أن «تركيا اليوم هي تركيا القديمة»، لافتا إلى أنه «لم يعد هناك تركيا التي تستسلم للسيناريوهات المرسومة من الخارج».
ورأى إردوغان أن ذلك يستدعي من بلاده الانتقال إلى النظام الرئاسي، مشيرا إلى أن هذا هو السبب الرئيسي وراء دعوته إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة في يونيو (حزيران) المقبل بدلا عن نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، وهو ما أقره البرلمان أول من أمس.
وبالتوازي مع النقاشات والتكهنات حول أسباب قرار تقديم موعد الانتخابات وما إذا كان ذلك له علاقة بالوضع الاقتصادي في تركيا، لمح إردوغان في كلمة خلال الاحتفال بمرور 150 عاما على تأسيس معهد دراسات الزلازل التابع لجامعة بوغازيتشي في إسطنبول مساء أول من أمس، إلى أن سبب تقديمه موعد الانتخابات في تركيا، لتُجرى العام الحالي، يرجع إلى تجنب خسائر «زلزال اقتصادي» في تركيا.
وقال إردوغان إنه «بفضل تقديم تاريخ الانتخابات سنستعد لآثار الزلزال المدمرة، وإلا لن نتمكن من الخروج من هذه الفترة دون تكبد خسائر». وخلال لقائه مع مجلس العلاقات الخارجية أمس، شدد إردوغان على أن هدف حكومته في المرحلة القادمة هو الوصول بالبلاد إلى دخل قومي بمستوى تريليوني دولار، وتجارة خارجية بحجم تريليون دولار. وأوضح أنه «من أجل الوصول إلى هدفنا المرسوم عام 2023، ينبغي مضاعفة حجم الاقتصاد إلى ضعفي الحجم الحالي»، مضيفا: «ومن أجل الوصول إلى هذا الهدف يجب على تركيا تجاوز عدة عوائق تقنية ونفسية». كما أفاد بأن من يقيّمون الاقتصاد التركي من الداخل والخارج، يرون ضرورة تحييد العوائق الخارجية التي توضع أمام الاقتصاد من جهة، وفتح آفاق جديدة في مجال التكنولوجيا ورأس المال من جهة ثانية، وعلى رأسها الاستثمارات، في مجال التكنولوجيا الفائقة.
وأكد الرئيس التركي أن بلاده لن تتسامح مع أشخاص يحاولون تهريب الأموال خارج البلاد، بدلاً من توسيع أعمالهم وتجارتهم واستثماراتهم. وانتقد إردوغان من قال إنهم يروجون لوجود تأثير سلبي لحالة الطوارئ في تركيا على الاقتصاد، في إشارة إلى المعارضة التركية.
بموازاة ذلك، بدأت المعارضة التركية تتحرك باتجاه تنظيم صفوفها استعدادا للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة. وأعلن رئيس حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة كمال كليتشدار أوغلو، أنه سيلتقي السياسية المخضرمة ميرال أكشينار رئيسة الحزب الجيد المعارض اليوم الأحد لبحث مسألة الاتفاق على مرشح رئاسي.
وأعلنت أكشينار أنها ستترشح للرئاسة متعهدة بإسقاط إردوغان بينما أكد كليتشدار أوغلو منذ البداية أنه لن يترشح للمنصب، وتسود تكهنات حول إمكانية أن يدعم الشعب الجمهوري أكشنار في سباق الرئاسة لا سيما أن كليتشدار أوغلو كان قد أعلن من قبل أنه يمكن تأسيس «تحالف مبادئ» بين أحزاب المعارضة.
وبشأن ما إذا كان هناك تفكير في تشكيل تحالف بين الحزبين، قال كليتشدار أوغلو إن المجلس التنفيذي لحزب الشعب الجمهوري سيجتمع بعد غد الثلاثاء وسنعرض عليه نتائج اللقاء مع أكشينار وسيكون القرار النهائي للمجلس.
في سياق متصل، أعلنت تركيا رفضها التصريحات الأميركية بشأن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة المقررة في يونيو، معتبرة ذلك تدخلا في إرادة الشعب التركي. وأقر البرلمان التركي، أول من أمس، مقترحا قانونيا مشتركا لحزبي العدالة والتنمية الحاكم والحركة القومية، المتحالف معه انتخابيا، لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة.
وقال المتحدث باسم الخارجية التركية، حامي أكصوي، إن «التصريحات الاستباقية حول انتخابات لم تجر بعد، تعني التدخل في إرادة الشعب، وهذا لا يمكن قبوله». وكانت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، هيذر ناورت، أعربت، الخميس، عن قلق بلادها من إجراء انتخابات مبكرة بتركيا في ظل حالة الطوارئ. وأشار أكصوي إلى أن تقارير المراقبة الدولية أكدت أن جميع الانتخابات المقامة في تركيا ديمقراطية وحرة وعادلة وشفافة.
على صعيد آخر، انتقد وزير العدل التركي عبد الحميد غل إفراج السلطات اليونانية عن سليمان أوزكايناكجي، أحد الانقلابيين الثمانية الفارين إليها عقب مشاركتهم في محاولة الانقلاب الفاشلة بتركيا منتصف يوليو (تموز) عام 2016.
وبعث غل برسالة إلى نظيره اليوناني، ستافروس كونتونيس، ذكّره فيها بسقوط 251 قتيلا وإصابة أكثر من ألفي شخص أثناء محاولة الانقلاب التي اتهم حركة الخدمة التابعة للداعية التركي المقيم في أميركا فتح الله غولن بتدبيرها، لافتا إلى أن العسكريين الثمانية الذين فروا إلى اليونان بمروحية كانوا قد استولوا عليها، هم ضمن «الإرهابيين» الذين تسببوا في مقتل وإصابة هؤلاء الأشخاص. وأضاف أن السلطات اليونانية رفضت 3 طلبات تركية بشأن تسليم العسكريين الفارين إلى اليونان.
في سياق آخر، قالت دانا وايت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، إنّ تركيا من أهم حلفاء الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط، وعلى واشنطن التحاور مع أنقرة بشأن شراء الأخيرة منظومة «إس 400» الروسية.
وأضافت وايت، في مؤتمر صحافي بواشنطن، الليلة قبل الماضية، أن تركيا هي التي تقرر مصالحها الاستراتيجية، مشيرة إلى أنّ الولايات المتحدة ما زالت تبلغ الجانب التركي قلقها بشأن شراء أنقرة للمنظومة الروسية. وكان مساعد وزير الخارجية الأميركي ويس ميتشل أشار في وقت سابق إلى إمكانية فرض عقوبات على تركيا بسبب إبرامها صفقة شراء منظومة «إس 400» من روسيا.
وفيما تجاهلت أنقرة الرد على هذه التصريحات، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أول من أمس، إنّ الولايات المتحدة تمارس ضغوطا على تركيا لدفعها إلى التراجع عن شراء منظومة الدفاع الصاروخي الروسية «إس 400».