مقتل 4 فلسطينيين وإصابة عشرات في الجمعة الرابعة من «مسيرات العودة»

«مقلاع ضخم» سلاح جديد في المواجهات... وإسرائيل تتحدث عن «إنجاز» لقواتها

TT

مقتل 4 فلسطينيين وإصابة عشرات في الجمعة الرابعة من «مسيرات العودة»

قُتل 4 فلسطينيين وأُصيب عشرات في مواجهات اندلعت على الحدود الشرقية والشمالية لقطاع غزة في الجمعة الرابعة لـ«مسيرات العودة» التي ينظمها الفلسطينيون. وتمثّلت حصيلة الضحايا أمس، تراجعاً كبيراً بالمقارنة مع حصيلة ضحايا الأسابيع الماضية، في وقت تحدثت فيه إسرائيل عن «إنجاز» لقواتها تمثّل في مرور الأعياد اليهودية الأخيرة بهدوء.
وبمقتل الأربعة أمس، ترتفع حصيلة قتلى الاحتجاجات منذ 30 مارس (آذار) الماضي إلى 38 فلسطينياً. وأشارت وكالة الصحافة الفرنسية إلى إصابة أكثر من 4 آلاف آخرين بالرصاص والغاز المسيل للدموع في المواجهات المستمرة منذ 4 أسابيع.
وأعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة عن مقتل أحمد نبيل عقل (25 عاماً) متأثراً بجروح أصيب بها قبل صلاة الجمعة، مشيرة إلى أنه أصيب بطلق ناري في الرأس خلال مواجهات اندلعت في نقطة موقع أبو صفية شرق بلدة جباليا بشمال قطاع غزة. ويعد عقل الذي يسكن في مخيم جباليا، من ذوي الاحتياجات الخاصة، وكان قد أصيب بطلقين ناريين من قبل جيش الاحتلال خلال المواجهات التي اندلعت في المنطقة ذاتها قبل أسبوعين.
كما أُعلن عن مقتل أحمد رشاد العثامنة (24 عاماً) من سكان بلدة بيت حانون، بطلق ناري في القلب وآخر في الرقبة على يد جندي إسرائيلي قناص شرق بلدة جباليا. كذلك أُعلن عن مقتل سعد أبو طه (32 عاماً) من سكان خان يونس جنوب قطاع غزة إثر إصابته بطلق ناري في الرقبة، ومقتل الطفل محمد أيوب (15 عاماً) شرق جباليا شمال القطاع.
وذكرت الوزارة أن أكثر من 130 فلسطينياً أُصيبوا أمس، في المواجهات التي اندلعت على حدود قطاع غزة، مشيرةً إلى أن الشبان المحتجين استخدموا كل أنواع الأساليب السلمية في مواجهة الجنود الإسرائيليين المدججين بالأسلحة. وأوضحت أن عدداً من المصابين صُنّفوا بحالة ما بين الخطيرة إلى الحرجة نتيجة إصابتهم برصاص متفجر أطلقه جنود قناصة من الجيش الإسرائيلي يعتلون سواتر ترابية نُصبت على طول الحدود لاستهداف المتظاهرين. ولفتت إلى أن عدداً كبيراً من الجرحى أصيبوا جراء إطلاق الرصاص الحي، موضحة أن هناك عدداً كبيراً منهم أصيبوا في الأجزاء العلوية من أجسادهم.
وأصيب اثنان من المسعفين أحدهما برصاصة في الظهر شرق مدينة خان يونس، كما هاجمت قوات الاحتلال بقنابل الغاز سيارة للبث التلفزيوني المباشر شرق مدينة غزة.
وشارك عشرات الآلاف من السكان في قطاع غزة في مسيرات أمس، بدعوة من «الهيئة العليا لمسيرة العودة الكبرى» التي تشرف عليها فصائل فلسطينية مختلفة، ورفعوا صور الشهداء والأسرى الفلسطينيين، إلى جانب العلم الفلسطيني. وأقدم شبان على تسيير طائرات ورقية تحمل العلم الفلسطيني إلى جانب زجاجات حارقة («مولوتوف») ألقوها داخل المناطق الحدودية الإسرائيلية، ما تسبب في اندلاع نيران في محاصيل زراعية للمستوطنين الذين يقطنون حدود القطاع، حيث هرعت طواقم الإطفاء التابعة لجيش الاحتلال لإخماد النيران التي اندلعت في مناطق على حدود قطاع غزة.
