العراق: تجاوزات في «الدعاية الانتخابية» و«المفوضية» تهدد بإجراءات

تمزيق صور ومحاولات اغتيال وفيديوهات فضائح أخلاقية تثير التحفظات

عنصر من مفوضية الانتخابات العراقية يقوم بتجهيز صناديق تخص الانتخابات في مقرها بالنجف أمس(أ.ف.ب)
عنصر من مفوضية الانتخابات العراقية يقوم بتجهيز صناديق تخص الانتخابات في مقرها بالنجف أمس(أ.ف.ب)
TT

العراق: تجاوزات في «الدعاية الانتخابية» و«المفوضية» تهدد بإجراءات

عنصر من مفوضية الانتخابات العراقية يقوم بتجهيز صناديق تخص الانتخابات في مقرها بالنجف أمس(أ.ف.ب)
عنصر من مفوضية الانتخابات العراقية يقوم بتجهيز صناديق تخص الانتخابات في مقرها بالنجف أمس(أ.ف.ب)

دخلت الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في العراق في الثاني عشر من مايو (أيار)، القادم أخطر مراحل التنافس الذي تعدى التسقيط السياسي عبر الجيوش الإلكترونية إلى ما هو معلن عبر تمزيق صور المرشحين أو التعرض إلى محاولات اغتيال أو نشر فيديوهات تتضمن فضائح أخلاقية لمرشحات إحداهن عن كتلة النصر التي يتزعمها رئيس الوزراء حيدر العبادي. أعلنت مفوضية الانتخابات في العراق أنها سوف تتخذ إجراءات من أجل المحافظة على سلامة ونزاهة الانتخابات.
ومع أن الحملة الدعائية لنحو 7000 آلاف مرشح ومرشحة لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة بدأت منذ نحو 5 أيام وتستمر لمدة شهر تقريبا، لكنها شهدت أكبر عملية تسقيط متبادل بين القوائم والمرشحين.
وبينما انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي حملات بدت منظمة بتمزيق صور عدد كبير من المرشحين وفي مقدمتهم سياسيون كبار مثل نوري المالكي وإياد علاوي وهادي العامري وعمار الحكيم وحيدر العبادي، فقد ضجت تلك المواقع بانتشار فيديو يمثل فضيحة أخلاقية مع إحدى المرشحات ضمن قائمة العبادي عدتها الكتلة بمثابة عملية تسقيط ممنهجة لمشروع العبادي، مثلما أبلغ «الشرق الأوسط» المتحدث الرسمي باسم ائتلاف النصر حسين درويش العادلي الذي عد أن «ما يجري هو استهداف حاقدين وفاشلين معا، وهو استهداف سياسي بامتياز يعبر عن خوف مثل هذه الجهات التي تقف خلف هذا الأمر من مشروع العبادي».
وأضاف العادلي أن «العبادي ومثلما يعرف الجميع يمثل قصة نجاح، فقد حقق الأمن وأنتصر على الإرهاب ووحد الدولة والمجتمع، وبالتالي فإن من الطبيعي أن يكون لهذا المشروع أعداء كثيرين في الداخل والخارج لن يروق لهم ذلك بأي حال من الأحوال».
وتابع العادلي بأن «الهدف من هذه العمليات هي قطع الطريق أمام مشروع العبادي للسنوات الأربع المقبلة (في إشارة إلى مساعي العبادي الحصول على ولاية ثانية)، بينما يفترض أن يكون التنافس شريفا»، موضحا أن «مثل هذه الأساليب وسواها لن تثنينا عن المضي فيما عاهدنا عليه شعبنا... ولن ينال من يقوم بذلك إلا الخسران والخيبة».
في السياق نفسه أعلنت كتلة «سائرون» التي يدعمها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر عن تعرض بعض مرشحيها إلى البرلمان إلى محاولات اغتيال طالت اثنين منهم في بغداد والبصرة. وقال الناطق الرسمي باسم الكتلة الدكتور قحطان الجبوري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «اثنين من مرشحي تحالفنا تعرضا إلى محاولتي اغتيال طالتا إحدى مرشحاتنا في محافظة البصرة والأخرى طالت مرشحا آخر في محافظة بغداد، الأمر الذي يدل على مدى ما وصلت إليه الأمور على صعيد التنافس الانتخابي الذي ابتعد بكل أسف عن أساليب العمل الديمقراطي السليم والتنافس الشريف».
وأضاف الجبوري أن «الحملة المنظمة التي تستهدف سائرون سواء باستهدافه تعد تصعيدا خطيرا يتعين على الجهات الحكومية المسؤولة ألا تكتفي بالتنديد بل باتخاذ الإجراءات العاجلة من خلال فتح تحقيق سريع بمثل هذه الحوادث ومعرفة الجهات التي تقف خلفها وتقديمهم إلى العدالة، لكي يبقى التنافس شريفا وضمن قواعد اللعبة الديمقراطية». وأوضح الجبوري أن «تحالف سائرون يتعرض إلى حملة استهداف أخرى تتمثل في تمزيق صور مرشحيه، الأمر الذي يؤشر لدينا مخاوف من جهات معينة اكتشفت أنها لم تعد قادرة على المنافسة الشريفة، فبدأت باللجوء إلى مثل هذه الأساليب التي تعكس فشلها وهزيمتها، وتبين للناس مدى القوة والفاعلية لتحالف سائرون من حيث التفاف الجماهير حوله وسعيه للتغيير الحقيقي».
في السياق نفسه عد أستاذ الإعلام في الجامعة العراقية الدكتور فاضل البدراني في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا النمط من السلوك إنما ينم عن غياب الوعي الاجتماعي والسياسي وطغيان التخلف في العراق حيال قضية التجاوز على الدعاية الانتخابية للمرشحين، والتخلف سمته على ما يتضح لنا سياسية حزبية، أو ما ينطبق عليه بأشباه السياسيين المحرضين على التسقيط». وأضاف البدراني أن «المطلوب التحلي بالوعي الاجتماعي الحقيقي الذي يتكفل بكنس ترسبات التخلف وتحرير العقل وأن ندع الدعاية الانتخابية تقدم لنا فرصة التمعن وإجراء المقارنة بين الإيجابي والفاسد والفاشل من المرشحين وأحزابهم». وكانت قائمة «النصر» التي يتزعمها العبادي استبعدت مرشحة للانتخابات بعد انتشار فيديو تم تداوله على نطاق واسع في غضون اليومين الماضيين يظهرها في وضع مخل بالآداب العامة.
من جهتها أعلنت مفوضية الانتخابات في العراق أنها سوف تتخذ إجراءات من أجل المحافظة على سلامة ونزاهة الانتخابات وذلك في بيان لها حددت فيه عقوبات تصل لحد الاستبعاد من الانتخابات لبعض أنواع الخروقات بالإضافة إلى السجن والغرامة.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».