عقبات تعرقل انتشار مفتشي «الكيماوي» في دوما

رئيس «الخوذ البيضاء» يحدد أماكن دفن القتلى

سيارة تابعة لمفتشي الأمم المتحدة وسط دمشق أمس (أ.ف.ب)
سيارة تابعة لمفتشي الأمم المتحدة وسط دمشق أمس (أ.ف.ب)
TT

عقبات تعرقل انتشار مفتشي «الكيماوي» في دوما

سيارة تابعة لمفتشي الأمم المتحدة وسط دمشق أمس (أ.ف.ب)
سيارة تابعة لمفتشي الأمم المتحدة وسط دمشق أمس (أ.ف.ب)

تعرض فريق أمني تابع للأمم المتحدة لإطلاق نار خلال قيامه، الثلاثاء، بمهمة استطلاعية في دوما وذلك قبل انتشار خبراء دوليين يحققون حول هجوم كيماوي مفترض في المدينة السورية، بحسب ما أعلن مسؤول أممي، الأربعاء.
وصرح المسؤول لوكالة الصحافة الفرنسية، أمس: «لقد تعرض فريق أمني تابع للأمم المتحدة لإطلاق نار أمس (الثلاثاء) خلال قيامه بمهمة استطلاعية في دوما»، مضيفاً: «لم يصب أحد بجروح، وقد عادوا إلى دمشق».
وكان خبراء منظمة حظر الأسلحة الكيماوية ينتظرون الحصول على ضوء أخضر من الفريق الأمني قبل بدء تحقيقهم في دوما حول الهجوم المفترض.
وأوقع هجوم مفترض بغاز الأعصاب على دوما في 7 الشهر الحالي أكثر من 40 قتيلاً، بحسب مسعفين وأطباء، وحمّلت الدول الغربية النظام السوري مسؤوليته.
وقال مصدر لـ«رويترز»، إن الفريق «تعرض لموقف أمني» شمل إطلاق نار؛ مما أدى إلى تأجيل الزيارة، لكنه لم يورد مزيداً من التفاصيل. وقال مصدر آخر، إن محتجين يطالبون بمساعدات استقبلوا الفريق، وتردد صوت إطلاق نار فغادر فريق الأمم المتحدة الموقع.
وصرح السفير البريطاني لدى منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، بيتر ويلسون، أمام صحافيين في لاهاي، بأن الفريق الأمني زار موقعين في دوما الثلاثاء برفقة عناصر من الشرطة العسكرية الروسية.
وتابع ويلسون: إن أعضاء الفريق استقبلهم «حشد كبير» من المتظاهرين في أحد الموقعين؛ ما أرغمهم على العودة أدراجهم، بينما تعرضوا في الموقع الثاني «لإطلاق نار من أسلحة صغيرة وتفجير»، وذلك نقلاً عن معلومات للمدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية.
وأضاف ويلسون: إن المدير العام للمنظمة، أحمد أوزمجو، قال أمام سفراء دول المنظمة في لاهاي، إنه من غير الواضح ما إذا كانت مهمة تقصي الحقائق ستتمكن من الانتشار في دوما.
وعند سؤال ويلسون عما إذا كان الفريق الأمني استهدف تحديداً، رد «لا يمكنني الإجابة عن هذا السؤال فهو لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية».
وكان خبراء الأمم المتحدة وصلوا إلى دمشق السبت تزامناً مع شن بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة ضربات عسكرية ضد ما قالت إنه أهداف مرتبطة بالبرنامج السوري للأسلحة الكيماوية.
وتابع المسؤول الذي رفض كشف هويته: إن الفريق الأمني سيظل في دمشق مع خبراء منظمة حظر الأسلحة الكيماوية في الوقت الحالي.
وكان السفير السوري لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري أبلغ مجلس الأمن الدولي الثلاثاء، بأن خبراء منظمة حظر الأسلحة الكيماوية لم يبدأوا مهمتهم بعد في انتظار الضوء الأخضر من الفريق الأمني الأممي.
وقال رائد الصالح مدير منظمة «الخوذ البيضاء» السورية للإغاثة أمس (الأربعاء)، إن المنظمة حددت للمفتشين الدوليين أماكن دفن ضحايا الهجوم الذي يعتقد أنه تم بأسلحة كيماوية يوم السابع من أبريل (نيسان).
وكانت التقارير المتعلقة بالهجوم دفعت الغرب لتوجيه ضربات جوية لسوريا السبت، لكن الحكومة السورية وروسيا التي تعد أقرب حلفائها نفتا استخدام أو امتلاك أسلحة كيماوية.
وقال الصالح، المقيم في تركيا، لـ«رويترز» عبر خدمة للرسائل النصية «زودنا لجنة تقصي الحقائق التابعة للمنظمة الدولية لحظر استخدام الأسلحة الكيماوية بكل المعلومات الموجودة عنا (عندنا) فيما يتعلق بالهجوم الكيماوي» بما يشمل مكان دفن الضحايا.
وتقول منظمات إغاثة طبية، إن الهجوم الذي يعتقد أنه تم بأسلحة كيماوية يوم السابع من أبريل أسفر عن مقتل العشرات في دوما.
ووافقت جماعة «جيش الإسلام»، التي كانت تسيطر على المدينة، على الانسحاب بعده بقليل، وأرجعت السبب في قرارها إلى الهجوم.
وسيسعى فريق منظمة حظر الأسلحة الكيماوية لجمع أدلة من خلال عينات التربة ومقابلات مع شهود وفحص عينات دم أو بول أو أنسجة الضحايا وجمع أجزاء من السلاح المستخدم، لكن، وبعد مرور أكثر من أسبوع على الهجوم، قد يكون من الصعب العثور على أدلة قوية.
وقال عاملون بمستشفى دوما بقوا في المدينة بعد سيطرة الجيش عليها، إن المصابين ليلة وقوع الهجوم لم يتعرضوا لأسلحة كيماوية.
لكن منظمات طبية خيرية تعمل في مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في سوريا نفت صحة هذه التصريحات، واعتبرتها أكاذيب أدلوا بها مكرهين.
واتهمت الولايات المتحدة روسيا بعرقلة وصول المفتشين الدوليين إلى الموقع، وقالت: إن الروس والسوريين ربما أفسدوا الأدلة على الأرض.
ونفت موسكو الاتهام وألقت اللوم في تأخر وصول المفتشين على الضربات الصاروخية التي قادتها الولايات المتحدة على سوريا في مطلع الأسبوع.
وقال الصالح، إن جثث الضحايا دفنت سريعاً بسبب القصف المكثف، وإن موقع المقابر ظل سراً لمنع أي تلاعب بالأدلة.
وأضاف الصالح: إن الوضع في المدينة المدمرة الواقعة بالغوطة الشرقية كان كارثياً منذ اليوم السابق للهجوم بسبب القصف المتواصل؛ وهو ما أدى إلى عدم توفر الوقت للتعرف على هوية الضحايا وتوثيق وفاتهم. وقال: «كانت الأولية هي إيواؤهم ضمن التراب» بأسرع ما يمكن.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.