ولوحظ أن شباناً أشعلوا النيران في إطارات سيارات قديمة قرب الجدار الأمني، بينما أقدم آخرون على سحب أجزاء من الجدار الشائك الجديد الذي وضعه الاحتلال لعرقلة تقدم المتظاهرين. بينما لجأ آخرون إلى وضع كمامات واقية من الغاز بهدف إعادة إلقاء القنابل التي يلقيها جنود الاحتلال تجاه المتظاهرين. واستخدم آخرون مقاليع لرشق الجنود بحجارة كبيرة.
وسُجّلت للجمعة الرابعة مشاركة للنساء وكبار السن في المواجهات، حيث قامت نسوة برشق حجارة ومساعدة الطواقم الطبية على نقل الشبان الجرحى، إضافة إلى تجهيز الطعام للمشاركين في المظاهرات.
وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن رئيس حركة «حماس» في قطاع غزة يحيى السنوار جاء أمس، مع طفله إبراهيم (3 سنوات) وابنته الرضيعة (7 أشهر) وسار معهما على مسافة 400 متر من الحدود من إسرائيل. وأضافت أنه طلب من مراسلها أن يصوّره مع طفليه قبل أن يتفقد الناس ويجلس معهم.
وأشارت الوكالة إلى أن الهيئة المنظمة للاحتجاجات أطلقت على تحركات أمس اسم «مسيرة الأسرى والشهداء»، وعلّقت على طول طريق المسيرة صوراً لقتلى وأسرى. إلا أن مجموعة من الشبان الفلسطينيين أطلقت عليها اسم «جمعة الطائرات الورقية». وأطلق هؤلاء الشبان عشرات الطائرات الورقية التي علقوا عليها إعلاماً فلسطينية ومنشورات كُتب عليها «أيها الصهاينة، لا مكان لكم في فلسطين. عودوا من حيث أتيتم، لا تستجيبوا لقيادتكم فإنهم يرسلونكم إلى الموت أو الأسر... القدس عاصمة فلسطين».
كان الجيش الإسرائيلي قد حذّر سكان غزة من الاقتراب من السياج. وكتب المتحدث العسكري باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، على صفحته على «فيسبوك» باللغة العربية، متوجهاً إلى الفلسطينيين: «(حماس) تقذف مستقبلكم ومستقبل أبنائكم في الهواء وتوهمكم بأنها تفعل شيئاً من أجلكم»، حسب الوكالة الفرنسية التي أضافت أنه اتهم «حماس» بأنها «تنشر فيديوهات لاستخدام أدوات عبثية... لن يقودكم (هذا) إلى أي نتيجة». ونشر أدرعي تسجيل فيديو أطلق عليه اسم «مسيرة الفوضى»، يَظهر فيه شبان فلسطينيون وقد ثبّتوا على الأرض مقلاعاً ضخماً يقذفون منه حجارة يصل مداها إلى مسافات طويلة.
وتجوّل أمس وزير الجيش الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، في المنطقة الحدودية لقطاع غزة والتقى الصحافيين الإسرائيليين والأجانب على الجانب الإسرائيلي للحدود. وقال في تصريحات مقتضبة إن فترة الأعياد اليهودية مرّت بهدوء وإن هذا «إنجاز» يُسجل للجيش وقوات الأمن، مؤكداً جاهزية بلاده لمواجهة أي سيناريوهات وعلى جبهات عدة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.